ربما يكون هذه المرة الأولى التي تسمعون فيها هذا الاسم كاريݘينى Karijini ولكنى متأكد أن ما ستشاهدونه سيذهلكم
حديقة كاريݘينى الوطنية هي واحدة من أكثر من 1200 محمية طبيعية في ولاية استراليا الغربية تم اكتشافها عام 1861 وتبلغ مساحتها حوالي 6274.42 ك م2 وبذلك هي ثاني أكبر حديقة وطنية في استراليا، تنقسم الحديقة على الواقع إلى نصفين شمالي وجنوبي بواسطة خط سكك حديد ومنجم حديد
المناخ في الحديقة مناخ استوائي /شبه جاف حيث تكون درجة الحرارة في الصيف تتخطى 40 درجة في حين أنه في ليالي الشتاء يمكن أن يغطى الحديقة الصقيع.
أهم ما يميز هذه الحديقة هو وجود 5 ممرات ضيقة تنحدر من الشمال إلى خارج الحديقة يظهر فيها عرض مذهل لطبقات الصخور بألوان لن تصدقها عينيك للوهلة الأولى حيث تجد طبقات من الألوان بعضها فوق بعض من الأقدم إلى الأحدث حسب التكوين وهذه الألوان هي المعادن المكونة للصخر كالحديد والمعادن النفيسة والتكوينات الجيولوجية مثل الطفلة والدولوميت (هو صخر رسوبي يتألف من كربونات الكالسيوم وكربونات المغنيسيوم) مما يجعلها من أكثر الأماكن المغرية للاستكشاف في استراليا.
تم تغيير إثم الحديقة السابق (همرسلي Hamersley) إلى كاريݘينى تقديرا والسكان الأصليين والقبائل القديمة التي كانت تعيش هناك لأكثر من 20000 سنة والتي مازال هناك منقوشاتهم على الأحجار وكهوفهم موجودة إلى اليوم.
على حدود حديقة كاريݘينى الوطنية تقع سلسلة جبال همرسلي وبعض القمم الجبلية المرتفعة وهناك أيضا ثمانية ممرات ضيقة مثيرة للدهشة تمتد أعماقها إلى 328 قدم.
الحياة البرية في الحديقة تشمل العديد من الكائنات مثل آكلي النمل والحيوانات الكيسية وأبو بريص والخفافيش و الكنجرو الأحمر والإجوانا و133 نوعا من الطيور بما في ذلك النسور والحمام وهناك أيضا 92 نوعا من البرمائيات والزواحف والنباتات وأعداد غفيرة من النمل الأبيض الذي ستشاهد بيوته على هيئة تلال كما أن الفئران تقوم بحفر أنفاق تحت الأرض لتكزن مساكن لها
والآن دعنا نتناول بعض هذه الصور الفريدة ونعلق عليها:
هذه الصخور الحمراء الجميلة المقسمة إلى طبقات غنية بالحديد ترجع إلى عصرهما قبل الكمبرى (أقدم من 542 مليون سنة) وخلال ذلك الوقت، كانت نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي أقل بكثير من الوضع الحالي وأشكال الحياة كانت البكتيريا والطحالب فقط.
ويعتقد أنه تم تشكيل الصخور من خلال مزيج من الطحالب الخضراء المزرقة والحديد المذاب وجدت في مياه البحر، مما خلق أكاسيد الحديد غير قابلة للذوبان، هذه الرواسب من الأكاسيد ترسبت على شكل طبقات حتى كونت الشكل الذي نراه اليوم،إنه لأمر مدهش حقا أن نعلم أن هذا التكوين الكبير الذي نراه في الأعلى هو من عمل البكتريا والطحالب
هذه البحيرة الخلابة المنظر تسمى kermit و هى تستهوي الشباب والمغامرين والمصورين من زائري الحديقة للنزول فيها ولكن بالرغم من جمال المنظر فإنها وفقا للشرطة المحلية خطرة لأن القاع شديد الانحدار
بالنسبة لعلماء النبات هذه الحديقة تعتبر مكان مثالي لدراسة النباتات الطبيعية، ينمو من الفواكه في هذه الحديقة التين الذي لا تستطيع الطيور مقاومته ثم تمرر البذور عبر فضلاتها في أنحاء الجزيرة حيث تنبت وتكبر حول الصخور مع جذورها التي تصل إلى الماء -والذي يمكن أن يصل إلى 32 قدم.
في السنوات الأخيرة كانت الحديقة محط أنظار شركات التعدين لما تحويه من معادن نفيسة وثمينة ولكن الشركات لم تفلح لأنها دخلت في نزاعات مع ساكني المكان من القبائل وبعدها تمكنت من دفع تعويض للبعض ورفض البعض الآخر
وما زالت المشاكل قائمة والسبب الرئيسي لرفض السكان التنقيب للبحث عن المعادن هو خوفهم أن تلوث مخلفات الحفر جدول المياه الذي يعتمد عليه السكان بشكل رئيسي
كما ترون من خلال الصور، حديقة كاريݘينى تشمل خصائص جيولوجية فريدة، تراث قبائل عاشت منذ الاف السنين، نباتات استوائية نادرة وحيوانات متنوعة. إذا أعجبتكم هذه الرحلة الخيالية إلى الحديقة فيجب توجيه شكر للمصور صاحب الصور الرائعة التي ساعدتنا على تخيل هذا المكان.
وفي النهاية لا أجد تعليق أفضل من الآية 11 من سورة لقمان: ” هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ”