عيد الربيع والاحتفال بمائدة السبع سينات عنـد العراقيين
بقلم صفــــــد عبد العزيز
.
يأتي الربيع حاملا معه فرصة لإغتنام الفرح والاحتفال به رغم كل ما يصادف العراقيين من صعاب ومآسي .فنرى على إختلاف مللهم وأطيافهم يتوحدوا للاحتفال بهذا اليوم ..فهل عيد الربيع عيد عراقي المنشأ؟؟
يعرف يوم 21 آذار يوم الإعتدال الربيعي وهو ايوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار ويأذن بقدوم فصل الربيع وبزوغ الحياة على أرض الرافدين ,وتعود جذور لاحتفال بهذا اليوم في العراق الى قدماء السومريين حيث تؤكـد الاسطورة السومرية لنا قصة شرعية إحتفال العراقيين بهذا اليوم .حيث تقول الاسطورة :
( إن "عشتار" إلهة الحب والجمال اغترت بنفسها وبقوتها فذهبت للعالم السفلي "عالم الموت" الذي تحكمه اختها "اوتونيحال" للتغلب على الموت وهزمـه لكن عند ذهابها هناك فقدت جميع اسلحتها ولم تستطع العودة حيث تغلبت عليها اختها. فانعدمت الشهوة لدى الإنسان والحيوان ووقف التناسل (حسب الأسطورة السومرية) .. وكانت عشتار مخطوبة لـ " تموز" إله الخضرة والنماء. ولإعادتها للحياة ابتهل الناس الى الإله الاعظم "إنكي " لتعود "عشتار" الى الحياة .. قبل "أنكي" تضرع الناس حسب الأسطوره وقرر ان تغادر عشتار العالم السفلي على ان تجد احداً يموت بدلها (يذهب إلى العالم السفلي بدلها) فصعدت إلى الأرض مع حرس من العالم السفلي لتختار احدا بدلها حيث وجدت "تموز" بين الفتيات الجميلات لا يفتقدها ولا يهتم لأمر غيابها .. فإنتقمت منه لخيانتها ولهذا اختارته ليموت بدلها وتعود هي للحياة لكن ببموت تموز ماتت الخضرة على وجه الأرض.
فاستاء الناس كثيراً وابتهلوا لـ "انكي" مع أخت تموز و "أمــــه" التي تبرعت للنزول بدله إلى العالم السفلي لكي يصعد هو إلى الأرض ويحيا من جديد وبهذا يعيد للناس الخضرة والفرح. قبل "أنكي" دعواتهم وتضحية "أم تموز" وفدائها لإبنها بنفسها ...لذا قرر "انكي" أن تموت تنزل "أم تموز " بدله و يصعد تموز إله الخضرة إلى الأرض لمدة ستة أشهر على ان يعود إلى العالم السفلي في الأشهر الست التاليه. وبهذا احتفل العراقيون القدماء بتموز الداخل إلى الأرض من العالم السفلي بـ "عيد الدخول" , الذي من علاماته انتشار الخضرة والازهار على سطح الأرض... هذا أصل رواية إحتفال العراقيين بـ "عيد الدخول " وتحضير موائد السبع سينات.. وفي الإسطور إشارة الى تضحية الأم وتفانيها في مثل هذا اليوم .وهو أيضاً أصل للإحتفال بـ "عيد الأم" في هذا اليوم ...
لكن من هو "كاوا" الحداد ولماذا يحتفل الأكراد بهذا اليوم .."كاوا" الحداد هو كرديا و ساعد أبناء عمومته من الشعب الكردي على إسقاط الحاكم الظالم "أزدهاك " في يوم 21 آذار قبل (700سنة قبل الميلاد ) والذي أدى الى قيام وتأسيس إمبراطورية "مــاد" ...ثم تحول هذا العيد من عيد أسطوري الى عيد واقعي وقومي للأكراد يحتفلون به كبداية للسنة الكوردية .كما إن السنة الكوردية بتقسيماها تعني بالظاهر الطبيعية التي تشهدها منطقة "كوردستان " وكما يلي :
1 - نوروز:هو اليوم الأول في أول شهر كردي، أي بداية العام الجديد.
2 - كولان: نضوج البراعم، وكثرة الورود الملونة.
3 - جوزردان:كل ما يخضر في بداية الربيع يصفر في هذا الشهر.
4 - بوشبه ر: يباس الخضرة.
5 - خرمانان: شهر حصاد القمح.
6 - كلاويج: يظهر في هذا الشهر نجمة كلاويج.
7 - ره ربر: تزدهر الحدائق.
8 - كلاريزان: تتيبس أوراق الشجر.
9 - سرماوز: يتغير الجو والهواء ويظهر البرد.
10 - بفرانبار: في نهاية الشهر التاسع تتساقط الثلوج على المرتفعات في كردستان، لذك ظهر هذا الشهر الذي يليه سهر باسم تساقط الثلوج.
11 - ريبندان: تصبح الطرق غير سالكة بسبب تراكم الثلوج.
12 - رشمي:هذا الشهر هو نهاية العام.
أما ما يتعلق بهذا اليوم عند المسلمين والحضارة الإسلامية فقد إهتمت وأولت اهتماما بهذا اليوم وبينت له مناسك وصلوات وكان المسلمون يحتفلون بهذا العيد، فها هو الإمام علي “عليه السلام” عندما يأتى له بطعام نوروز وينتهي منه، يقول "أتمنى من الله عزوجل أن يجعل كل الأيام يوم نوروز".
وعن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه وأرضاه يقول فيه : "أن يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ الله فيه ميثاق العباد ، وأول يوم طلعت فيه الشمس ، وهو اليوم الذي أخذ فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم العهد لعلي عليه السلام ، وهو اليوم الذي يظهر فيه الإمام الغائب ...كتاب الأنوار" .
كل ذلك وغيره من الأسباب التي وحدت العراقيين للإحتفال وإحياء هذا اليوم وعلى إختلاف مللهم وأطيافهم يحتفلون بهذا اليوم من فجر التاريخ وحتى يومنا....
أبعد الله الحزن عن العراق وأهله وأدام أيامهم أفراح وإنبعاث متجدد للحياة..
المصدر المواطن نيوز