المبدأ – صك بدون رصيد
الاحكام الصادرة من المحاكم المدنية لاتكون لها قوة الشيء المحكوم به امام المحكمة الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها الى فاعلها . وعلى ذلك لايسوغ للمحكمة الجنائية ان تقضي ببراءة المتهم بجريمة اصدار شيك بدون رصيد تأسيسا على كون الشيك قد أعطي على سبيل الامانة استنادا الى حكم صدر من محكمة مدنية .فالتسبيب المعتبر في الحكم هو تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها ليكون في بيان جلي مفصل يمكن معه الوقوف على مسوغات ما قضى به رقم الحكم – 181 لسنة 2010 تمييز جنائي تاريخ الحكم – 1/11/2010 الوقائع : اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها في الجنحة رقم (...) لسنة 2008 بأنها في يوم 9/1/2008 اعطت بسوء نية للمجنى عليه شيكا بدون رصيد قائم وقابل للسحب مع علمها بذلك ، وطلبت معاقبتها بالمادة (357) من قانون العقوبات . وقضت محكمة الجنح غيابيا في 1/6/2008 عملا بمادة الاتهام بحبسها لمدة ثلاثة شهور وكفالة خمسة آلاف ريال لايقاف التنفيذ مؤقتا . عارضت وقضي في معارضتها في 15/2/2010 بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه مع ايقاف التنفيذ الشامل لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة الحكم باتا ، استأنفت فقضت المحكمة الابتدائية (بهيئة استئنافية) حضوريا في 24/6/2010 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا ببراءة المتهمة . فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق التمييز بتاريخ 26/7/2010 وقدمت مذكرة باسباب الطعن في ذات التاريخ موقعا عليها من رئيس بها . الحكم : بعد الاطلاع على الاوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا . حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون . وحيث ان النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدها من تهمة إصدار شيك لايقابله رصيد قائم وقابل للسحب قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد وقصور في التسبيب ، ذلك أنه بنى قضاءه على عدم توفر الركن المادي للجريمة وانتفاء فعل الإعطاء المكون له ، وهو استدلال فاسد لاتسانده الأدلة القائمة في الدعوى ، مما يعيبه ويستوجب تمييزه . وحيث ان المشرع يوجب في المادة (238) من قانون الاجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم (ولو كان صادرا بالبراءة) على الاسباب التي بني عليها والا كان باطلا ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع او من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارة عامة أو وضعه في صورة مجهولة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الاحكام ، كما انه من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة الى المتهم أو كان لعدم كفاية ادلة الثبوت فإن ذلك مشروط بأن تلتزم بالحقائق الثابتة بالاوراق وبأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الاثبات . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه ببراءة المطعون ضدها على عدم توفر الركن المادي للجريمة وأن التخلي عن الشيكين موضوع الاتهام ليس نهائيا بل على سبيل الامانة متساندا في ذلك الى الحكم الصادر من المحكمة المدنية بفسخ الاتفاق بين المتهمة والمجنى عليه ورد الشيك سند الدعوى رغم أن الاحكام الصادرة من المحاكم المدنية لاتكون لها قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها الى فاعلها ورغم صدور هذا الحكم في تاريخ لاحق لتاريخ استحقاق الشيكين موضوع الاتهام ، ولا يغير من ذلك ما أشار اليه الحكم المطعون فيه في مدوناته من ان الشيك المتحصل من جريمة ينتفي معه الركن المادي لها لكونه لاينطبق على الدعوى الراهنة ، لأن الشيك سند الدعوى لم يكن متحصلا من جريمة (لما كان ما تقدم) فإن الحكم المطعون فيه فوق ما شابه من قصور قد تعيب بالفساد في الاستدلال مما يعيبه بما يوجب تمييزه والاعادة . فلهذه الاسباب حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ، وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه والإعادة للمحكمة الابتدائية لتحكم فيها من جديد بهيئة استئنافية أخرى.