من أهل الدار
الصبر كميل يا زكية
تاريخ التسجيل: August-2012
الدولة: مُرني
الجنس: ذكر
المشاركات: 14,201 المواضيع: 2,060
صوتيات:
2
سوالف عراقية:
0
مزاجي: كده..اهو ^_^
آخر نشاط: 16/July/2024
التفريق القضائي القائم على الضرر في قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959
لتفريق القضائي القائم على الضرر في قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 التفريق القضائي القائم على الضرر في قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959
القاضي /نائب المدعي العام
نعمان ثابت حسن
الجزء الثاني
المبحث الثالث
دور الباحث الاجتماعي والإدعاء العام في دعاوى التفريق القضائي
تناولنا هذا المبحث في مطلبين الأول يتعلق بدور الباحث الاجتماعي في دعاوى التفريق القضائي وتناولنا هذا المطلب بفرعين الأول يتعلق بأهم المؤهلات العلمية والمهنية للباحث الاجتماعي وأهم العوامل التي تؤدي إلى ازدياد ظاهرة التفريق القضائي أما الفرع الثاني ناقشنا فيه دور الباحث الاجتماعي في دعاوى التفريق القضائي ضمن قواعد تنظيم البحث الاجتماعي رقم (1) لسنة 2008. أما المطلب الثاني فتناولنا فيه دور الإدعاء العام في دعاوى التفريق القضائي على ضوء المادة 13 من قانون الإدعاء العام رقم 159 لسنة 1979 وقرارات محكمة التمييز الاتحادية .
المطلب الأول
دور الباحث الاجتماعي في دعاوى التفريق القضائي القائم على الضرر
تناولنا هذا المطلب بفرعين الأول أهم المؤهلات العلمية والمهنية التي تمكن الباحث الاجتماعي من القيام بواجباته بالشكل الصحيح وتناولنا كذلك أهم العوامل التي تؤدي إلى ازدياد ظاهرة التفريق القضائي . والفرع الثاني تناولنا فيه دور الباحث الاجتماعي في دعاوى التفريق القضائي في ضوء قواعد تنظيم البحث الاجتماعي رقم (1) لسنة 2008 .
الفرع الأول
المؤهلات العلمية للباحث الاجتماعي وأهم العوامل المسببة للتفريق القضائي
أولاً- المؤهلات العلمية والمهنية للباحث الاجتماعي :
أن يحمل الباحث الاجتماعي المؤهلات العلمية الأكاديمية منها والتطبيقية والتي تتجسد في الحصول على شهادة البكالوريوس أو الدبلوم العالي أو الماجستير أو الدكتوراه شريطة أن تكون هذه الدرجات العلمية صادرة من معهد أو كلية أو جامعة معترف بها سواء كانت داخل العراق أو خارجه().
أن يكون الباحث الاجتماعي ملماً بموضوعات خدمة الفرد وخدمة الجماعة وتنظيم المجتمع وإدارة المؤسسات الاجتماعية والبحث الاجتماعي بصفته النظرية والتطبيقية.
أن يكون خبيراً في العلاقات الإنسانية وطرق التعامل مع الأفراد والجماعات الصغيرة والكبيرة ليتمكن من تعميق العلاقة الإنسانية بين الأفراد والمجتمع من جهة وبين الجماعات والمنظمات والمجتمع من جهة أخرى().
أن يكون الباحث الاجتماعي خبيراً في السلوك الاجتماعي من حيث أنماطه وأسبابه ونتائجه وكيفية تنميتهُ وتطويره نحو الأحسن والأفضل وأن يكون ضليعاً في عمليات تنظيم المجتمع الخاصة بالاستفسار والعمل مع المواطن ومنظمات المجتمع المدني وفهم أهمية المشاركة الإنسانية في تخطيط وتنفيذ مشاريع التنظيم().
أن يعتمد الباحث الاجتماعي السلوك المهني في تعامله مع الأفراد والجماعات ، أي أن يحافظ على سمعة المهنة وتقاليدها ويحاول رفع مستواها وتطويرها وأن لا يفشي أسرار الأفراد والمنظمات والمؤسسات للآخرين مهما تكن الأسباب والاعتبارات والظروف().
أن يكون صادقاً وأميناً ومخلصاً في عمله ودقيقاً في أداء مهامه وحريصاً على سمعة دائرته ، وأن يكون قادراً على الفصل بين أموره ومشاكله الشخصية وبين واجباته المهنية والتزاماته الإدارية .
أن يحترم الإنسان ويكرمه ويوفي بارتباطاته مع أبناء مجتمعه ويصون مشكلات زملائه والحالات المعروضة عليه ويحافظ على أسرار المهنة .
أن يكون قادراً على التفاعل المهني والإنساني الحي مع الاختصاصيين الآخرين الذين يشاركون معه في عمليات تنظيم المجتمع كالسياسي والمشرع القانوني والقاضي والمخطط الإداري().
ضرورة المشاركة في الاجتماعات والمؤتمرات والنقابات المهنية وترك دور إيجابي فيها ليوسع من قدراته وخبراته في مجال عمله .
أن يسعى إلى تقديم الدراسات والبحوث يستعرض فيها أهم المشاكل التي تواجه الفرد والمجتمع ويسعى كذلك إلى وضع الحلول الجدية للتخلص أو التقليل من آثار تلك المشاكل .
أن يسعى إلى تنظيم علاقات متوازنة مع أبناء مجتمعه ومع المحيط الذي يعمل فيه ، وأن لا يكون صلب في تعامله مع الآخرين ولا لين معهم فالموازنة في العلاقات ضرورية لتمكن الباحث الاجتماعي من أداء عمله والنجاح فيه .
أن يسعى الباحث الاجتماعي إلى زيادة الوعي الثقافي والاجتماعي والتوعية الفكرية لأفراد المجتمع من خلال الندوات واللقاءات عبر وسائل الإعلام من صحافة وتلفزيون وإذاعة ، وعن طريق المؤسسات التعليمية بالإضافة إلى طباعة المنشورات والبوسترات التوجيهية حول أهمية الأسرة والروابط الأسرية ودورها في تعزيز المجتمع .
ثانياً- العوامل التي تؤدي إلى ازدياد ظاهرة التفريق القضائي :
من خلال الإطلاع على الإحصائيات من مكتب الباحث الاجتماعي أمام محكمة الأحوال الشخصية في الموصل نلاحظ أن هناك زيادة في نسبة الطلاق ما بين عامي 2009 و2010 حيث سجلت إحصائية عام 2009 الدعاوى المحسومة بـ (1714) دعوى تم حسمها في حين نجد أن إحصائية عام 2010 سجلت زيادة في هذا العدد حيث سجلت 1925 دعوى محسومة في عام 2010 وأن هذه الزيادة مستمرة تبعاً لزيادة عدد سكان المحافظة بالإضافة إلى الظروف العامة للبلد ، ويمكن أن نستعرض أهم العوامل التي تؤدي إلى ازدياد ظاهرة الطلاق في مدينة الموصل على ضوء إحصائية قام بها مكتب الباحث الاجتماعي أمام محكمة الأحوال الشخصية في الموصل من خلال أخذ عينة من (50) زوج و(50) زوجة تم اللقاء بهم في مكتب الباحث الاجتماعي وتم على ضوء هذه المقابلات تحديد أهم العوامل التي تؤدي إلى ازدياد ظاهرة الطلاق في مدينة الموصل لشهر نيسان من عام 2009 وتم ترتيب هذه العوامل إلى عوامل ذاتية وأخرى موضوعية .
أولاً- العوامل الذاتية التي تؤدي إلى زيادة ظاهرة الطلاق :
1- عدم التفاهم والانسجام بالأفكار :
سجل هذا العامل أعلى مستوى على بقية عوامل الطلاق حيث أنه يشكل تقريباً 32% من جملة الأسباب المثيرة للطلاق وبذلك يمكن اعتباره لوحده السبب الرئيسي والمحفز القوي للطلاق في حالة اختلاف أو عدم التفاهم في الأفكار .
2- عدم الإدراك وصعوبة تحمل المسؤولية :
حيث سجلت المرتبة الثانية من بين العوامل الذاتية المثيرة للطلاق وبنسبة 16% من بين بقية العوامل .
3- الشك المستمر للطرف الآخر :
حيث سجل هذا العامل المرتبة الثالثة وبنسبة 16% من بين بقية العوامل .
4- الخداع والكذب المستمر :
سجل هذا العامل نسبة 12% وجاء بالمرتبة الرابعة من بين العوامل الذاتية المسببة للطلاق .
5- عدم القدرة على إنجاب الأطفال :
سجل هذا العامل نسبة 6% من بين العوامل الأخرى المسببة للطلاق .
6- فقدان الثقة وعدم الاحترام :
سجل هذا العامل نسبة 6% أيضاً من بين العوامل الأخرى .
7- عدم الاستقرار النفسي لأحد الطرفين :
سجل هذا العامل نسبة 5% من بين بقية العوامل الأخرى المسببة للطلاق .
8- ضعف أو قوة شخصية أحد الطرفين :
سجل هذا العامل نسبة 4% من بين بقية العوامل .
9- الامتناع عن الجماع الزوجي :
سجل نسبة 3% من بين بقية العوامل الأخرى .
10- إثراء أحد الزوجين وطمع الآخر فيه :
لم يسجل هذا العامل أي نسبة تذكر .
ثانياً- العوامل الموضوعية المسببة للطلاق :
1- تدخل الأهل المستمر :
سجل هذا العامل نسبة 38% من بين بقية العوامل الموضوعية المسببة للطلاق .
2- الحاجة الاقتصادية والقدرة على الصرف :
وسجل نسبة 23% من بين بقية العوامل الموضوعية .
3- الزواج بأكثر من زوجة :
سجل نسبة 20% من بين العوامل الموضوعية .
4- عدم الحفاظ على أسرار الزوجية :
سجل هذا العامل نسبة 9% من بين بقية العوامل .
5- طبيعة العمل أو المهنة :
سجل هذا العامل نسبة 7% من بين بقية العوامل الموضوعية المؤدية للطلاق .
6- الفارق في التحصيل الأكاديمي للزوجين :
سجل هذا العامل نسبة 3% فقط من بين العوامل الموضوعية .
7- أما العوامل الأخرى المتمثلة باختلاف الثقافة والطبقة الاجتماعية وعامل البيئة الاجتماعية المحيطة بالعائلة وعامل التصرف بأموال الزوجة وعامل عدم فهم الزوجين لماهية الزواج:
هذا العامل لم يسجل أي نسبة تذكر من بين العوامل الموضوعية المؤدية للطلاق .
الفرع الثاني
دور الباحث الاجتماعي في دعاوى التفريق القضائي
للباحث الاجتماعي دور مهم وواسع في دعاوى التفريق القضائي المعروضة على القضاء من خلال قيامه بمقابلة الطرفين المتخاصمين لمحاولة الوقوف على الأسباب الحقيقية التي دفعت أحدهما بطلب التفريق القضائي والعمل على حل هذه المشاكل من خلال تقريب وجهات نظر الطرفين وإصلاح ذات البين ، وهذا يعتمد على ما يتمتع به الباحث من خبرة بكافة نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية هذه الخبرة المتأتية من الدراسة الأكاديمية إضافة إلى الخبرة العملية لما اطلع عليه لكثير من الأسباب والمشاكل التي أدت إلى انهيار الحياة الزوجية ، والغاية الأساسية التي يطمح إليها الباحث الاجتماعي هو الحفاظ على الروابط الأسرية خصوصاً عند وجود أطفال بين الزوجين المتخاصمين لمحاولة الابتعاد عن الطلاق أو التفريق الذي يؤدي إلى التفكك الأسري وما له من سلبيات على المجتمع باعتبار الأسرة هي النواة الأساسية لهذا المجتمع .
وأن فكرة البحث الاجتماعي تعتمد على محورين أساسيين المحور الأول هو أن مكتب الباحث الاجتماعي أمام محاكم الأحوال الشخصية يعتبر نقطة التقاء بعد انقطاع أو طول هجر بين الزوجين . وما يسببه الانقطاع من زيادة عمق المشاكل بين الزوجين لهذا فإن التقاء الزوجين أمام الباحث الاجتماعي يكون المهمة الأساسية لمجابهة هذه المشاكل ومواجهتها تحت إشراف الباحث الاجتماعي للسعي إلى حلها والقضاء عليها وإعادة المياه إلى مجاريها ، والمحور الثاني يعتمد على خبرة الباحث الاجتماعي ومدى إدراكه للموضوع وأسلوبه في إصلاح ذات البين من خلال تشخيصه السليم لسبب المشكلة التي دفعت الزوج أو الزوجة إلى إقامة دعوى التفريق والعمل بالتعاون مع طرفي العلاقة الزوجية على حل هذه المشكلة .
لذا يمكن اعتبار البحث الاجتماعي في محاكم الأحوال الشخصية الخطوة الأخيرة في محاولة إصلاح ذات البين ، وهذا يعكس مدى أهمية هذه الخطوة لذا يجب على الباحث الاجتماعي بذل قصارى جهده وخبرته في الحالة المعروضة عليه .
ومن خلال الإحصائية المقدمة لعامي 2009 و2010 من قبل مكتب الباحث الاجتماعي أمام محاكم الأحوال الشخصية في الموصل نلاحظ أن عدد الحالات التي حصل فيها صلح على يد الباحث الاجتماعي لعام 2009 هي (23) حالة من بين 1691 حالة عرضت على هذا المكتب وسجل في عام 2010 (25) حالة صلح من بين 1925 حالة تم عرضها عليه ، وهذا يبين أهمية هذا المكتب وضرورة العمل على توسيعه ودعمه .
إن قانون الأحوال الشخصية العراقي لم يعالج آلية عمل الباحث الاجتماعي وبقيت هذه الحالة لسنوات عديدة وهذا الأمر كان يؤثر على دور الباحث الاجتماعي في أداء أعماله إلى أن جاءت قواعد تنظيم البحث الاجتماعي رقم (1) لسنة 2008 والتي صدرت استناداً لأحكام الأمر (35) لسنة 2003 والأمر رقم (12) لسنة 2004 والتي كانت خطوة تقدمية لتنظيم أعمال البحث الاجتماعي في محاكم الأحوال الشخصية ومحاكم المواد الشخصية ومحاكم الأحداث المرتبطة بمجلس القضاء الأعلى والتي اعتبرت نافذة من تاريخ 15/1/2008 وحددت أعمال البحث الاجتماعي بما يتناسب مع واقع حال المحاكم وجعلت للباحث دور فعال ومهم حيث جاء بقرار لمحكمة التمييز الاتحادية على ضوء طعن نائب المدعي العام بقرار الحكم بالتفريق حيث جاء القرار التمييزي بما يلي [كان المتعين على المحكمة التقيد بقواعد تنظيم البحث الاجتماعي رقم (1) لسنة 2008 وإرسال المتداعيين على البحث الاجتماعي لذا قرر نقض الحكم المميز وإعادة الدعوى إلى محكمتها لإتباع ما تقدم وصدر القرار بالاتفاق]().
وجاءت قواعد تنظيم البحث الاجتماعي رقم 1 لسنة 2008 بأربعة عشر قاعدة يمكن إجمالها بما يلي :
أولاً- تشكل هيأة للبحث الاجتماعي ترتبط في الدائرة الإدارية في مجلس القضاء الأعلى يرأسها موظف بدرجة مدير حاصل على شهادة جامعية أولية في العلوم الاجتماعية والنفسية ولديه خبرة لا تقل عن عشر سنوات وتسمى (هيأة البحث الاجتماعي) .
ثانياً- يشكل مكتب للبحث الاجتماعي في كل محكمة من محاكم الأحوال الشخصية ومحاكم المواد الشخصية ومحاكم الأحداث ، ويتكون المكتب من باحث اجتماعي أو أكثر وعند تعددهم يرأسهم الباحث الاجتماعي الأقدم .
ثالثاً- يرتبط منتسبو مكتب البحث الاجتماعي إدارياً بالقاضي الأول في المحكمة وفنياً بهيأة البحث الاجتماعي .
رابعاً– يتم تعيين ونقل الباحث الاجتماعي بالتنسيق مع هيأة البحث الاجتماعي .
خامساً- يشترط فيمن يعين أو ينسب إلى العمل في مكتب البحث الاجتماعي :
أن يكون حاصلاً على شهادة جامعية أولية أو شهادة الدبلوم من المعاهد الفنية في اختصاص الخدمة الاجتماعية وعلم النفس وعلم الاجتماع .
أن لا يقل عمره عن 25 سنة ويفضل من كان متزوجاً .
أن يكون مؤهلاً لأعمال البحث الاجتماعي ولديه استعداد شخصي لذلك .
سادساً- تتولى هيأة البحث الاجتماعي المهام الآتية :
الإشراف الفني على عمل مكاتب البحث الاجتماعي والباحثين الاجتماعيين .
رفع التوصيات المتعلقة بترقية وترفيع ونقل وتنسيب الباحثين الاجتماعيين .
إعداد الدورات والندوات المتعلقة لرفع الكفاءة والمهارة للباحثين الاجتماعيين العاملين في مكاتب البحث الاجتماعي .
إعداد الدراسات والبحوث اللازمة لمعالجة المشاكل الاجتماعية التي تظهر من خلال عمل مكاتب البحث الاجتماعي .
إعداد جداول إحصائية شهرية وفصلية وسنوية تتعلق بعمل مكاتب البحث الاجتماعي وتقدم إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى .
رفع التوصيات إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى المتعلقة بتطوير العمل في مكاتب البحث الاجتماعي .
سابعاً- يتولى مكتب البحث الاجتماعي في المحكمة ما يلي :
القيام بالبحث الاجتماعي في محاكم الأحوال الشخصية ومحاكم المواد الشخصية في دعاوى الطلاق والتفريق والنفقة والمطاوعة والحضانة والنشوز ومعاملات الإذن بالزواج من زوجة أخرى والقيمومة والمعاملات والدعاوى الأخرى التي ترى المحكمة ضرورة إجراء البحث الاجتماعي فيها.
القيام بالبحث الاجتماعي في قضايا محاكم الأحداث .
ثامناً- تحال الدعاوى والمعاملات المذكورة في الفقرة (سابعاً) من هذه المادة على مكتب البحث الاجتماعي وتؤشر في سجل أساس المحكمة .
تاسعاً- يقدم المكتب رأيه في الدعوى أو المعاملة موضوع البحث الاجتماعي إلى المحكمة أو القاضي المختص مع مراعاة أن لا يحدد عمل الباحث الاجتماعي بسقف زمني قدر الإمكان .
عاشراً- لا يجوز تحديد موعد للمرافعة في الدعوى المحالة إلى البحث الاجتماعي فيما يتعلق بدعاوى الأحوال الشخصية إلا بعد انتهاء البحث وتقديم التوصية التي يراها الباحث الاجتماعي.
حادي عشر- على الباحث الاجتماعي إجراء البحث الاجتماعي الميداني عند الضرورة .
ثاني عشر- تلتزم مكاتب البحث الاجتماعي بالتوجيهات الصادرة من هيأة البحث الاجتماعي.
ثالثا عشر- تتولى رئاسة محاكم الاستئناف في كل منطقة توفير المكان المناسب والمستلزمات الضرورية اللازمة لعمل البحث الاجتماعي .
رابع عشر- تنفذ القواعد المذكورة آنفاً ويعمل بها من تاريخ صدورها .
بعد أن قمنا باستعراض دور الباحث الاجتماعي في دعاوى التفريق أمام محاكم الأحوال الشخصية من توجيه النصح والإرشاد ومحاولة إصلاح ذات البين وإعداد الدراسات ورفعها والخاصة بأهم المشاكل والمعوقات التي تؤدي إلى ازدياد حالات الطلاق ورفع الإحصائيات الشهرية والفصلية والسنوية للحالات المعروضة عليه بالإضافة إلى عقد الندوات واللقاءات من أجل توعية المجتمع بغية تجنب المشاكل المؤدية إلى الطلاق ، وبعد أن استعرضنا أهم قواعد تنظيم أعمال الباحث الاجتماعي لا بد لنا أن نستعرض أهم المعوقات التي تواجه الباحث الاجتماعي أمام محاكم الأحوال الشخصية والتي قمنا بتشخيصها من خلال عملنا في مجال الادعاء العام أمام هذه المحاكم وأهم تلك المعوقات :
عدم تهيئة المكان الملائم لممارسة الباحث الاجتماعي لأعماله حيث أن مكتب البحث الاجتماعي أمام محاكم الأحوال الشخصية في الموصل هو عبارة عن غرفة صغيرة تحتوي على باحثين اجتماعيين وهذا يخالف ما جاء بقواعد تنظيم البحث الاجتماعي فلا يجوز جمع أكثر من حالة داخل غرفة واحدة لغرض دراسة المشكلة المعروضة وذلك لخصوصية دعاوى الأحوال الشخصية لذا يجب أن يستقل كل باحث بغرفة خاصة به .
إن كادر مكتب الباحث الاجتماعي أمام محاكم الأحوال الشخصية في الموصل والمتكون من باحثين فقط لا يتناسب مطلقاً مع الحالات المعروضة عليهم لكثرة هذه الحالات لذا نقترح زيادة عدد الباحثين الاجتماعيين بشكل يتناسب مع كثرة الدعاوى المعروضة .
إعطاء الباحث الاجتماعي الوقت الكافي لدراسة موضوع الدعوى والإحاطة بأصل المشكلة لوضع الحلول المناسبة لها عملاً بالقاعدة التاسعة من قواعد تنظيم البحث الاجتماعي رقم 1 لسنة 2008 إلا أن واقع حال المحاكم يخالف هذه القاعدة حيث نلاحظ في كثير من دعاوى الطلاق والتفريق أن لقاء الباحث الاجتماعي بأطراف العلاقة لا يتجاوز عشرة إلى خمسة عشر دقيقة فقط وهذا ناشئ عن مطالبة مجلس القضاء الأعلى القضاة بنسبة حسم وهذا الأمر أجد فيه مصادرة لحقوق الناس على حساب زيادة حسم القاضي خصوصاً وأن دعاوى الأحوال الشخصية دعاوى حساسة لذا يجب إعطاء القاضي والباحث الاجتماعي الوقت الكافي لدراسة الدعوى ومحاولة الإصلاح لتعلق هذه الدعاوى وبشكل مباشر في سلامة المجتمع العراقي . لذا نقترح عدم مطالبة مجلس القضاء الأعلى للقضاة بنسبة حسم في دعاوى الأحوال الشخصية لأن ذلك ينعكس سلباً على مصير الدعاوى وبالتالي مصير أسرة ومجتمع .
عدم توفير المستلزمات الضرورية التي تسهل عمل الباحث الاجتماعي من تقديم التقارير والبحوث والدراسات بشكل دوري لذا نجد من الضروري توفير مكتبة غنية بالكتب التي تخص عمل الباحث الاجتماعي وتوفير أجهزة الكمبيوتر مع خطوط الانترنت لتمكن الباحث من معرفة التطورات العلمية في مجال البحث الاجتماعي في جميع أنحاء العالم لأن ذلك يؤدي إلى رفع مستوى الباحث الاجتماعي وينعكس على أعماله بشكل إيجابي .
المطلب الثاني
دور الإدعاء العام في دعاوى التفريق القضائي القائم على الضرر
حددت المادة 13 من قانون الإدعاء العام رقم 159 لسنة 1979 دور الإدعاء العام أمام المحاكم المدنية وأمام محاكم الأحوال الشخصية حيث نصت على :
[أولاً- للإدعاء العام ، الحضور أمام محاكم الأحوال الشخصية أو المحاكم المدنية في الدعاوى المتعلقة بالقاصرين والمحجور عليهم والغائبين والمفقودين والطلاق والتفريق والإذن بتعدد الزوجات وهجر الأسرة وتشريد الأطفال وأية دعوى أخرى يرى الإدعاء العام ضرورة تدخله فيها لحماية الأسرة والطفولة .
ثانياً- للإدعاء العام ، بيان المطالعة وإبداء الرأي في الدعاوى المذكورة في الفقرة (أولاً) من هذه المادة ومراجعة طرق الطعن في القرارات والأحكام الصادرة فيها وما بعدها] .
حددت المادة أعلاه الأمور التي يختص الإدعاء العام بنظرها سواء أمام المحاكم المدنية أو أمام محاكم الأحوال الشخصية ومن ضمن هذه الأمور ما يتعلق بموضوع بحثنا هذا وهو التفريق القضائي لذا سنبحث هذا المطلب باتجاهين :
الأول- الأمور الشرعية التي تدخل في اختصاص الإدعاء العام أثناء حضوره أمام محاكم الأحوال الشخصية بقدر تعلق الأمر بالتفريق القضائي القائم على الضرر .
الثاني – الأمور التي لا تدخل من ضمن أعمال الإدعاء العام والتي لا يحق له التعرض لها أو الطعن بها وفيما يلي شرح موجز لكل منهما :
أولاً- ما يدخل ضمن اختصاص الإدعاء العام أمام محاكم الأحوال الشخصية ، حيث حددت المادة (13) من قانون الإدعاء العام السالفة الذكر ما يدخل ضمن اختصاص الإدعاء العام وهي :
الدعاوى المتعلقة بالقاصرين : حددت الفقرة (ثانياً) من المادة (3) من قانون رعاية القاصرين وتعديلاته رقم 78 لسنة 1980 مفهوم القاصر لأغراض هذا القانون ونصت على [ يقصد بالقاصر لأغراض هذا القانون الصغير والجنين ومن تقرر المحكمة أنه ناقص الأهلية أو فاقدها ، والغائب والمفقود ، إلا إذا دلت القرينة على خلاف ذلك] . وكذلك نصت المادة 58- أولاً- من قانون رعاية القاصرين أعلاه ما يلي [الإدعاء العام أو الولي أو الوصي أو القيم أو من يتولى شؤون القاصر الطعن بما يصدره مدراء رعاية القاصرين من موافقات أو رفض لها وفق المواد (43 و45 و55 و56) من هذا القانون لدى محكمة الاستئناف المختصة وذلك خلال مدة سبعة أيام من تاريخ التبلغ بها ويكون قرار محكمة الاستئناف بهذا الشأن باتاً] .
الدعاوى المتعلقة بالمحجورين : المحجور هو الذي تقرر المحكمة أنه ناقص الأهلية أو فاقدها وهذا ما نصت عليه الفقرة (جـ) من المادة (3) من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 . والحجر نوعان الأول : من يكون محجور لذاته دون حاجة إلى صدور حكم بحجره كالمجنون والمعتوه وهذا ما أشارت له المادة (94) من القانون المدني رقم (40) لسنة 1951() ، فالمجنون نوعان المطبق عديم الأهلية لأنه فاقد التمييز فهو في حكم الصغير غير المميز ويكون محجور لذاته وجميع تصرفاته باطلة . أما المجنون غير المطبق فتصرفاته في حالة إفاقته كتصرفات العاقل وهذا ما نصت عليه المادة (108) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1959(). والمجنون غير المطبق في حالة صدور تصرفات منه وهو في حالة الجنون فإن تصرفاته هذه تعتبر باطلة باعتباره فاقد للتمييز وحكمه حكم الصغير الغير مميز ويكون محجور لذاته().
أما المعتوه هو من ضعفت قواه العقلية فكان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير ولكنه لا يضرب ولا يشتم كما يفعل المجنون في الغالب والمعتوه محجور لذاته كما نصت عليه المادة 94 من القانون المدني السالفة الذكر وهو في حكم الصغير المميز المادة (107) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951() ، والعبرة في العته بضعف القوى العقلية الحقيقي فلا يعتبر منها ضعيف البنية أو الشلل أو الشيخوخة أو ضعف الذاكرة أو عدم الخبرة في الحساب().
والحجر الثاني هو الحجر القضائي : حيث نصت المادة (307) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 على ما يلي :
للقاضي إيقاع الحجر متى توافرت أسبابه دون خصومة أحد ، أما الخصم في رفع الحجر فهو القيم .
على القاضي استدعاء المطلوب حجره لسفه وسماع أقواله ودفوعه فيما يتعلق بحجره.
يتحقق الجنون والعته وتعذر التعبير عن الإرادة بسبب الصم والبكم أو خرف الشيخوخة بتقرير لجنة طبية رسمية . ويدخل ضمن الحجر القضائي كل من السفيه وذو الغفلة .
فالسفيه هو الذي يبذر أمواله فيما لا مصلحة له فيه وعلى غير مقتضى العقل والشرع ولو كان ذلك في سبيل الخير ، والسفيه لا يعتبر محجور لذاته بل لا بد من صدور قرار من المحكمة بالحجر عليه وإعلانه بالطرق المقررة().
أما ذو الغفلة فهو الذي لا يهتدي عادة إلى التصرفات الرابحة ولا يميزها عن التصرفات الخاسرة فيغبن في المعاملات لسذاجته وسلامة نيته وحكمه حكم السفيه().
وحددت المواد (82-83-84) من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980 إجراءات الحجز القضائي وإجراءات وضع الحجز .
3- الدعاوى المتعلقة بالغائبين والمفقودين : وقد عرفت المادتين 85 و86 من قانون رعاية القاصرين كل من الغائب والمفقود حيث عرفت المادة (85) أعلاه الغائب بأنه الشخص الذي غادر العراق أو لم يعرف له مقام لمدة لا تزيد على السنة دون أن تنقطع أخباره وترتب على ذلك تعطيل مصالحه أو مصالح غيره . أما المفقود فقد عرفته المادة (86) من القانون أعلاه بأنه الغائب الذي انقطعت أخباره ولا تعرف حياته أو مماته .
4- دعاوى الطلاق والتفريق : ويدخل من ضمن هذه الدعاوى دعوى الخلع على اعتبار أن الخلع يعتبر من أنواع الطلاق وهو طلاق بائن كما نصت عليه الفقرة (2) من المادة السادسة والأربعين من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 وقد عرفت المادة الرابعة والثلاثون من قانون الأحوال الشخصية الطلاق بأنه رفع قيد الزواج بإيقاع من الزوج أو من الزوجة إن وكلت به أو فوضت أو من القاضي . أما التفريق فلم تعرفه نصوص قانون الأحوال الشخصية ولكن يمكن أن نعرفه بأنه نوع من أنواع الطلاق الذي توقعه المحكمة بين الطرفين لأسباب معينة حددها القانون قد تعود للضرر أو للشقاق وهو عادةً يعتبر طلاق بائن وليس رجعي كما هو الحال في الطلاق الذي يوقعه الزوج على زوجته والتفريق قد يكون قضائي كما تم ذكره أعلاه أو اختياري وهو المعروف بالخلع والذي عرفته المادة السادسة والأربعون من قانون الأحوال الشخصية العراقي في الفقرة الأولى منه على أن [الخلع إزالة قيد الزواج بلفظ الخلع أو ما في معناه بإيجاب وقبول أمام القاضي] .
ومن خلال الإطلاع على نص المادة (13) من قانون الإدعاء العام التي حددت ما يدخل ضمن اختصاص المدعي العام في الدعاوى المدنية نلاحظ أن المادة أعلاه أطلقت صلاحيات عضو الإدعاء العام في دعاوى الطلاق والتفريق بصرف النظر عن نتيجة الحكم الصادر من المحكمة بوقوع الطلاق أو التفريق أو برد الدعوى ذلك أن النص جاء مطلقاً بخصوص موضوع الطلاق أو التفريق لأنه شمل دعاوى الطلاق والتفريق ولم يتضمن نتيجة الأحكام فيها ، لذا نجد أنه من حق عضو الإدعاء العام أن يقدم لائحته التمييزية إلى محكمة التمييز الاتحادية حتى في الدعاوى التي تحكم فيها المحكمة برد دعوى الطلاق أو التفريق إذا وجد عضو الإدعاء العام أن أسباب التفريق تتحقق وأن من مصلحة المدعي أو المدعية أن تنفصل عن المدعى عليه أو عليها إذا ما أصاب المدعي ضرر من جراء استمرار الحياة الزوجية على اعتبار أن الإبقاء على هذا الوضع يزيد من هذا الضرر وبالتالي يزيد من تعرض المدعية أو المدعي للأذى علماً أن النص أعلاه جاء مطلقاً إلا أن قرار محكمة التمييز الاتحادية اتجه اتجاه آخر معاكس للاتجاه أعلاه فقد قضت في قرار لها أنه (ليس من حق الإدعاء العام الطعن في الحكم الذي يقضي برد دعوى التفريق ذلك أن دور الإدعاء العام هو حماية الأسرة وليس هدمها وأن تقديم الطعن بهكذا موضوع يتناقض مع مهمة الإدعاء العام في الحفاظ على الحياة الأسرية مستمرة بين المتداعيين) (). ونجد في ذلك تقييد لصلاحيات الإدعاء العام في نظر الدعاوى على اعتبار أنه لا يجوز الاجتهاد في مورد النص وأن النص جاء مطلقاً بالنسبة لدعاوى الطلاق والتفريق .
5- الإذن بتعدد الزوجات وهجر الأسرة وتشريد الأطفال .
6- آية دعوى أخرى يرى الإدعاء العام ضرورة تدخله فيها لحماية الأسرة والطفولة وهذا يعتبر من أهداف قانون الإدعاء العام التي أشارت إليها المادة 1/سابعاً من هذا القانون.
بعد أن استعراضنا بشكل عام وموجز اختصاصات الإدعاء العام على ضوء المادة 13 من قانون الإدعاء العام أمام محاكم الأحوال الشخصية لا بد لنا من التطرق إلى اختصاص الإدعاء العام بشيء من التفصيل في دعاوى التفريق القضائي موضوع بحثنا هذا وبالذات التفريق القضائي القائم على الضرر .
حيث بينت المادة 13/أولاً من قانون الإدعاء العام دور الإدعاء العام في دعاوى الطلاق والتفريق وحددت الفقرة ثانياً من المادة أعلاه هذا الدور بأن للإدعاء العام ، بيان المطالعة وإبداء الرأي في الدعاوى المتعلقة بالطلاق أو التفريق وكذلك مراجعة طرق الطعن القانونية في القرارات والأحكام الصادرة فيها ومتابعتها .
يتضح من ذلك أن حضور الإدعاء العام أمام محكمة الأحوال الشخصية جوازي وليس وجوبي وأن دوره ينحصر في بيان الرأي في مطالعة مستقلة تربط باضبارة الدعوى . وليس له الحق في التأشير على المحاضر وقرارات الحكم وذلك حسب ما جاء بقرار محكمة التمييز الاتحادية بالعدد 811/شخصية أولى/2009 في 25/2/2009(). علماً أن هذا الحق يملكه المعاون القضائي أمام محكمة الأحوال الشخصية في أن يؤشر على قرار الحكم أو المحاضر المدونة من قبله ويؤخذ على هذا القرار بأنه يحد من دور الإدعاء العام في نظر دعاوى الأحوال الشخصية ويقيده بتقديم لوائح مستقلة كأي محامي أو طرف في القضية ، في حين أن القانون لم يحدد شكلية معينة لتقديم الإدعاء العام لآرائه وطلباته وأنه من حق الإدعاء العام أن يبدي رأيه على محاضر الجلسات وعلى تقرير الباحث الاجتماعي وكذلك على قرار الحكم فليس هناك ما يقيده ويحد من دوره في هذا المجال .
وكذلك من حق عضو الإدعاء العام مراجعة طرق الطعن القانونية بالقرارات والأحكام الصادرة من محكمة الأحوال الشخصية وخلال مدة عشرة أيام وذلك استناداً لأحكام المادة 204 من قانون المرافعات المدنية فيما يخص الأحكام ، والمادة 216 من قانون المرافعات المدنية وبدلالة المادة 299 من نفس القانون فيما يخص القرارات الصادرة من محاكم الأحوال الشخصية ، وبينت المادة 172 من قانون المرافعات المدنية سريان هذه المدد حيث أشارت إلى أنه يبدأ سريان المدد القانونية من اليوم التالي لتبليغ الحكم أو اعتباره مبلغاً . وأن هذه المدد حتمية يترتب على عدم مراعاتها وتجاوزها سقوط الحق في الطعن وتقتضي المحكمة من تلقاء نفسها برد عريضة الطعن إذا حصل بعد انقضاء المدد القانونية وهذا ما أشارت إليه المادة 171 من قانون المرافعات المدنية .
وهنا يثار موضوع مهم جداً يتعارض مع المادة 172 من قانون المرافعات المدنية حول سريان مدد الطعن التمييزي بالنسبة للإدعاء العام حيث نصت المادة 17/ثانياً من قانون الإدعاء العام رقم 159 لسنة 1979 بما يلي : [تسري مدد الطعن بالنسبة إلى الإدعاء العام عند حضوره ، اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ النطق بتلك الأحكام والقرارات والتدابير ، ومن اليوم التالي لتاريخ تبلغه بها عند صدورها في غيابه ، أو من تاريخ اعتبارها بمنزلة الحكم الوجاهي] . وحيث أن نص المادة 17/ثانياً من قانون الإدعاء العام هو نص خاص فإنه يقيد نص المادة (172) من قانون المرافعات المدنية باعتباره نص عام حسب القاعدة القانونية (الخاص يقيد العام) ، إلا أن تطبيق هذا الأمر يتعارض مع أمور كثيرة قد تؤدي إلى عدم استقرار المعاملات خصوصاً وأن الدعاوى الشرعية دعاوى حساسة لتعلقها بالحل والحرمة وأن قيام عضو الإدعاء العام بالطعن بالأحكام والقرارات من تاريخ تبلغه بهذه الأحكام في حالة عدم حضوره جلسات المرافعة قد يسبب مشاكل وخلافات من الصعب إيجاد الحلول لها ، فالمطلقة من المحتمل أن تكون قد ارتبطت بزوج آخر بعد طلاقها وانقضاء فترة عدتها لذا فإن نقض قرار الحكم بالطلاق أو التفريق الأول يؤدي إلى الكثير من المشاكل ويؤدي إلى عدم استقرار المعاملات وأن هذا الأمر يتعارض مع مبدأ حجية الأحكام المشار إليه في المواد 105 و106 من قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 . وهذا ما اتجهت إليه محكمة التمييز الاتحادية في قضائها حيث قضت [إلى أن حضور الإدعاء العام في الدعاوى المشار إليها في المادة 13 من قانون الإدعاء العام جوازي وليس وجوبي وبذلك فإن مدة الطعن في القرارات والأحكام الصادرة بتلك الدعاوى تسري بحق الإدعاء العام سواء كان الحكم صادراً فيها حضورياً أو غيابياً والقول بخلاف ذلك فإن الأحكام والقرارات ستبقى معلقة ما دام الإدعاء العام لم يطعن فيها مما يترتب عليه عدم استقرار المعاملات والإضرار بحقوق أطراف تلك الدعاوى ] ().
ونحن نؤيد ما اتجهت إليه محكمة التمييز الاتحادية وفق القرارات المذكورة ونطالب بتعديل الفقرة ثانياً من المادة 17 من قانون الإدعاء العام وجعلها كالآتي : (ثانياً : تسري مدة الطعن بالنسبة إلى الإدعاء العام عند حضوره أو غيابه ، اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ النطق بتلك الأحكام والقرارات والتدابير) .
كما يحق لعضو الإدعاء العام الطعن بالقرارات الصادرة من محكمة التمييز عن طريق تصحيح القرار التمييزي وذلك ما أشارت إليه الفقرة ثالثاً من المادة 17 من قانون الإدعاء العام حيث نصت على [تبدأ مدة طلب تصحيح القرار التمييزي من اليوم التالي لتاريخ تبلغ الإدعاء العام بالقرار التمييزي] ويكون الطعن عن طريق تصحيح القرار التمييزي بالنسبة للقرارات التمييزية المصدقة لحكم محكمة الأحوال الشخصية وكذلك القرارات الصادرة من محكمة التمييز بنقضه إذا فصلت في الدعوى موضوع الطعن طبقاً لما هو مبين في المادة 214 من قانون المرافعات المدنية والتي تسري على الأحكام الصادرة من محاكم الأحوال الشخصية استناداً لحكم المادة 299 من قانون المرافعات المدنية والتي نصت على ما يلي : [تطبق النصوص التالية على الدعاوى الشرعية فإن لم يوجد نص تطبق أحكام المرافعات المبينة بهذا القانون بما يتلاءم مع طبيعة الدعوى الشرعية] .
وعلى هذا الأساس فإننا نستند في احتساب مدة طلب تصحيح القرار التمييزي على المادة 221 من قانون المرافعات المدنية والتي أشارت إلى [مدة طلب تصحيح القرار سبعة أيام تبدأ من اليوم التالي لتبليغ القرار التمييزي وتنتهي المدة في جميع الأحوال بانقضاء ستة أشهر على صدور القرار المراد تصحيحهُ] .
مع الأخذ بنظر الاعتبار الشطر الأخير من المادة 299 من قانون المرافعات المدنية والتي ذكرت تطبق أحكام هذا القانون بما يتلاءم مع طبيعة الدعوى الشرعية ، لذا فإن بقاء مدة الطعن عن طريق تصحيح القرار التمييزي مفتوحة لمدة ستة أشهر في حالة عدم تبلغ المدعي العام بالقرار المذكور قد لا يتلاءم مع طبيعة الدعاوى الشرعية لتعلق هذه الدعاوى بالحل والحرية واستقرار الأسرة والمعاملات ، عليه فإن مدة تصحيح القرار التمييزي يكون خلال سبعة أيام تبدأ من اليوم التالي لتبلغ عضو الإدعاء العام بالقرار التمييزي وعلى هذا الأساس نقترح على الجهة التشريعية أخذ هذا الموضوع بنظر الاعتبار ووضع نص واضح وصريح بخصوص تحديد المدد القانونية لعضو الإدعاء العام لتقديم الطعون التمييزية من أجل استقرار المعاملات .
الخاتمة
التفريق القضائي من المواضيع المهمة والتي أثارت اهتمامي نتيجة عملي أمام محاكم الأحوال الشخصية لذا تناولت هذا الموضوع بالبحث بعد أن لاحظت أن ظاهرة التفريق القضائي بازدياد مستمر وبدأت بتعريف التفريق القضائي كونه تطليق القاضي لأحد الزوجين من زوجه الآخر ولو كان ذلك دون رضا الأخير ، بناءً على أسباب نص عليها القانون العراقي وجاء النص عليها على سبيل المثال وليس الحصر وهذه ميزة يشار لها بكل المحافل القانونية ذلك أن القانون أعطى للقاضي صلاحية تقدير الضرر ولم يعينه بحالات معينة وإنما أطلقه وأخضع تقديره للقاضي وفق معايير معينة وتحت رقابة محكمة التمييز الاتحادية في تقدير هذا الضرر ، وتناولنا كذلك مفهوم الضرر ذاته بأنه الأذى الذي يصيب الإنسان سواء في جسمه أو ماله أو عواطفه أو كرامته أو شرفه أو أي معنى آخر من المعاني التي يحرص الناس عليها ، ومعيار الضرر في تصوري هو معيار شخصي وليس موضوعي أي يتبع شخص من وقع عليه الضرر ومدى تأثره به ولا يخضع في قياسه أو تقديره على معيار موضوعي قوامه الشخص المعتاد ذلك أن شخصية الأفراد ومستواهم الفكري والاقتصادي والاجتماعي يختلف من شخص إلى آخر ويختلف بذلك مدى تأثرهم في كثير من الأمور .
تطرقت إلى أسباب التفريق القضائي القائم على الضرر والتي أشار إليها قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 والتي كما أسلفنا أنه تناولها على سبيل المثال وليس الحصر ووجدنا أن من ضمن أسباب التفريق ما يندرج تحت مفهوم العيب الجسماني أو النفسي ومنها ما يندرج تحت مفهوم الهجر والغيبة ومنها ما يندرج على اعتبار أن الزوج مكلف شرعاً وقانوناً بالإنفاق عليها ومنها ما يندرج تحت مفهوم العنف الأسري كالضرب والإيذاء سواء كان على أحد الأزواج أو حتى على أولادهم .
وناقشنا شروط التفريق القضائي وشروط الضرر كسبب من أسباب التفريق القضائي وذكرنا بأن هناك شروط عامة للدعوى مثل شرط الأهلية والخصومة والمصلحة وغيرها من الشروط الأخرى وكذلك ناقشنا الشروط المتعلقة بالضرر نفسه من ضمنها أن يكون الضرر محققاً وأن لا يكون قد سبق الفصل به وأن يكون الضرر ماس بأحد أطراف الدعوى وصادر عن أحدهما . وأن يكون الضرر معلوم وغير مجهول وأن يكون جسيماً بحيث يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية .
وتناولنا الآثار القانونية للتفريق القضائي وما ينتج عنه باعتباره طلاقاً بائناً وما يترتب على ذلك من عدة على الزوجة بالإضافة إلى نفقة العدة وغيرها من الآثار الأخرى .
وأخيراً ناقشنا دور الباحث الاجتماعي في دعاوى التفريق القضائي في ضوء قواعد تنظيم البحث الاجتماعي رقم 1 لسنة 2008 لما لهذا الدور من أهمية في محاولة إصلاح ذات البين للتقليل من ظاهرة التفريق والحد منها حفاظاً على الروابط الأسرية ودور الإدعاء العام في دعاوى التفريق القضائي في ضوء أحكام المادة 13 من قانون الإدعاء العام رقم 159 لسنة 1979 وقرارات محكمة التمييز الاتحادية .
التوصيات
من ضمن الأسباب التي أشارت إليها المادة الأربعون من قانون الأحوال الشخصية كسبب من أسباب التفريق هو ممارسة القمار في بيت الزوجية ويؤخذ على ذلك أن المشرع العراقي حصر ممارسة القمار في بيت الزوجية ، والأجدر أن يكون النص مطلقاً بممارسة القمار في أي مكان كان لما يسببه هذا الفعل من أذى حقيقي يلحق بمن يمارسه وبأفراد أسرته لذا نوصي بتعديل هذا النص وعدم حصر فعل ممارسة القمار في بيت الزوجية كسبب من أسباب التفريق القضائي .
لوحظ أن الفقرة (5) من المادة الأربعين من قانون الأحوال الشخصية العراقي والخاصة بزواج الزوج بزوجة ثانية باعتباره سبب من أسباب التفريق القضائي جاءت هذه الفقرة خاصة بالزوجة فقط دون الزوج لذا نقترح رفع الفقرة أعلاه من المادة أربعين كون هذه المادة تشمل كلا الزوجين وليس الزوج فقط ودرجها من ضمن مندرجات المادة الثالثة والأربعين من قانون الأحوال الشخصية العراقي.
أشار البند/1 من الفقرة أولاً من المادة الثالثة والأربعين من قانون الأحوال الشخصية العراقي إلى أنه للزوجة طلب التفريق إذا حكم على زوجها بعقوبة مقيدة للحرية مدة ثلاث سنوات فأكثر ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه . ويؤخذ على هذا النص أنه جعل للزوجة الحق بطلب التفريق القضائي بمجرد الحكم على زوجها بعقوبة مقيدة للحرية لمدة ثلاث سنوات فأكثر واكتساب هذا الحكم الدرجة القطعية ، وكان من الأجدر أن يتم منح الزوجة فترة مناسبة بعد الحكم وقبل طلب التفريق لاحتمال صدور قرار أو قانون بالعفو عن الفعل الذي حكم على الزوج من أجله وذلك من أجل الحفاظ على كيان الأسرة وهذا ما أخذ به قانون الأحوال الشخصية في إقليم كردستان-العراق والذي عدل النص الخاص بالحبس وأصبح كالآتي : [إذا حكم على زوجها بعقوبة مقيدة للحرية مدة ثلاث سنوات فأكثر بعد مضي سنة على التنفيذ ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه] لذا نقترح الأخذ بهذا الاتجاه .
أشار البند (أ) من الفقرة (ثانياً) من المادة (الثالثة والأربعين) من قانون الأحوال الشخصية العراقي بأنه للزوجة العراقية طلب التفريق عن زوجها المقيم خارج القطر بسبب تبعية جنسيته لدولة أجنبية إذا مضى على إقامته في الخارج مدة لا تقل عن ثلاث سنوات بسبب منعه أو امتناعه من دخول القطر ... حيث أضيفت هذه الفقرة بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 1128 في 21/9/1985 والمنشور في الوقائع العراقية بالعدد 3066 في 7/10/1985 ، لذا نوصي بإلغاء البند أعلاه كون قانون الأحوال الشخصية العراقي عالج موضوع هجر الزوج لزوجته وغيبة الزوج عن زوجته كسبب من أسباب التفريق لذا لا نجد داعي لإبقاء النص أعلاه .
اتجهت محكمة التمييز الاتحادية إلى حصر دور الإدعاء العام بالنظر في الدعاوى التي يتم التفريق بين الزوجين فيها أما الدعاوى التي تقرر المحكمة رد الدعوى فيها فلا يحق للإدعاء العام الطعن بها على اعتبار أن مهمة الإدعاء العام هو توحيد الأسرة وليس تفكيكها ، ويؤخذ على هذا الاتجاه أنه يقيد دور الإدعاء العام في دعاوى التفريق القضائي لذا نوصي بمنح الإدعاء العام صلاحيات واسعة من خلال نص صريح ليتمكن من نظر دعاوى الأحوال الشخصية ومنها دعاوى التفريق القضائي أياً كانت نتيجة الدعوى سواء بالحكم بالتفريق أو برد الدعوى إذا وجد الإدعاء العام أن أسباب التفريق متحققة وأن المصلحة تقتضي الفصل بين الزوجين .
اتجهت محكمة التمييز الاتحادية إلى تقييد الإدعاء العام بتقديم لوائح تمييزية مستقلة كأي محامي في القضية ومنعه من التأشير على محاضر الجلسات وتقرير الباحث الاجتماعي وقرار الحكم رغم أن القانون لم يحدد شكلية معينة لتقديم الإدعاء العام لآرائه وطلباته لذا نوصي بمنح الإدعاء العام هذه الصلاحيات في إبداء الرأي من خلال نص صريح لتمكينه من إبداء رأيهُ على محاضر الجلسات وتقارير الباحث الاجتماعي وقرار الحكم فليس هناك ما يقيد الإدعاء العام ويحد من دوره في هذا المجال سوى موقف محكمة التمييز الاتحادية .
نوصي بتعديل الفقرة ثانياً من المادة 17 من قانون الإدعاء العام وجعلها كالآتي (ثانياً: تسري مدة الطعن بالنسبة إلى الإدعاء العام عند حضوره أو غيابه ، اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ النطق بتلك الأحكام والقرارات والتدابير) . ذلك لأن القول بخلاف ذلك يجعل القرارات والأحكام معلقة ويؤدي إلى عدم استقرار المعاملات خصوصاً وأن الدعاوى الشرعية هي من الدعاوى المتعلقة بالحل والحرمة ، ذلك أن نص المادة 17/ثانياً من قانون الإدعاء العام تتعارض مع نص المادة 172 من قانون المرافعات المدنية ومع القاعدة القانونية أن الخاص يقيد العام أي أن قانون الإدعاء العام يقيد قانون المرافعات المدنية ويجعل من المادة 17/ثانياً من الإدعاء العام هو الواجب التطبيق وهذا ما يؤدي إلى كثير من المشاكل التي يصعب علاجها ، وهذا ما استقرت عليه محكمة التمييز الاتحادية لذا نقترح تعديل نص المادة (17/ثانياً) من قانون الإدعاء العام وفق المنوال أعلاه وذلك لتجنب التعارض بين النصوص ومن أجل الوصول إلى نوع من الاستقرار في المعاملات .
نقترح تقديم الدعم الكامل للباحث الاجتماعي لما لهُ من دور واسع في دعاوى التفريق القضائي من خلال تهيئة المكان المناسب لعمل الباحث الاجتماعي وزيادة كادر الباحث الاجتماعي في محاكم الأحوال الشخصية ومنحه الوقت المناسب لنظر الحالة المعروضة عليه من أجل تمكين الباحث من القيام بدوره الصحيح في دراسة الحالة المعروضة أمامه وتشخيص المشكلة بين الطرفين من أجل وضع الحلول الملائمة لحل هذه المشكلة وتقريب وجهات نظر طرفي النزاع ومحاولة لم شمل العائلة قبل أن تتوسع المشاكل بين الزوجين .
نوصي بعدم مطالبة مجلس القضاء الأعلى للقضاة بنسبة حسم في دعاوى الأحوال الشخصية لأن ذلك ينعكس سلباً على حقوق الناس خصوصاً وأن للدعاوى الشرعية خصوصية تتمثل بتعلقها بالحل والحرمة وان الإسراع في حسم هذه القضايا ينعكس سلباً على دور القاضي والباحث الاجتماعي في إصلاح ذات البين .
نوصي بتعديل نص المادة (221) من قانون المرافعات المدنية بخصوص مدة الطعن بتصحيح القرار التمييزي والبالغة (6) أشهر في حالة عدم العلم أو عدم التبلغ بشكل أصولي وذلك أن هذه المدة تتعارض مع طبيعة الدعاوى الشرعية حيث أن المادة (299) من قانون المرافعات المدنية أشارت إلى تطبيق نصوص قانون المرافعات المدنية على الدعاوى الشرعية بما يتلاءم مع طبيعة الدعاوى الشرعية .
منقول عن موقع السلطة القضائية