TODAY - November 26, 2010
فيما اشتكى مرضى من ابتزاز الأطباء وفساد الأدوية
وزير الصحة العراقي : لاوجود لمافيات طبية وكادرنا مخلص وكفوء
وسط اتهامات بأن العراق يشهد حاليا غياب دور المؤسسات الصحية الذي اصبح شبه معدوم حيث اشتكى مرضى عن معاناتهم من سوء المعاملة ووجود شبكات مافيا صحية تستغلهم على حد قولهم اضافة الى تذمر الاطباء والممرضين من قلة المخصصات الممنوحة لهم فأن وزير الصحة العراقي صالح مهدي الحسناوي رد على ذلك في حديث مع "ايلاف" نافيا كل هذه الاتهامات.
__________________________________________________ __________________________________________________ ____________________________________________
سعاد راشد من بغداد
أكد وزير الصحة العراقي صالح مهدي الحسناوي في لقاء مع "إيلاف" عدم وجود مساومات بين الاطباء والمرضى لان الكادر الصحي يعمل بإخلاص واجرى خلال عام 2009 مليون ومئة الف عملية جراحية .
وخلال لقاءات مع "ايلاف" تحدث مرضى واطباء وملاكات تمريضية وعمال خدمة "عن معاناة لاحدود لها" وخاصة المرضى منهم الذين وصف البعض منهم الاطباء بمنظمي شبكات مافيات موضحين ان العمل الطبي فقد بريقة الانساني الامثل وصار اقرب الى المساومة والابتزاز ومن جهته اشتكى الكادر الطبي والتمريضي من قلة المرتبات ومخصصات الخطورة.
لغة الابتزاز
سهاد عباس اصيبت بسرطان الثدي حيث اجريت لها عملية استئصال ومازالت تراجع مستشفى الاشعاع والطب الذري لتكملة العلاج من خلال جرعات كيمياوية قالت : كما تعرفون ان العراق خاض حروبا مدمرة استخدمت فيها جميع الاسلحة غير المشروعة مثل الكيمياوية التي زادت من نسبة تلوث الهواء والتراب بالاشعاعات لذا اصبت بمرض سرطان الثدي فقرر الاطباء على ضوء ذلك استئصاله .
وتتابع : دخلي المعاشي والاقتصادي قد يكون أدنى من خط الفقر باعتبار اني لامعيل لي سوى زوجي المتقاعد وأطفالي أغلبهم في المدارس وقاصرين عن العمل .. ونتيجة لهذا اقوم بمراجعة المستشفى من أجل عمل فحص دوري بين فترة واخرى ومن هنا تبدأ لغة المساومة والابتزاز عند بعض الأطباء وخاصة من المشرف على حالتي الذي يمارس ابتزازا ومساومة لارغامي على الذهاب الى عيادته الخاصة من خلال رفض الأشعة والسنورات التي أقوم بها في عيادات خارجية باعتبار ان أسعارها رخصية لكنه يرفض الاعتراف بها ويحاول إدخال الذعر في نفسي وخلق الشك كل هذا حتى يتابع حالتي في عيادته الخاصة الكائنة بمنطقة الكرادة في بغداد مقابل أجورعالية اضافة الى اتفاقه مع إحدى الطبيبات التي قد تكون زوجته أو زميلته في العمل وعند رفضي الانصياع لما يقول لضيق ذات اليد يقوم برفض اي اشعة او سونر لي ويقول أنها ذات تشخيص خاطئ. وتؤكد ان هناك صفقات مبرمة بين الاطباء والصيادلة ايضا وأني لابد ان أشتري الدواء من صيدلية يحددها الطبيب نفسه بحجة ان دواءها من النوع الممتاز .
قلة الكادر
أبو أحمد عامل بناء يبلغ من العمر 43 سنة ابنه مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي بادر بالاجابة عندما سالناه عن اسباب حضوره الى المختبر ليلا فقال : لقد تم تشخيص حالة طفلي وعلى أثرها نصحني الطبيب المعالج الخفر بأجراء تحليل معين وبأقرب وقت وعندها حضرت الى مستشفى الزهراوي الكائنة في مدينة الصدر فوجدت ان المختبر لايوجد فيه سوى دكتور خفر واحد يقوم بأجراء التحاليل وعدد المرضى الذين ينتظرون بالمئات.
ويشير ابواحمد الى انه مع قلة الكادر الخفر والاعداد الكثيرة من المرضى فأنه من المؤكد حصول تشخيص خاطئ إضافة الى طول الانتظار الذي ينعكس سلبا على حياة المريض . ودعا الى توفير الكوادر الصحية العاملة ليلا وإغرائهم من خلال الدعم والمخصصات المالية.
التشخيص الخاطئ
أما الطالبة الجامعية فاتن عبد الرحمن ( 25 عاما) فتشكو من التشخيص الخاطئ لبعض الأطباء وخاصة الطبيبات المختصات بالامراض النسائية وبشكل قد يسبب كوارث عائلية واجتماعية . واوضحت : وجدت خالتي ابنتها مع قريب لها في البيت وحدهما وساورتها الشكوك الكثيرة فأضطرت الى عمل فحص داخلي لابنتها لازالة الشك وخلق الاطمئنان في نفسها حين ذهبت الى احدى الطبيبات النسائية فأخبرتها هذه ان ابنتها حامل ونزل الخبر على خالتي كالصاعقة مما جعلها تخبر اخوتها الذين سرعان ما قاموا بقتل البنت وبعد تشريح الجثة تبين ان الفتاة باكر وان هناك اكياس مائية كانت على الرحم .. فضاعت حياتها ضحية التشخيص السريع والخاطئ.
استحصال المبالغ بطرق مختلفة
حنان أحمد صالح موظفة في البريد قالت : كنت حامل في شهري التاسع وعندما حانت ساعة الولادة ذهبت الى المستشفى الخاص بالتوليد فقررت الطبيبة ادخالي الى صالة العمليات علما ان اشهري للولادة لم تكتمل لولادة طبيعية وعندها رفضت أجراء العملية فقررت الذهاب الى مستشفى حكومي وعلى ضوئه قرر الطبيب منحي الوقت الكافي لاكمال موعد الولادة .. وفعلا تمت طبيعيا في حين ان الهدف في المستشفيات الخاصة تجاري بحث حيث تصل أجور العملية الى اكثر من مليون ونصف المليون دينار ومن دون الاهتمام بحالة المريض وما للعملية الجراجية من اثر سلبي على الرحم وعلى المرأة ووضعها الصحي العام.
إرتفاع اجور التشخيص
عماد راشد مصاب بعجز في القلب حدثنا عن تجربته مع طبيب القلب الخاص به الذي رفض ذكر اسمه حيث قال : ان هذا الطبيب يرفض الاعتراف بأي تخطيط للقلب ويفرض عدم اجرائه خارج عيادته حيث تصل كلفة تخطيط القلب الى 25 الف دينار عراقي وأجور فحصه 25 الف دينار اي ان مجرد التشخيص فقط يكلف 50 الف دينار ناهيك عن اسعار الدواء وغيرها . ويقترح عماد عباس تحديد اجور الكشف على المريض وكلفة استخدام اجهزة الكشف الصحية من سونر واشعة وتخطيط قلب ومفراز بأجور وتسعيرة خاصة من قبل وزارة الصحة . وطالب بانشاء مشافي هندية وتركية بكوادر ذاك البلد من دون تدخل أي كادر طبي عراقي وعلى حساب وزارة الصحة او بدعم من القطاع الخاص حتى لايذهب المواطن العراقي الى تلك البلدان ويتم ابتزازه من قبل المستشفيات الخاصة هناك ايضا . ويشير قائلا "نحن بحاجة الى حضور الخبرات الاجنبية الى العراق" . وعن الدواء يرى عباس ان الدواء العراقي مغشوش وهو بلا أي رقابة او متابعة من الاجهزة الصحية.
الكادر الطبي يحمل وزارة الصحة المسؤولية
الطبيب أحمد عبد الامير الكعبي يرى أن حياة الاطباء في خطر منذ اندلاع ألعنف للطائفي الذي عصف بالعراق قبل اربع سنوات حيث كانت هناك مافيات منظمة تتولى قتل الاطباء وخاصة من ذوي الاختصاص النادر وبشكل منظم مما جعل البعض يهاجر الى خارج البلاد او يستقر في اقليم كوردستان بأعتباره اكثر استقرارا وامانا.
ويضيف عبد الامير انه في الوقت الراهن فأن هناك تهديد من نوع اخر وهو من ذوي المريض واهله فما ان يتعرض المريض للوفاة فأنهم يسارعون للاعتداء على الطبيب او الكادر الطبي ويعتبرون الطبيب مسؤولا عن وفاته وقتله وقد تصل الحالة الى الاعتداء بالضرب والتهديد بالقتل.
ويشير الطبيب الى انه في الفترة الاخيرة ظهرت عصابات منظمة اكثر تستخدم الاسلحة الكاتمة وتهاجم الاطباء في بيوتهم من اجل السرقة وهذا ما حصل لمديرة مسستشفى العلوية في بغداد مثلا حيث تم قتلها في بيتها وسرقة ما لديها .. ويؤكد ان الوضع غير مطمئن للطبيب بصورة خاصة الامر الذي ينعكس على عمله سلبا .
من جانب آخر يرى حيدر عبد الحسين المعاون الطبي في مستشفى ابن النفيس ببغداد ان هناك مخصصات للخطورة وتشمل الممرض والطبيب ولكن مخصصات الطبيب تكون بنسبة 100 % اما الكادر التمريضي فيحصل على 50%علما ان الممرض يكون على تماس مباشر مع المريض ويتحمل جانب الخطورة اكثر.
وللممرضين شكاوى أيضا
ومن جهتها نور سلمان الكناني الممرضة في مستشفى العلوية للولادة منذ عام 2003 تشير الى انه لاتوجد نقابة تختص بالجانب التمريضي علما ان الكثير من شرائح المجتمع لها نقابات وفق اختصاصات لذا تضيع الكثير من حقوق الممرضين لعدم وحود من يدافع عنهم في حالة وقوع خطأ غير مقصود قد يكون نتيجة الدواء المنتهي الصلاحية وما اكثر ذلك في المستشفيات العراقية حيث باتت الهند وغيرها من الدول الاخرى المصدر الاول لاستيراد الدواء وخاصة الحقنة الوريدية لمادة الكلوفيران ومادة الفلاجين التي راح ضحيتها الكثير من المرضى ثم تقع المسؤولية على الممرض الذي يتحمل نتائج ذلك وظيفيا ومعنويا .
ام سلام ممرضة تمارس المهنة منذ 37 عاما وهي خريجة مدرسة التمريض بدورها شكت من قلة الحوافز الممنوحة للممرضين وخاصة في المستشفيات الحكومية مقارنتة بالاطباء وهذه المكافأت تحجب في بعض الاحيان عن الممرضين او تصل الى تهديد الممرض بترك العمل او نقله الى قسم اخر لاتوجد به حوافز اذا اعترض على النسبة القليلة الممنوحة له .
وتشيرام حيدر الى انه فيما يخص البعثات الطبية الى الخارج التي تهدف ا لتطوير الكادر الطبي بصورة عامة فتقول ان هذه البعثات تقتصر على الأطباء وحدهم على حساب الكوادر التمريضية التي هي بأمس الحاجة الى دورات تطويرية .. ولكن هناك المحسوبية والعلاقات الخاصة.
اما فيما يتعلق بالخفارات الليلية فقد اشارت ام حيدر الى انه في زمن النظام السابق كان الممرض الذي يمتلك خدمة لاكثر من 15 عاما فأنه يعفى من نظام الخفارة ويتمتع بالعطل الخاصة كأيام الجمعة والاعياد ولكن هذا القرار قد عطل اضافة الى عدم دفع مخصصات النقل.
وحول القروض الممنوحة للكادر الطبي يقول الممرض سعد احمد الجبوري وهو معاون طبي في مستشفى الكندي ان هذا القروض شملت الاطباء فقط وخاصة قرض الخمسين مرتب التي تمنح للاطباء علما ان اقل راتب للطبيب هو مليوني دينار عراقي اما قرض الكادر التمريضي فيبلغ خمسة ملايين دينار واغلب عناصر هذا الكادر لم يحصلوا عليه بسسب الفساد الاداري الموجود في بعض المصارف فقد تعرضت اغلب طلبات السلف الخاصة بالممرضين للمساومة والتعطيل من قبل موظفي المصارف حتى يتم ارغامهم على دفع مبالغ نقدية ... وتؤكد ان هذه الآفة تشمل اغلب مؤسسات الدولة العراقية حاليا.
وزير الصحة يرد على الاتهامات
"إيلاف" حملت هذه الاتهامات الى وزير الصحة العراقي صالح مهدي الحسناوي فأوضح انه بالنسبة للقروض الممنوحة للممرضين والأطباء فأن هذا الامر تابع لوزارة المالية وليس للصحة شأن بها.
ونفي وجود مساومات يمارسها الاطباء مع المرضى في المؤسسات الصحية العراقية لكنه يشير الى انه من الممكن ان يكون هناك طبيب في هذه المستشفى أو في تلك يقوم بترغيب المريض ليعالج نفسه في مؤسسات القطاع الخاص الصحية . ويؤكد قائلا "في السياق العام لا توجد مساومة بين الاطباء والمرضى لان الاطباء العراقيين يعملون بإخلاص وكفاءة والدليل انهم قاموا خلال عام 2009 بأجراء مليون ومئة الف عملية جراحية وهذا رقم كبير جدا ولأيمكن اعتبار لغة المساومة ظاهرة واضحة في المؤسسات الصحية العراقية.
أما بشأن الأدوية التي يتم استيرادها من الخارج فيقول وزير الصحة ان 80%من هذه الادوية يتم استيرادها من شركات عالمية معترف بها بما فيها الادوية الهندية على اعتبار ان هذه الشركات لها فروع في أميركا وبريطانيا إضافة الى ذلك فانه بعد وصول الدواء المستورد الى العراق يتم فحصه قبل توزيعه من اجل التأكد من صلاحيته وجودته .
وفيما يخص استخدام العمالة الاجنبية للتنظيف في المؤسسات الصحية العراقية فيقول الحسناوي ان مرتب العامل الذي يستقدم من بنغلادش مثلا يبلغ 200 دولار شهريا ويعمل ساعات اكثر بأربع مرات من التي يقوم بها عامل التنظيف العراقي "وبالنتيجة نحن ننفق مبالغ أقل ونحصل على نظافة افضل".
وحول مخصصات خطورة الملامسة يشير وزير الصحة الى ان للممرض مخصصات خطورة ملامسة نسبتها 50 % من مرتبه اما مقارنة ذلك بمخصصات الطبيب الذي تبلغ خطورة الملامسة الممنوحة له 100 % فهذه الامور خاضعة للتوصيف الوظيفي الذي يحدد خطورة الملامسة للطبيب والممرض "ولا نستطيع ان نخلط التوصيف الوظيفي بحسب رغبات الممرض أو الطبيب"