هُوَ المُتَغَنَّى باسمِهِ .. والمُرَتَّلُ
وإنْ هوَ لا يَبْدُو ولا يُتَخّيَّلُ
مَنِ اجْتَرَحَتْهُ للضرورةِ حاجةٌ على الأرضِ
مِنْ طَعْمِ السَّماءاتِ يُجْبَلُ
ومَنْ هُوَ حتّى آخِرِ العقْلِ ، غامِضٌ
تَشَابَكَتِ الآراءُ فيهِ ..
ومُجمَلُ
ومَنْ هُوَ حتّى قِلَّةِ الروحِ ،
مُوثَقٌ بهِ مُمْسِكُ الأنفاسِ والمُترَحِّلُ
***
ومَنْ تَلِدُ الفُصْحى مَعاجِمَ ذوقِها
وتَعْقَمُ عن إدراكِهِ ..
ثمَّ تَحْبَلُ
وتَرجعُ تَحْلُو ..
رُبَّما في جوارِهِ يُقالُ لها : يا أنتِ ، كمْ أنتِ أجمَلُ !
***
ومَنْ أغزَرُ الأرواحِ جُنَّتْ جُنونَها
لعلَّ لَدَيْهِ حينَ تندكُّ ..
تَعْقِلُ
ولمْ تَجْنِ
واهتزَّتْ هياماً
وما رَبَتْ
وعادَتْ إلى أسرارِ فَحواهُ تسألُ
بِـ مَنْ ولِـ مَنْ ..
ما حَدُّهُ ؟
ليسَ خالِقاً!
ولَيْسَ على خَلْقٍ سِواهُ يُعَوَّلُ
عدا من جرى في صَدْرِهِ ماءُ قَدْرِهِ
تَمَاماً كما يجري الكِتابُ المُنزَّلُ
ومَنْ مَشَتِ الدُّنْيا
وقد جَلَّ صَوْتُهُ
تُكّبِّرُ في أنْحائِهِ وتُهَلِّلُ
***
أبا حَسَنٍ ..
قَفَّيتُ روحيْ قصيدةً وأجْرَيتُ ..
ها إنّي وعينيكَ جَدْوَلُ
وإنْ ضَفَّتي جَفَّ الكلامُ حِيالَها
فَما أنا رَقْراقٌ
وما أنا سَلْسَلُ
فلا امرؤُ قيسٍ في ضُلوعيْ أحُثُّهُ
ولا انْثارَ في رأسيْ الحَكيمُ السَّمَوْألُ
ولا أخطَلُ اللذَّاتِ سَدَّ مَسارِبي
ولا خَطَّ ليْ دَرْبَ الهِدايةِ دِعْبلُ
ولكِنْ فَتىً
من نارِهِ واخْضِرارِهِ
ولَذَّةِ مَقْتُولِيهِما أَتَشَكَّلُ
وأرسِلُ أنفاسيْ
وإنْ هيَ غَيْمَةٌ رَمَادٌ ..
سَأدْعُوها عَسى سَوْفَ تَهْطلُ
وأبعثُها نَحْوَ الغَديرِ وَصيَّةً مِنَ الماءِ ..
فيها كلُّ حَرْفٍ مُبَلَّلُ
***
أُنادي عَلِيّاً من أعَاليْ تَوَرُّطيْ : دليلَ دميْ المُحتارِ ..
ترضى؟ أأُقبِلُ ؟
ضريحُكَ ،
لاماتيْ تُريدُ اقْتِحامَهُ ولكنَّها يا سيِّديْ مِنْكَ تخْجَلُ
سأرْويْ لها صَمْتاً تَمَسُّكَ مُهْجَتي ثِيابَكَ ..
مُذْ كانَ الصِّبا بيَ يَغزِلُ
قرينةَ أيّامي ، سَواءٌ فَتِيُّها وعِمْلاقُها ..
كلٌّ إليكَ يُهرْوِلُ
فَمِنْ يومِ أنْ عَلَّمْتُ قَلْبي انْقِسَامَهُ على اثْنينِ :
حُبِّي وهْوَ طِفْلٌ مُدَلِّلُ
ومَنْحِكَ أشْجَارَ الهَوى واشْتِجار
مهدي النهيري