تركيا: موجة قمع ضد المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء
أظهرت مقاطع فيديو لهواة وأرسلت لفريق تحرير مراقبون عمليات اعتقال لمهاجرين أفارقة على يد الشرطة التركية في إطار حملة قمع للمهاجرين غير النظاميين. وفي هذه الصور، التي أرسلها لنا مهاجرون من السنغال والكاميرون وغينيا وأنغولا، يصرخ رجال أمن في وجوه المهاجرين وقاموا في بعض الحالات بالاعتداء عليهم جسديا. ويروي مراقبونا بينهم أحد ضحايا القمع الظاهرين في مقطع فيديو ما حدث معهم.
نشرت في: 26/07/2023
أظهرت مقاطع فيديو التقطت في إسطنبول يوم 17 تموز/ يوليو 2023 شرطيين أتراك بصدد إيقاف واستجواب مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء خلال حملة قمع المهاجرين غير النظاميين. © مراقبون
أطلقت الشرطة التركية حملة قمع ضد المهاجرين غير النظاميين في بداية شهر تموز/ يوليو الجاري.
وفي حوار صحفي يوم 9 تموز/ يوليو 2023، صرح وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا بأن مكافحة الهجرة غير الشرعية ستكون إحدى أولوياته مضيفا أن شرطة إسطنبول وفي كل محافظات تركيا الـ81، ستعزز السلطات من جهودها لإيقاف واعتقال الأشخاص الموجودين بطريقة غير قانونية في البلاد.
في إسطنبول، بدأت الشرطة التركية منذ 4 تموز/ يوليو الجاري سلسلة مداهمات وتمشيط في المساء وأثناء الليل مركزة على أماكن التنزه والفضاءات العامة. وأكد جهاز الشرطة أنه قام بإيقاف 3535 شخص خلال الأسبوع الأول ممن يشتبه في أنهم دخلوا إلى تركيا بطريقة غير قانونية أو عملوا بدون ترخيص أو أنهم تجاوزا مدة الإقامة المنصوص عليها في تأشيرة الدخول.
وتظهر مقاطع الفيديو التي تم إرسالها إلى فريق تحرير مراقبون فرانس24 من قبل مهاجرين أفارقة يعيشون في تركيا تصرفات عنيفة من الشرطة.
ويظهر مقطع فيديو أرسله مهاجرون من السنغال وغينيا رجال الشرطة التركية يثبتون رجلا أفريقيا على الأرض وسط تجمع من الناس. ولم يكن رجل الشرطة يرتدي زيا نظاميا ولكنه كان يحمل أصفادا. وطلب الضحية تمكينه من هاتفه عدة مرات وهو ما يبدو أنه أغضب الشرطي الذي ثبته على الأرض. وصرخ الشرطي في وجهه ومن ثم صفعه.
فيديو 1 في هذا المقطع المصور الذي أرسله مهاجرون أفارقة إلى فريق تحرير مراقبون فرانس 24 على واتساب ونشر أيضا على تويتر، نرى صاحب محل حلاقة سنغالي يتعرض للصفع على يد شرطي تركي بعد أن قام بإيقافه خلال عملية تثبت من وثائق إقامة مهاجرين. وصرح الرجل لفريق تحرير مراقبون فرانس 24 أن وثيقة إقامته ما تزال صالحة.
وقع الحادث في إسطنبول يوم الأربعاء 19 تموز/ يوليو 2023، ومن خلال استخدام الصور المتاحة عبر تطبيق غوغل مابس والصور الموجودة أيضا على تويتر، تمكن فريق تحرير مراقبون من تحديد الإحداثيات الجغرافية لمكان الحادث حيث وقع في مدخل مركز تجاري تحت الأرض. وأكد عدة مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء أن الحادث وقع في ذلك المكان.
ويمتلئ حي أكساراي المجاور بمحلات بيع للملابس والمواد الغذائية يديرها أفارقة.
"في كل مرة يراني فيها رجال الشرطة، يطالبونني فيها بإظهار وثائقي"
وتمكن فريق تحرير مراقبون فرانس24 من تحديد هوية الرجل الذي نراه في مقطع الفيديو والتواصل معه، واسمه محمد بريرا وهو سنغالي يعيش في تركيا منذ سنة 2019 ويقول إنه كان في طريقه إلى محل الحلاقة الذي يديره عندما تعرض للتوقيف على يد الشرطة وأنه أكد لهم أنه لا يملك وثيقة الإقامة معه لأنه قدم طلبا لتجديدها. حيث يروي قائلا:
لقد أخذوا هاتفي وأموالي. تم الزج بي في سيارة و اقتادوني إلى مكان آخر حيث أطلقوا سراحي. هم أنفسهم يعلمون بأنه لا يحق لهم اعتقالي. ولكنني لا أستطيع تقديم شكوى ضدهم.
قدمت وثائقي (بهدف تجديد رخصة الإقامة) وتلقيت وصلا في ذلك. أنا بصدد الحصول على وثائقي لكي يكون لي الحق في العيش هنا.
ليست هذه المرة الأولى التي أتعرض فيها للإيقاف. في كل مرة يراني فيها رجال الشرطة، يطلبون وثائقي. ولكن في كل مرة أظهر رجال الشرطة بكل بساطة نظرة عنصرية. والآن، أشعر بالألم في كل أنحاء جسدي.
أملك صالون حلاقة في إسطنبول. أدفع إيجار بيتي. ولكن الوضع تدهور في الفترة الأخيرة، وازدادت عمليات التثبت من الهوية شيئا فشيئا. والآن، أنوي العودة إلى بلدي السنغال. العيش في بلد غير بلدك بدون مال هو أمر يصعب أن يطيقه المرء.
تلقى فريق التحرير عدة مقاطع فيديو تظهر استخدام القوة من قبل الشرطة في التعامل مع المهاجرين. وفي أحد المقاطع المصورة، الذي نشر أيضا على تويتر، نرى رجلي شرطة بزي نظامي يمسكان بمهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء فيما يمكن أن نميز رجل شرطة ثالث يدفع برأسه على الأرض. وفيما ابتعد رجال الشرطة، كان ثالثهم يسخر على ما يبدو من الضحية عندما ضرب على يده.
وأكد عدة مهاجرين أفارقة لفريق التحرير أن الحادث وقع في حي إسنيورت في إسطنبول. وتثبت صور الأقمار الصناعية على الأرجح ذلك المكان، ولكننا لم نتمكن من التواصل مع الرجل الذي تعرض للاعتقال.
"تمت معاملتنا كالمجرمين لأننا لم نكن نملك وثائق إقامة التي ترفض السلطات منحنا إياها"
في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، أكد تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن المهاجرين المعتقلين في تركيا بسبب عدم امتلاكهم وثيقة إقامة يتم احتجازهم في معظم الحالات في مراكز إيواء مكتظة وبدون الحصول على القدر الكافي من المساعدة القانونية أو التواصل مع عائلاتهم.
سيدريك (اسم مستعار) كاميروني الجنسية. وتحدث مع فريق تحرير مراقبون فرانس24 بدون الكشف عن هويته بعد أن تعرض للتوقيف في إسطنبول في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2022 عندما كان ينتظر تسوية وضعيته كمقيم بطريقة قانونية، ويروي قائلا:
كان عددنا 12 شخصا معتقلين في حجرات مخصصة لإيواء ستة نزلاء. من المفترض أنه يحق لنا التواصل مع عائلاتنا ولكنهم صادروا هواتفنا. كانت ظروف الإقامة مروعة. رأيت حالات انتحار كثيرة. تمت معاملتنا كالمجرمين لأننا لم نكن نملك وثائق إقامة التي ترفض السلطات منحنا إياها. لا يتم السماح لنا حتى بالتواصل بمحامينا الخاصين. ولم يتركوا لنا الفرصة سوى للتحدث مع المحامين الذين يجلبونهم.
يروي سيدرك أنه تلقى ترخيصا بمغادرة مركز الاحتجاز بعد مرور شهرين ومنحت له وثيقة تسمح له بالعيش فقط في مدينة بارتين التي تقع على بعد 400 كيلومتر من إسطنبول. ولكنه لم يبق هناك حيث يقول "لا يوجد فرص عمل هناك وتعامل الناس معي بعنصرية هو ما جعلني أعود أدراجي إلى إسطنبول".
"المهاجرون من كل الجنسيات يعانون من انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان"
وفي اتصال مع فريق التحرير، يقول محمد قاشان وهو محام متخصص في حقوق المهاجرين أن نظام الهجرة في البلاد أصبح مليئا بالقيود خلال العامين الماضيين:
خلال العامين الماضيين، لم يتم قبول ملفات طلب اللجوء سواء تعلق الأمر بمهاجرين نظاميين أو غير شرعيين. في الأعوام الأخيرة وخلال الانتخابات الماضية [جرت في أيار/ مايو 2023] كان هناك نقاش حول الموضوع. وتؤكد الحكومة الحالية والمعارضة أنهم متفقتان على طرد كل اللاجئين. المهاجرون من كل الجنسيات يعانون من انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان. أتلقى كثيرا من الشكاوى، ولكن بما أن هؤلاء المهاجرين ليسوا مسجلين بالشكل المطلوب، لا يحق لهم تقديم دعاوى قضائية أو التواصل مع منظمات غير حكومية.