قبل زيارة اردوغان الى بغداد ماذا نريد ؟

العلاقات التركية العراقية وان كان ظاهرها الاستقرار إلا أن الملفات المشتركة بين البلدين مازالت ساخنة باستثناء الصادرات التركية التي تسجل ارتفاعا كل عام لصالح الجانب التركي فالسوق العراقية سوق استهلاكية لمعظم المنتجات التركية باستثناء هذه السنة بحسب هيئة الاحصاء التركية فإن صادراتها الى العراق هذا العام في ربعه الاول بلغت 2710179 مليار دولار بانخفاض بلغ ‎%‎12،3 عن العام الماضي لنفس الفترة . وربما يعود بالارتفاع خلال حساب الصادرات في كل العام في احصائية نهائية . و قد يكون النفط الخام هو المادة الوحيدة المصدرة لهذه الدولة !.

ودعونا نعود الى التساؤل الذي أثرته حول هذه الزيارة ماذا نريد منها؟
ومن المعروف لدى المراقبين السياسين إنَّ هذه الزيارة تم التحضير لها بعد فوز الرئيس التركي بولاية حكم جديدة ،وتم الاتفاق عليها خلال الاتصال الهاتفي المشترك بين رئيس الوزراء العراقي والرئيس التركي . ولا شك أن الزيارات عادة ما يتم تحضير الملفات التي يتناولها الرئيسان في لقائهما ،أو خلال الجلسة المشتركة للوفد الضيف مع المضيفين من المسؤولين العراقيين .

ملف المياه :-
قد يكون هذا الملف هو الاول والمقلق للعراق على كافة الصُعد، وعلى الجانب العراقي أن يقدم احتياجاته في زيادة الاطلاقات المائية للعراق وفق قوانين الدول المتشاطئة ،فلم يعد خافياً إن تركيا بانشائها سدوداً ضخمة على منابع دجلة والفرات قد أضرت بالعراق كثيرا ،وهناك اجحاف تركي في التصرف بالمياه وتحديد اطلاقها باتجاه الاراضي العراقية .

ملف الاموال العراقية :-
هذا الملف الثاني المتعلق بالصادرات النفطية الغير رسمية التي تمر عبر الموانئ التركية ،وعلى الحكومة العراقية والتركية تسوية هذا الملف بسرعة ومنها ننطلق الى إيقاف شحنات نفط غير رسمية الى تركيا،
سيما وان العراق يملك أفضلية في هذا المجال بفضل كسبه قضية تحكيم دولية بشأن صادارات النفط إليها وعلى العراق أن لا يُفرط بهذه القضية التي كان العراق قد قدمها الى المحكمة الدولية بعد مماطلة الجانب التركي لمطالبة الحكومة العراقية برئاسة العبادي بالاموال أنذاك وعدم استقبال شحنات النفط غير الرسمية،فاتجهت الى التحكيم الدولي ،ونجح العراق في كسب القضية مؤخراً، وهي ورقة مهمة جدا . فهذه الورقة التفاوضية لايمكن التفريط بها ويمكن أن نعمل على تفعيل اللجان الفنية فيما يتعلق بالاطلاقات النفطية الرسمية عبر انبوب النفط الممتد الى الاراضي التركية ، ومراقبة المصارف التي تستقبل هذه الاموال المشبوهة وغيرها

طريق التنمية:-
كان بودي أن أُفصل في الحديث عن هذا الموضوع بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي الى سوريا ،وحديثه خلال المؤتمر الصحفي مع الرئيس السوري عن هذا الموضوع مما يدل على عزمه في المضي بهذا المشروع الستراتيجي ، ولنكن واضحين إن هذا المشروع لا يعني طرقاً وجسور فقط وانما بنى تحتية ومشاريع على الارض ،وقد يكون حاجةً تركية أيضا ،و حاجة ملحة فهي تريد أن تكون مدخل الغاز وبقية أنواع الوقود الى اوربا .

فسيكون هذا المشروع مشتركاً فيما لو استعان العراق بالشركات التركية في ذلك ،وتكون النقاط الاولى كشروط حسن نية من الجانب التركي لتحصل على فرص العمل والاستثمار لشركاتها في العراق ..
وأعتقد إن هذه الامور يجب أن يحضر لها من خلال اللجان المختصة وتكون الامور جاهزة عند لقاء اوردغان مع شياع .

على العراق أن يستثمر مثل هذه الزيارات فيما يخص أمنه القومي كذلك وإن ملف البكه كه يجب أن يحل تركياً قبل أن يتحول الى مشكلة عراقية ،فالرئيس اوردغان هو عراب الاتفاق مع أكراد تركيا قبل أكثر من عشر سنوات حينما سمح لهم بالاتجاه الى جبال قنديل دون اخطار السلطات العراقية في حينها ، وبحسب تعبير رئيس البرلمان التركي جميل تشيشك في 22/2/2013 فإن هذا الاتفاق (اردوغان مع أكراد تركيا) لايعرف به الا قلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة !!!.

ولم تستطع سلطات كوردستان أن تمنع هذا الانتشار لانه ببساطة كان انتشاراً مدنيا ،وكان في بدايته من الجانب التركي ،حتى امتد الى الناحية الثانية ليرتكز في الجانب العراقي !. ولم تتفاهم حكومة الاقليم مع حكومة المركز حول هذا الامر ،وتحول بعدها الى مشكلة كردية -كردية ،والى مشكلة أمن قومي للعراق كله . فدستور العراق يمنع انطلاق العمليات العسكرية من أراضيه ضد الدول المجاورة ، وهو بحاجة الى تعاون في هذا المجال ليكون أمناً مشتركاً بدلا من القصف العشوائي التركي الذي ينال القرى الامنة في شمال العراق . إن هذه الملفات ومن ضمنها انفتاح السوق العراقية بشكل كامل على السلع التركية يجب أنْ يكون فيه انصاف للجانب العراقي ، ويجب أن لا يختل الميزان التجاري بهذا الشكل ،وهذا الامر لا يتعلق بالجانب التركي فحسب وإنما بجميع الدول التي تفوق صادراتها واردتها من العراق بنسب كبيرة .

والحكومات الناجحة هي التي تحول هذه القضايا الى فوائد تصب في صالحها وصالح شعوبها . ونرحب بالرئيس التركي وعسى أن يطلق دفعات من المياه في جو العراق اللاهب الى يؤدي الى فقدان العراق لكميات كبيرة من خزينه في المسطحات المائية ودون تعويض يذكر. نتمنى أن تكون زيارة وبدء عهد جديد في رؤية المصالح المشتركة بين البلدين .

علي الهماشي