الحرب في السودان... مئة يوم من القتال ولا حل في الأفق
لم تفض جهود الأسرة الدولية، ولا بعض المبادرات العربية مثل التي قادتها السعودية، إلى نتيجة ملموسة في الحرب الدائرة في السودان منذ مئة يوم بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو. ولا تزال بلاد النيلين غارقة في بحر العنف والاقتتال في وقت تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية والغذائية. نستعرض فيما يلي أبرز الأحداث التي طبعت هذه الحرب.
نشرت في: 24/07/2023
دخلت الحرب في السودان يومها 100 بدون أن يستجيب الطرفان المتنازعان، الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو الملقب بحمديتي، إلى دعوات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بوقف الاقتتال، ما تسبب في أزمة إنسانية كبيرة أرغمت الملايين على النزوح داخليا في حين سلك مئات الآلاف الأخرين طريق الهجرة نحو تشاد ومصر، أو حتى أوغندا.
جرائم الحرب في السودان : هل يعيد التاريخ نفسه؟
ورغم الوساطات العديدة التي قامت بها بعض الدول، أبرزها السعودية والولايات المتحدة، وعمليات وقف إطلاق النار التي شهدها النزاع من حين إلى آخر، إلا أن الوضع على الأرض يتفاقم يوما بعد يوم بسبب رفض الرجلان الجلوس على طاولة المحادثات لإيجاد مخرج سياسي يضمن سلامة السودانيين وينهي العنف. فكلاهما متشبث بالحل العسكري في حين ينهار اقتصاد البلاد، ليعود السودان إلى نقطة الصفر.
مخاوف قوات الدعم السريع من افتقاد نفوذها في السلطة
تفجر الوضع الأمني في البلاد في 15 أبريل/نيسان على خلفية التوتر الذي وقع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بخصوص ملف تسليم السلطة للمدنيين.
ما المنتظر من المفاوضات السودانية الجديدة في السعودية؟
كانت قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي تخشى أن تفقد نفوذها في السلطة، ما جعل قائدها -الذي كان يعتبر الرجل الثاني في هرم السلطة التي استولت على الحكم بعد سقوط نظام عمر البشير في 2019- يتمرد على رفقيه عبد الفتاح البرهان.
فأعلن "الحرب" ضده وضد الجيش، واستولى على عدد من المؤسسات والمقرات العسكرية والمدنية في الخرطوم ومدن أخرى، مدشنا بذلك حقبة جديدة من العنف.
وكانت منظمة الأمن الغذائي العالمي أولى الهيئات التابعة للأمم المتحدة التي أوقفت نشاطاتها الإنسانية في السودان بعد مقتل ثلاثة من عمالها في الخرطوم. لكنها استأنفت تقديم خدماتها إثر نشر تقارير دولية عن تعرض الملايين للموت بسبب نقص الغذاء.
3000 قتيل على الأقل وفرار نحو 3 ملايين شخص
في اليوم الخامس من بدء القتال، بدأت الدول الغربية والعربية بعملية إجلاء رعاياها وأطقم سفاراتها من البلاد في وقت اتسعت فيه دائرة الاشتباكات واستخدام الجيش طائرات حربية لقصف مواقع قوات الدعم السريع التي كان بعض عناصرها يختبئ في الأحياء السكنية، ما أدى إلى سقوط الكثير من الضحايا المدنيين.
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى مقتل ما يقارب 3000 شخص ونزوح حوالي 3 ملايين آخرين من بينهم 600 ألف غادروا إلى الدول المجاورة، وعلى رأسها تشاد وأوغندا ومصر. فيما لا تزال عمليات النزوح والفرار تتواصل داخليا وخارجيا مع ارتفاع وتيرة القتال وفي ظل غياب أي مخرج سياسي للأزمة.
وحذرت الأمم المتحدة من بروز بوادر "حرب أهلية شاملة في السودان" إذا استمر الوضع على حاله وأن هذا قد يؤثر "على المنطقة بأكملها". وفي مطلع شهر مايو/أيار، حذرت منظمة اليونيسف من "انهيار المنظومة الصحية" السودانية بالكامل بسبب احتدام القتال في البلاد.
لماذا لم توجه المحكمة الجنائية الدولية اتهامات مباشرة لأطراف الصراع في السودان؟
هشاشة عمليات وقف إطلاق النار تزيد من حدة العنف
وفي 20 مايو/أيار الماضي، اتفق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للمرة الأولى على خطة لوقف إطلاق النار مدتها سبعة أيام للسماح بوصول المساعدات الطبية والغذائية إلى البلاد بطلب من السعودية، لكن سرعان ما عادت الاشتباكات المسلحة من جديد إلى الواجهة، ما صعّب كثيرا من وصول هذه المساعدات.
وفي 29 مايو/أيار، حذر المفتش الأعلى للاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي من خطر فرار ما يقارب مليون شخص من السودان في حلول شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل جراء العنف المتزايد مشيرا أن "نسبة الاتجار بالأسلحة وبالبشر مرشحة للارتفاع بسبب هشاشة الوضع الأمني".
تواصل الاشتباكات في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع
وفي 8 يونيو/ حزيران، شرعت حركة تحرير السودان بتعبئة مقاتليها في ولاية كردفان، الأمر الذي ولّد مخاوف إضافية من انتقال عدوى الحرب إلى المناطق التي بقيت آمنة.
الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر
يخشى المجتمع الدولي أن تلتهب الأوضاع من جديد في دارفور، خاصة بعد مقتل خميس أبكر وهو حاكم هذا الإقليم في 14 يونيو/تموز الماضي بسبب اتهامه قوات الدعم السريع بارتكاب مجازر في حق السكان غير العرب بدعم من جماعات مسلحة مقربة منها.
وفي 19 يونيو/ حزيران، نظمت الأمم المتحدة في جنيف اجتماعا بحضور بعض الدول المانحة التي تعهدت بتقديم مليار ونصف دولار كمساعدات مالية للخرطوم.
لكن حتى وأن تم جمع هذا المبلغ، إلا أنه بات غير كاف لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الكبرى التي تحتاج إليها البلاد، خاصة معالجة أوضاع النازحين واللاجئين الذين يعانون من نقص في المواد الغذائية والطبية.
اجتماع لقوى الحرية والتغيير في مصر لمناقشة إنهاء الحرب
على المستوى السياسي، رغم اللقاءات التي بادر بتنظيمها الاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيغاد" -التي تضم كل من جيبوتي وإثيوبيا وجنوب السودان وكينيا والصومال وإيريتريا بالإضافة إلى السودان نفسه- إلا أنها لم تفض إلى أي نتيجة تذكر بسبب تمسك الوفد الحكومي بضرورة تنحي الرئيس الكيني عن رئاسة اللجنة متهما إياه بـ"عدم حياده وعلاقته المشبوهة بقوات الدعم السريع".
ما فحوى المبادرة المصرية لإنهاء المعارك في السودان؟
وفي 13 يوليو/تموز، أطلقت مصر مبادرة سياسية جديدة لحل الأزمة السودانية بحضور بعض قادة الدول المجاورة كإثيوبيا، لكن اللقاء لم يسمح بوقف إطلاق النار ولم يخرج بخطة سياسية كفيلة بعودة السلم والمسار الديمقراطي إلى البلاد.
من جهتها، أعلنت قوى الحرية والتغيير التي تضم أحزابا سياسية وجمعيات مدنية عن تنظيم اجتماع جديد في القاهرة الإثنين والثلاثاء "لمناقشة إنهاء الحرب ومخاطبة جذور الأزمة فضلا عن قطع الطريق أمام مخطط النظام وفلوله واستعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي وفق رؤية سياسية تؤسس لوطن جديد" كما كتبت في حسابها على تويتر. فهل تنجح قوى المجتمع المدني حيث فشل العسكريون والأسرة الدولية؟