أصعب أسئلة دوستويفسكي.
" لا بدّ لكلّ إنسان من أن يجد و لو مكانًا يذهب إليه ، لأنّ الإنسان تمر به لحظات، لا مناص له فيها من الذهاب إلى مكان ما ، إلى أيّ مكان !
هل تدركون يا أصدقائي، ما معنى أن لا يكون للإنسان مكان يذهب إليه ؟"
.
هذا الكلام و هذا السؤال المؤلم حقا ، ورد على لسان مارميلادوف في رواية دوستويفسكي الخالدة ، الجريمة و العقاب .
.
تمتاز كلمات دوستويفسكي بأنها صالحة لنسقطها على الكثير من المواقف في حياتنا ، و حتى على قدرتها على تلخيص حياة انسان تلخيصا كاملا لتصبح هي العنوان لحياة أحدنا و بمنتهى السهولة !
.
دعونا نعيد طرح السؤال بعيدا عن مجريات القصة و بعيدا حتى عن شخصية مارميلادوف ، فقط نكتفي بالسؤال و نعيد طرحه في وقتنا الراهن .
.
هل تدرك ما معنى أن لا يكون للإنسان مكان يذهب إليه ؟
.
المقصود هنا بلا شك ، يا صديقي العزيز ليس بالضرورة مكان جغرافي ، بل من المؤكد أنه ليس مكان جغرافي ، و إنما مكان في قلب أحدهم . شخص يكون لك الملجأ و ينجح في إحتواء كل ما تمر به، من أزمات وألم فقدان ورغبة عنيفة في حضن تفرغ فيه معاناتك الرهيبة…
.
دعونا نعيد السؤال: هل عدم وجود هذا الشخص مؤلم ؟ هل يهم كثيرا ؟ أهو أمر ضروري ؟
صورة أصعب و تظهر عظمة دوستويفسكي بشكل أوضح ، هذا السؤال و الذي طرحه مارميلادوف على بطل الجريمة و العقاب " راسكولينكوف " كان في الحانة ، أي أن البوح و خروج الكلام من القلب و بهذه الشفافية كان لشخص غريب و ليس لشخص من داخل أسرة مارميلادوف المتعبة أصلا .
و الان ، هل تعرف معنى أن يكون أهل بيتك هم أقل الناس قدرة على فهمك ؟ هل تعلم حجم الجحيم الذي يعانيه شخص يخفي ما بداخله عن أهل بيته ؟
الخوف من الاستهزاء به ، أن ينبذوه ، أن يحاولوا إقناعه بالعكس ، أو ببساطة : أن لا يعيروا إهتمام
هل تعرف سيدي الكريم ما معنى ذلك كله ؟؟ أن يرحل عنك أحد ولا تجد دعمًا نفسيا أن تعانق الآسى بكل شراسة….