الـفلسفـة الإقتـصـاديـة
رهام علي

من خلال دراستنا نلاحظ ان الكثير من كتب الاقتصاد تبدأ بالآتي: علم الاقتصاد هو توزيع الموارد النادرة بين المنافسين. أو كما جاء في الكتب المنهجية والمستعملة بكثرة:إن علم الاقتصاد هو دراسة كيفية تحديد المجتمع لما سينتجه وكيفية انتاجه والمستفيد من هذا الانتاج.

تعتبر هذه التعريفات و بدون شك صحيحة مع أن بها عيبين مهمين: الأول هو أنك لن تستطيع فهم معنى هاتين العبارتين إلا عندما تدرس الكثير من علم الاقتصاد.والعيب الثاني هو كونهما محدودتين للغاية. إن علم الاقتصاد يدخل حياتنا اليومية ويتحكم فيها، حتى لو لم نكن على وعي بذلك. فهذا العلم يشمل كل شيء,وهذا لا يتطلب منا ان نكون خبراء اقتصاديين لكن !على الأقل معرفة مهما كانت بسيطة عن أثر الاقتصاد في حياة كل منا حتى نكون قادرين على فهم مجريات الحياة وأسلوب تعاملنا الواجبة معها.

يستغرب الكثير من الناس من فكرة كون السلوك الإنساني قابلاً للتنبؤ به. بالتأكيد سيزعم الغالبية أن الواقع لا يمكن توقعه. وبالمثل يرى البعض أنه من الهراء ارجاع سبب الشراء الزائد لسلعة ما هو انخفاض سعرها! وانخفاض شراءها لسبب زيادة سعرها! لكن نتساءل نحن ما هو مبررهم في ذلك؟هل سيكونون قادرين على شراء سلع أسعارها تفوق قدرتهم المالية؟

تحدث ارسطو عن من وجهة نظره عن الاقتصاد وكان يفضل الملكية الفردية,النظرية القائلة بأن المال يستمد قيمته من القوة الشرائية للسلعة وانه ليس سوى "أداة" أي لا يعدو كونه وسيلة تبادل وجاء ابن خلدون في شمال افريقيا في القرن الرابع عشر من التاريخ الاسلامي كتب في كتابه المعروف "مقدمة ابن خلدون" حول الاقتصاد والفائض الاقتصادي والسياسات الاقتصادية ..وقد استجيب له اليوم في التركيز على التطوير من أجل زيادة الفائض الاقتصادي وتحويل هذه الموارد للتنمية البشرية والتعليم ,وقال انه يعارض فكرة فرض الضرائب والرسوم الجمركية على الانشطة التجارية التي تشجع على الإنتاج والتقدم وهذا يسمى تنمية اقتصاد العرض بالانفاق.

وكتب ستيفن لاندسبيرج في كتابه (فيلسوف الاقتصاد) في كلمات مختصرة: (الناس تستجيب للحوافز).

إن علم الاقتصاد في جوهره هو دراسة الحوافز، كيف يحصل الناس على ما يريدون أو ما يحتاجون، لا سيما عندما يكون أناس آخرون يريدون الشيء ذاته، أو يحتاجونه؛ والاقتصاديون يحبون الحوافز، يحبون أن يحلموا بها وأن ينفذوها ويدرسوها. ومن أكثر الأمثلة وضوحاً فيما يخص الحوافز ما جاء وصفه فيما سبق، فعندما ينخفض سعر منتج معين نميل إلى شراء المزيد منه. وبالطبع هناك استثناءات لهذه القاعدة، بَيْدَ أنها ليست بالكثيرة.وأيضاً مثال آخر :نميل لشراء السلع والخدمات ذات المنفعة التي تسد حاجتنا.

سؤال مهم: لماذا نشتري الكثير من شيء ما عندما ينخفض سعره؟ يتقيد غالبية الناس بمستوى دخولهم وما يستطيعون إنفاقه، وبسبب هذا التقيد نحدد ما ننفقه على أساس الضرورة والرغبة.
أما الان فقد حان الوقت لمناقشة لغز بسيط؟! ما الذي يحدِّد كيفية إنفاق نقودنا. لماذا نفضل بعض الأشياء على غيرها؟!

قد تكون إجابة بعض الأفراد على هذه الأسئلة: الحاجة. لكن هناك شيء آخر يحدد كيفية إنفاق أموالنا وهو الذوق، أذواقنا الشخصية. ففي دراسة إحصائية على عينة من الأسر عددها أكثر من 7000 أسرة تبين أنهم ينفقون على وسائل الترفيه أكثر من إنفاقهم على مأكلهم.

وبَعْدُ، فإننا ما زلنا نحتاج إلى الإجابة على السؤال: لماذا ننفق أموالنا بهذه الطريقة؟.
قد يبدو ذلك تافهاً ولكن شغل هذا الأمر بال العدد من خبراء الاقتصاد. فلقد اهتموا بقدر الإشباع أو المنفعة التي يتحصل عليها الأفراد من استهلاك الأشياء. وقد اعتقد بعضهم أنه من الممكن قياس ذلك. لكن الحقيقة تقول إن قانون تناقص المنفعة الحدية لا ينطبق على كل شيء. فمن الأمور الممتعة التي يكشفها علم الاقتصاد، التفكير في استثناءات لكل قاعدة. وختاماً يمكننا القول: اليوم يواجه العالم بعض الصعوبات في التخطيط الإقتصادي..إذن الفلسفة الإقتصادية لها الدور الكبير في وضع ماهو اشبه بالدليل الواجب اتباعه لحل هذه الصعوبات وتطوير هذه "الاساسات" بما يناسب الزمان والمكان والظروف العامة للبلد .