منذ ما يزيد على ثمانون عاما ودماؤنا نحن البدو تراق على محراب الكرامة الزائفه والوطنية التافهة ، منذ اكثر من ثمانون عاما بل يزيد وارواحنا نحن البدو تزهق من اجل خدعة غير مسبوقه وكذبة كبيرة لم تشهد لها البشرية مثيلا على مر تاريخها اسمها الوطن.
منذ الاربعينات والبدوي الفقير،التعيس ،المقهور الذليل في ارضه وبين قومه وحده يدفع ثمن حيلة بشعة تسمى القومية ونفاق ابشع يدعى الدين ودجل قذر اسمه التراب الوطني وعملية نصب متقنه عنوانها الاكبر الاستقلال والسيادة الوطنية .
منذ تلك الحقبة وهذا الخائب يخدع من الموهمين الممسوسين بان الارض والوطن والحدود وخرقة العلم والقيادة والدين اهم واثمن من حياته وامنه وكرامته البشرية وانه لابد له ان يموت من اجل كل ذلك ويبذل دمه وروحه واهله وعياله رخيصا ليكون شهيدا في عليين من اجل ان تبقى القيادة والامة ..
منذ ذلك الزمان ولصوص الليل وباعة الدين ورواد المواخير المخمورين المأفونين يتلاعبون به ويستغلون غبائه وبلاهته وجهله ليوجهونه لاغراضهم الدنيئة ، تارة باسم المذهب وتارة باسم الطائفه واخرى باسم العقيدة ، يملؤون راسه وعقله الفارغ من كل شيئ بما يريدون وما يشتهون من سوء ..
فجعلوه تحرري تارة وقوميتارة وليبرالي وماركسي وعلماني ثم سني وسلفي واخواني وشيعي ومسلم ومسيحي وحين لم يجد ادميته في كل ذلك طفق الابله يجري خلف سراب يظنه ماء ليطفئ عطشة لانسانيته الضائعة ثم لم يصل لشيئ ولن يصل ..
منذ تلك الايام النحسة التي ابتدعت بها انامل الاوربي حضائرنا العربية ، حين وقع فيها الاجنبي على ان يفرقنا شراذم مبعثرة والبدوي يدفع دون ان يأخذ ، يقدم دون ان يُعطى ، يهب دون ان يوهب له ..
طالبوه ان يحارب اعدائهم وامبرياليتهم واستعمارهم وصهيونيتهم وشيوعيتهم وملحديهم وشياطينهم وكفارهم وطوابيرهم الخامسة بل حتى الله امروه ان يحاربه ثم في النهاية سحبوا منه الجنسية الاوغاد .
اخترعوا له صكوك الغفران ليعرضوا روحه رخيصة في قصه سمجه ، وحكاية ضعيفة لا تنتهي فصولها اسمها فلسطين ..
اشغلوه بفلسطين وحريتها وقدسها وارضها وزيتونها وكنيستها واقصاها وحكاية الشعب المغتصب المقتول المنتهك .. وفي سبيلها انسوه حتى اسمه وحين شبعوا التفتوا اليه وطالبوه بالمزيد ..
المزيد من دمائه ، المزيد من روحه ، المزيد من اطفاله ، المزيد من قوته ، المزيد من دينه ، المزيد من شرفه وعرضه وادميته .. وحين لم يعد يطيق انفجر بهم وياليته لم ينفجر ..
انفجر وفجرهم ثم ما لبث ان انتبه الى انه لا شيئ ، انه تحصيل حاصل ، بعد اكثر من ثمانون عاما من العبوديه لكل شيئ على الارض ، انتبه هذا المخلوق البدوي انه لا يملك شيئا ليكون شيئا ، انتبه الى انه بلا اي شيئ ، بلا علم ، بلا معرفه ، بلا حضارة ، بلا مال ، بلا لغه ، بلا قوة ، بلا اعين ، بلا قلب ، بلا عقل ، بلا دين بل حتى انه بلا انسانية ..
انتبه الى انه مجرد بدوي تافه وضيع ضائع وسط صحرائه ، لا يملك الا قرآن والكثير من عادات وتقاليد البدو وترهاتهم من طائفيه وعنصرية وتمييز ومذهبيه ووثنيه وجاهليه ظنها دينا اسمه الاسلام فلم يعرف كيف يكون حرا ولا مسلما ولا انسانا فالتفت الى القرآن قبله وطبع به جبهته ثم وضعه في جراب قديم وراح يجري خلف اول احمق معتوه ثرثار وعده بالحليب والعسل على ان يهجر القرآن ويسير بتراث بداوته وترهاتها ..
فعاد به هذا المأفون عبدا بعد ان ملك حريته في لحظه ، عاد به طائفيا بعد ان وجد دينه في ساعة ، عاد به اكثر جهلا وحمقا ووحشية وجاهليه وغباء وتخلفا وانحطاطا بعد ان وهبه الله انسانيته لثوان ..
فأمره بالقتل فقتل وهو يحمل القرآن في جرابه ، وامرة بإرتكارب الرذائل ففعل في وضح النهار والقرآن في جرابه ، ثم علمه كيف يزداد كذبا وخداعا وسرقه ونهبا وتلصصا وتجسسا وظلما واعتدائا وزنا ويطفف الكيل و الميزان والوغد مع كل هذا يحمل بين جنبية القرآن ..
وحين اهلكته الاثام خلد للراحه ثم غرق متسائلا ..
لم كل هذا ؟
لم يقاتلوني ؟
لم يحاربونني ؟
اني لا زلت ابحث عن الله ، عن ديني ، انسانيتي ، ابحث عن ادميتي ، امهلوني ايها التعساء البلهاء حتى اجد معكم حقوقي وحقوقكم حتى اعثرعلى ما يسعدني ويسعدكم .. ثم يصلي ويقوم ويبتهل ويدعو..
ما علم المسكين انه يبحث عن سراب والجواب في جرابه .. ما علم التافه الامعه ان الحل بين يديه ولكن بداوته اعمته عنه حتى اهمله ..
ما علم الضئيل ان حياته وحريته وانسانيته في اسلام القرآن لا اسلام اللحى والعمائم والصراخ وتقصير الثياب وفتاوي الجهلاء وعقائد فلاسفة الدين والقتال بها ولها ومن اجلها..
ايها الجاحد الباغي لو قرأت قرأنك واصغيت الى كلماته واحسنت فهمها لتجاوزت كل همومك وانهيت كل مشاكلك والالامك .. لو قرآت قرآنك وعقلت معانية وتدبرت مقاصده لانتهت مآسييك ..
ايها المتخلف الدعي يا بقايا انسان ايها الغارق في بداوته ..
متى ستصحو ؟! متى ستستفيق ؟! الم يحن الوقت لتنتبه؟!
الم يحن الوقت لتنهض من انكفائك وسباتك الذي طال بلا امل ؟!!
الم يحن الوقت لتستخدم عقلك ولو مرة واحدة في حياتك التافهه ؟!!
.. الم يحن الوقت لتعقل انك اهم واثمن من حجارة الكعبة واغلى من قبة الاقصى وابقى من مكة والقدس والنجف وكربلاء والمدينه ؟!!
الم تعي ان كرامتك وادميتك اهم من الارض والوطن وحصواته وخرقته الباليه ؟!!
الم تفكر بأن حقوقك من هذا الوطن اكثر من فتات الموائد واعظم من كناسة الولائم واجل من عطايا اللئام؟!!
الم تحدث نفسك انك ادمي ، مخلوق الله تعالى الاسمى والاعز والاغلى فلا يحق ان تمس ذاتك بأي سوء او مكروه وانك حر فيما تقول وتفعل وتفكر ؟!!
اما علمت ايها المعدم من كل شيئ حتى المنطق ان الله تعالى منحك العقل لتستخدمه وتعلو وتسمو به بين خلقه لتبني ارضه وتعبده فيها لا لتمنحه للشيطان وقرنائه ليحشوه بالاكاذيب والتهاويل وسقط الحديث .
ويحك ايها الجلف الاناني المريض بشتى انواع السوء ، الم يأن لك ان تشفى من امراضك المزمنه المستعصية ؟!!
الم يأن لك ان تخلع بدويتك المنتنه وادرانها الموحلة القذرة بكل عروبتها وتدينها الكاذب المزيف وتقاليدها المتوحشه وتراثها العاري وترتدي اسلامك قبل ان يحل بك ما حل بمن سبقك من اقوام حين قال الله تعالى وقوله الحق..


وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) هود