من زعيم ميليشيا في العراق إلى لاجئ سياسي بالسويد... الماضي المثير لحارق القرآن بستوكهولم


منذ حادثة حرق نسخة من القرآن في 28 حزيران/ يونيو 2023 من قبل مهاجر عراقي منتم إلى حزب من اليمين المتطرف في السويد، انتشرت مقاطع فيديو قديمة تظهر هذا الرجل بزي مليشيا عراقية مقربة من إيران ومتهمة بارتكاب جرائم حرب. ويبدو أن سلوان موميكا، وهو لاجئ سياسي في السويد منذ 2021، نفذ مخططه بعيد رفض السلطات طلبه للحصول على الإقامة الدائمة، وهي شرطٌ أساسي للحصول على الجنسية.

نشرت في: 07/07/2023



إلى اليسار، صورة قديمة للرجل العراقي الذي أحرق نسخة من القرآن في السويد تظهره بزي مليشيا عراقية مقربة من إيران. على اليمين، سلوان موميكا، مهاجر عراقي مسيحي وهو بصدد حرق نسخة من القران في 28 حزيران/ يونيو 2023 أمام المسجد الكبير في ستوكهولم. © مراقبو فرنس 24
نص:محمود نفاخ
إعلان
في 28 حزيران/ يونيو 2023، أي اليوم الأول لاحتفال المسلمين بعيد الأضحى، قام مهاجر عراقي من الديانة المسيحية بالتظاهر ومن ثم حرق نسخة من القرآن أمام المسجد الكبير في العاصمة السويدية ستوكهولم.
بصحبة صديقٍ له قام بتصويره، وضع سلوان موميكا شرائح من لحم الخنزير على القرآن، في تصرف وصفته وزارة الشؤون الخارجية السويدية بأنه "معادٍ للإسلام". وكانت منعت الشرطة السويدية في البداية هذه المظاهرة الفردية لكن حكماً قضائياً صادراً في 22 حزيران/ يونيو 2023، سمح لموميكا باستكمال مخططه.

صور ملتقطة من الشاشة من مقطع فيديو نشر على الإنترنت في 29 حزيران/ يونيو 2023 على حساب سلوان موميكا في تطبيق تيك توك واختار فريق تحرير مراقبون عدم نشره. يظهر موميكا مبتسما وهو يحرق بضع صفحات من نسخة من القرآن، كما يقول ساخراً 'الله أكبر". صورة مراقبون فرانس24. © مراقبو فرنس 24
وبعد أن وصل إلى السويد في نيسان/ أبريل 2018، حصل سلوان موميكا على صفة لاجئ في البلاد خلال شهر نيسان/ أبريل 2021، حسب معلومات أكدتها وكالة الهجرة السويدية لفريق تحرير مراقبون فرانس24.
ومنذ ذلك الحين، يتمتع موميكا ببطاقة إقامة صالحة لثلاث سنوات (تنتهي صلاحيتها في نيسان/ أبريل 2024) ويعيش في بلدة يارنا الصغيرة جنوب العاصمة ستوكهولم.

وأدت هذه الحادثة إلى غضب وتنديد في أنحاء العالم الإسلامي، فيما هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرة جديدة بتعطيل انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي.
عضو سابق في مليشيا تحول إلى لاجئ سياسي
على حسابه في فيس بوك، يعرف سلوان موميكا عن نفسه بأنه "سياسي ومفكر وكاتب ملحد وتنويري". وينشط على معظم وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا تيك توك وفيس بوك. أيٌ من حساباته لا يعود لما قبل حصوله على صفة لاجئ في السويد.
وتشير عشرات مقاطع الفيديو التي نشرها على الإنترنت والمنشورات التي ترافقها، إضافة إلى ذكر عددٍ كبيرٍ من الدول العربية عبر خاصية "الهاشتاغ"، إلى أن موميكا كان يبحث عن الترويج مسبقاً لقيامه بحرق القرأن بهدف إثارة أكبر قدر من التفاعلات.

صورة مثبتة من الشاشة من مقطع فيديو نشره سلوان موميكا ليلة قيامه بإحراق نسخة من القرآن يقول فيه إنه تلقى ترخيصا من السلطات السويدية لتنفيذ خطته. ودعا متابعة إلى الذهاب لرؤيته في اليوم الأول لاحتفال المسلمين بعيد الأضحى أمام المسجد الكبير في ستوكهولم. © مراقبو فرنس 24
في المقابل، تداول عددٌ من أبناء الجالية العراقية في السويد مقاطع فيديو قديمة لسلوان موميكا بعد حرقه القرآن. وبعد أن تحقق فريق تحرير مراقبون من صحتها، تبين أنها تظهره مع مجموعة من الرجال، كلهم يرتدون قمصانا سوداء ويرفعون علم مليشيا عراقية مقربة من إيران تدعى "كتائب الإمام علي".

صورة ملتقطة من الشاشة من مقطع فيديو تعم تداوله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي منذ 29 حزيران/ يونيو 2023 وتظهر سلوان موميكا يقدم نفسه على أنه مسؤول عن فصيل عراقي مسيحي صغير ينشط ضمن كتائب الإمام علي، وهي مليشيا عراقية مقربة من إيران. © مراقبو فرنس 24
يتعلق الأمر بتسجيل مصور يتم تداوله منذ 29 حزيران/ يونيو الماضي، أي غداة الحادثة، من قبل عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. ويؤكد سلوان موميكا من خلاله أنه مسؤول في فصيل يضم مقاتلين مسيحيين ويتبع لكتائب الإمام علي، وهي منظمة أنشأت سنة 2014 وتواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب.
ولم يعد مقطع الفيديو الأصلي متاحا على الإنترنت. إلا أن فريق تحرير مراقبون تمكن من التحقق من صحته بفضل مقطعي فيديو مختلفين يعودان لشهر تموز/ يوليو 2015، يُظهر أحدهما ذات المشاهد ولكن ملتقطة من زاوية مختلفة.
وتم نشر مقطع الفيديو الأول على حساب "صقور القوات السريانية" الذراع المسلح لحزب "الاتحاد السرياني الديمقراطي" الذي أسسه سلوان موميكا نفسه في سنة 2014. أما مقطع الفيديو الثاني فيتعلق بتقرير مصور لقناة "إم تي في" اللبنانية وبث على يوتيوب في تموز/ يوليو 2015.
وكان موميكا يدير المجموعة المسلحة الصغيرة هذه على تخوم مدينة الموصل في سنة 2017 بسبب صراع على النفوذ مع ريان الكلداني، وهو قائد مليشيا مسيحية أخرى تدعى "بابليون" حيثُ انتهى به المطاف إلى مغادرة العراق حسبما نقله موقع "العربي الجديد" الإخباري.

صورة مثبتة من الشاشة من مقطع فيديو دعائي نشر في تموز/ يوليو 2015 من قبل قناة "ذي فويس أوف سيرياك “The Voice of the Syriac" على يوتيوب مع نفس المشاهد التي يظهر فيها سلوان موميكا وهو يحمل ورقة بيده ويرتدي زيا موحدا مع آخرين أثناء إلقاءه خطابا. © مراقبو فرنس 24
وكتائب الإمام علي، التي وضع قائدها على لائحة العقوبات أمريكية منذ العام 2018، هي مليشيا من بين عشرات المليشيات التي تنطوي تحت شعار "الحشد الشعبي" في العراق. وتم دمج هذا الأخير بالجيش العراقي سنة 2016، بهدف قتال تنظيم "الدولة الإسلامية". وتتمتع مجمل هذه المليشيات بالدعم اللوجيستي والمالي من إيران.
ويتم تداول مقاطع فيديو تظهر أفرادا من كتائب الإمام علي بصدد ارتكاب فظاعات بحق مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية".

صورة قديمة لسلوان موميكا تعود إلى ما قبل وصوله إلى السويد في نيسان/ أبريل 2018 حيثُ نراه فيها جالسا في مكتبه وبجانبه بندقية كلاشنيكوف أمام علم الأراميين السريانيين، وهما أقليتان اثنيتان في المنطقة. © مراقبو فرنس 24
وفي اتصال مع فريق تحرير مراقبون، رفضت وكالة الهجرة السويدية الإفصاح عن السبب الذي أقنهعا بأحقية طلب اللجوء الذي تقدم به موميكا. فيما أوضحت الشرطة السويدية من جهتها أنها ليست على مقدرة بمشاركة أية معلومة وذلك بسبب استمرار "التحقيق في تهمة الحض على الكراهية".
ويشير موقع الوكالة السويدية للهجرة إلى أن "كل الأشخاص الذين ارتكبوا تجاوزات جزائية على غرار جرائم الحرب... لا يحق لهم الحصول على صفة لاجئ بموجب القانون السويدي''.
وفي حين لم يعد هناك أي شك حول انتماء موميكا لإحدى هيه الميليشيات في السابق، فإنه لا يوجد أي منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تدينه شخصياً أو تؤكد تورطه في عمليات إجرامية.
في مقطع فيديو نشره موميكا، وتم تداوله من جديد في 3 تموز/ يوليو 2023، يؤكد هذا الأخير أنه حصل خلافٌ بين المليشيا التي كان يديرها وكتائب أخرى من "الحشد الشعبي". ويقول في المقطع إنه وقع "ضحية لأفظع عمليات التعذيب" التي ارتكبتها هذه الكتائب.
وكان حارق القرآن قد نفى في حوار مع صحيفة "إكسبريسن" السويدية غداة الحادثة أنه كان مقرباً من مليشيات "الحشد الشعبي". ورغم اتصال فريق التحرير به مراراً، إلا أنه رفض الإدلاء بتصريح.
رفض طلب التجنيس قبل إيداعه
وبعد مرور فترة قصيرة من وصوله إلى السويد، تقرب سلوان موميكا من حزب الديمقراطيين في السويد وهو حزب قومي متطرف حسبما أكدته وثيقة داخلية لسفارة السويد في بغداد.
وفي ظل رغبته في الحصول على الجنسية السويدية، تقدمَ موميكا بطلب للحصول على الإقامة الدائمة، وهو الشرط الأساسي والمرحلة الأخيرة قبل تمكنه من التقدم بطلب جنسية البلد الإسكندنافي، لكن طلبه قوبل برفض السلطات المعنية. وحسب السجلات القضائية السويدية، فقد حكم على موميكا بتنفيذ أشغال للصالح العام بعد أن هدد رجلاً بالقتل وهو يحمل سكيناً بيده.
ويبقى تجديدُ بطاقة الإقامة المؤقتة التي حصل موميكا عليها (والتي تنتهي صلاحيتها في نيسان/ أبريل 2024) رهيناً للوضع الأمني في العراق حيثُ يتعين على السلطات أن تقرر ما إذا كانت ستوافق على تجديد مدة صلاحية الإقامة قبل انتهاء صلاحيتها.
من جهته، اتهم موميكا في مقطع مصور نشره على حسابه على إنستاغرام في الساعات التي تلت حرقه نسخة من القرآن، السلطات السويدية بعدم توفير الحماية له على الرغم من "الخطر الكبير المحدق بسلامته".

صورة مثبتة من الشاشة من مقطع فيديو بث مباشرة على حساب سلوان موميكا في إنستاغرام بعد حرقه نسخة من القرآن. ويتهم فيه السلطات السويدية بعدم توفير أي حماية له بالرغم تلقيه "تهديدات دولية". وتم فسخ هذا الفيديو بعد ذلك ولكن تم تداوله مقتطفات منه على وسائل التواصل الاجتماعي. © مراقبو فرنس 24
وتظهر تسجيلات مصورة حديثة سلوان موميكا وهو في داخل غرفة إحدى الفنادق.
في المقابل، رفض موميكا تصنيف أفعاله بـ"جريمة كراهية" مؤكدا أنه سيمثل أمام محكمة من شأنها أن تقرر مصير هذه القضية.
في الأثناء، أعلن موميكا أنه ينوي حرق نسخة من القرآن من جديد وللمرة الثالثة. إذ قال إنه يخطط لحرق العلم العراقي ونسخة من القرآن أمام سفارة العراق في ستوكهولم الأسبوع المقبل، حسب تأكيده.