الاستمتاع بالحريق: انها البيرومانيا
عزيز ملا هذال

حين كنت صغيراً كانت لنا جارة في كبيرة السن تبحث عن انصاف الفرص لتوقد نار تارة في كوم قمامة بحجة التخلص منه واخرى لقطع من الخشب بحجة ان يكون مصدر للدفيء، كانت تضايقنا رائحة القمامة المحترقة وتسبب لنا مشكلات صحية فحاولنا مراراً ان نجد تفسيرات منطقية لما تقوم به لكن دون جدوى، بعد سنوات طويلة وانا اقرأ في احد المواقع عثرت على مصطلح هوس الحرائق او البيرومانيا فتبين لي انها كانت مصابة بهذه اللعنة التي سأوضح بأختصار اسبابها وعلاجاتها.
يعرف الطب النفسي البيرومانيا على انه "اضطراب نفسي يتميز باندفاع وانبهار شديدين لإشعال النار، ويترجم هذا الهوس الأحادي في الحالات الشديدة لدى بعض المهووسين بإضرام النار عبر اندفاع المريض النفسي إلى التسبب في إشعال الحرائق، ويوصف مثل هذا الاندفاع كـمتنفس للجهد الزائد الذي يحقق لصاحبه الارتياح النفسي ويرضي غريزته الشاذة".

دلالات الاصابة
من العلامات الرئيسة التي تشير الى الاصابة بالبيرومانيا هي وجود محاولات غير مفهومة لحرق شيء ومن وجود دوافع واضحة للقيام بالفعل، ويذهب الفرد بأتجاه هذه السلوكية بكل ثقة ولا يتراجع او يشعر بالندم، ومن الدلائل انه تبدو عليه علامات الارتياح بعد القيام بالحرق، ويشعرك الفرد ايضاً بأنه يتأمل في الأشياء المتعلقة بالنار ومن دواعي سروره مراقبة الاحتراق، كذلك يطارد الفرد باستمرار الأفكار حول اختيار ما يقوم بحرقه وليس المهم النوع بقدر ما هم الفعل نفسه.
هذه العلة النفسية تشترك فيها جميع الاعمار تقريباً من الاطفال والمراهقين والشباب والشيوخ، لكن المراهقين هم الاكثر اصابة به فهم لديهم الرغبة الشديدة في اشعال النيران او اللعب بالمفرقعات النارية، وقد وصل هاجس النار ذروته في القرن العشرين مما حدى بمجوعة من علماء النفس اجراء اختبار لأطفال الشوارع لتشخيص نسبهم وقد وجودوا نسب عالية منهم مصابون به قد تتجاوز ال60% منهم.
والكثير من الاطفال الذين يستمتعون بالحرائق في طفولتهم حين اصبحوا كباراً صاروا يبحثون عن وظائف يكون النيران جزء منها كمعامل الحديد والصلب او العمل في الدفاع المدني او غيرها من المهن التي تؤمن لهم رؤية النيران على الاقل في الاسبوع مرة، الامر الذي يشبع فضلوهم ورغبتهم المنحرفة التي لا يعرفون كيفية التخلص منها.
يقول المختصين النفسيين ما معناه لقد ثبت علمياً أنه في أحد عشر في المائة من الحالات يكون الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية الذين يعانون من اضطرابات عقلية ، ويميل واحد من كل أربعة منهم إلى الانتكاس والحرق المتسلسل، في الممارسة القضائية ، تُعرف القضية عندما يكون الشخص الذي خضع لفحص نفسي قد ارتكب الحريق العمد أكثر من 600 مرة.

الاسباب:
هناك تفسير يقول ان المرض مرتبط ارتباط وثيق بمحاولة الظهور بمظهر القوي سيما الذكور الذين يعتقدون ان الامر سيمنحهم مكانة اجتماعية وهيمنة وعلو كعب، كما ان المصابين يسلكون هذه السلوكية كوسيلة للتحرر من الغضب والإحباط المتراكم والكبت الذي يواجهونه في حياتهم سيما في السنوات الاولى من عمرهم، كذلك من الممكن ان تكون استجابة لصورة ذهنية ترسخت في ادمغتهم منذ صباهم حين كانوا يجلسون في مجالس تشعل فيها النيران سيما في المناطق الريفية.

كيف نحد من الخطر؟
لتحويط دائرة الخطر الذي تسبب البيرومانيا يحتاج المصاب الى علاج سلوكي معرفي يتم عبره تغير طريقة تفكيرهم وتحويلها من التفكير بالمتعة الى التفكير بالعواقب وما يترتب على هذه السلوكية من ايذاء للبشر والطبيعة والبيئة وبالتالي يمتع من القيام بها واعتبار ان ما حصل في مرحلة الطفولة لم يكن ناضجاً انما هي افعال طائشة يجب ان لا تستمر مع الانسان لكونها غير مناسبة لعلقه ونظرة المجتمع عليه، وبذا يمكن ان ترتدع ويغير من سلوكه.