الفرق بين الكاتب والأديب
- 09 يوليو 2023
الكاتب يحتاج إلى وقت طويل جداً حتى يصل إلى لقب أديب
الأديب هو صاحب القلم المبدع القادر على كتابة أكثر من نوع أدبي، وكلمة الأديب تطلق على من ينظر إلى كل علم أو فن فيأخذ بأحسنه، والأديب كما يرى طه حسين، مسؤول أولاً أمام ضميره؛ فهو لا يستطيع أن يفرض على غيره أن يقرأ أدبه، أما الكاتب فيكتب في مجالات مختلفة كالاقتصاد والسياسة وغيرها، وهو من يكتب معاناته ومعاناة مجتمعه، وهو الذي يترجم همومه وهمومهم ويدوّنها بأسلوب مقبول لدى القراء وبطريقة شيقة مؤثرة.
يقول الدكتور طه إسماعيل عبدالشفيع، أستاذ اللغة العربية بكلية الآداب : إن الأدب أعم من الكتابة؛ لذلك نسمي الشخص أديباً إذا برع في أكثر من مجال من مجالات الأدب، وكاتباً إذا كان يجيد فن الإنشاء، ولقب الأديب يحصل عليه الكاتب بعد رحلة طويلة في عالم الكتابة؛ فالأديب هو الذي يترجم ضمير شعبه بصدق وعفوية؛ فلفظ الأديب يتجاوز بكثير معنى الكتابة.
- بين الأديب والكاتب درب طويل
الأديب هو مرحلة متقدمة من الكاتب
يقول الدكتور طه: قد يخطئ الكثيرون في لفظة الأديب؛ فلا يعطونها حقها، وقد يظلمونها بإنقاص شأنها عندما يطلقون على الأديب كاتباً، ويخطئ أيضاً من يلقب الكاتب أديباً؛ إذ يعطونها أكثر من حقها.
• الكاتب
يقول الدكتور طه، إن الكاتب يحتاج إلى وقت طويل جداً حتى يصل إلى لقب أديب، وقد أخبرنا كاتبنا الكبير توفيق الحكيم بأن الكاتب العظيم، كالفاتح العظيم يقع أحياناً على أرض ليست له؛ فيخضعها لسلطانه ويقر عليها نُظُمه وأحكامه، ويصبغها بلون تفكيره وحضارته، ثم يضع عليها نفحات عبقريته ليتعرف عليها التاريخ، ويملك خيالاً واسعاً يتحرر به من كافة قيود الواقع؛ ليسبح في فكره وخياله المليء بالمتعة والدهشة، والكاتب هو من يعبّر عن قضايا مجتمعه نثراً، وهي مهنة معتمدة اعتماداً كبيراً على الموهبة، ولكن لا بد أن يصقل هذه الموهبة بالدراسة والتعلم والتثقيف، وقد يكون روائياً أو ناقداً أو ناقلاً للأحداث أوكاتب سيناريو، أوصحفياً، وقد لا يكون للكاتب أي من الأعمال الإبداعية أو الأعمال المميزة التي يسهم فيها، ويعمل الكُتّاب عادةً على إعلام أو تثقيف وترفيه القُرّاء، من خلال توظيف مهاراته في استخدام الكلمة المكتوبة لنقل المعنى وسرد القصص والعمل في مجالات متعددة، والكاتب المبدع هو إنسان متعدد المواهب كثير الاهتمامات شديد التعاطف مع من حوله، متعطش دائماً للمعارف، شغوف وذلك سيمنحه الاستمرارية والقدرة على مواكبة ما يطرأ في عالم الأدب والإبداع.
صفات الكاتب
الكاتب الجيد هو في الأصل قارئ جيد، ومن دون الاطلاع لن يصبح كاتباً مهما فعل، والكاتب الجيد له صفات كثيرة، منها الثقة بالنفس، والإلمام بالثقافة، والمعرفة الموسوعية؛ أيْ تكون لديه معرفة بكل شيء في المجتمع الذي يعيش به، أو معرفة ثقافات الشعوب الأخرى، ويختار موضوعاته بحكمة، ويجمع مادته بعد استيعابها؛ بعيداً عن التكلف والتصنع، ويكون لديه القدرة على البحث عن المعلومات والحقائق الهامة من بين غالبية المعلومات المتواجدة، والإتيان بالجديد دائماً، يملك مفردات من درر الشعر والنثر والنظم يتوّج بها كتبه وكتاباته، لا يلتفت إلى المهاترات والمعارك الفرعية، أو الدخول في جدال عقيم لا قيمة له، ومن شأنه أن يضيّع وقته وجهده هباء، ونجده دائماً يجمع أطراف الموضوع ويصبغها بعواطفه وجاذبيته وأنفاسه ثم يروّض قلمه على أن يكتب، ويحترم ذاته ويعي رسالته ومهامه.
• الأديب
الكاتب يحتاج إلى وقت طويل جداً حتى يصل إلى لقب أديب
الأديب هو مرحلة متقدمة من الكاتب، وينطلق الأديب عادةً في كتاباته من موهبة فطرية كامنة بداخله، تجعله يتنقل في فضاءات واسعة ما بين الواقع والخيال، ولا بد أن يكون الأديب على اطلاع واسع بما يدور حوله؛ لكي ينقل ذلك بصورة مباشرة إلى القراء وبلغة سليمة، ولا بد أن يمتلك إتقان اللغة؛ لأنها وسيلة الكتابة وأداة الأديب في التعبير، وهو الذي ينقل أحداث عصره ويترجمها أدباً، وشعراً أو نثراً وبأسلوب أدبي يخلو من الأخطاء الإملائية والنحوية، وقوة الأسلوب هذه تنعكس على مدى إحساس الأديب بالقضية التي يعيشها أو يعايش مجتمعه فيها؛ لذلك فهو الذي يترجم ضمير شعبه بصدق وعفوية، ويقدم مزيجاً ثميناً يحتوي على عناصر المتعة، والإتقان، والإبداع بخبرته الواعية؛ فهو يعرف إلى أين يتجه.
صفات الأديب
لا بد أن يكون الأديب مطلعاً، ومثقفاً ولو بشيء بسيط من جميع العلوم عبْر التاريخ، مطلعاً على التراث والقيم والأعراف، وأن يكون متفاعلاً مع معطيات عصره، ومرنا في تقبل الآراء والنقد ووجهات النظر، ويكون صاحب رسالة.. ويخلص في تقديم رسالته، لديه موهبة، وخيال واسع، لديه المعرفة بمقومات الكتابة ومبادئها وعنده الموهبة الإبداعية، لديه الإرادة التي تحفزه على الإبداع؛ بل وإرادة التغيير، معتاد على تقنيات الكتابة وتركيب الجمل والقواعد النحوية، عنده الاستعداد النفسي للتقبل والعطاء، لديه القدرة على تركيز الذهن والتجديد؛ أيْ يلاحق التغيّرات التي تقع بداخله، ويستطيع ترك الغير لتقييمه، ويمكن تقييم نفسه كل فترة وترك الآخرين لتقييمه، أن يحاول أن يكسب المتلقي شيئاً من إشغال عقله، بتركه يتأمل في النص المبدع فيه، ويجعله يتمتع في جماليات شكل النص ويستفيد من الفكرة المطروحة في النص، لديه نظرة ثاقبة، وعميقة للأمور.