لم يكن الهجوم الذي استهدف وزارة العدل هجوما اعتباطيا أو جاء عن طريق الصدفة بل كان هجوما اعد له بتخطيط وتنسيق مع جهات مخابراتية دولية معادية للعراق . ولعل العلامة المميزة في هذا الهجوم انه أشار وبكل وضوح إلى بصمات القاعدة ومن يقف خلفها في الداخل والخارج من خلال قراءة الأسلوب والتكتيك الذي اعتمدته العملية الإرهابية . فهنالك عدة عمليات إرهابية سابقة نفذتها القاعدة اعتمدت نفس المخطط ونفس طريقة التنفيذ والذي من المفترض أن تكون الأجهزة الأمنية ملمة بتفاصيله ومتحوطة منه بصورة جيدة . ولكن ما تم في الهجوم الذي استهدف وزارة العدل يجعلنا نقف أمام عدة تساؤلات لا يمكن إغفالها بأي حال من الأحوال منها : إن هذه العملية جاءت نتيجة الشحن الطائفي الذي تقوم به الزمر الإرهابية من خلال اعتلائها منصات ما يسمى بساحات الاعتصام لا يمكن بأي حال من الأحوال استبعاد قادة التظاهرات في المساهمة بهذه العملية سواء أكانت تلك المساهمة قد جاءت بصورة عملية أو لوجستية ظهور قادة من تنظيم القاعدة على منصات التظاهرات لم يكن عمل غير مقصود كما حاول البعض تصويره بل كان يحمل عدة رسائل لعل أحداها تفجيرات بغداد الأخيرة واستهداف وزارة العدل . اتساع لغة التهديد والوعيد في الخطابات الملقاة في ساحات التظاهرات وعبر وسائل الإعلام قد مهد الأرضية للقيام بعمليات إرهابية تأخذ صدىً إعلاميا اكبر مما تستحقه . الصمت الغريب في ساحات التظاهرات تجاه ما حدث من هجوم إرهابي استهدف الأبرياء وعدم صدور ولو كلمة إدانة واحدة تجاه هذا العمل الجبان مما يدلل على إن قادة التظاهرات إن لم يكونوا مشاركين بهذا العمل فهم على الأقل يعلمون به ويدعمونه سراً . عدم إدانة العمل الإرهابي من قبل بعض الأطراف المشاركة بالعملية السياسية يعد نصرة لهذا العمل وتواطؤاً مفضوحاً لتلك الأطراف مع الإرهابيين . لا يمكن استبعاد تواطؤ بعض المتنفذين في العملية السياسية والعاملين بالأجهزة المهمة من توفير الدعم وتقديم التسهيلات لمنفذي العملية لان الوصول إلى هدف حساس أمر غاية في الصعوبة . كما لا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال الجهة المخططة للعملية والتي تشير نوعيتها ونمطيتها إلى كونها أعدت في مطابخ مخابراتية تابعة لدول مجاورة . ولهذا فان التوجه بالقول إن العملية كانت عملية نوعية فيه الكثير من المغالطة والتضخيم لان هذه العملية كانت من العمليات المستهلكة والمعروفة الأسلوب والتنفيذ. ولكن ما يعاب هنا إننا ما زلنا لم نتعظ مما سببته لنا حالات الاسترخاء والثقة المفرطة من مصائب وكوارث رغم تحذيراتنا المستمرة بضرورة توقي الحيطة والحذر وأداء الواجب على أحسن وجه . كما إن عملية تنفيذ الهجوم على وزارة العدل قد تمت بنفس الأسلوب الذي تم فيه الهجوم على مديرية مكافحة الإرهاب قبل ما يزيد على السنة ولكننا نقع اللآن وللأسف بنفس الخطأ . والشيء الذي لابد من الإشارة إليه إننا نلاحظ وللأسف وجود بعض الوزارات والدوائر المهمة لا تعطي أهمية قصوى لمسألة الحماية الخاصة بها وتضع اعتمادها وثقتها في هذه الناحية المهمة والحيوية على عناصر اقل ما يقال عنها إنها فاشلة . ولو قمنا بتقييم للجانب الأمني لبعض المؤسسات والدوائر لوجدنا إن هذا الجانب يعد من اضعف حلقات تلك المؤسسات بسبب وجود عناصر غير مخلصة أو مهملة أو لا أبالية كلفت بهذا الأمر الخطير . ولا أبالغ القول إذا ما أشرت إلى بعض الأفراد المكلفين بواجب الحماية للمؤسسات قد وصل الاستخفاف بهم بمهامه لدرجة تجعلنا نطالب بمحاسبتهم بنفس المادة التي يحاسب بها الإرهابي لأنهم شركاء معهم وان لم يقصدوا ذلك . ولكن الشيء المهم الذي يجب أن يفهمه قادة الإرهاب وداعميه إن القوات العراقية أصبحت من الإمكانية لدرجة إنها تستطيع أن تسحق أي عمل إرهابي خلال دقائق أو ساعات قليلة وهذا ما حصل في وزارة العدل وقبل ذلك في كنيسة النجاة . لقد أثبتت قواتنا الأمنية وخصوصا قوات الرد السريع إمكانيات هائلة ومذهلة في التعامل مع أصعب الحالات واستطاعت أن تحسم الموقف بسرعة لصالحها وتلقن الإرهاب درسا في الولاء للوطن . وعلى الجميع أن يعلم بأن عمليات التفجير التي حصلت في بغداد واستهداف وزارة العدل لم تكن نهاية المطاف للإرهابيين مادام يوجد بيننا من يتمتع بالحصانة ويستغلها لدعم الإرهاب ، وما دام يوجد من يحمي هذا الإرهابي السياسي من داخل كتلته . ولهذا فالرد الحكومي يجب أن يكون بمستوى حجم الأذى الذي الحقه الإرهاب وداعميه ، وعليها ( الحكومة ) أن تتوقف كثيرا أمام مطالب البعض ممن يريد إطلاق سراح المجرمين خاصة وان قانون العفو المراد إقراره يشمل هؤلاء القتلة وهنا ستكون الكارثة سيلا لا يمكن إيقافه وسنعود للمربع الأول لا سامح الله .
جريدة المدى