النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

قصة هادفة

الزوار من محركات البحث: 12 المشاهدات : 196 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    احساس شاعر
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: بغداد الحبيبة
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 61,709 المواضيع: 17,442
    صوتيات: 2 سوالف عراقية: 3
    التقييم: 88569
    مزاجي: متقلب جدا
    المهنة: كرايب الريس
    أكلتي المفضلة: الباجه
    موبايلي: نوت ٢٠
    آخر نشاط: منذ أسبوع واحد
    الاتصال: إرسال رسالة عبر ICQ إلى فقار الكرخي
    مقالات المدونة: 17

    Smileys Afraid 058568 قصة هادفة

    مرة واحدة، في أيام تجمع بين النور والظلام، عاش رجلٌ ما كان يعرف للحظة الراحة. علقت روحه في ضياعٍ داكن، حين انكسرت أجنحة النجاح التي ظل يتراقص تحتها في ماضٍ براق. طيبة قلبه ألقت ببذرة ألم تنمو في حقل أوجاع البطالة، وعلى موائد الفقر، بات يحلم بغدٍ لا يأتي، ويبحث عن معنى يرسم ابتسامةً على شفاهه الجائعة.
    كان زوجًا وأبًا، مسؤولًا عن عائلته المكلومة. تلك العائلة التي توجهت في مسارٍ مظلم عندما تراجعت موجات الاقتصاد، لتنزف قوتها وعافيتها. توقفت الأبواب الفاخرة وأغلقت بوجهه، وحلّ الإفلاس الكئيب كريشةٍ سوداء تعترض طريق الأمل. انتهكت المالية القوية حتى الجسد الهزيل، وكانت المصروفات تلتهم الدخل المتقلص حتى الجفاف.

    أما الزوجة، فقد أمضت أيامها الطوال تستغيث بمسامع الله، مطرقة قلبها بالدعاء لمصلحة زوجها المكبل بالجوع والحاجة. لم يمنحها القدر فرصة الراحة، فظلت تنتظر بكل قوةٍ لحظة تقتربها من سكون حياتها الزائلة. وفي هذا الانتظار الطويل، وجدت نفسها في أحضان الأهل، متوجهة نحوهم بخيبة الأمل المستترة خلف قناع الفرح الزائف.

    بادلوها الأهل التفاؤل والمحبة، لكن ما أن أدركوا بأن الفقر والحاجة لم تتنفَّس حتى القاع، حتى أعلنوا استسلامهم للظروف القاسية، وتركوها تبحث عن نفسها في متاهات العذاب اليومية. رحيلها عنهم كان كفيلًا بكتابة نهاية قصة تعانق اليأس والضياع، فراحت تسحب خطواتها الحزينة في الشوارع المظلمة، تخفي وراء قناع الجمال المغمور بالدموع سرًا يتردد في لجج النفس.

    وإذ كانت تحمل حقائبها الخفيفة المعبأة بوجبات يومية محدودة المدى، استغربت من سيارةٍ فاخرةٍ تتوقف بجانبها. انتشلت شجونها المغمورة وتجاوبت مع ابتسامةٍ طفت على وجه الغريب. سقطت على المقعد الجلدي الناعم، وهمست للسائق: "المنزل". وتدفقت الحروف الساحرة من بين شفتيهما المرهقتين، وانتهى الحديث برقصةٍ صامتةٍ يؤديها شفاههما الشغوفة.

    لكن في صمتٍ حاكت الأشواك، نقض الغريب على مسؤوليته الإنسانية وأسقط قناعًا مليئًا بالخداع. ذلك المساء اللعين استعبده بجلدها الضعيف، وكادت تفقد أعز ما تملكه بين ثنايا الظلام. ارتفعت أصوات الصراخ والأنين في محفظة السيارة، وانقلبت الحياة رأسًا على عقب، تاركة النفس المحطمة لتلملم شتاتها وتنساب بين أصابعها النازفة الجرح.

    استغلت تلك الأم المذنبة المال الآثم في سوبرماركت الحياة، شريت بعض الغذاء لتروي عطش أبنائها الضائعين. حينما انطلقت في ساحة المنزل، وجه زوجها الصارم سؤاله البارد: "من أين جئت بالمال

    أخذت الزوجة النفس في تأمل عميق، تراقب تفاصيل الغرفة التي اجتاحها الصمت العابر. قررت أن تلجأ إلى الكذب للحفاظ على ثبات الأرض تحت أقدامها المرهقة. قالت بصوتٍ هامس يتلوه اهتزازٌ خفيف في أعماقها: "من والدي". استمرت في هذا الدور الملتبس، واستمر زوجها في ملابساته المتلاشية.

    وكلما احتقر الزوج سجالات الحياة، انزلقت الزوجة في سراديب الكذب المعقد. استمرت في النمط المُعتاد، تقول: "من والدي"، في كل مرة تستلم فيها أشياء جديدة. تمضي الليالي وتتكاثر الوعود المكسورة، فتتعمق الخناقة بين الزوجين الذين تجاهل كل منهما أسرار الآخر.

    في غروب كل يوم، تعود الزوجة متأخرة، وينتظرها زوجها بعينين ممتلئتين بالشك. تسأله بصوت مبحوح: "أين كنتِ؟" فتجيب ببرودة متصنعة: "كنت في منزل والدي". تتجاذب الأسئلة والأجوبة كسراب الحقيقة، وتستمر العبارات الملتبسة في النطق الصامت.

    أحد الأيام، اتصل صديق الزوج بهاتفه، يتساءل عن حاله ويقترح لقاءً يكتسي بعبق القهوة المرغوبة. وافق الزوج متلبسًا بخيط من الأمل، دون أن يدرك أنه سيسافر نحو دوامة من الظلمة. اجتمعا وتحدثا، ومع كل كلمةٍ اشتعلت نيران الغضب في قلب الزوج، مزيجًا من الألم والاستياء. فاقترح الصديق قضاء وقتٍ في نادٍ للرقص المثير، راهنًا على تأثيره الشافي على مزاج الزوج.

    دخل الزوج المكان المعتم، وما إن انتشرت الأضواء المتلاشية حتى صادف زوجته وابنته وهما تعملان هناك. انفلتت الهياجات في دمه، وتحوّل الغضب إلى جنونٍ قاتل. أخذ سكينًا وتوجه نحوهما، وانتهت الحياة بين يديه، وكتبت الأقدار نهايةً مأساوية لهذه العائلة الملتهبة بالخيانة والتآمر.

    وفي قفص الاتهام، أُحضر الزوج ليواجه جريمته الشنيعة، جريمة قتل زوجته وابنته. غمره الندم والأسف وهو يترقب صعود السلالم نحو غرفته الصغيرة في السجن المعتم، فتساقطت دموع الندم بصمتٍ محطم. وفي أحد الأيام، ظهر ابنه، الأب الذي انهارت نفسه برغم جريمته الرهيبة، فسأله بعينينٍ مفزوعتين من الألم: "لماذا قتلت أمي وأختي يا أبي؟" فأجاب بصوتٍ مكسورٍ: "أمك وأختك، من منظورٍ عملي، كانتا تدعمان الأسرة. ومن وجهة نظر نظرية، كانتا عاهرتين. وأنا سبب ذلك، لأنني لم أهتم من أين يأتي المال، رغبت فقط في الاستقرار. هذا هو الفرق بين العملية والنظرية يا بني".

  2. #2
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: July-2023
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 822 المواضيع: 52
    التقييم: 168
    آخر نشاط: 11/May/2024
    شكرا لك لمشاركتنا اهتمامك

    دام عطاءك

  3. #3
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: April-2023
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 3,630 المواضيع: 161
    التقييم: 1802
    شكرا جزيلا لك

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال