المقارنات بين مانملك ومايملك الاخر ربما هي رغبة دفينة في النفس البشرية للبقاء والاستمرار كأنها قانون من قوانين الطبيعة للحفاظ وانتخاب الانواع .. لأنها شكل من اشكال البقاء والتطور .. فالرغبة في أن تقلد الافضل هي سبب غريزي بحسك العفوي ان التفوق هو الوسيلة الافضل للبقاء وسط منطق التنافس الذي سيخرج الأدنى مرتبة من مسيرة الاستمرار .. وقد تتدرج هذه الرغبة من الشعور بالتنافس والغيرة الى حد الحسد .. لكن الحسد غريزة دنيئة حيث يتفاعل الشعور بالدونية مع الشعور بالعجز فيصل الحاسد الى مرحلة خطرة من فقدان الادراك والاعتراف بفشله ويخشى من ازدياد الهوة مع منافسه ليتغير سلوكه الى حد الايذاء والقتل .. لانه الطريقة الوحيدة التي تضمن له توقف ازيداد الهوة وفرصة البقاء .. وهي اعتراف بالهزيمة ..
وهذا الشعور بالدونية والعجز هو ماوضه أساس نظرية ابن خلدون من أن المغلوب يتبع الغالب ويقلده .. ولذلك تجد ان اي نخبوي عربي اذا ماجادلنا وأراد اقناعنا بصحة توجهه يقارننا بالغرب الذي تسبب له بعقدة بسبب التفوق العسكري والحضاري والتقني والثقافي .. وصار بعض العرب يريدون ان يأتوا بكل مافي الغرب دون تفكير لنتبناه على اساس انه من انتاج الحضارة الافضل والاقوى .. حتى اللغة يطعمها بمفردات غربية .. وهي تلبي رغبة دفينة في البقاء والاستمرار يضمنها تبني نموذج الغالب .. وهذا مايفسر انبهار العرب بالنماذج الديمقراطية الغربية التي يعتقدون ان تبنيها سهل لولا التوحش الاستبدادي والديكتاتوريات التي تمنعهم من اطلاق النموذج الغربي الخلاق والافضل والذي سيأتي لنا بالابداع ويطلق الصناعة والتفوق التكنولوجي .. رغم ان اليابان لم تتخل عن نماذج كثيرة في ثقافتها ولم تغير طبعها ولم تغير نظامها الامبراطوري ومنظومة العلاقات الاجتماعية .. ومع هذا استمرت في التطور .. وهناك اندفاع مستميت من قبل هؤلاء العرب النخبويين دون ان يفكر احدهم بأن أجساد الامم مثل أجساد الافراد .. فالثوب الذي يناسب غيرك قد لايناسبك والدواء الذي كان فعالا لدى آخر قد لايفيدك بل قد يتسبب لك بالأذى لأن جسمك لم يتقبله .. فصرت تنزف وتفقد شهيتك وتصاب بالهذيان .. وانت مصمم على تناول الدواء الذي لايناسب قلبك ولا جسدك ولاكبدك لأنه كان نافعا لغيرك ..
غرضي من هذه المقدمة هو أن أطرح سؤالا من نوع آخر وهو رغبتنا في المقارنة بين مانملكه نحن في هذا الشمال العربي ومايمكله العالم من امكانات ثورية وابداع في الحركة الاممية .. فأجد اننا أنجبنا ثوارا يضاهون تشي غيفارا .. ويضاهون كاسترو ويتفوقون على وطنية بسمارك وجان جاك روسو وايمانويل عمانوئيل .. ولكن فشلنا في انتاج معارضين ومثقفين أمميين ..
وهذا السؤال طرحه عليّ ظهور جوليان أسانج .. الذي لم يكن ثائرا أمميا مثل غيفارا ولكنه أوجد اول حالة لما يسمى المعارض الأممي الذي لابوافق على الظلم والاضهاد الاممي الذي تمارسه حكومات الغرب واميريكا .. وهناك فرق ضئيل جدا بين الثائر الاممي والمعارض الاممي .. فالثائر الاممي يحمل السلاح ويتجول في الساحات والغابات والجبال والازقة الفقيرة بين الثوار ويعلن الحرب على الظلم في كل العالم .. فيما المعارض الأممي هو الذي لايعلن الحرب ولايحمل السلاح لكنه يرفع صوته في أنحاء العالم يعلن رفضه لعقل الامبراطورية والقوة العالمية المستبدة .. ويتعاطف مع من يحارب في الازقة الفقيرة ومع من يعيش في الجبال والغابات مع سلاحه بانتظار العدالة التي تسجنها اليوم القوة العملاقة الاممية .. وهي اليوم اميريكا ..
جوليان أسانج نموذج يجب ان يجعلنا نطلب مقارنته مع معارضي العرب الذين هم مثل أسانج يقترفون فعل المعارضة ضد مايسمونه الاستبداد (الوطني) .. ولكنهم يعيشون في الغرب (تحت جناح الاستبداد الأممي) دون ان يثير وجودهم حفيظة أي مؤسسة غربية او امبريالية .. بل يتلقون الرعاية والحنان والدعم ويتلقون رواتب ومنازل وخدمات وتستقبلهم محطات البث والاعلام والبرامج وبعضهم ينال الجوائز لشجاعته في التمرد على (الاستبداد الوطني) .. وهؤلاء يتمتعون بالحماية المطلقة لأنهم كما يصنفون .. لاجئو رأي ومناضلون من أجل الحرية .. ومن أجل الرأي والكلمة .. ولكن ياسبحان الله لماذا لم يتمتع جوليان أسانج بهذه العطايا والهدايا والرعاية في الغرب ؟.. ولماذا يلقى به في السجون وتظالب به حكومة (العالم الحر) التي ترعى أحرار العرب؟ .. ولماذا يخرج من ملجئه في السفارة البيروفية ويجر بالسلاسل الى المعتقل في قلب عاصمة الحرية والرأي لندن؟؟
هذا سؤال يجب ان يحرج المعارضين العرب الذين يصولون ويجولون في شوارع الغرب وتجدهم يتكئون على الارائك في المقاهي المتناثرة على الارصفة مثل قطط كسولة مدللة .. وفي عطلة نهايى الاسبوع يقيمون حفلات الشواء في حدائقهم .. وفي المساء يتنقلون من استوديو الى استوديو ليلقوا الشتائم على أوطانهم ويكيلون المديح لمن يقهر اوطانهم ويشكرون أميريكا المستبد الأممي التي لولاها لما كانت اوطانهم في هذا الغم الكبير والاضطراب والدوامات العنيفة السياسية .. كل ذلك بحجة الغضب على حكومات بلدانهم .. فهم يطلبون التدخل العسكري .. ويطلبون العقوبات على كل الشعب بحجة ان ذلك لاضعاف النظام .. ويؤيدون اي وحشية وأي حصار ويتبرعون بكتابة العرائض والادلاء بالشهادات من أجل تسهيل غزو بلادهم كما فعل المعارضون العراقيون … والمعارضون السوريون .. والمهعارضون الليبيون .. وكل المعارضين العرب .. ولا أستثني منهم أحدا .. على رأي صناع الشعارات اللبنانيين (كلهم يعني كلهم) ..
كنت يوما قد سألت أحدهم: لماذا لايلجأ اسانج الى روسيا او الصين كما فعل سنودن وهما دولتان كبيرتان لستا كالدول الفقيرة والنامية في اميريكا الجنوبية والوسطى ولن تقبلا تسليمه من سفارتيهما .. فكان الجواب أن اللجوء الى روسيا سيفهم من الجمهور انه لجوء الى العدو .. فروسيا والصين في العقل الجمعي الغربي عدوان للغرب .. وللثقافة الاوروبية .. وهذا سيسقط شعاره من أنه يعمل من اجل الحرية ومن أجل شعوب العالم .. وسيظهر وكأنه يبيع نفسه لعدو الغرب .. فكل ماسيقوله سيترجم على انه مؤامرة روسية ضد قيم الغرب .. وان كل مافعله من أجل الحرية الصخافية واظهار المسكوت عنه سيبدو انه لعبة محابرات روسية او صينية تعمل على تهديم الغرب .. وستفقد اعماله مصداقيتها .. وتصبح رسالته مشبوهة وسيفقد الجمهور الثقى بما ينقله او ستتبلد مشاعره تجاه ضحايا الاستبداد الاممي الاميريكي .. وهو حسنا فعل انه لم يلجأ لأي سفارة مصنفة على انها عدوة للغرب والا لكان خسر قصيته في عيون محبيه والمؤمنين به .. لأن الخيانة واللجوء الى معسكر العدو يفقدك اي شرعية ولو كانت شرعية نبوية ..
ان مصير أسانج اليوم ومعاملته المهينة وسجنه كما لو انه مجرم .. هو ادانة لكل المعارضين العرب الذي لجؤوا الى أرض العدو .. العدو الاممي .. وعدو بلادهم الازلي منذ الحروب الصليبية الى يوم الحرب على العراق .. فكلها حرب واحدة تمر بمراحل مختلفة .. فالغرب غرب مهما كان ديمقراطيا .. وهو استمرار لغزو روما للشرق واستمرار للحملات الصليبية .. وله قوة مناهضة للشرق منذ ان كانت روما تغزونا .. ومنذ ان غزانا الغرب بالاستعمار .. ومنذ ان وضع اسرائيل مثل الصخرة في حلوقنا ومثل الخازوق في أسفلنا .. ومنذ ان دمر العراق ودمر ليبيا .. ودمر الاسلام وأهان النبي .. ومع هذا فان المعارض العربي وخاصة الاسلامي لايزال في معسكر العدو .. يأكل معه ويشرب معه .. ويصلي معه .. ويصفق له .. ويشتمنا معه .. ويثني عليه ..
الحقيقة التي تجلت في رحلة أسانج هي ان الغرب يستعمل المعارضين العرب سلاحا فعالا للابتزاز .. ولتعميق الشقوق في مجتمعانتا .. ولاستعمالهم مثل حصان طروداة بيننا .. ولو انهم تجرؤوا عليه .. لعاملهم مثل أسانج واكثر .. ولكنهم طالما انهم صامتون .. لايهمسون ببنت شفة ضد الغرب ولا يكشفون زيفه فانهم .. مرحب بهم .. كالاجراء والكلاب التي تعيش في البيت او في حديقة البيت .. لهم ثمن .. وسعر .. وبالطبع رخيص ..ولايسمح لها بالنباح الا عندما يصفر لها صاحب البيت .. وهي في علم المنطق الذي لايعرف عنه هؤلاء يعيشون حالة من التهافت اي التناقض الذي يذكرنا بمقالات الفلسفة ونقاشات الغوالي وابن رشد عن تهافت الفلاسفة وتهافت تهافتهم .. فهم أقوياء على أوطانهم وأهل بلدهم ولكنهم رحماء على الأعداء .. يطلبون الحرية لأوطانهم من الاستبداد ولكنهم يعيشون في قلب الاستبداد الأممي ويصيرون جزءا من أدواته .. وهم لايخشاهم الغرب حتى وان كانت لهم حى .. ولذلك فانه تجرأ على نبيهم وعلى قرآنهم لأنه يعلم ان المعارض والمجاهد تحت جناح عدوه مهيض الجناح ولا يرجى منه الأمل ..
الدول المعارضة والشعور بالدونية الأممية:
ودعوني أقول لكم ان هذه الظاهرة النفسية بالاحساس بالدونية التي تخلق حالة من الخضوع والاذعان زالمعارضة التهافتية لاتقتصر على الافراد المعارضين العرب بل تنتمي اليها جماعات ومجتمعات ودول .. فهناك ماحدث في تحول مجموعة من الدول وجزء من مجتمعاتها الى رغبة في المعارضة الاقليمية .. فليست فقط حالة الاخضوع والاتذلل وتحكم السفارات هي التي أوصلت دول الخليج النفطي المحتل الى هذه الحالة من العدوانية الاعلامية ضد دول الشمال العربي .. فهذه الدول شكلت المعارضة الاقليمية لغايات سببها الشعور المزمن بالدونية تجاه دول الشمال العربي ..
فربما هذا الشعور بالدونية والعجز عن مجاراة الشمال العربي ومحور دمشق بغداد القاهرة في العصر الحديث هو سبب هذا الهوس الخليجي النفطي في محاولة تدمير الشمال العربي العروبي والقومي وهذا الحقد الاعلامي على مشاريع الشمال القومية .. وانخراط بعض النخب والأوساط في معاداى الشمال الى حد الحرب معه وتجنيد المقاتلين والانتحاريين .. كنوع من التعبير عن المعارضة الاقليمية التي انضوت تحت جناح الاستبداد الاممي لأميريكا والغرب .. فقد نشأ في دول النفط العربية شعور بالحسد من هذا التفوق المزمن للشمال العربي القومي .. ففي الشمال العربي نشأت الأمة ونشأت الحضارات ونشأت الثقافات والابداعات على مر التاريخ ,, ويعترف الاسلام انه ارتفع ورآه العالم كله عندما جلس على أكتاف الشمال العربي بين كتفي دمشق وبغداد .. حتى القرآن فيه لحن سرياني غريب خفي ربما أتاه من زيارة النبي العربي الى الشام ودعائه الله ان يحفط ويبارك الشام واليمن ..
وهناك في الشمال نهضت أفكار الفلاسفة الاسلاميين ونشأت فكرة السجال بين العقل والدين .. وهناك حدث الاحتكاك مع كل العالم .. فمن الشرق جاء هولاكو الذي تابع جحافل جنكيز خان .. ومن الشرق جاء الفرس .. ومن الشمال تدفق الرومان والاغريق .. وكلهم كانوا يلتقون مع الشمال العربي ولايفكرون بالوصول الى الرمال الساخنة .. مما افقد سكان الرمال القدرة على التواصل مع الحضارات القديمة الا بالتجارة البسيطة .. وطوال قرون طويلة كان الهلال الخصيب ووادي النيل هما محور العالم القديم .. فتشكل هذا الشعور بالرغبة بالمساواة والتفوق على الشمال ..
وعندما تدفق النفط ظن الخلايجة في مستوياتهم المختلفة المرتبطة بأنظمة الحكم انهم وصلوا الى لحظة التفوق .. ولحظة الثأر والانتقام .. ورغم ان سياسات الخلايجة السياسيين عموما مصدرها خضوع العائلات الحاكمة المطلق للغايات الغربية بسبب عقد التخادم المتفق عليه حيث ان هذه العائلات تقدم خدمات جليلة للغرب مقابل حصولها على الحماية المطلقة .. أي مثل المعارضين العرب بالضبط .. ومع هذا فان لدى البعض من الخلايجة في مستويات الحكم والنخب الجديدة تولد لديها الرغبة في تدمير الشمال العربي الذي كانوا ينظرون اليه بحسد وغيرة وهو يتفوق في السياسة وفي التاريخ والفكر والافكار الخلاقة والمشاريع الطموحة .. حيث أهم أحداث التاريخ صنعت على خط دمشق بغداد القاهرة .. ولذلك نحتاج الى ان نفكر في سبب الانقلاب على الفكر العروبي والقومي ومعاداته دوما في الخليج النفطي المحتل .. هل هو بسبب الخضوع ام بسبب الرغبة بالانتقام والحسد مما يملكه الشمال من طاقات خلاقة وتاريخ .. والرغبة في لعب دور المعارض .. المعارض الاقليمي الذي يعمل خادما للمستبد الاممي ..
ربما يجب في عقودنا القادمة ان نركو على معالجة فكرة المعارضة .. المعارضة كأفراد .. والمعارضة كتنظيمات .. والمعارضة كدول .. فأن تكون معارضا لايعني ان تمر بحالى نذالة وحالة تذلل وحالة حسد وشعور بالدونية .. بل عليك ان يكون لديك شعور بالتفوق على عدو بلادك .. والمعارضة لاتعني ان تصبح كلبا في حديقة العدو ينبح على وطنه .. وتعلم من جوليان أسانج ان تكون معارضا أمميا .. لانك كمعارض أممي للاستبداد ستقهر الاستبداد في بلدك .. اما ان تعارض بلدك مع الاستبداد الاممي فانه قتل للوطن ورغبة منك في ان تستبد بأبناء وطنط وتحولهم مثلك الى معارضين يلعبون نفس دورك القذر .. ضدك ..
هذه هي العبرة من فكرة المعارض الأممي الذي سحق نموذجه الفريد كل معارضي العرب الذين يجلسون مثل القطط الكسالى في مقاهي الغرب .. وحولهم في غمضة عين الى غربان تنعق .. ضد أوطانهم وليس ضد حكوماتهم ؟؟ ويحضرني هنا ماكتبه روبرت فيسك يوما عن فهم العربي للمعارضة اذ قال:
أتعلمون لماذا بيوت العرب في غاية النَّظافة، بينما شوارعهم على النَّقيض من ذلك .. السببُ أنَّ العرب يشعرون أنَّهم يملكون بيوتهم، لكنهم لا يشعرون أنَّهم يملكون أوطانهم .هل فعلاً شوارعنا متسخة وعفنة.. لأنَّنا نشعر أنَّنا لا نملكُ أوطاننا ..؟!
و علل ان هذا يرجع إلى سببين :
الأوَّل :
أنَّنا نخلطُ بين مفهوم الوطن ومفهوم الحكومة، فنعتبرهما واحداً، وهذه مصيبة بحدِّ ذاتها .. الحكومة هي إدارة سياسية لفترة قصيرة من عمر الوطن، ولا حكومة تبقى للأبد .. بينما الوطن هو التاريخ والجغرافيا، والتراب الذي ضمَّ عظام الأجداد، والشجر الذي شرب عرقهم، هو الفكر والكتب، والعادات والتقاليد ..
لهذا من حقِّ كل إنسان أن يكره الحكومة ولكن ليس من حقِّه أن يكره الوطن .. والمصيبة الأكبر من الخلط بين الحكومة والوطن هو أن نعتقد أنَّنا ننتقم من الحكومة إذا أتلفنا الوطن ..!!.. وكأنَّ الوطن للحكومة وليس لنا ..
ما علاقة الحكومة بالشارع الذي أمشي فيه أنا وأنتَ، وبالجامعة التي يتعلم فيها إبني وإبنكَ، وبالمستشفى التي تتعالج فيها زوجتي وزوجتكَ، الأشياء ليست مِلك مَن يديرها وإنَّما مِلك مَن يستخدمها ..نحن في الحقيقة ننتقمُ من الوطن وليس من الحكومة، الحكومات تُعاقبُ بطريقة أُخرى لو كنَّا نحبُّ الوطن فعلاً ..
الثَّاني :
أنَّ ثقافة الملكيَّة العامًَّة معدومة عندنا، حتى لنبدو أنَّنا نعاني إنفصاماً ما .. فالذي يحافظ على نظافة مرحاض بيته هو نفسه الذي يوسِّخ المرحاض العام .. والذي يحافظ على الطاولة في البيت هو نفسه الذي يحفر إسمه على مقعد المدرسة والجامعة .. والأبُّ الذي يريد من إبنه أن يحافظ على النِّظام في البيت هو نفسه الذي يرفض أن يقف في الطابور بإنتظار دوره .. والأُمُّ التي لا ترضى أن تُفوِّت إبنتها محاضرة واحدة هي نفسها التي تهربُ من الدوام .
خلاصة القول :
الحكومة ليست الوطن شئنا هذا أَم أبَينا، ومشاكلنا مع الحكومة لا يحلُّها تخريب الوطن .. إنَّ الشعب الذي ينتقم من وطنه لأنَّ حكومته سيئة لا يستحقُّ حكومة أفضل .. ورُقيِّنا لا يُقاس بنظافة حديقة بيتنا وإنَّما بنظافة الحديقة العامَّة بعد جلوسنا فيها ..
نارام سرجون