أن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام كان جالسا قال: سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه رجل من أقصى المجلس متوكئا على عكازة، فلم يزل يتخطى حتى دنا منه، فقال: يا أمير المؤمنين دلني على عمل ينجيني الله به من النار، ويدخلني الجنة.
قال: اسمع [يا هذا]، ثم افهم، ثم استيقن، قامت الدنيا بثلاث:
بعالم ناطق مستعمل لعلمه
وبغني لا يبخل بماله على أهل دين الله عز وجل ، وبفقير صابر على فقره
فإذا لم يعمل العالم بعلمه ، وبخل الغني بماله، ولم يصبر الفقير على فقره، فعندها الويل والثبور ، وكادت الناس أن ترجع إلى الكفر بعد الايمان .
أيها السائل لا تغترن بكثرة المساجد
، وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة، وقلوبهم متفرقة، فإنما الناس ثلاث:
زاهد، وراغب، وصابر،
أما الزاهد فلا يفرح بالدنياإذا أتته ، ولا يحزن عليها إذا فاتته ، وأما الصابر فيتمناها بقلبه، فإذا أدرك منها شيئا
صرف عنها نفسه لعلمه بسوء العاقبة ، وأما الراغب فلا يبالي من حل أصابها أم من حرام .
ثم قال: يا أمير المؤمنين، فما علامة المؤمن في ذلك الزمان؟
قال: ينظر إلى ولي الله فيتولاه، وإلى عدو الله فيتبرأ منه وإن كان حميما قريبا.
قال: صدقت والله، يا أمير المؤمنين
، ثم غاب فلم ير
فطلبه الناس فلم يجدوه، فتبسم علي عليه السلام على المنبر فقال: مالكم ؟
هذا أخي الخضر عليه السلام.