19,March, 2013
هل كان التغيير ممكنا في العراق بدون الغزو الامريكي؟


اسقاط تمثال صدام اعتبر رمزاً لنهاية حكمه
حيدر الصافي - بي بي سي - لندن
يختلف العراقيون في آرائهم حول الغزو الامريكي لبلادهم في العام 2003 وما إذا كان تغيير النظام حينها ممكن الحدوث من الداخل على أيدي العراقيين انفسهم.
أثير هذا التساؤل بقوة بعد اندلاع ثورات الربيع العربي التي عصفت بمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
يؤكد المؤيدون للتدخل الخارجي ان امكانية التغيير لم تكن ميسرة بسبب دموية النظام والكيفية التي سحق بها الانتفاضة التي تلت حرب الخليج الاولى عام 1991. اما المعارضون فيقولون إن الأمل في التغيير كان موجوداً وأن تجنب الاحتلال كان واردا. الا ان هناك مجموعة تقف في الحياد على مسافة واحدة من الخيارين. فهم مع التغيير لكنهم ليسوا مع الغزو، وهم ضد الاحتلال لكنهم يرون ان الاحتلال الامريكي غادر بسرعة قبل ان يرسخ أسس الديموقراطية.
يفضل المهندس عبد الغني الحسني، 28 سنة، الذي يسكن بغداد، خيار التدخل الخارجي قائلاً "إن إمكانية التغيير من الداخل كانت منعدمة، بسبب سطوة النظام وقبضته الفولاذية وتشرذم آراء فئات المجتمع". ويبدو ان ضعف المعارضة كان اهم ما دفع من يتفق مع عبد الغني في تأييد التدخل الاجنبي، فعجز المعارضة عن بلورة موقف موحد للوقوف بوجه السلطة الحاكمة وخيارها الامني والعسكري اطلق يد النظام بدون الخشية من اي رادع. "ان امكانية حدوث ربيع عربي مشابه لما حدث في الدول العربية الاخرى كان مستحيلا في ظل نظام كان الأقسى بين كل الأنظمة العربية التي هوت بعد احتجاجات الربيع العربي الاخيرة".
يرى عبد الغني ان ابرز مظاهر التغيير تكمن في ان العراق يشهد تداولاً سلمياً للسلطة وان الديمقراطية ما كانت لتتحقق لولا القوات الاجنبية. ويتذكر لحظة سقوط النظام في سنة 2003 قائلاً "في الساعة السادسة من مساء يوم التاسع من أبريل/ نيسان سمعت ان النظام سقط...أجهشت بالبكاء فرحاً...شعرت انني أصبحت حراً.. انا متفائل بمستقبل العراق. فالممارسات الديمقراطية ستتعزز وتنمو وتتركز بين أفراد الشعب العراقي"..

التدخل الاجنبي خلق مشكلات اضافية

اما مهدي الموسوي الذي كان لاجئاً في ايران سنة 2003...فكان يأمل أن يتم التغيير من الداخل. ويرى ان الغزو واجتياح القوات الاجنبية كان له أثر سيئ على الشعب العراقي، لكنه يؤكد ان الشعب العراقي لم يحصل على دعم خارجي "لو توفر للشعب العراقي من الدعم الأجنبي آنذاك ما قدمه المجتمع الدولي لثورات الربيع العربي، لكان بوسع العراقيين إحداث التغيير من الداخل".
يرى مهدي ان وجود القوات الأمريكية على أرض العراق جذب الكثير من الجهاديين الذي ألحقوا الاذى بالعراقيين بسبب التفجيرات الانتحارية.

وجود قوات التحالف كان عنصر جذب للجهاديين

ورغم الحراك الديموقراطي والحرية الاعلامية السائدة في عراق اليوم كما يراها مهدي، الا انه غير متفائل بمستقبل البلاد. "الشارع مشحون طائفياً...والمشاكل بين الحكومة المركزية واقليم كردستان تتفاقم... أضف الى ذلك الاحتجاجات التي تشهدها محافظات عدة اضعفت الحكومة. وقد يؤدي الاحتقان الى مواجهات بين العراقيين من الطوائف المختلفة".

احتلال، لكن تحرر من الدكتاتورية!

"عاش بعض العراقيين صراعاً داخلياً عندما حدثت الحرب، فالأمريكان محتلون قادمون، لكنهم سيغيرون النظام". هذا ما تقوله الدكتورة نهى الدرويش، استاذة جامعية تبلغ من العمر 52 عاما وهي ناشطة في منظمات المجتمع المدني، حيث انها كانت تأمل ان يتم تغيير النظام عن طريق ثورة داخلية. "كنت في حالة أمل يشوبه شك كبير في صدق نوايا الولايات المتحدة. وعندما علمت ان النظام قد سقط بعد إذاعة النبأ شعرت بالخوف... كنا على أبواب مستقبل مجهول".
ترى الدكتورة نهى ان دول الربيع العربي كانت محظوظة لانها حدثت بعد التغيير في العراق. "أشعر بالغيرة من دول الربيع العربي، لقد كان العراق التجربة الاولى في كل شيء، ومنه تعلم العالم والدول العربية كيفية التعامل مع واقع الانظمة المتسلطة في المنطقة".
يلقي بعض العراقيين اللوم على الجنود الامريكيون كونهم لم يعيروا اهمية لحياة المواطنين. ويرون ان طبيعة المجتمع تغيرت بسبب النعرات الطائفية بين ابناء الشعب الواحد، وادى هذا الى حرب أهلية.
لكن لو كان التغيير بثورة او بانتفاضة شعبية هل كانت السنين المنصرمة اقل دموية في واقع العراق؟ هل كان من الممكن تجنب تلك المواجهات؟ هل ان الديمقراطية تتعارض مع الطبيعة الدينية والعشائرية للمجتمع العراقي ام هو عدم نضج الاحزاب السياسية الفاعلة؟.