تجدد المعارك في السودان عقب انتهاء الهدنة بين طرفي النزاع
تجددت المعارك في العاصمة السودانية الخرطوم الأربعاء إثر انتهاء الهدنة بين الجيش وقوات الدعم السريع التي امتدت ثلاثة أيام. كما شهد جنوب البلاد أيضا أعمال عنف كثيفة اندلعت منذ الصباح الباكر في ولاية جنوب كردفان. وفي الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور في غرب البلاد، والمدينة الأكثر تضررا من الحرب، تمتلئ الشوارع المهجورة بالجثث فيما تعرضت المتاجر للنهب.
نشرت في: 21/06/2023
استفاق سكان العاصمة السودانية الأربعاء على تجدد القصف المدفعي والمعارك مع انتهاء هدنة بين الجيش وقوات الدعم السريع امتدت ثلاثة أيام، فيما شهدت ولاية جنوب كردفان أعمال عنف كثيفة منذ الصباح الباكر.
وأفاد شهود عيان الأربعاء بأنه مع انتهاء الهدنة، شهدت منطقة شمال أم درمان (شمال غرب العاصمة) "قصفا مدفعيا" فيما حلقت فوقها طائرات مقاتلة.
وفي جنوب أم درمان، أفاد آخرون بوقوع اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة على مقربة من سلاح المهندسين.
فيما سجلت أعمال عنف في جنوب البلاد أيضا، ففي ولاية جنوب كردفان بمدينة الدلنج، أكد أحد السكان أنه "منذ الثالثة صباحا نسمع أصوات انفجارات وإطلاق نار كثيف وقذائف تسقط داخل الأحياء السكنية".
وقال مصدر في الجيش بأن "الجيش شن هجوما على تجمعات المتمردين في أم درمان وكبدهم خسائر فادحة في الأرواح والمعدات".
وهاجمت قوات الدعم السريع رئاسة قوات شرطة الاحتياطي المركزي بمنطقة الكلاكلة جنوب الخرطوم، على ما أفاد شاهد عيان.
شب حريق مساء الثلاثاء في مقر الاستخبارات في العاصمة في اليوم الأخير من هدنة مدتها 72 ساعة انتهت الأربعاء في السادسة صباحا (04,00 ت غ).
وأشار مصدر في الجيش إلى أن قوات الدعم السريع "قصفت المبنى"، في خرق للهدنة. ورد مصدر في قوات الدعم السريع قائلا إن "مسيرة تابعة للجيش قصفت المبنى حيث تجمّع عناصر في قوات الدعم السريع"، وأشار إلى أن القصف "أدى إلى حريق ودمار جزئي في مقر الاستخبارات".
ويذكر أن المعارك الدائرة بين الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو أوقعت أكثر من ألفي قتيل، وفقا لتقديرات يرى خبراء أنّها أقلّ بكثير من الواقع.
والأربعاء دانت وزارة الخارجية السودانية في بيانين اعتداء "قوات مليشيا الدعم السريع المتمردة" على سفارتي باكستان والجزائر. ودعت الوزارة في البيانين "المجتمع الدولي لإدانتها (الدعم السريع) بأشد العبارات واعتبارها منظمة إرهابية".
شوارع مهجورة مليئة بالجثث ومتاجر منهوبة
وفي الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور في غرب البلاد، والمدينة الأكثر تضررا من الحرب، تمتلئ الشوارع المهجورة بالجثث فيما تعرضت المتاجر للنهب.
وحذرت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد من أن النزاع "اكتسب الآن بُعدا عرقيا"، وتحدثت عن احتمال وقوع "جرائم ضد الإنسانية" في دارفور.
ومنذ أيام يفر سكان الجنينة سيرا على الأقدام في طوابير طويلة، حاملين معهم ما تيسّر، على أمل الوصول إلى تشاد الواقعة على بُعد 20 كيلومترا إلى الغرب. ونقل هؤلاء الفارون من أتون المعارك أنهم يتعرّضون لإطلاق نار ويتم تفتيشهم مرات عدة على الطريق.
وأفادت منظمة "أطباء بلا حدود" أن "15 ألف سوداني، من بينهم قرابة 900 جريح، فروا إلى مدينة آدريه في تشاد التي استقبلت أكثر من 150 ألف لاجئ حتى الآن، تحت وابل من النيران التي يطلقها الجيش وقوات الدعم السريع ومقاتلون قبليون ومدنيّون مسلّحون".
وأكدت منظمة الصحة العالمية الأربعاء خروج نحو ثلثي مرافق الرعاية الصحية، في مناطق القتال في السودان، من الخدمة.
وأفادت المنظمة بأن حوالي 11 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة صحية، مبدية قلقها بشأن محاولات السيطرة على أوبئة الحصبة والملاريا وحمى الضنك المستمرة.
نحو مليوني نازح وأكثر من 600 ألف لاجئ
وفقا للمفوضية العليا للاجئين، بلغ عدد النازحين "مليوني شخص"، في مختلف أنحاء السودان، كما أحصت المنظمة الدولية للهجرة نحو 600 ألف شخص فروا إلى الدول المجاورة.
وكان المجتمع الدولي تعهد خلال اجتماع عقد في جنيف الإثنين تقديم 1,5 مليار دولار من المساعدات، وهو نصف ما تحتاجه المنظمات الإنسانية وفقا لتقديراتها الميدانية.
والأربعاء وجهت منظمة الإغاثة الإسلامية الخيرية نداءات لطلب الدعم الدولي لإنقاذ موسم الزراعة في السودان. وأعربت في بيان عن قلقها من "آثار كارثية قد تغرق الملايين (في السودان) في الجوع والعوز" بسبب خراب موسم الزراعة.
بين استهلاك مخزون البذور وترك الأراضي
ونقلت المنظمة في بيانها عن خبراء زراعيين أن بعض المزارعين في السودان "أصبحوا يعانون من الجوع لدرجة أنهم لجأوا إلى أكل مخزون البذور لديهم ولم يتبق الآن ما يزرعونه"، فيما أُجبر آخرون على ترك أراضيهم.
ويعتمد 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكّان السودان، على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة في بلد يغرق في الدمار والعنف بسرعة "غير مسبوقة"، وفق الأمم المتّحدة.
وحذّر مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان إدي راو الثلاثاء من أنّ "الاحتياجات الإنسانية بلغت مستويات قياسية في وقت لا تبدو فيه أيّ مؤشّرات على نهاية للنزاع".