رئيسة الوزراء الإيطالية تزور فرنسا لتكريس عودة العلاقات الثنائية إلى طبيعتها


تجري رئيسة الوزراء الإيطالية الثلاثاء زيارة إلى فرنسا حيث سيستقبلها الرئيس ماكرون للمرة الأولى بباريس، بهدف إعادة العلاقات إلى طبيعتها بعد أن شابها التوتر وتخللتها أزمات خصوصا بسبب ملف الهجرة. وفيما رأى مراقبون بأن ثمة إدراك لدى الجانبين بضرورة التحرك المشترك خصوصا حيال قضايا مثل الحرب في أوكرانيا، اعتبر آخرون بأن الخلافات بين حزبيهما وبين رؤيتيهما لمستقبل أوروبا قد تؤثر على مساعي المصالحة.

نشرت في: 20/06/2023



تزور رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني فرنسا الثلاثاء حيث سيستقبلها الرئيس إيمانويل ماكرون للمرة الأولى بباريس، في مسعى لتكريس عودة العلاقات الثنائية بين البلدين إلى طبيعتها، في أعقاب سلسلة أزمات متتالية خصوصا على خلفية قضية الهجرة.
وسيدلي ماكرون وميلوني بتصريحات صحافية قبيل اللقاء المقرر بعد ظهر الثلاثاء في قصر الإليزيه وفق ما أفاد الجانب الفرنسي. في هذا الشأن، صرح الناطق باسم الحكومة أوليفيه فيران عبر محطة "سي نيوز": "إيطاليا هي ثاني أكبر شريك اقتصادي لنا هي شقيقتنا الأوروبية، هم جيراننا"، مشددا على الإرادة المشتركة لإنجاز مشروع خط السكك الحديدية المثير للجدل بين ليون وتورينو كدليل على "أن علاقاتنا قوية كما في السابق".

ومبدئيا، لا توجد نقاط مشتركة بين ماكرون الذي يعتبر نفسه تقدميا مؤديا شرسا للوحدة الأوروبية من جهة، ومن ناحية أخرى ميلوني التي ترأس ائتلافا محافظا متشددا وتنتمي إلى حزب فاشي النزعة وكان لها في السابق مواقف واضحة مناهضة للبناء الأوروبي.

ملف الهجرة يغذي التوترات
وسرعان ما ظهرت التوترات إلى العلن. فعقب لقاء قصير غير رسمي في روما في أكتوبر/تشرين الأول بعيد تعيين ميلوني الفائزة بالانتخابات التشريعية، غذى ملف الهجرة هذه التوترات. حيث رفضت إيطاليا في نوفمبر/تشرين الثاني استقبال السفينة الإنسانية "أوشن فايكينغ" وعلى متنها 230 مهاجرا ما دفع فرنسا إلى السماح لها بالرسو في موانئها منددة بالوقت نفسه بتصرف روما "غير المقبول".
وأثار وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان في مايو/أيار الماضي سخط إيطاليا عندما رأى أن ميلوني "عاجزة عن تسوية مشاكل الهجرة التي انتخبت على أساسها".

لكن بموازاة ذلك، عملت الأوساط الدبلوماسية في البلدين على إعادة نسج العلاقات باسم المصالحة التي غالبا ما تتقاطع. والتقى ماكرون وميلوني بمناسبة قمم دولية عدة مع لقاء ثنائي استمر 45 دقيقة في هيروشيما خلال قمة مجموعة العشرين في مايو/أيار باليابان. كما أجرى وزيرا خارجية البلدين لقاء "حارا" نهاية مايو/أيار في روما بعد ارتفاع منسوب التوتر مجددا.
وفي مطلع يونيو/حزيران استقبل ماكرون نظيره الإيطالي سيرجيو ماتاريلا لتسليط الضوء على "العلاقات المميزة التي تربط" البلدين بمعزل عن من يحكمهما.
إدراك لدى ماكرون وميلوني بضرورة "التحرك المشترك"
يقول المؤرخ مارك لازار الأستاذ في كلية العلوم السياسية (سيانس بو) في باريس: "رغم الاختلافات السياسية والإيديولوجية بين الحكومتين ثمة إدراك لدى ميلوني وماكرون بضرورة أن تتحرك فرنسا وإيطاليا بشكل مشترك. هذا يصب في مصلحة البلدين". ويرى نفس المتحدث بأن "ثمة وحدة موقف فعلية" بشأن الحرب في أوكرانيا وإعادة التفاوض بشأن الميثاق الأوروبي لاستقرار الميزانيات.
ومنذ توليها رئاسة الحكومة في بلادها، حرصت ميلوني على إظهار دعمها الكبير لكييف فيما أبدت موقفا فاترا حيال بروكسل. وسيعاد التأكيد الثلاثاء على "الدعم المشترك لأوكرانيا" غداة إعلان الرئيس الفرنسي بأن منظومة الصواريخ أرض-جو الفرنسية-الإيطالية "سامب-تي باتت منشورة على الأرض في أوكرانيا.

كما سيحضر ماكرون وميلوني كذلك لقمة المجلس الأوروبي في 29 و30 يونيو/حزيران وقمة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس في 11 و12 يوليو/تموز.
الاقتصاد والمعرض الدولي في 2030
يقول جان-بيار دارنيس الأستاذ بجامعة لويس في روما: "نلاحظ أن العلاقة بين فرنسا وألمانيا في الوقت الراهن ليست في أحسن حالاتها"، مضيفا أن "من مصلحة" الثنائي ميلوني-ماكرون تعزيز "التلاقي" على صعيد الاقتصاد الأوروبي. وهو يعتبر أن هذا اللقاء "ضروريا" إلا أنه يعقد "بشكل متكتم تقريبا" على غرار ما حصل شهر أكتوبر/تشرين الأول في روما.
وتتوجه رئيسة الوزراء الإيطالية إلى باريس في الأساس للدفاع عن ترشح العاصمة الإيطالية لاستضافة المعرض الدولي في 2030، في حين أن باريس تتقدم بدورها بطلب منافس.
هذا، وحذر المؤرخ مارك لازار من أن "الخلافات والجدل ستستمر بين اليمين الإيطالي وحزب ماكرون" حتى الانتخابات الأوروبية في يونيو/حزيران 2024، إذ "ثمة اختلافات عميقة بينهما حول مستقبل أوروبا ما قد يؤثر على عودة العلاقات إلى طبيعتها".