حسناوات أوكرانيا.. نعومة الأظافر في مواجهة خشونة الحرب

الثلاثاء 2023/6/20



مجندات في صفوف الجيش الأوكراني - أرشيفية

على الخطوط الأمامية حيث القتال مستعرًا بين القوات الأوكرانية والروسية، كانت النساء الأوكرانيات جزءًا لا يتجزأ من القوات المسلحة الأوكرانية وكتائب المتطوعين، في الدفاع عن بلادهن.
دور دفع النساء الأوكرانيات ثمنًا غاليًا له، مما اضطر السلطات الأوكرانية في أواخر العام المنصرم، إلى منح 350 امرأة في الجيش أوسمة الدولة خلال الحرب الشاملة، إضافة إلى حصول اثنتين منهن على أعلى لقب لأبطال أوكرانيا.

فما عدد الأوكرانيات في الجيش؟
قالت وزارة الخارجية الأوكرانية، في تغريدة عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن أكثر من 42 ألف امرأة تخدم في القوات المسلحة لأوكرانيا، مشيرة إلى أن ما لا يقل عن 5 آلاف منهن يدافعن عن البلاد على خط المواجهة.

وبحسب وزارة الخارجية الأوكرانية، فإن "النساء يحاربن ويضحين بحياتهن من أجل حماية حرية أوكرانيا".
ذلك الدور تحدثت عنه سفيرة أوكرانيا في الولايات المتحدة أوكسانا ماركاروفا، خلال جلسة افتراضية لوزارة الخارجية الأمريكية حول الدور الذي تلعبه النساء الأوكرانيات، نظمت في مارس/آذار الماضي، قائلة: "النساء.. أبطال هذه الحرب".
وأوضحت الدبلوماسية الأوكرانية، أنه مع فرار العديد من المنظمات الدولية من أوكرانيا في بداية العملية العسكرية الروسية، في فبراير/شباط 2022، بقي العديد من القيادات النسائية.
وتابعت: "لقد خاطرن بحياتهن لتقديم الطعام لمساعدة النساء الأخريات. لقد خاطرن بحياتهم لمساعدة قواتنا المسلحة الشجاعة. لقد خاطرن بحياتهن في محاولة لتأمين نوع من الحياة الطبيعية في هذه الحرب".
فيما قالت السفيرة المتجولة بالإنابة لمكتب الوزير لقضايا المرأة العالمية في وزارة الخارجية الأمريكية كاترينا فوتوفات: "على مدار التاريخ، لعبت النساء دورًا حاسمًا في نضال أوكرانيا من أجل الحرية والسيادة. هذا لا يزال صحيحا اليوم".
دور لم يكن فقط على الخطوط الأمامية، بل إنه في المدن والقرى، اضطرت النساء لتعويض غياب الرجال، فحافظن على المستشفيات والمدارس وحتى القرى التي تعمل، غالبًا بدون ماء أو كهرباء أو إمدادات، بحسب الصحافية الأمريكية ناتاليا جومينيوك.
وأوضحت جومينيوك خلال حلقة النقاش: "في كثير من الأحيان، كان الفضل في ذلك هو للنساء فقط، فقد نجا المجتمع".
هل من قصص عنهن؟
المسعفة كاترينا بولشوك، والملقبة بـ"بتاشكا" (أي طائر باللغة الأوكرانية)، والتي كانت جزءًا من القوات المسلحة الأوكرانية في مصنع آزوفستال، الذي كان تحت حصار الروس لأكثر من شهر.
وأصبحت المسعفة مشهورة عندما انتشرت مقاطع فيديو لها وهي تغني في مصنع آزوفستال محاطاً بالروس، فألهمت الفتاة المدافعين عن ماريوبول ألا يفقدوا معنوياتهم.
وبعد انسحاب الجيش الأوكراني طواعية من المصنع، أسرت القوات الروسية عددًا من الجنود، بما في ذلك بتاشكا، إلا أنها أفرج عنها لاحقًا كجزء من عملية تبادل كبيرة للأسرى بين البلدين.
الطبيبة الأوكرانية يوليا بايفسكا التي سجنت لمدة ثلاثة أشهر في أحد السجون الروسية، قالت لوكالة "أسوشيتيد برس": "كان العلاج صعبًا للغاية، قاسيًا للغاية ... لقد كنت أنا والنساء جميعًا منهكين".
لكن ما تاريخ انضمام النساء للجيش؟
خدمت النساء في القوات المسلحة الأوكرانية منذ إعلان البلاد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي في عام 1991، لكنهن كن يعملن بشكل أساسي في الأدوار الداعمة حتى بداية الحرب في عام 2014.
ويقول موقع "ذا كونفيرسيشن" الأسترالي، إن النساء بدأن الخدمة في الأدوار القتالية في عام 2016، مشيرًا إلى أنه بات متاحًا لهن المشاركة في جميع الأدوار العسكرية، في عام 2022.
انضمت آلاف النساء طواعية إلى القوات المسلحة الأوكرانية منذ عام 2014، عندما سيطرت القوات الروسية على شبه جزيرة القرم والأراضي في شرق أوكرانيا.
وعلى مدى السنوات التسع الماضية، تضاعف عدد النساء العاملات في الجيش الأوكراني، مع انضمام موجة أخرى من النساء بعد العملية العسكرية الروسية، في فبراير/شباط 2022.
ووفقًا لنائب وزير الدفاع الأوكراني، حنا ماليار، فإنه بحلول صيف عام 2022، تم توظيف أكثر من 50000 امرأة في القوات المسلحة في بعض القدرات، مع ما يقرب من 38000 امرأة تخدم بالزي العسكري.
هل من تحديات؟
أحد المؤشرات على الاعتراف بوجود المرأة في تصنيف الجيش والمجتمع لمساهماتهن، عندما أعيد تسمية يوم المدافعين الوطنيين في عام 2021 ليوم المدافعين عن حقوق الرجال والنساء في أوكرانيا.
وهناك مؤشرات أخرى؛ فوزارة الدفاع تستخدم الآن بشكل منتظم صور الجنديات في منشوراتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبًا ما تظهر المجندات الأوكرانيات في الأخبار، ويتحدثن عن تجاربهن العسكرية.
لكن وجود النساء في القوات المسلحة الأوكرانية لم يخل من الجدل؛ فبعض المحللين يحذرون من افتراض أن الصور ومقاطع الفيديو في الأخبار وعلى وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر النساء في الخطوط الأمامية تعني أنهن يتمتعن بالمساواة مع الرجال الذين يخدمون بجانبهم.
ولا يزال يتعين على النساء المجندات في أوكرانيا التغلب على شكوك القادة وزملائهن الجنود بشأن التزامهن وقدراتهن، والعقبات التي تعترض الترقية والتطوير الوظيفي، فضلاً عن الصعوبات في الأمور العملية - والمهمة للغاية - مثل الحصول على الزي الرسمي والدروع الواقية من الرصاص والأحذية المناسبة.
مشروع بحثي كبير، أطلق عليه "الكتيبة الخفية"، بدأ في عام 2015، يقوده مجموعة من علماء الاجتماع الأوكرانيين، كان ألقى الضوء على شروط الخدمة العسكرية للنساء الأوكرانيات، وحدد العوائق القانونية التي تحول دون توظيف النساء في قطاع الدفاع والأمن، بالإضافة إلى العقبات التي تحول دون حصولهن على التعليم والتدريب العسكريين.
ويقول المشروع البحثي، إن هذه الأنظمة منعت النساء في الجيش من شغل مجموعة من المناصب الفنية والقيادية، مشيرًا إلى أنه تم إزالة العديد من هذه العقبات الرسمية الآن، وتقديم مستشارين جنسانيين ومراجعات لتشجيع الثقافة العسكرية التي تكون أكثر ترحيبًا بالنساء.
كما تحسنت المواقف الاجتماعية تجاه المجندات بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية؛ فعلى سبيل المثال: ارتفعت نسبة الأوكرانيين الذين وافقوا على ضرورة منح النساء في الجيش فرصًا متساوية مع الرجال بشكل كبير من 53% في 2018 إلى 80% في 2022.
إلا أنه بالنظر إلى المجتمع الأوكراني في فترة ما بعد الحرب، فإنه من الصعب التنبؤ بما إذا كانت هذه المواقف العامة الإيجابية تجاه المجندات ستترجم إلى قبول أكبر للمرأة في الدور الجديد نسبيًا للمحاربين القدامى.