كيف يحدث التضخم أحياناً مدفوعًا بارتفاع التكلفة؟
وما مميزاته وعيوبه؟
إن أيّ تضخم في الاقتصاد يمكن أن يكون ضارًا بسبب تآكل القوة الشرائية للمستهلكين ما لم يتم رفع الأجور لمواكبة الزيادة في الأسعار. بيد أن تضخم دفع التكلفة لا يختلف عن أي تضخم وهو يحدث بسبب الزيادة في أسعار مدخلات الإنتاج؛ مثل المواد الخام والعمال وغيرها، فيؤدي ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج إلى ارتفاع تكاليف المنتج أو الخدمة النهائيّة.
ولكن ما الفرق بين تضخم دفع التكلفة وتضخم جذب الطلب
- تضخم جذب الطلب: يحدث تضخم جذب الطلب عندما تؤدّي زيادة النقد المعروض إلى تحفيز إجمالي الطلب على السلع والخدمات في الاقتصاد؛ مما يعمل على زيادة الإنتاج، ويؤدي ذلك الطلب المتزايد إلى ارتفاع أسعار المنتجات.
- تضخم دفع التكلفة: يحدث تضخم دفع التكلفة بسبب الزيادة في أسعار مدخلات الإنتاج مثل المواد الخام والعمال وغيرها فيؤدي ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج إلى ارتفاع تكاليف المنتج أو الخدمة النهائيّة.
أسباب تضخم دفع التكلفة
- بشكل عام، أي عامل يزيد من تكاليف المنتجين في سلسلة التوريد يمكن أن يؤدي إلى تضخم دفع التكلفة.
لنلقِ نظرة على بعض الأسباب الشائعة التي يمكن أن ترفع تكاليف الإنتاج وتؤدي إلى تضخم دفع التكلفة.
- زيادة تكاليف العمالة: إذا زادت الأجور دون تحقيق مكاسب إنتاجية مقابلة، كما قد يحدث إذا نجحت النقابات في التفاوض على معدلات أجور أعلى، فسيكون لدى الشركات أموال أقل بعد دفع رواتب عمالها. يمكن تحميل تكاليف العمالة المتزايدة على المستهلك عن طريق رفع السعر الإجمالي للمنتج النهائي.
- زيادة الضرائب: إذا فرضت الحكومة ضرائب جديدة على سلع معينة، أو على استيراد وتصدير سلع معينة، فإن هذه التكاليف يمكن أن تزيد من إجمالي تكلفة الإنتاج للمنتج. وللأسف، تخلق هذه التكاليف إما ربحًا أقل للأعمال التجارية - أو على الأرجح - تكلفة أعلى للمستهلك.
- نُدرة المواد الخام: في بعض الأحيان يصعب العثور على المواد الخام في حالة حدوث كارثة طبيعية أو اندلاع حرب أو أي حدث آخر يعطل سلسلة التوريد. عندما يحدث هذا، ستحمل الشركات تكاليف الإنتاج المتزايدة على المستهلكين عن طريق زيادة السعر الإجمالي للمنتج النهائي.
- قد تؤدي أحداث أخرى إلى تضخم دفع التكلفة إذا تسببت في ارتفاع تكاليف الإنتاج. يمكن أن يكون هذا بسبب محدودية العرض أو ارتفاع الطلب أو تأثير الحكومة.
- غالبًا ما يعتقد المستهلكون أن التضخم أمر سيئ، ولكن يمكن أن يكون هناك إيجابيات وسلبيات عند حدوثه.
فيما يلي أهم مزايا تضخم دفع التكلفة شيوعًا، والتي تشبه إلى حد كبير أي نوع من أنواع التضخم.
إيجابيات تضخم دفع التكلفة
- أجور أعلى للعمال: تؤدي الزيادات في تكلفة الإنتاج المرتبطة بمستويات الأجور المرتفعة إلى عمال يتمتعون بقوة اقتصادية أكبر. وهو الأمر الإيجابي بالنسبة لهؤلاء العمال.
- زيادة قوة الإنفاق الاستهلاكي: خلال المراحل الأولى من التضخم، يتمتع المستهلكون بمستوى متزايد من القوة الشرائية، خاصة إذا لم يتم تعديل أسعار الفائدة. الأمر الذي يمكن أن يخلق النمو الاقتصادي ويحفز سلوكيات الإنفاق القوية.
- هوامش ربح أعلى للموردين: إذا كان نقص العرض هو السبب الجذري لتضخم دفع التكلفة، فقد يتمكن الموردون من فرض أسعار أعلى وجني هوامش أعلى. مما يعود بالنفع على المساهمين في هذه الشركات نتيجة لذلك.
سلبيات تضخم دفع التكلفة
- زيادة الأسعار: يتم رفع أسعار السلع أو الخدمات نتيجة أي تضخم. يمكن أن يؤثر هذا على سلوك الإنفاق إذا لم يكن المستهلكون قادرين على تلقي المزيد من الأجور مقابل عملهم، حيث سيكون لديهم أقل للإنفاق على المنتجات التي تكلف أكثر.
- انخفاض الطلب: إذا لم يتم زيادة الوظائف والأجور، فيمكن أن يتسبب التضخم في الواقع في انخفاض الطلب. إذا كان لدى المستهلكين أموال أقل لإنفاقها، فلن يتمكنوا من الاستمرار في الإنفاق بأسعار أعلى.
- خلق حالة من عدم اليقين: تتمثل إحدى أكبر مشكلات التضخم في أنه يخلق حالة من عدم اليقين لدى المستهلكين والمستثمرين والشركات على حدٍ سواء.
في ظل حالة عدم اليقين يكون من غير المرجح أن تتخذ الشركات والمستهلكون قرارات هامة. يمكن أن يؤدي هذا إلى انخفاض في الإنفاق والاستثمار، والذي عادة ما يكون ضارًا بالاقتصاد.
مثال على تضخم دفع التكلفة
- لعل أحد الأمثلة الشهيرة على حدوث تضخم دفع التكلفة هو أزمة النفط في الفترة ما بين عامي 1973-1974 عندما خفضت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) الإنتاج بأكثر من 25% بسبب عدم الاستقرار السياسي في منطقة الشرق الأوسط.
- أدى ذلك إلى زيادة ليس فقط في أسعار البنزين ولكن أيضًا في زيت التدفئة، ما أدى إلى قفزة في مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 11% تقريبًا.