استمرار المعارك في السودان ومخاوف من وقوع سكان الخرطوم تحت "حصار كامل"

تواصلت المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الثلاثاء، حيث أفاد شهود عيان بسماع دوي الانفجارات وأصوات الاشتباكات في الخرطوم، فيما عبّر سكان من العاصمة السودانية عن خشيتهم من وقوعهم تحت "حصار كامل"، خصوصا في جزيرة توتي الواقعة عند ملتقى النيل الأبيض والأزرق، والتي تربطها جسور بوسط الخرطوم وأيضا بضاحية بحري.

نشرت في: 06/06/2023


نص:فرانس24تابِع


أفاد شهود عيان بسماع دوي الانفجارات وأصوات الاشتباكات الثلاثاء في الخرطوم، مع استمرار المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، فيما يخشى سكان العاصمة السودانية من مغبة وقوعهم تحت "حصار كامل".
وللأسبوع الثامن تواليا، تستمر المواجهات بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وسط تحذير منظمات الإغاثة من "أزمة إنسانية هائلة" في هذا البلد.
في السياق، أفاد سكان من العاصمة السودانية بوقوع "اشتباكات بكل أنواع الأسلحة جنوب الخرطوم"، حيث سمع مواطنون "أصوات انفجارات اهتزت لها جدران المنازل". كما أكد آخرون سماع "أصوات قصف بالمدفعية الثقيلة من مراكز للجيش في شمال أم درمان" بشمال غرب العاصمة.


كذلك، تحدث شهود في جزيرة توتي الواقعة عند ملتقى النيل الأبيض والأزرق وسط الخرطوم، عن أن قوات الدعم منعت سكان الجزيرة من عبور الجسر الذي يربطها بوسط العاصمة الخرطوم، كما منعتهم من استخدام قوارب العبور إلى ضاحية بحري.



وقال محمد يوسف، وهو أحد القاطنين في الجزيرة التي يقدّر عدد سكانها بحوالي 30 ألفا: "هذا حصار كامل. إذا استمر لأيام ستنفد المواد الغذائية من المتاجر". مضيفا: "أصبح من غير الممكن نقل أي مريض إلى مستشفى خارج الجزيرة" التي يخدمها مركز صحي صغير.
وعانى المقيمون في العاصمة والذين يقدّر عددهم بزهاء خمسة ملايين نسمة، كغيرهم من سكان البلاد، من تراجع حاد في مستوى الخدمات والمواد الغذائية منذ بدء النزاع. وتشير التقديرات إلى أن مئات الآلاف منهم تركوا الخرطوم.
"أوبئة ومجاعة وانتهاكات جسيمة ضد الأطفال"
ولم يفِ طرفا النزاع بتعهدات متكررة بوقف إطلاق النار، يتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية. وتكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني في السودان، الذي كان يعدّ من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع المعارك الأخيرة.
وقال نائب المدير الإقليمي في أفريقيا للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بيير كريمر في تصريحات للصحافيين بجنيف: "نحن نواجه أزمة إنسانية هائلة تزداد سوءا مع انهيار الاقتصاد، ونظام الرعاية الصحية". محذرا من أن التحديات ستزيد مع "اقتراب موسم الفيضانات، وأزمة الجوع التي تلوح في الأفق وتفشي الأمراض التي قد تصبح حتمية أكثر".

ويبدأ في يونيو/حزيران موسم الأمطار في السودان، وحذّر عاملون في المجال الطبي والإغاثي من أنه قد يعزل أجزاء من البلاد، ويزيد من خطر تفشي أوبئة وأمراض مثل الملاريا والكوليرا.
وكان مكتب بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) حذّر الإثنين من أن الوضع في العاصمة السودانية ومحيطها "لا يزال... مبعث قلق كبير". كما أشار إلى أن الأوضاع في إقليم دارفور غربيّ البلاد "تستمر في التدهور"، مؤكدا أن مسؤولي حقوق الإنسان: "يوثقون حاليا عشرات الحوادث، بما في ذلك القتل والاعتقالات وحالات الاختفاء المحتملة والهجمات على المستشفيات والعنف الجنسي وغيرها من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، التي ارتكبتها أطراف النزاع".
ما مصير المفاوضات برعاية سعودية-أمريكية؟
ورغم إبرام الطرفين أكثر من هدنة خلال الفترة الماضية، لكنهما دائما ما تبادلا الاتهامات بخرق كل منها. وشهد الأسبوع الماضي تعليق مباحثات استضافتها مدينة جدّة بوساطة سعودية-أمريكية بعد انسحاب الجيش منها. لكن السعودية والولايات المتحدة التي يزور وزير خارجيتها أنتوني بلينكن المملكة الثلاثاء، دعتا الأحد للعودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق نار جديد.
والثلاثاء، أفاد مجلس السيادة السوداني عن تلقي البرهان اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان. وبينما أكد البرهان "الثقة في منبر جدة بما يقود إلى سلام مستدام"، جدد ضرورة "التزام المتمردين بالخروج من المستشفيات والمراكز الخدمية ومنازل المواطنين وإخلاء الجرحى وفتح مسارات تقديم المساعدات الإنسانية حتى يحقق منبر جدة نجاحه". يأتي ذلك بعد يومين من إعلان قوات الدعم تلقي دقلو اتصالا من بن فرحان، أكد فيه أيضا "دعمنا لمنبر جدة".
وأسفرت المعارك التي اندلعت في 15 أبريل/نيسان، عن مقتل أكثر من 1800 شخص، وفق مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها. إلا أن الأرقام الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.
وتسببت الحرب بنزوح أكثر من مليون ونصف المليون شخص، بينهم 425 ألفا لجأوا إلى دول الجوار. وتؤكد الأمم المتحدة أن 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف عدد السكان، باتوا الآن بحاجة للمساعدة والحماية.


فرانس24/ أ ف ب