تواجه محطات معالجة مياه الصرف الصحي تحديا يتمثل في إزالة تلك الملوثات العضوية الناشئة، والتي تحتاج إلى مواد وتقنيات وآليات جديدة للتعامل معها، وهو ما يعطي لهذه الدراسة الجديدة أهمية خاصة.
استخدم الباحثون بلورات مسامية مستخرجة من المستخلصات النباتية ومنها فاكهة الرمان لتنقية المياه من الملوثات الصناعية (غيتي)
توصل فريق علمي من "جامعة ستوكهولم" (Stockholm University)، إلى طريقة جديدة لتنقية المياه من الملوثات الصناعية والمعروفة بـ"الملوثات العضوية الناشئة" (emerging organic contaminants EOCs)، وذلك باستخدام بلورات مسامية مستخرجة من المستخلصات النباتية ومنها فاكهة الرمان.
ووفق البيان الصحفي الصادر عن جامعة ستوكهولم في 24 مايو/أيار الماضي فإن البلورات المستخلصة من الرمان تعمل على التقاط وتحليل جزيئات المستحضرات الصيدلانية وغيرها، والموجودة في مياه الصرف الصحي.
الملوثات العضوية الناشئة
ووفق ما جاء في دراسة نشرتها دورية "نيتشر ووتر" (Nature Water)، فإن ضمان توفر المياه العذبة يعد تحديا أساسيا على المستوى العالمي، حيث يتعرض 80% من سكان العالم لخطر ندر ة المياه أو انعدام الأمن المائي.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب المياه دورا أساسيا في توازن النظام البيئي والحفاظ المستمر على التنوع البيولوجي عبر كوكبنا، ولهذا فإن تنقية المياه من الملوثات ومنها تلك التي تعرف باسم الملوثات العضوية الناشئة في محطات معالجة مياه الصرف الصحي التقليدية أمر بالغ الأهمية.
محطات معالجة مياه الصرف الصحي تحتاج إلى تقنيات جديدة لإزالة الملوثات العضوية الناشئة (غيتي)
والملوثات العضوية الناشئة تشمل المستحضرات الصيدلانية ومنتجات العناية الشخصية والأصباغ ومبيدات الآفات والمنتجات البيطرية والصناعية، والتي أصبح وجودها بتركيزات تتراوح من ميكروغرام إلى نانوغرام لكل لتر سببا لتأثيرات سلبية على الكائنات الحية، وهو ما يزيد من القلق على التدهور البيئي.
وتواجه محطات معالجة مياه الصرف الصحي تحديا يتمثل في إزالة تلك الملوثات العضوية الناشئة، والتي تحتاج إلى مواد وتقنيات وآليات جديدة للتعامل معها، وهو ما يعطي لهذه الدراسة الجديدة أهمية خاصة.
الأطر المعدنية العضوية لإزالة الملوثات
يقول بيان جامعة ستوكهولم إن إزالة الملوثات من الماء عن طريق استخدام مواد مسامية تتصرف مثل الإسفنج، يمثل إحدى الإستراتيجيات لحماية البيئة من أضرار الملوثات العضوية الناشئة، وهو ما دفع الباحثين إلى إجراء دراسات عن استخدام "الأطر المعدنية العضوية" (Metal Organic Frameworks MOFs)، وهي نوع من المواد المسامية النانوية المصنوعة من أيونات المعادن والجزيئات العضوية، حيث تصنع معظم الأطر العضوية المعدنية باستخدام جزيئات عضوية اصطناعية.
والأطر العضوية المعدنية المسامية الجديدة طورها الباحثون باستخدام جزيء طبيعي موجود في النباتات يسمى "حمض الإيلاجيك" (Ellagic acid)، وهو مُركّب بلّوري، أصفر اللون، يوجد في العديد من الفواكه الحمراء، والتي تشمل التوت والفراولة والعليق، والتوت البري، والرمان وبعض المكسرات مثل الجوز وأيضا لحاء الأشجار.
الباحثون يأملون في استخدام التقنية الجديدة في تطبيقات بيئية مختلفة (جامعة ستوكهولم)
يقول إريك سفينسون، طالب دكتوراه في قسم المواد والكيمياء البيئية "من خلال الجمع بين حمض الإيلاجيك الذي تم استخراجه من قشر الرمان أو لحاء الشجر مع "الزركونيوم" (Zr)، وهو عنصر كيميائي يوجد بشكل واسع في الطبيعة، طوّرنا إطارا عضويا جديدا عالي المسامية أطلقنا عليه اسم "إس يو- 102" (SU-102)، وقد تم بالفعل اختبار أداء هذا الإطار العضوي الجديد، وتم استخدامه في معالجة المياه في منشأة الصرف الصحي المحلية.
وأظهرت النتائج أن الإطار المعدني الجديد أزال العديد من الملوثات الصيدلانية التي لم يكن قد تم إزالتها بالكامل في منشأة معالجة مياه الصرف الصحي، حيث تمكن المركّب من تحطيم الملوثات باستخدام الضوء في عملية تعرف باسم التحلل الضوئي.
وقال سفينسون إن المشروع كان مثيرا لهم للغاية حيث أتيحت لهم الفرصة للعمل مباشرة مع عينات المياه من محطة المعالجة، وبالتالي التطبيق العملي للمادة الجديدة في حل مشكلة بيئية ملحة. وأضاف "نأمل في يوم من الأيام أن يتم استخدام "إس يو- 102″ على نطاق أوسع وأيضا في تطبيقات بيئية أخرى".