تقنية جديدة لإنتاج الطاقة من رطوبة الهواء (جامعة ماساتشوستس أمهيرست)
توصل باحثون إلى ابتكار طريقة لإنتاج الكهرباء من رطوبة الهواء باستخدام جهاز يمكن صنعه من أي مادة تقريبا.
دورية "أدفانسد ماتيريالز" (Advanced Materials)، نقلت عن الباحثين قولهم إن التصميم الجديد يمكن أن يسحب الكهرباء من قطرات الماء المنتشرة في الهواء لفترات أطول بكثير مما كانت تتيحه التقنيات السابقة، ليمثّل بذلك مصدرا مستمرا ومستداما للطاقة ويفتح آفاقا جديدة لتوليد الكهرباء نظيفة ومنتظمة.
جهود حديثة لإنتاج الكهرباء من الهواء
ويحتوي الهواء على كميات متفاوتة من الرطوبة، وهي عبارة عن جزيئات بخار الماء المجتمعة في قطرات صغيرة جدا، ويمكن لهذه القطرات أن تحمل في أطرافها شحنات كهربائية صغيرة جدا، يمكن استخدامها في تشكيل صواعق ذات شحنات كهربائية عالية جدا حال وضعت في ظروف مناخية معينة.
ورغم أن هذه الظاهرة ليست جديدة، فإن العلماء لم يهتموا بدراسة إمكانية استخدام هذه الطاقة المخبأة في الهواء في توليد طاقة نظيفة إلا مؤخرا.
رطوبة الهواء يمكن أن تتسبب في تشكل الصواعق ذات الشحنات الكهربائية العالية جدا (شترستوك)
وتوصل الباحثون إلى هذا الكشف عبر إحداث اختلالات في الشحنات الكهربائية لقطرات المياه الموجودة في الهواء الرطب باستخدام أجهزة خاصة.
ففي العام 2020، ابتكر فريق من الباحثين من جامعة "ماساتشوستس أمهيرست" جهازا أطلق عليه "إيرجين" (Air-Gen) لتوليد الطاقة باستخدام أسلاك نانوية بروتينية مصنوعة بواسطة بكتيريا "جيوباكتر" (Geobacter)، ومكن هذا الجهاز من إنتاج الكهرباء من رطوبة الهواء.
وفي العام 2022، تمكن باحثون أستراليون من تطوير تقنية جديدة تعتمد على الرطوبة المحيطة -مثل العرق الذي ينتجه جسم الإنسان- في توليد الكهرباء باستخدام أكسيد الغرافين.
غير أن تصنيع هذه التقنيات يتطلب مواد باهظة الثمن، كما أنها تعمل لفترات قصيرة فقط، مما يمثل تحديات عملية للكفاءة وقابلية الاستخدام على نطاق واسع.
تقنية واعدة لإنتاج الطاقة من رطوبة الهواء
أما في الدراسة الجديدة، فقد طور فريق باحثي جامعة "ماساتشوستس أمهيرست"، تقنية "إيرجين" لتستخدم كل المواد المعروفة تقريبا، دون الحاجة إلى الأسلاك النانوية البروتينية، لإنتاج الكهرباء من الهواء.
ووفق بيان صحفي نشر على موقع الجامعة في 23 مايو/أيار 2023، فإن الجهاز يتكون من طبقتين رقيقتين من المادة نفسها، تحتوي العليا منها على ثقوب صغيرة جدا يقل قطرها عن 100 نانومتر، وهو مقياس أصغر بألف مرة من قطر شعرة الإنسان.
لهذه التقنية الجديدة عدة تطبيقات واعدة في توفير الطاقة للأجهزة القابلة للارتداء (شترستوك)
في هذا المقياس، تكون الثقوب كبيرة بما يكفي للسماح للماء بالمرور عبر الجزء العلوي نحو الجزء السفلي، لكنها صغيرة بما يكفي بحيث تتلامس القطرات مع المادة أثناء تحركها للأسفل عبر الفتحات. ونتيجة لذلك، يحدث خلل في الشحنات الكهربائية في الجهاز، لأن قطرات الماء تزيد من شحنة الطبقة العليا عن طريق ملامستها أثناء انتقالها إلى الأسفل.
نتائج الاختبار أظهرت أن الجهاز المجهري كان قادرا على إنتاج طاقة مستمرة تعادل عدة مئات من الملليفولت لفترة اختبار مدتها أسبوع، وهي أطول بكثير من تلك التي بلغتها التقنيات السابقة والتي لم تستمر أكثر من 48 ساعة.
ويؤكد الباحثون أن هذه الطاقة يمكن مضاعفتها بتكديس عدد كبير من الطبقات المكونة للجهاز رأسيا لتصبح منافسة لمصادر الطاقات المتجددة الأخرى مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مع ميزة كونها لا تشغل مساحة كبيرة مثل الألواح الشمسية ويمكن هندستها بأشكال متنوعة ومزجها بدقة مع بقية العناصر البيئية.
ويتوقع الباحثون أن يكون لهذه التقنية الجديدة عدة تطبيقات واعدة في مجال الإلكترونيات الدقيقة، وكذلك في توفير الطاقة للأجهزة القابلة للارتداء.