حكاية الريترو في عالم التصميم الداخلي

كانت مرحلة الريترو مفصليّة في عالم التصميم الداخلي، فقد كسر المصمّمون خلال سنواتها السائد الكلاسيكي، وأداروا ظهورهم للموروث، وتخلّوا عن تزويق المفروشات، وحفرها ونحتها، ونحوا إلى تشكيل تصاميم ذات أشكال جذّابة، منجّدة بالقماش السادة أو المنقوش بنقوش جريئة، وملوّنة بألوان نابضة بالحياة... وها هي الحقبة تستعاد اليوم، في إطار الحنين إلى الزمن الماضي الذي يسمّى بـ"الجميل".
مفروشات مميّزة

الأثاث الريترو بدأ في الظهور في منتصف القرن الماضي، ليشهد أوجه زمن السبعينيات (الصورة من Hamadani Brothers)
"تتنافس" كلّ قطعة تنتمي إلى حقبة الريترو مع غيرها حتّى تخطف الأبصار، وذلك في المساحة التي تضمّها، فهذه المفروشات المميّزة عبارة عن أرائك واسعة ذات وسائد متعددة الألوان ومقاعد فردية مطلية قواعدها بطلاء بلون الـ"كروم" أو أخرى حمراء مضيئة أو كراس منفوخة الشكل... كثيرة هي روافد الطراز الذي امتد على حقب مختلفة، ومنها: الأثاث الاسكندنافي في منتصف القرن، وأنماط الستينيات الحديثة المتعرّجة، والأقمشة الفخمة والأنماط الجريئة ذات الألوان الترابية في السبعينيات، لكن عندما يستعاد الريترو راهناً هو يحل غالباً في لوحة تستلهم من المينيماليّة.

تقول الحكاية إن الأثاث الريترو بدأ في الظهور في منتصف القرن الماضي، ليشهد أوجه زمن السبعينيات، لكنّ ثمّة تفصيل يورده مرمّم الأثاث ومهندس الديكور الداخلي ابراهيم همداني، في القصّة، مفاده "أن الطراز لم يولد بين عشيّة وضحاها زمن الخمسينيّات، لتستمرّ تأثيراته حتّى الثمانينات، إذ يطلع المتابع عن كثب على المفروشات العتيقة (فنتدج) على عناصر كثيرة منذ بداية القرن الماضي، وفي حقب والـ"باوهاوس" الـ"آرت ديكو" أوالـ"آرت نوفو"، قابلة للإدراج بسهولة تحت ما يعرف اصطلاحاً بالريترو، ولا سيّما في مجال الإضاءة.

يقول همداني لـ"سيدتي. نت" أنّه "من بلد إلى آخر، ومن مصمّم إلى آخر، تجتمع تحت عنوان الريترو أعمال ذات أقمشة منقوشة بنقوش مختلفة بعيدة من التطريز، وملوّنة بألوان نابضة بالحياة، ومنها الأحمر الفاقع والأصفر الخردلي والأزرق الكهربي وأخضر الأفوكادو، من دون التخلّي عن الألوان البنيّة والبيج والبيضاء الكلاسيكية، لكن بنسبة أقل". في تلك الحقب الزمنيّة أولى المصمّمون عناية براحة المستخدمين، وجعلوا تصاميمهم عمليّة، وجذّابة للعين، واستخدموا خامات، مثل: الـ"كروم" والنحاس والخشب والبلاستيك والجلد...
إقبال شبابي على المفروشات الريترو
سؤال مرمّم المفروشات عن سبب إقبال الشباب على المفروشات الريترو الأصيلة راهناً، يرجعه إلى الثقافة الواسعة وتقدير عمل الحرفيين والمصمّمين، فهذه المصنوعات هي "ثمار" جهد يدوي مضن عالي القيمة، وفيها الكثير من الابتكار والمواد الغالية والأصيلة. وبالتالي، ينجذب جيل الشباب إلى رفد منزله بقطعة من طراز الريترو فأكثر، مشتراة "أونلاين" أو من محلّ متخصّص في بيع المفروشات العتيقة أو متوارثة.
أمر ثان يدفع بالشباب إلى شراء مفروشات مماثلة، هو الوعي البيئي، فاقتناء قطعة مماثلة هو بمثابة عمليّة "إنقاذ" قطعة قديمة من الرمي، بعيدًا من اقتناء أخرى جديدة رائجة في السوق، مكوّناتها مضادة للبيئة، ومصنعة آليّاً، وبأعداد غير محدودة!
إلى ذلك، يثير همداني فكرة الدمج بين الطرز في الشقق المدينية المعاصرة الرائجة، أي جعل المسكن يعرف حقباً مختلفة في تأثيثه، وبصورة حرّة، بعيداً من الالتزام بمبدأ طقم المفروشات المستل من "ستايل" واحد، لتخرج لوحة الديكور انتقائية ومتعدّدة التأثيرات والألوان والمواد، من دون النحو إلى التعجيق.

قبل شراء الأثاث الريترو...


من المُستحسن البعد عن التركيز على "ستايل" واحد في التصميم بل المزج بين الأنماط (الصورة من Hamadani Brothers)
1 من الهامّ تجربة القطع في المساحة المنزليّة، قبل شرائها، إذا كان ذلك ممكناً، لأن هذه المفروشات قد لا تناسب الشقق المدينيّة الضيقة للغاية.
2 الانتباه إلى تفاصيل قطع الأثاث، بخاصّة إذا كانت مرمّمة.
3 يعبّر الطراز الريترو عن شخصيّة مرحة، وبالتالي عند دمجه بالديكور الداخلي، لا يشدّد على أن يتحقّق ديكور يتخذ هيئة "مثاليّة"، ومتناسقة، بل يفسح المجال للخيال والابتكار.

4 لا للتركيز على "ستايل" واحد بل من المُستحسن المزج بين الأنماط، لكن مع التنسيق، واختيار قطع المفروشات التي تعني لصاحب المنزل.
5 تحتاج أنواع الإضاءة العائدة إلى زمن الريترو، لا سيّما الثريّات إلى أسقف مرتفعة لتستقبلها، مع أهمّية حسن التنسيق مع الإضاءة المخفية.