صفحة 8 من 13 الأولىالأولى ... 67 8910 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 71 إلى 80 من 123
الموضوع:

قطوف أدبية - الصفحة 8

الزوار من محركات البحث: 179 المشاهدات : 1956 الردود: 122
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #71
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: July-2017
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 527 المواضيع: 238
    التقييم: 147
    آخر نشاط: 23/August/2023
    مقالات المدونة: 1
    وظيفة الشعر في الأدب العربي القديم

    تمتد جذور وظيفة الشعر إلى عمق الثقافة والحضارة ، إن لم نقل إلى الذهنية التي أنتجت هذه الثقافة، وتختلف هذه الوظيفة حسب العصور والثقافات، وتتعدد حولها الإجابات بتعدد المداخل النقدية، انطلاقا من إشكالية يلخصها السؤال المركزي التالي: عم نبحث في الشعر، هل نبحث فيه عن المعارف العامة ، أم الحكمة، أم اللغة، أم التاريخ والأنساب، أم الفن والجمال؟ وما العوامل المتحكمة في تحولات الوظيفة الشعرية وتبدلها في مختلف مراحل الشعر ؟

    و من أقدم الإجابات عن هذا السؤال المركزي تلك التي أطلقها أفلاطون، حين شيد من خياله مدينته الفاضلة، فاستبعد منها الشعراء، ظناً بأنهم جديرون بأن يملأوا عقول الناس بالأوهام والخرافات وأن يصرفوهم عن جد العمل إلى هزل القول، فكان الشعر مع أفلاطون بلا وظيفة، اللهم إلا إذا كان أناشيد تتقدم صفوف المحاربين، ترن أصداؤه في ظلال راياتهم.(1)

    أما المعلم الأول أرسطو فقد ربط وظيفة الشعر بالطبيعة الإنسانية في بحتها عن المتعة والإحساس بالجمال، فقال:"يبدو أن الشعر-على العموم- قد ولَّده سببان وأن دينك السببين راجعان إلى الطبيعة الإنسانية، فإن المحاكاة أمر فطري موجود للناس منذ الصغر، ثم إن الالتذاذ بالأشياء المحكية أمر عام للجميع".(2)

    أما حين نعرج على الثقافة العربية القديمة، فنجد للشعر وظائف متعددة بحسب الخلفية الثقافية والمقياس النقدي الموجه لرؤية الناقد، فهذا الجاحظ )ت255 هـ (يعبر عن ذلك، بقوله: " طلبت علم الشعر عند الأصمعي فوجدته لا يتقن إلا غريبه، فرجعت إلى الأخفش فوجدته لا يتقن إلا إعرابه، فعطفت على أبي عبيدة فوجدته لا يتقن إلا ما اتصل بالأخبار، وما تعلق بالأيام والأنساب، فلم أظفر بما أردت إلاَّ عند الأدباء الكتاب كالحسن بن وهب، ومحمد عبد الملك الزيات"(3).

    وفي ذلك نجد إشارات واضحة إلى مقاييس معرفية مختلفة تحدد وظيفة الشعر، فالأصمعي )ت210 هـ (بحكم مرجعيته اللغوية جعل وظيفة الشعر الاحتفال بالجزل والغريب من اللغة وبأخبار العرب وأيامهم، كما هو الشأن في شعر امرئ القيس وزهير والنابغة.أما الأخفش العالم اللغوي والنحوي الصارم فيصل وظيفة الشعر بتيسير تعلم قواعد اللغة العربية والانضباط إليها، لذلك أخرج من حرم الشعر كل بيت شعري ينتهك قواعد سيبويه، وهجومه على شعر بشار خير دليل على ذلك. أما أبا عبيدة فقد قصر وظيفة الشعر على نقل الأخبار والأيام والأنساب، في حين نجد الجاحظ، وهو يَعُدُّ أصناف النقاد واستغلالهم للشعر خدمة لأهدافهم من نحو وغريب وشاهد ومثل، يذهب بوظيفة الشعر بعيدا عن الاستشهاد به في التقعيد للغة أو فهم القرآن والحديث إلى الاحتفال بأفانين اللغة والتطريب للترويح عن النفس عند الكتاب الشعراء، الذين يبدعون الشعر صدقا وهواية لا احترافا، كابن وهب والزيات، ممن لا يحتفل بهم التاريخ الرسمي للأدب.

    وحري بنا إذا، أمام تعدد وظائف الشعر في التراث النقدي للأدب العربي، أن نبحث في الخلفيات الثقافية والمعرفية المتحكمة في توجيه الشعر وتحديد وظيفته في كل فترة من فترات هذا التراث.

    أولا: وظيفة الشعر في المرحلة الجاهلية
    يؤكد ابن رشيق في كتابه العمد أن القبيلة العربية إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها بذلك، وصنعت الأطعمة، وصُنعت الأطعمة، واجتمعت النساء، يلعبن بالمزاهر، كما يصنعن في الأعراس(4). والواقع أن الشاعر في العصر الجاهلية يوجد بيولوجيا في موضع من تجب حمايته، فهو" شخص منزلته تفوق منزلته البشر عموما، "(5) أو قل، إنه"نبي قبيلته وزعيمها في السلم وبطلها في الحرب"،(6) ووظيفته الأساسية والطبيعية، أن يكون لسان عشيرته، " يحمي عرض بني قبيلته ويخلد بلاءهم ويشارك في المعارك راشقا العدو بسهام شعرية لها قوة خارقة للعادة"،(7) ويصنع معرفتها و علمها، فيتغنى بأمجادها وأيامها وأنسابها وبمعتقداتها، ويحمي شرف الدم والعرق، إنه مرآة تنعكس عليها الصورة المثالية للجماعة القبلية.

    ولهذا نظر عرب الجاهلية إلى الشاعر نظرتهم إلى الكائن النوراني، وأنزلوا الشعراء منزلة الأنبياء في الأمم، لأنهم " لم يكن في أيديهم كتاب يرجعون إليه، ولا حكم يأخذون به"(8) ، فكان الشعر ديوان علمهم ومنتهى حكمهم، به يأخذون، وإليه يصيرون،(9) لما فيه من حكمة وعمل في قلوب الملوك والأشراف، وتأثير في نفوس أهل البأس والنجدة، وفعل في عقول أهل الأنفة والكرم. وصار الشعراء فيهم بمنزلة الحكام، يقولون فيرضى قولهم، ويحكمون فيمضي حكمهم، أمثال عمر بن كلثوم والحارث بن حلزة والنابغة .

    ولكن هذه المكانة المرموقة للشاعر والوظيفة التوجيهية للشعر لم تستمرا طويلا، إذ أصاب التغير والتحول العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية على السواء، خاصة مع ظهور مراكز الثراء القبلي والمرتبطة بالسلطة والقوة وأهمية اللسان الناطق باسمها والمعبر عنها. فدخلت العلاقة بين الشعراء و سادات القبائل أفق الربح والخسارة، "وعرف أمثال زهير بن أبي سُلمى عطايا هرم ابن سنان التي وإن لم تفسد زهيرا فقد أفسدت غيره على نحو النابغة والأعشى (10) " ممن جعلوا المديح على قدر العطية، والأوصاف على قدر النوال. وبدأ التحول من وظيفة الشعر الذي يتحد بالمجموع من القبيلة، هاديا إياها ما يراه سبيلها القويم، إلى صورة الشاعر الذي يتحد بمصالحه الخاصة ويسعى وراء المال والجاه، متنقلا بين مواطنه، فوضعت بذلك الأسس الأولى لوظيفة التكسب بالشعر، وساعد على ذلك تنافس شيوخ القبائل الكبرى وملوكها في توظيف الشعر لتأكيد مكانتهم والدفاع عن مصالحهم.

    ثانيا: وظيفة الشعر في مرحلة ما بعد الجاهلية
    إذا كان الشاعر خلال المرحلة الجاهلية مخصوصا بالرعاية والجزاء والتشريف مقابل الخدمات التي يؤديها داخل عشيرته وقبيلتيه، فمع "مجيء الإسلام يصبح الشاعر مدافعا عن العشيرة الدينية ومضطلعا، خلال حكم الأمويين، بمهمة الدعاية للعائلة الحاكمة أو الأحزاب المعارضة"، (11) فنمط الشاعر القبلي تراجع في بداية الأمر لصالح الدعوة الإسلامية، فكان دور الشاعر هو التصدي لخصوم الدعوة، والإشادة بالقيم الدينية الجديدة، ووصف الفتوح، ورثاء الشهداء، ومثل هذه التجربة شعراء كثيرون، منهم: حسان بن ثابت، وكعب بن زهير، وعبد الله بن رواحة.

    وسيتراجع دور الشاعر ثانية خلال الحكم الأموي، حين سعى إلى البحث عن المجد والثروة، إذ كانت السلطة تغذق على المداحين من مال ونعم، مما فرض على الشاعر التخلي عن قناعاته الشخصية أو أن يكيفها بكثير من المرونة لكي يحصل على التشجيع والحماية والفائدة من العائلة الحاكمة أو من الأحزاب المعارضة، فقد كان لكل حزب سياسي شاعر يتحدث بلسانه، ويدافع عن أحقيته في الخلافة، فكان الأخطل شاعر الأمويين، والكميت شاعر الهاشميين، والطرماح شاعر الخوارج، وتلخصت بذلك وظيفة الشعر خلال هذه المرحلة، في التعبير عن المعايير الثقافية السائدة، وهو مقابل ذلك مخصوص بالرعاية والجزاء.

    كما أن حياة البذخ والانحلال التي كانت قائمة خلال العصر الأموي، والتي كان ينغمس فيها الشعراء ساعدت على إضعاف الروابط القديمة، وعلى التغيير الذي طرأ على وظيفة الشعر، خاصة وأن محيط الأسر والعشائر الحاكمة قد تبنى الاحتفالية المتداولة في الإمبراطورية الساسانية، مما أدخل وظيفة الشعر في باب خدمة المصالح الحزبية أو الفردية، بعيدا عن التحليق في أجواء الفن الطليقة.(12)

    أما خلال المرحلة العباسية، فقد نزع الشعر إلى خدمة الطبقة الحاكمة والأرستقراطية، وأصبح الشاعر مستخدما بالضرورة لدى فئات المجتمع المستهلكة للثقافة، وتحولت بغداد إلى نقطة جذب قوية، شهدت إقبالا كبيرا للشعراء والكتاب على النوادي، أمثال دعبل الخز اعي وأبي نواس وأبي تمام والبحتري والجاحظ، بحثا عن اتخاذ مسار مهني أو شهرة أو تقرب من البلاط العباسي، الذي اتسع هرمية وتنظيما أكثر من بلاط سابقيهم الأموي(13).

    كما توطدت خلال هذه المرحلة مؤسسة حماية الأدب التي تضمن للشاعر وجوده وتحدد له وظيفته وقواعد نشاطه، وأصبح المسار المهني للشاعر يلزمه بكل المساومات، خاصة حين خسر الشاعر الأولوية التي كان يتمتع بها بمجرد الكف عن تمجيد القبيلة والدفاع عن شرفها وعن الحفاظ على تاريخها، موجها اهتمامه نحو مصلحته الشخصية، (14) ولم يعد الشاعر المعبر الرسمي، بل أصبح متضرعا يدفع فنه إلى مستوى ممارسة حرفة مربحة تقوم على محض التسلية، فتفرغ لإنتاج يكاد ينحصر في فن المراثي والمديح والغزل، دون أن يحلم بالتحرر من الأغراض المعهودة والصيغ الشكلية المفروضة. أما وظيفة الدعاية السياسية التي كان يقوم بها الشاعر في المرحلتين الجاهلية والإسلامية، فقد أوكلت خلال هذه المرحلة إلى الدعاة وأصبحت وظيفته في هذه الناحية محدودة جدا، مقتصرا على التسلية أو التكسب.

    إن وظيفة الشعر قد تغيرت، بتغير الظروف السوسيوثقافية المحيطة بالشاعر، فخسر الشاعر الأولوية التي كان يتمتع بها من قبل وتردت حرفته، لصالح فئة جديدة سطع نجمها، هي فئة الكتاب "التي توفر أسمى إداريي الدولة، (15) والتي تحرص على عروبة الدولة العباسية، وعلى المصالحة بين الأعراق المختلفة، وعلى حماية الأدب من خلال تثبيت قواعده التي ينبغي الامتثال لها.

    استنادا إلى ما تقدم، يطرح أمامنا السؤال التالي: هل سيبقى الشاعر في الثقافة العربية تحث رحمة الأشياء والكلمات التي تولت في أرواح الآخرين، أم أن الشاعر سيجعل روحه منبعا لشعره كما كان في أولى مراحل تشكله وفي قليل من التجارب الشعرية التي تلتها التي تلتها؟

    ( 1) قراءة جديدة لشعرنا القديم، صلاح عبد الصبور، دار العودة، بيروت، ط 3، 1982، ص10..
    (2) فن الشعر، أرسطو طاليس، ترجمة متى بن يونس، تحقيق:شكري عياد، دار الكتاب، القاهرة، ،1967،ص.36.
    (3)البيان والتبيين، الجاحظ أبو عثمان عمرو بن بحر، تحقيق وشرح عبد السلام هارون، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الرابعة، (د.ت.) ، ص.76.
    (4) العمدة في محاسن الشعر وآدابه، ابن رشيق، تحقيق:محمد قرقزان، دار المعرفة، الطبعة الأولى، 1988، ص.153.
    (5)تاريخ اللغة والآداب العربية، شارل بلا، تعريب رفيق بن وناس وجماعته، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، بيروت، 1997، ص.86.
    (6)تاريخ الأدب العربي، حنا الفاخوري، دار اليوسف للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، (د.ط) ، (د.ت) ، ص.59.
    (7)تاريخ اللغة والآداب العربية،ص.87.
    (8) غواية التراث، جابر عصفور، كتاب مجلة العربي، وزارة الإعلام، الكويت، الطبعة الأولى، أكتوبر2005،ص. 114.
    (9)طبقات فحول الشعراء، محمد ابن سلام الجمحي،قرأه وشرحه: محمود شاكر، ، (د.ط) ، (د.ت) ، ص.24.
    (10) غواية التراث،ص.115.
    (11) ينظر: الشعرية العربية، جمال الدين بن الشيخ، ترجمة مبارك حنون ومحمد الوالي ومحمد أوراغ، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى1996، ص.71.
    (12)تاريخ الأدب العربي، ص.230.
    (13) الشعرية العربية،ص.64وما بعدها.
    (14) البيان والتبيين، ج1/241.
    (15) الشعرية العربية، ص.92.

  2. #72
    صديق فعال
    جبران في مرآة نعيمة

    عقب عودته من غربته في أمريكا عام 1932 اعتزل ميخائيل نعيمة في الشخروب ليكتب كتابه الهام عن صديقه جبران خليل جبران الذي دامت صداقتهما حوالي خمسة عشر عاما من قبل تأسيس الرابطة القلمية إلى تاريخ وفاة جبران عام 1931.
    في كتابه جبران خليل جبران حياته، موته، فنه، أدبه في 356 صفحة كان فيها الكاتب فنانا أكثر من سارد للتاريخ والمؤلفات وذلك لن يغني القارئ في الولوج إلى كنه الروح الجبرانية وماهية إبداعها، في تمردها وفي رفعتها واصطدامها بضرورات العيش ونزوات الجسد، وقد استهل الكاتب الكتاب الهام بمقدمة أبان فيها عن أسباب الكتابة عن جبران بشكل مختلف وهو الكاتب والشاعر الذي طارت شهرته في الآفاق منذ قصيدة "المواكب" وكتبه اللاحقة "دمعة وابتسامة" و "عرائس المروج" و"النبي" وغيرها وهو كذلك الرسام الذي أقام المعارض وتسابق الأغنياء إلى اقتناء لوحاته، لقد كان من تلك الأسباب التي سردها الكاتب بموضوعية وأمانة مطالبة الكثير من الأدباء والفنانين الكاتب نعيمة بالكتابة عن جبران كونه عاشره وساهم معه في العمل في الرابطة ولكن بروح موضوعية لا تغرق في المديح حتى تجعل جبران الإنسان أسطورة فوق المكان والزمان وقد وقف نعيمة على الكثير من أسرار حياته وعرف منها الكثير ولا يجدر به السكوت عنها مادام جبران من صناع التاريخ الأدبي الحديث وحياته صارت ملكا للتاريخ ولقرائه يستجلون منها غوامضها وعلاقتها بحياة جبران الفكرية فهل يخون الكاتب القارئ ويسكت عما ليس يعرفه القارئ من حياة صديقه؟

    وهو لا يقصد البتة بهذه الكتابة الإساءة إلى صديقه والحط من قيمته أو تقدير نفسه وإبرازها على حسابه، ذلك أن مبالغات كثيرة اعتبرت جبران أسطورة أو هو من أنصاف الآلهة ومخرقات كثيرة رسمت له صورة في ذهن القارئ والناس بعيدة كل البعد عن صورته الحقيقية كما عرفها نعيمة وخبرها ومن تلك المبالغات ما رآه نعيمة أثناء زيارته لضريح جبران في دير مار سركيس في بشري والعبارة المكتوبة عليه (هنا يرقد نبينا جبران) التي تحولت بعد النقد إلى (بيننا) مثل هذه المبالغات أدت إلى تشويه صورة جبران مع أنه ظل إلى الرمق الأخير في صراعه مع نفسه لينقيها من كل شائبة ويجعلها نقية جميلة كالجمال الذي لمحه وعاش له وبثه بسخاء في رسومه وشعره ثم هناك التشابه بين حياة نعيمة وجبران فكلاهما شاعر وكاتب وكلاهما أدركا أن وراء المادة روحا كلية تسير الكون وإن اختلفت الحياتان في التفاصيل.

    كتاب نعيمة جدير بالقراءة لأنه يسلط الضوء على حياة جبران في أمريكا إلى أن وفاه الأجل في 10 نيسان 1931 وهذه المرحلة مهمة في تكوين جبران الفني والفكري وعلاقته بأسرته وأصدقائه من أعضاء الرابطة القلمية.

    في الجزء الأول الذي شاء له عنوانا أطلق فيه العنان لخياله "الشفق" تناول فيه نشأة جبران في بشري بلبنان وظروف الحياة القاسية وعلاقته بأبيه الذي كان مدمنا ومتخليا عن مهامه الأسرية إلى الحد الذي هاجرت فيه الأسرة إلى أمريكا أسوة بكثير من الأسر اللبنانية التي عانت الأمرين من جدب الحياة واستبداد الأتراك وإثقالهم كاهل الفلاحين بالضرائب المكلفة وهذه المرحلة لم يعرفها نعيمة إلا ما حاكاه جبران له ثم تأتي الهجرة إلى بوسطن وليس الطريق مفروشا بالورد فهناك معاناة أخرى كالنظرة الدونية إلى كل عربي والكدح وشظف العيش وتشاء الظروف أن يموت الأخ ثم الأم ثم الأخت ولم يتبق في دنيا جبران في أمريكا من أسرته غير أخته ماريانا وقد أظلمت الدنيا في عينيه إلى الحد الذي كان يتعاطى فيه المخدر ليتناسى آلامه لولا أن ساق القدر إليه ماري هاسكل المعجبة بشخصه وبفنه فتعهدته بإرساله للدراسة في باريس حيث التقى وتعلم من رودان النحات العالمي ثم رعاية معارضة في أمريكا ومساعدته ماديا 75 دولار شهريا حتى آخر يوم في عمره.

    حين عودته أقام في نيويورك في شقته التي أسماها الصومعة متأملا وقارئا ورساما متنعما بقرب هاسكل منه ورعايتها له إلى أن يأتي الحدث الهام وهو التقاء لفيف من الشوام السوريين واللبنانيين المقيمين بنيويورك والذين كانت لهم ميول أدبية ورغبة في إحياء الأدب وبعثه من سباته بترك التقليد والتكلف وميوع العاطفة والانصراف إلى الحياة بما أن الأدب هو للحياة التي حلموا بها لأوطانهم العربية حرة كريمة في كنف الرخاء والتقدم فتأسست الرابطة القلمية في نيويورك يوم 20 نيسان 1920 وعهد إلى جبران عمادتها وإلى نعيمة أمانة سرها ووليم كاتسفليس أمانة مالها، وإليها يعزى الفضل في تعريف المشارقة بأدب المهجريين عموما وقد كان يصل لماما عبر مجلة الفنون أولا التي أسسها نسيب عريضة ثم السائح لسان حال الرابطة والتي أسسها عبد المسيح حداد.وقد تلقف القراء العرب في المشرق إنتاج الرابطة بكثير من الاحتفاء خصوصا ما كان ينشره جبران من خواطر وأشعار وقصص يعطي فيها للخيال القسط الأكبر مازجا بين روحه الثائرة والطبيعة منتقدا كثيرا من الخور والجبن في الإنسان إلى الحد الذي يبتذل فيه وجوده ويرهن حريته وعلى الرغم من النقد الذي وجه إلى إنتاج الرابطة من قبل المشارقة كونه هش البناء اللغوي حتى كتب جبران مقالته الشهيرة "لكم لغتكم ولي لغتي" إلا أنه كان يكتسح ساحة المقروئية أيما اكتساح. لقد خاطبت تلك النصوص الشعرية والنثرية الوعي الباطن في العربي المرتهن للتاريخ والتقاليد وهي عبودية أشد وأنكى فأحدثت استجابة كبيرة.

    لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فالشهرة التي تمتع بها جبران والصداقة العميقة والحارة التي ربطته بأصدقائه أعضاء الربطة والمؤلفات المكتوبة بالعربية والإنجليزية والتي لاقت احتفاءا كبيرا والرسوم التي حظيت بتقدير كل معجب بفن نافذ إلى بواطن العبقرية الأصيلة لم تجد جبران فقد كان يستعد لمغادرة العالم في ريعان العمر مهدما مبقور البطن كبروميثيوس قابس النار مشدودا إلى صخرة الوجود وقد حضر نعيمة احتضار الكاتب ووصفه بتأثر شديد ولكن بشجاعة فنعيمة لا يرى في الموت إلا رحلة تتقمص فيها الروح جسدا آخر وتخوض في معمعان الحياة بجلد وكفاح حتى تتطهر من جميع خطاياها وتكون جديرة بلقاء الفرح الأبدي في رحاب الله.

    ضم الكتاب ملاحق مهمة كجنازة جبران في أمريكا ثم نقله إلى بشري مسقط رأسه ودفنه في دير مار سركيس ووصيته والرسائل المتبادلة بينهما وصورا خاصة من ألبوم نعيمة مما يجعل من الكتاب بلمسته الفنية وصدقيته وموضوعيته وثيقة أدبية وتاريخية لحياة جبران وفنه وأدبه كما جاء في العنوان الفرعي للكتاب.

    لقي الكتاب أثناء صدوره ترحيبا كبيرا من قبل الأدباء والنقاد وقد أثنت عليه ماري هاسكل نفسها لكن في المقابل أثار على الكاتب زوبعة من النقد والاعتراض والشجب كون الكتاب يكشف المستور ويعرض بجبران ويشهر بنقاط ضعفه وهي نقاط ضعف كل كائن بشري وما كان يليق بنعيمة أن يتعرض إلى ذلك وقد أفضى جبران إلى رحاب الله ، وانصب النقد على تناول نعيمة بإسهاب علاقات جبران النسائية منذ أن كان في بداية الشباب في بوسطن وقد كتب بشأن أول علاقة (ودع جبران ملاكه الحارس نحو الساعة الحادية عشر من الليل ومعها ودع صباه وعفة الصبا وطهارته وأحس عند خروجه من ذلك البيت وكأنه خارج من أتون).

    كما تعرض الكتاب لعلاقة جبران بماري هاسكل ثم إيميلي ميشيل الفرنسية المعلمة بالمدرسة التي كانت تديرها ماري هاسكل وهكذا توزع جبران بين عقل هاسكل وجسد ميشيل وكتب نعيمة بشأنهما كذلك (إن جبران تمنى لو يحل عقل ماري في جسد ميشلين) ثم علاقة أخرى نشأت مع معجبة ظل جبران يعاني الأمرين بسبب رغبته في السمو والتطهر والاحتفاء بالجمال الروحي الذي مجده ولكنه يقع في تناقض في ترديه في عالم الشهوة وما يجره ذلك من إيذاء لروحه الطامحة إلى كل جمال روحي الكامن خلف الظواهر المادية ، ولم يكن تصور رد فعل الكثيرين إزاء هذه الكشوف ليمنع نعيمة من مواصلة الكتابة والشهادة إنصافا للحقيقة وللأدب وللإنسان منبها إلى بشرية جبران لا ملائكيته وأسطوريته وصراع الخير والشر في نفسه وترديه بين عالم المثل وحواجب الحس وجبران نفسه أشاد بلقاء الأرواح فكيف يسف هذا الإسفاف:
    والحب إن قادت الأجسام موكبه
    إلى فراش من اللذات ينتـحر

    ولم يكن هذا التناقض في نفس جبران وصراع المادة والروح في داخله ليغيب عنه فد قال مرة لنعيمة (أنا نبأ كاذب، هو ضعف تردى برداء القوة وتصنع امتسح بمسحة الجمال وشهوة نهمة بدت كأنها العفة الصائمة فرأى نفسه نبأ كاذبا وهاله أن يكون ذلك النبأ في حضرة الطبيعة التي لا تعرف لا الكذب ولا الغش).

    لقد جاء جبران في ظرف تاريخي كانت الأرض فيه عطشى فكانت تلك الشآبيب الجبرانية بركة خير ولكنها تجربة تنضاف إلى تجارب إبداعية دون تعمد الغلو والأسطرة فهو روح صفت للحق فاصطفاها وتعلقت بعالم الروح والقيم والمثل في مكابدة أمام نوازع المادة وحجب الحس ولئن تعثرت مرة ومرة فقد كانت تهفو دائما إلى عالم ما وراء الحجب حيث مستودع الأرواح ومكمن الفضائل وهذا ما كان يعبر عنه في شعره وفي سائر مؤلفاته فهو أعظم كاتب ظهر في الشرق منذ أجيال وهو متفرد ليس في هذا الشرق وحده الذي لم ينجب بعد رسامين معدودين بل في الغرب الذي يعد رب الفن وموئل الفنانين.

    لقد كانت إحدى أسباب الثورة الجبرانية هو عدم توافق تأملاته وانطباعاته ومواقفه في عالمه الداخلي مع سلوكياته في العالم الخارجي فبعد النجاح الذي أحرزه ككاتب ورسام صار يسعى إلى نيل رضا الناس وإعجابهم وتضخيم رصيده في البنك وأن يكون عند حسن ظنهم متلطفا متوددا متصنعا ليزيد في تعلق الناس به ولكنه في الصميم كان يرفض ذلك ويثور على نفسه ثور ة اللاهوت على الناسوت وهذه كانت إحدى مآسيه ومكامن الصراع فيه.

    وكان أمين الريحاني من أكثر المناوئين للكتاب وكثير ممن تناولوا نتفا من الأخبار وتداولوها ولم يقرأوا الكتاب فهم يرون كما يرى الريحاني أن جبران منزه عن كل عيب بل هو النبي الذي ألف النبي ولقد هاجم الريحاني نعيمة كونه شهر بجبران وتناول أمورا تافهة ولم يستر الضعف البشري فالكتاب أنانية جارحة واسترسال في التزييف والتحقير وسخافات سيكولوجية وليس من سبب لذلك إلا الحط من قدر جيران ليبرز نعيمة وكان رد نعيمة قاسيا وغير معهود فالمألوف هو صيانة فمه عن الابتذال والعزوف عن قعقعة السلاح في المعارك الأدبية في الصحف ولكن الريحاني هيج غضب نعيمة فرد عليه بمقالة نارية غير معهودة هي الأولى والأخيرة في حياته التي سوف تمتد إلى قرن ومن تلك الردود أن الريحاني يبيض صفحته مع جبران الذي نقم عليه وجعله منبوذا في الرابطة ثم هو يحاول القضاء على نعيمة بعد بزوغ نجمه في سماء الأدب وخوفا على مكانته وهو الذي كان يصف أدب جبران بأنه عاطفة مائعة تتصنع الرقة.

    سرعان ما خبا هجوم الريحاني وترسخ في الساحة الأدبية كتاب نعيمة لقيمته الأدبية والتاريخية فقد ذهب الزبد جفاء وبقي ما ينفع الناس وطلاب الأدب.

    هو كتاب تاريخي بكل المقاييس يسلط الضوء على ما خفي من حياة جبران وصراع الفنان بين عالم الروح وعالم المادة وتوقه إلى الحرية الشاملة ثم هاجس الإبداع والنزوع نحو الكمال ذلك المبتغى الذي يسعى إليه كل عبقري دون أن يبلغه كما يسلط الضوء على ظروف نشأة الرابطة القلمية ودورها في تحريك وإثراء الساحة الأدبية العربية و يكشف جانبا كبيرا تاريخيا من معاناة اللبنانيين والسوريين في المهجر في بداية القرن فقد كانوا ينتزعون اللقمة من بين شدقي فم الأسد وصدق نعيمة إذ وصف الحياة في أمريكا كأنها في دردور أي دوامة تأخذ من عقل المرء وقلبه ووجدانه وهو الذي تركها عائدا فيما بعد ليستقر بصفة نهائية في لبنان وليعتزل الدردور واجدا السكينة والسلام اللذين طالما تغنى بهما في أدبه الشعري والنثري في أحضان الشخروب.

  3. #73
    صديق فعال

    الأدب الأنجلوفوني... إشكالية الهوية والانتماء

    على غِرار الأدب الفرانكفوني المكتوب باللغة الفرنسية من قبل أدباء غير فرنسيين من العرب والأفارقة والكنديين والبلجيكيين، ظهر الأدب الأنجلوفوني ضمن أشكال الأدب الإنجليزي الذي أثرى مكتبة المنفى وأدب المهجر من خلال كتابات العديد من الكُتّاب حول العالم والذين عاشوا في الدول التي شكلت مستعمرات بريطانية في وقت من الأوقات أو في بريطانيا أو أستراليا أو غيرها من الدول الناطقة بالإنجليزية حول العالم.

    مفهوم الأدب الأنجلوفوني
    يشير مصطلح الأدب الأنجلوفوني أو الأدب الناطق باللغة الإنجليزية إلى كافة الأعمال الأدبية المكتوبة باللغة الإنجليزية التي أنتجها كُتاب من دول كانت مُستَعمَرة تابعة للمملكة البريطانية، باستثناء الولايات المتحدة، أو هو كافة الكتابات الإنجليزية ذات القواسم اللغوية المشتركة المكتوبة من قبل العديد من الكُتّاب في مختلف الدول التي خضعت للاستعمار البريطاني، والمُعترف ضمن خطابه النقدي بأن الحكم البريطاني والأشكال المعاصرة للإمبريالية تشكل عناصر أساسية له ولموضوعاته، والذي يعرض العديد من الأحداث في سياقات تاريخية وسياسية وثقافية متباينة. ويشترك الأدب الأنجلوفوني إلى حد بعيد مع أدب الكومنولث وأدب ما بعد الاستعمار والأدب الإنجليزي، ويعرف أدب الكومنولث (بأنه كافة الأعمال المكتوبة باللغة الإنجليزية في المستعمرات البريطانية السابقة أو في الأماكن التي كانت تتمتع بوضع السيادة البريطانية وهو ما يعرف بالأدب الإنجليزي الحديث المتميز بنمطه الخيالي في سرد الأحداث التي تنتمي لتاريخ ثقافي سياسي وأنماط معينة متكررة وعرضها.

    التوزيع والنطاق الجغرافي للأدب الأنجلوفوني
    أُنتج الأدب الأنجلوفوني منذ عام 1850 وحتى اليوم في العديد من المناطق والدول حول العالم وتُصنف الكتابات في مناطق إفريقيا وجنوب آسيا ومنطقة البحر الكاريبي ومناطق الشرق الأوسط (الدول العربية) من ضمن الأدب الأنجلوفوني، وفيما يأتي نظرة عامة على كل منها:

    الأدب الأنجلوفوني الإفريقي
    أنتج الأدب الأنجلوفوني الإفريقي في دول غرب إفريقيا الخمس التي عُرفت باسم مناطق إفريقيا الناطقة باللغة الإنجليزية وهي غامبيا وسيراليون وليبيريا وغانا ونيجيريا، إضافة إلى جزء من الكاميرون، وهي البلدان المنفصلة عن البلدان الفرانكوفونية وجنوب السودان.

    الأدب الأنجلوفوني جنوب آسيا
    أنتج الأدب الأنجلوفوني في العديد من دول جنوب آسيا التي سمحت بتتبع التعددية الثقافية التي شهدتها تلك المناطق، خاصة في ماليزيا وسنغافورة، ويشار إلى أن الأدب الأنجلوفوني في جنوب آسيا خلق مشكلة الهوية والانتماء في مرحلة من المراحل حيث سمحت التعددية الاستعمارية بالخلط بين الأمة والعرق بهدف إظهار الدول القومية متعددة الثقافات، كما الولايات المتحدة الآن، كقوة استثنائية سياسية عالمية، لكن يمكن القول إن الأدب الأنجلوفوني جنوب آسيا اليوم عطل استراتيجية الخلط بين العرق والأمة للحفاظ على الهوية الخاصة به.

    الأدب الأنجلوفوني الكاريبي
    يعرف الأدب الأنجلوفوني الكاريبي بأنه الأدب المكتوب والمنتج في مناطق جزر الهند الغربية البريطانية سابقًا والمعروف أيضا باسم الأدب الأنجلوكاريبي أو أدب غرب الهند كما ذكرت العديد من المصادر التاريخية.

    الأدب الأنجلوفوني العربي
    يشير مصطلح الأدب الأنجلوفوني العربي إلى كافة الأعمال الأدبية المكتوبة باللغة الإنجليزية من قبل أدباء ذوي أصول عربية، والذي تعود جذوره إلى بدايات القرن العشرين ميلادي، ويذكر أن العديد من الكتاب العرب أثروا مكتبة الأدب الأنجلوفوني وخاصة في مجال الرواية ومن أبرزهم جبران خليل جبران وإبراهيم جبرا وهشام مطر وخالد مطاوع وليلى أبو العلا وغيرهم العديد، وبرزت العديد من الموضوعات في الأدب الأنجلوفوني العربي التي من أهمها:
    قضية الشرق والغرب. الهوية. العلاقة مع الآخر. اندماج العربي في المجتمعات الغربية. المهاجرون. اضطهاد المرأة. جرائم الشرف.

    وفرض الأدب الأنجلوفوني العربي وجوده على القارئ الغربي، خاصة على كل المهتمين بالدراسات ما بعد الكولونيالية (وهي الدراسات المهتمة بتأثير الاستعمار الجديد المعاصر وتأثير تاريخ الاستعمار على البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية على المجتمعات). ويذكر أن الأدب الأنجلوفوني العربي كُتِبَ على نحو أساسي من قبل أدباء يقيمون في المهجر، خاصة في بريطانيا أو أستراليا أو في الولايات المتحدة، والذين تجمعهم عدة خصائص مشتركة وهي:

    استخدام اللغة الإنجليزية بتصنيفها لغة ذات فائدة مزدوجة من قبل كافة الكتاب العرب في العديد من الدول، فهي وسيلة تسهم في إنجازهم الأدبي وتساعدهم على شهرتهم ورأوها وسيلة سهلت عملية التواصل مع جمهورهم الجديد في الدول التي هاجروا إليها أو هاجروا منها أو شكلت منفى لهم. برع الأدباء العرب في مختلف الدول السابق ذكرها في استخدام اللغة الإنجليزية إلى درجة فاجأت العديد من نقاد الأدب الغربيين الذين أشادوا بأداء العرب وتمرسهم في استخدام اللغة الإنجليزية وتوظيفها في المجال الأدبي.

    أشهر أدباء الأدب الأنجلوفوني

    أدباء الأدب الأنجلوفوني الإفريقي

    برز العديد من الأدباء الأفارقة الناطقين بالإنجليزية ومن أبرزهم:
    بيتر أبراهامز. تشينوا أتشيبي. أما أتا أيدو. آي كوي أرماه. آلان باتون. وولي سوينكا.

    أدباء الأدب الأنجلوفوني الكاريبي
    إدوارد كاماو براثويت. بيريل جيلروي. ويلسون هاريس. إيرل لوفليس. صموئيل سيلفون. ديريك والكوت.

    أدباء الأدب الأنجلوفوني جنوب آسيا
    مالك راج أناند. روسكين بوند. روهينتون ميستري. بهاراتي موخرجي. روبندرونات طاغور.

    أدباء الأدب الأنجلوفوني العربي
    أمين الريحاني
    برز أمين الريحاني ضمن أشهر الأدباء الأنجلوفونيين وهو لبناني الأصل ولد عام 1876م وتوفي عام 1940م، ويعد أحد مؤسسي الرابطة القلمية (جمعية أدبية أنشأها أدباء مهاجرون ذوو أصول سورية ولبنانية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدًا في نيويورك) وأحد منظري القومية العربية، وأنتج الريحاني ما يقارب 29 عملًا باللغة الإنجليزية، إضافة إلى العديد من المؤلفات باللغة العربية، وأنتج العديد من الأعمال في مجال الترجمة والشعر والسياسة والتاريخ والفكر، ومن أهم مؤلفاته الإنجليزية زنبقة الغور وجادة الرؤيا وأغاني صوفية واللزوميات وجيهان وكتاب خالد.

    وبرز العديد من الأدباء العرب على غرار أمين الريحاني، ومن أهمهم:
    جمال محجوب. رابح علم الدين. مهجة قحف. فادية الفقير.

  4. #74
    صديق فعال
    اللغة العربية... الهوية التي تربط أكثر من 400 مليون شخص

    افتخر العرب في شبه الجزيرة العربية بلغتهم ونظموا من خلالها الأشعار التي كانت وسيلة لإظهار الفخر والرثاء والحب والولاء وغيره، وأطلقوا عليها اسم "لسان العرب"، وما بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وانتشار الإسلام، بدأت اللغة العربية في الانتشار حتى وصلت إلى أقصى الغرب (المغرب)، وأصبحت في الوقت الحاضر لغة رسمية لأكثر من 20 دولة في العالم ويتحدث بها أكثر من 420 مليون شخص، وهي اللغة الأم لأكثر من 300 مليون شخص حول العالم، وتُعدّ سادس لغة عالمية بعد الإنجليزية والصينية والفرنسية والروسية والإسبانية، وتُعرف بأنها لغة أكثر من مليار ونصف مسلم حول العالم. واختلطت اللغة العربية، مع امتداد الإمبراطورية الإسلامية، مع لهجات الدول التي أصبحت تحت سيطرتها، ولصعوبة استخدام اللغة العربية الفصحى في المحادثات اليومية نتجت العديد من اللهجات العربية الجديدة تحت مظلة اللغة العربية، ويشار إلى أن اللغة العربية مع مرور الوقت تطورت بحيث أنتجت نسخة أسهل وأخف وزنًا من العربية الفصحى الخام وعرفت باسم اللغة العربية الفصحى الحديثة . ويشار إلى أن اللغة العربية الحديثة تستخدم بشكل رسمي في جميع الدول العربية وتُعدّ وسيلة التواصل والإعلام والصحف والأخبار والإعلانات التجارية والمؤتمرات والمحاضرات والمدارس والكليات، وليست كاللغة العربية الفصحى التي تُعدّ لغة أدبية، أي لا يُتحدث بها لغة أصلية.

    مفهوم اللغة العربية
    تعرف اللغة العربية بأنها إحدى اللغات السامية التي استطاعت البقاء مقارنة باللغات الأخرى المنتمية للسامية مثل الكنعانية والنبطية والبابلية والحبشية، وتتميز بأصواتها غير المتوفرة في اللغات الأخرى ونظامها النحوي الكامل. ويمكن تعريف اللغة العربية أيضًا بأنها اللغة التي يتحدث بها سكان الوطن العربي إضافة إلى العديد من الدول المجاورة مثل بعض مناطق تركيا والأهواز وتشاد ومالي ونيجيريا وغيرها من الدول الإسلامية حول العالم مثل أندونيسيا وماليزيا وغيرها. أو هي لغة القرآن الكريم المحافظة على وجودها عبر عدة قرون، المتميزة ببلاغتها وجماليتها وبيانها ونظامها الصوتي والصرفي والنحوي والتركيبي، ذات الدلالات اللفظية الخاصة التي لا يمكن استخدامها بشكل عشوائي بعيدًا عن قواعدها أو دمجها مع لغة أخرى حيث تفقد خصائصها ومعانيها.

    تاريخ اللغة العربية
    وفقًا للدراسات اللغوية التاريخية، تعود جذور اللغة العربية إلى 2000 ق.م كإحدى اللغات السامية، إلا أنها أصبحت شائعة الاستخدام والانتشار ما بعد القرن الخامس ميلادي، ويُقال إن قريش هي أول القبائل العربية التي تحدثت العربية الفصحى، ومن ثم كتبت ونقّطت وشكلت ما بعد وفاة الرسول صلى الله عليه واله وسلم. وتشير بعض الدراسات إلى أن الكتابة العربية الأولى نشأت في شمال الحيرة (مدينة بائدة في العراق) في الفترة ما بين القرنين 4 – 9 ميلادي، بينما تبين دراسات أخرى أنها نشأت في جنوب شبه الجزيرة العربية من حمير (اليمن) في الفترة 110 ق.م – 525م، ويجب الإشارة إلى أن أصل اللغة العربية موضوع جدل لم يحسم بعد نتيجة العديد من الاكتشافات الأثرية التي تحدث العديد من التغيرات على نظريات أصل اللغة العربية. وفي عام 2014م، اكتُشف أقدم نقش عربي في نجران في السعودية من قبل بعثة فرنسية سعودية، ويشار إلى أن النص المكتوب يتطابق مع ألواح حجرية تعود تاريخيًا إلى 470 م، وغالبًا ما يعتقد أن هذا النص هو نص يربط العربية بالنبطية ويمثل المرحلة الأولى من مراحل الكتابة العربية.

    وفيما يأتي موجز تاريخ اللغة العربية عبر خط زمني يبين أهم الأحداث التي أدت لنشأة اللغة العربية وتطورها:
    • الفترة 333 – 400 ميلادي: استوطنت عدة قبائل شبه الجزيرة العربية وعبروا سيناء مصر وأقامو في هذه المنطقة القصور والعمارة، والتي بقي منها القليل حتى يومنا الحالي.
    • الفترة 500 – 600 ميلادي: كانت العربية اللغة الرسمية والمنطوقة للقبائل في شبه الجزيرة العربية وهذه هي الفترة التي انتشر فيها الإسلام وبعث فيها الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم في شبه الجزيرة العربية، ويشار إلى أن هذه الفترة ضمت بعض السجلات المكتوبة التي تعود بتاريخها إلى ما قبل 600 ميلادي إلا أنها لا تُعدّ لغة عربية وإنما مجرد نقوش قصيرة، وفي القرن السابع الميلادي كانت اللغة العربية واسعة الانتشار.
    • الفترة 700- 1100 ميلادي: بدأت اللغة العربية في هذه الفترة تتشكل وتأخذ مكانتها وصُنفت ضمن اللغات القديمة السامية وضمن مجموعة الافرو الاسيوية للغات العالمية.
    • الفترة 1200 – 1300 ميلادي: انتشرت اللغة العربية في منطقة الوطن العربي والتي تشمل اليوم السعودية واليمن والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت والعراق وسوريا والأردن ولبنان ومصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، وأصبحت اللغة المستخدمة في كافة التعاملات الرسمية وغيرها.
    • الفترة 1400 – 1500 ميلادي: أخذت العربية خصائصها العامة فعرفت بأنها تكتب من اليمين إلى اليسار وتتكون من 28 حرفًا، واستُخدمت في العديد من الإنتاجات الأدبية والعلمية، وبحلول عام 1500 ميلادي كانت اللغة العربية لغة أكثر من 100 مليون عربي.
    • الفترة 1500 - 1600: انتشرت العربية خلال هذه الفترة في أقصى الشرق حيث وصلت إلى أندونيسيا، وفي أقصى الغرب حيث وصلت إلى البرتغال، خاصة بعد أن حلت محل لغات شمال القارة الإفريقية وبلاد الشام، وما بعد ذلك انتشرت اللغة العربية كما نعرفها في الوقت الراهن.

    خصائص اللغة العربية
    تتميز اللغة العربية عن غيرها من اللغات بعدة خصائص فريدة وفيما يأتي ذكرها وبيانها:
    • تتكون اللغة العربية من 28 حرفًا لكل حرف 4 أشكال حيث يكون له شكل في أول الكلمة ووسطها وأخرها، إضافة إلى الشكل المفرد الحر.
    • تتميز اللغة العربية بصعوبة نطقها نتيجة وجود الحروف الساكنة والمتحركة.
    • تعتمد اللغة العربية على نظام قواعدي يستند على الجذور الثلاثية، فمعظم الكلمات العربية هي كلمات تتكون من 3 أحرف تدل على معنى معين ويضاف إليها أحرف مختلفة بحيث تأخذ معنى جديد له علاقة بالمعنى الأساسي، مثال ذلك كلمة كتابة هي من الجذر "كَتَبَ" والتي يمكن أن يشتق منها عدة كلمات مثل تكاتبنا ومكتب ومكتبة.
    • تتميز اللغة العربية بتفردها واستخدامها علامات الترقيم لتحديد المعنى العام والسياق للجملة.
    • تتميز اللغة العربية باستخدام المترادفات التي تساعد على إيصال المعنى في قوالب متعددة، ويقصد بالمترادفات الكلمات المختلفة التي تحمل نفس المعنى إن وضعت في سياق واحد مثل (وفير وكثير).
    • تتميز اللغة العربية بالتقسيم والتفصيل مما يجعلها من أكثر اللغات وفرة وغزارة بالمفردات والمعاني، إذ يمكن أن نجد في اللغة العربية أنواع وصفات الأصوات والحركات والألوان والحيوان والروائح وأسماء الطعام والطبيعة وغيرها.

    أنواع اللغة العربية
    يمكن تقسيم اللغة العربية إلى ثلاثة أقسام أو أنواع رئيسة وهي:

    • اللغة العربية الفصحى: اللغة العربية الفصحى هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، وغالبًا ما يشار إليها باسم اللغة القرآنية، وهي اللغة المحسنة من لغة العصور الوسطى والأساس التي انبثقت عنها اللغة العربية الحديثة، وغالبًا ما تتميز اللغة العربية الفصحى بعدم احتوائها على الكلمات المحكية في الحياة اليومية.
    • اللغة العربية الفصحى الحديثة: هي اللغة العربية المستخدة عبر العديد من وسائل الإعلام والتواصل وغيرها، وهي التي تساعد على تحقيق الفهم العام لجميع العرب نتيجة اختلاف اللهجات التي تعيق الفهم أحيانًا، وتحتوي على العديد من المفردات مقارنة باللغة العربية الفصحى التي نزل بها القرآن الكريم، ويشار إلى أن هذه اللغة ليست حديثة فهنالك العديد من الأعمال الأدبية والعلمية والدينية كتبت باللغة العربية الحديثة في الفترة الذهبية الإسلامية.
    • العامية العربية: تُعرف اللغة العربية العامية بأنها لغة غير رسمية تختلف من منطقة لأخرى وتضم العديد من الأنواع واللهجات وتستخدم في الحياة اليومية لتسيير أمور الحياة.

    فروع اللغة العربية
    تضم اللغة العربية الحديثة أربعة فروع أو لهجات أساسية وهي:
    • المصرية: تنتشر اللهجة المصرية على نحو رئيسي في مصر وهي من أكثر اللهجات العربية ذات الشهرة والانتشار، إذ يمكن سماعها في العديد من البرامج التلفزيونية والأفلام والمسلسلات، وتُعدّ من أكثر اللهجات العربية فهمًا على مستوى الوطن العربي.
    • المغربية: يتحدث أكثر من 70 مليون شخص في الوطن العربي اللغة المغاربية وغالبًا ما يتركزون في شمال القارة الإفريقية، ويشار إلى أن المغاربية تأثرت وبدرجات كبيرة بالإحتلال فهي تضم العديد من المصطلحات الفرنسية والإيطالية مما يجعلها تتميز بالتنوع والاختلافات.
    • الخليجية: يتحدث اللهجة الخليجية 36 مليون ناطق أصلي في العالم العربي وغالبًا ما تنتشر هذه اللهجة في الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين،والكويت والمملكة العربية السعودية وعمان والعراق واليمن، وتتضمن أيضًا العديد من الاختلافات في المفردات وطريقة النطق للكلمات إلا أنها في الغالب متشابهة.
    • الشامية: يتحدث اللغة العربية الشامية أكثر من 21 مليون شخص في الوطن العربي وأهم ما يميز هذه اللهجة أنها تستخدم لغة منطوقة ومكتوبة، وهي منتشرة في لبنان وسوريا وفلسطين، وهي ثاني أكبر لهجة عربية منتشرة عبر قنوات الإعلام بعد اللهجة المصرية، ويشار إلى أن اللغة العربية الشامية تطورت بصورة أساسية عن الآرامية.

  5. #75
    صديق فعال

    الأدب الصيني... المفهوم والتاريخ والخصائص وأشهر الأدباء

    يُعرف الأدب الصيني بأنه أحد أقدم الآداب في العالم ويعود بتاريخه إلى ما قبل عام 1030 ق.م، وهو متطور عن الكتابة الصورية المعروفة باسم نصوص جياجوين ( Jiaguwen)، المستخدمة في ممارسة العرافة في الحضارة الصينية القديمة. يُشار إلى أن الأدب الصيني تضمن أقدم الكتابات الفلسفية التي من أهمها كتابات كونفوشيوس ولاو تزو، والتي انبثقت عنها الفلسفة الكونفوشوسية والطاوية لتتعدد بعد ذلك أشكال الأدب إذ ظهر شعر النثر والرواية كأشكال أدبية جديدة.
    ومن الجدير ذكره أن الحضارة الصينية أول من اخترع الطباعة سواء المنقولة أم الخشبية ومارستها النخبة المتعلمة من وقت مبكر في التاريخ الصيني مما عزز الاهتمام بالأدب والإنتاج الأدبي على المستوى العالمي، بما في ذلك الشعر الصيني الكلاسيكي والروايات الكلاسيكية الأربع العظام وأعمال الأدباء المعاصرين.

    مفهوم الأدب الصيني
    الأدب الصيني هو مجموع الأعمال الأدبية المكتوبة باللغة الصينية المتضمن أعمالًا شعرية وغنائية وكتابية وتاريخية وتعليمية ودرامية وخيالية، والمرتبط بتاريخ ما يقارب 3000 سنة، والمحتفظ بهويته بواسطة اللغة الصينية في مختلف الجوانب المكتوبة والمنطوقة على الرغم من التغيرات التاريخية الطارئة عليه ووجود اللهجات الأقلية والمحلية.

    تاريخ الأدب الصيني وتطوره
    اشتهر الأدب الصيني بامتداده التاريخي عبر عصور الأسرات مما جعله من الآداب المعقدة لاتساع موضوعاته وللتغيرات التي طرأت عليه، وفيما يأتي أهم المراحل التاريخية لتطور الأدب الصيني:

    الأدب الصيني خلال فترة حكم أسرة شانغ (1050-1700 ق.م)
    تشير السجلات التاريخية إلى أن أسرة شانغ تحتفظ بأدلة مثيرة ترتبط بعمليات الكتابة الأولى في الحضارة الصينية، إذ وجدت بعض الآثار التاريخية شمال وسط الصين تتضمن كتابات هيروغليفية على الأواني البرونزية وعظام أوراكل، والجدير ذكره أن نظام الكتابة تطور لاحقًا إلى الأحرف الصينية الرمزية (إيديوغرامية) والصوتية جزئيًا.

    الأدب الصيني خلال فترة حكم أسرة تشو (1045-255 ق.م)
    عُرفت هذه الفترة بفترة الأدب الفلسفي والديني في الأدب الصيني إذ أنتج خلالها أعظم الأعمال الأدبية التي أصبحت أساسًا للمعتقد الديني والاجتماعي في الحضارة الصينية، وكانت أبرز المدارس الأدبية في هذه الفترة الطاوية والكونفوشوسية، وظهرت العديد من المدارس الدينية المختلفة، وغالبًا ما يطلق الصينيون على هذه الفترة اسم المائة مدرسة فكرية. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الفترة تنقسم إلى فترتين أساسيتين وهما: فترة الربيع والخريف الممتدة من 770 وحتى 476 ق.م إذ نشأت فيها الأعمال الأدبية الكلاسيكية الكونفوشيوسية والطاوية، وفترة الممالك المتحاربة الممتدة من 475 وحتى 221 ق.م والتي عُززت فيها الأعمال الأدبية ذات العمق الفلسفي والديني للحضارة الصينية. ويشار إلى أن العديد من أعمال هذه الفترة لم تصل إلينا ويعود السبب في ذلك إلى أن الحكام المهيمنين آنذاك حاربوا التعبير الفلسفي الذي يتعارض مع تعبيراتهم الخاصة، إضافة إلى حرق الكتب التي تعود لهذه الفترة في عهد أسرة تشين.

    الأدب الصيني في فترة أسرة تشين (206-221 ق.م(
    تشكل هذه الفترة نقطة مفصلية في تاريخ الأدب الصيني إذ أمر الإمبراطور في هذه الفترة بتقليص مائة مدرسة فكرية واختزالها في مدرسة واحدة، وحارب الأدب البوذي والذي نتج عن إنشاء الفلسفة البوذية المبكرة آنذاك، إضافة إلى أمره بإتلاف الكتب في جميع أنحاء الإمبراطورية وقتل العديد من العلماء والفلاسفة الكونفوشيوسيين. ومن ناحية أخرى، عملت أسرة تشين على إفساح المجال للكتب التي تتناول الموضوعات الطبية والزراعية بالانتشار والبقاء، ووحدت اللغة الكلاسيكية المكتوبة التي تطور عنها لاحقًا نظام الكتابة الصينية الحديثة، والجدير ذكره أن الهدف من توحيد اللغة في هذه الفترة هو السيطرة على المجتمع الصيني وإتاحة الفرصة للتواصل بصورة أوضح وأسهل.

    الأدب الصيني خلال فترة حكم أسرة هان (206ق.م- 220م)
    شهدت هذه الفتره اختراع أهم عناصر الكتابة ألا وهو الورق من قبل كاي لون (Cai Lun)، مما أحدث ثورة في عالم الأدب، ومع بداية هذه الفترة وبعد سقوط إمبراطورية تشين أُعيد إحياء الكونفوشيوسية ونشرها وبرزت الأعمال التاريخية والعلمية بصورة أساسية كأعمال مميزة لهذه الفترة، والجدير ذكره أنه على الرغم من اختراع ورق الكتابة، لم يمتد النشر على نطاق واسع خلال عهد أسرة هان.

    الأدب الصيني في عهد أسرة تانغ (618-907م)
    تُعدّ فترة حكم أسرة تانغ من أهم الفترات في الأدب الصيني إذ انتشرت الطباعة بشكل كبير وبرز الشعر كأهم شكل أدبي في الأدب الصيني، ويُعد دو فو ولي باي من أهم الشعراء الصينيين آنذاك وحتى يومنا الحالي إذ أنتج لي باي ما لا يقل عن 1000 قصيدة ضمن موضوعات عدة وكذلك دو فو الذي كتب أكثر من 1000 قصيدة تعكس مفاهيم عدة أهمها الموت والحياة الريفية البدائية.

    الأدب الصيني في عهد أسرة سونغ (1279-960م)
    تميزت هذه الفترة بانتشار الطباعة باستخدام القوالب الخشبية وانتشار أدب السفر والشعر والنصوص العلمية والكلاسيكيات الكونفوشيوسية الجديدة، ونُشر العديد من النصوص العلمية وأطالس وكتب شعرية مهمة في هذه الفترة.

    الأدب الصيني في عهد أسرة يوان (1368-1279م)
    تميزت إمبراطورية يوان بحجمها وتطورها التقني مما أكسب الأدب خصائص جديدة إذ عبّر بعيدًا عن المفاهيم الدينية والفلسفية عن الدراما والروايات الخيالية والدراما الدامية، وأنشئت العديد من المسارح الأوبرالية الدامية لعرائس الظل آنذاك، وهو ما عزز الإنتاج الأدبي بشكل كبير.

    الأدب الصيني في عهد أسرة مينغ (1644-1368م)
    يُعدّ عهد أسرة مينغ الأساس في انطلاق الرواية الصينية وغالبًا ما تميز أدب هذه الفترة بتقليد الكتابة الصينية لأدب أسرة تانغ وهان والكتابة باللغة الصينية التقليدية.

    الأدب الصيني في عهد أسرة تشينغ (1911-1644م)
    انتشرت الرواية على نطاق واسع في عهد أسرة تشينغ وكُتبت أهم الروايات العالمية الكلاسيكية آنذاك التي من أهمها حلم الغرفة الحمراء، ويُشار إلى أن أدب هذه الفترة تأثر بالأدب الغربي مما أحدث بعض التغييرات الثقافية عليه والتي من أهمها الإنتاج الأدبي الخيالي الشبيه بالغربي.

    الأدب الصيني الحديث (1912م وحتى يومنا الحالي)
    أدت التغيرات على نظام الحكم ونهاية السلالات إلى تغيير شكل الأدب الصيني إذ تم التخلي عن الكتابة باللغة الكلاسيكية القديمة، وأُفسح المجال أمام الأدب النسائي إذ أصبحت المرأة تتمتع بمكانة أكبر في المجتمع الصيني، وبرزت العديد من المؤلفات الأدبية ذات التوجهات السياسية خلال هذه الفترة. وخلال فترة انتشار الشيوعية ما بعد عام 1923م، مُنع العديد من أنواع الأدب وسمح فقط بالكتابة ضمن توجهات محددة تقبلها الحكومة.

    خصائص الأدب الصيني
    تميز الأدب الصيني بالعديد من الخصائص وفيما يأتي أهمها:

    الغاية الأخلاقية
    تأسس الأدب الصيني في بداية الأمر لتحقيق غايات أخلاقية اجتماعية إذ ساعد الأدب الصيني في مراحل عدة عبر التاريخ على حكم البلد وضبط المنظومة الأخلاقية الاجتماعية، فيقول أحد الشعراء المشهورين خلال عهد أسرة تانغ إن الكتابة أنشئت من أجل توضيح الأخطاء الحالية وتقديم المشورة العلاجية.

    المرونة
    تمتع الأدب الصيني بالمرونة والانفتاح فهو قادر على احتواء كل جديد من حيث الشكل والأسلوب الأدبي، إذ تطورت الأشكال الأدبية في الأدب الصيني بشكل كبير ويذكر على سبيل المثال القصيدة، إذ كانت تكتب من 4 أحرف ثم 5 ثم 7 ثم تطور الأسلوب من الأسلوب التقليدي الكلاسيكي إلى الأسلوب الحديث وكذلك الأمر مع النثر والرواية.

    التأثر بالثقافات الأخرى
    تأثر الأدب الصيني وخاصة الحديث بالعالم الغربي على الرغم من وجود بعض الجذور القديمة لعمليات الترجمة للكتب البوذية المقدسة في وقت مبكر من تاريخ الأدب الصيني، وساعد على ذلك عمليات الترجمة للروايات الأمريكية والروسية إلى الصينية.

    الاتساق
    تطور الإدب الصيني الشعبي جنبًا إلى جنب مع الأدب العلمي مما ساعد في تطور الأدب الصيني عامة وازدهاره، وتجدر الإشارة إلى أن التطور في الأدب الشعبي أو العلمي نتج عن العديد من المدارس الفكرية التي فاقت 100 مدرسة عبر التاريخ.

    أشهر أدباء الأدب الصيني
    ضم الأدب الصيني العديد من الأسماء البارزة وفيما يأتي ذكرها والتعريف بها:

    تشو يوان (Qu Yuan)
    ولد تشو يوان عام 339 ق.م وتوفي عام 278ق.م وعرف شاعرًا خلال فترة الممالك المتحاربة، ومن أبرز أعماله الشعرية قصيدة لي ساو والتي هاجم خلالها المحكمة التي رفضت الاستماع إلى نصائحه.

    وانغ وي (Wang Wei)
    عرف وانغ وي شاعرًا وموسيقيًا ورسامًا بوذيًا متدينًا، إذ ألّف العديد من القصائد التي تتميز بمحاكاتها للمناظر الطبيعية، ويُعرف وانغ وي باسم بوذا الشعر وقال فيه الشاعر سو شي "في شعره رسم والشعر في لوحاته".

    شي نيان (Shi Nai'an)
    يُعدّ شي نيان المولود عام 1372م من أشهر الأدباء الشعبيين الذين ألفوا أول الروايات الكلاسيكية الأربع العظام في الأدب الصيني بعنوان هامش الماء أو حافة الماء، ويشار إلى أن السيرة الذاتية لشي نيان ليست بالكبيرة إذ لا يعرف عنه الكثير.

    لو قوانتشونغ (Luo Guanzhong)
    عرف لو قوانتشونغ بإنتاجه الأدبي الغزير وينسب إليه الرواية الرومانسية الممالك الثلاث، إحدى أهم الروايات الأربع الكلاسيكية في الأدب الصيني التي تضم 750 ألف شخصية وتتحدث عن قصة ثلاث ممالك خلال قرن.

    وو تشنغن (Wu Cheng’en)
    يُعدّ وو تشنغن أحد أهم الروائيين الصينيين والذي أنتج ثالث أهم رواية من روايات الأدب الكلاسيكي العظام بعنوان رحلة إلى الغرب والتي تميزت بأسلوبها البارع في الحوار واحتوائها على العديد من القصائد إلى جانب الموضوعات الدينية.

    تساو شيويه تشين (Cao Xueqin)
    ألف تساو شيويه تشين رابع أهم رواية من روايات الأدب الكلاسيكي العظام بعنوان حلم الغرفة الحمراء والتي تروي قصة عائلة أرستقراطية وسقوطها، والجدير ذكره أن الرواية نشرت في نسختين النسخة الأولى تضم 80 فصلًا والنسخة الثانية مكونة من 120 فصلًا نشرت بعد وفاته عام 1791م.

  6. #76
    صديق فعال

    لوحة تمثل الأدب الصيني (متحف اللغة الصينية)

    لماذا لا يزال الأدب الصيني غير رائج عربياً؟
    بعد سلسلة من الترجمات وعقب عشر سنوات على فوز مويان بجائزة نوبل
    علي عطا

    لا يزال الأدب الصيني يعاني من تدني مستوى تلقيه عربياً، على الرغم من أن الاهتمام به تزايد في شكل ملحوظ على الساحة الثقافية العربية عقب حصول الروائي الصيني مويان على جائزة نوبل في الآداب 2012 وصدور روايته "الذرة الرفيعة الحمراء" مترجمة إلى العربية عن الصينية مباشرة، عن المركز القومي للترجمة في القاهرة في العام التالي. عطفاً على صدور ترجمات أعمال أخرى للكاتب نفسه في العامين التاليين ومنها: "الحلم والأوباش" (دار العين) و"الثور" (الهيئة العامة لقصور الثقافة)، و"الصبي سارق الفجل" (الهيئة المصرية العامة للكتاب) و"التغيير" (الدار العربية للعلوم) ، إضافة إلى رواية "الضفادع" التي صدرت عن شركة المطبوعات بترجمة عن الفرنسية.



    رواية "زوجات ومحظيات" بالترجمة العربية (دار مسعى)

    وقد أصدرت دار مسعى سلسلة من الروايات الصينية الحديثة عربتها المترجمة المصرية يارا المصري التي فازت بجائزة المترجمين الشباب من الصينية إلى العربية، ومن هذه الراويات "زوجات ومحظيات" الرواية البديعة التي حققت نجاحاً عالمياً وتحولت فيلماً سينمائياً. وتزامنت تلك الطفرة مع تأسيس مركز إقليمي في القاهرة لمؤسسة "بيت الحكمة"، وهي مؤسسة ثقافية تعنى بالترجمة من الصينية إلى العربية والعكس، بالتعاون مع كثير من دور النشر والمؤسسات الثقافة في مصر وغيرها من الدول العربية، وكذلك معهد كونفوشيوس التابع لجامعة القديس يوسف في بيروت. وبعد مرور نحو عشر سنوات على الاهتمام على أعلى مستوى بنشاط الترجمة من الصينية إلى العربية، لا تزال أسماء كثير من الأدباء الصينيين البارزين مجهولة في أوساط القراءة باللغة العربية، على الرغم من صدور ترجمات عربية لعدد كبير من الأعمال الأدبية الصينية لكتاب صينيين يمثلون مختلف الأجيال والتيارات الأدبية في الصين، والذين صدرت لعدد منهم ترجمة عربية لأكثر من عمل مثل الروائي الصيني المعاصر يوهوا، ليوجين يون، سوتونغ، إضافة إلى الأعمال التي صدرت لبي فيي يو، وليوشين وو، وما تمت ترجمته من الأدب النسوي لعدد من المبدعات الصينيات مثل جانغ جييه، وانغ آن إي، تييه نينغ، تشه تزه جيان، جانغ كانغ كانغ وأخريات.


    الكاتب المصري أحمد سعيد رئيس "بيت الحكمة" مع الروائي الصيني النوبلي مو يان

    طفرة كبرى ولكن
    وكما يقول الرئيس التنفيذي لمؤسسة "بيت الحكمة" في القاهرة المترجم والباحث أحمد السعيد، فإنه خلال السنوات القليلة الماضية شهدت حركة الترجمة العربية الصينية طفرة كبرى تكاد تعادل أضعاف ما ترجم خلال ستين عاماً من عمر العلاقات العربية الصينية، ويعود الفضل في ذلك بشكل أساسي للتوافق الكبير في الرؤى والتطلعات لدى حكومات وشعوب المنطقة العربية والصين، إضافة إلى إطلاق الصين للمبادرة الدولية المهمة "الحزام والطريق" التي من أهم أهدافها، ربط قلوب الشعوب، ولا شك أن للكتاب الدور الأكبر في ذلك لكونه رسول الثقافة والمعرفة بين الشعوب وخير جليس ودليل، ويقدر حجم التبادلات في مجال النشر والترجمة بين الصين والدول العربية خلال الست سنوات الأخيرة بأكثر من ألف عنوان تقريباً شاركت فيها أكثر من 30 دار نشر عربية بالتعاون مع أكثر من 70 ناشراً صينياً، وتنوعت مضامين المؤلفات بين السياسة والاقتصاد والتاريخ والأدب والثقافة العامة وكتب الأطفال، وتلك الأخيرة تحتل الرصيد الأكبر ضمن مشاريع التعاون، وأصبحت الكتب الصينية المترجمة للعربية خلال السنوات الأخيرة تحتل مكانة ومكاناً ثابتين بالمكتبات والمعارض العربية، وحلت السعودية والإمارات كدولتي ضيف الشرف في معرض بكين الدولي للكتاب الذي يعد واحداً من أكبر خمسة معارض كتب دولية بالعالم، وجاءت الصين كضيف شرف لكل من معرض أبو ظبي الدولي للكتاب في عام 2017، ومعرض الجزائر الدولي للكتاب في عام 2018.

    ويرى أحمد السعيد أن الأعمال غير الأدبية المترجمة من الصينية إلى العربية تحقق مبيعات أعلى نسبياً من تلك الأعمال الأدبية "التي نترجمها من الصينية إلى العربية"، لأن الصين بالنسبة إلى القارئ العربي لا تزال غير معروفة بالقدر الذي يجعله قادراً على التفاعل مع ما ينتجه أدباؤها. وهكذا يجد القارئ العربي نفسه مدفوعاً أولاً إلى معرفة ثقافة هذا البلد- يقول السعيد- عبر أعمال غير أدبية. وبالتالي؛ "فإننا نعمل في الاتجاهين منذ ما يقرب من عشر سنوات، ونلاحظ تقدماً معقولاً في انتشار الأدب الصيني المترجم إلى العربية بفضل حرصنا على تحرير ما نترجمه بواسطة محررين محترفين واختيار عناوين جاذبة، كما حدث مثلاً مع رواية "الطلاق على الطريقة الصينية" للكاتب ليو جين يون، وعنوانها هذا ليس هو عنوانها الأصلي الذي كان سيواجه بصعوبة فهمه لو أبقينا عليه، بما أنه مرتبط تماماً بتفاصيل في الثقافة الصينية لا يعلمها القارئ العربي".


    رواية صينية بالعربية (دارالمتوسط وبيت الحكمة)

    الحاضر والمستقبل
    وعن تجربته الشخصية في مجال الترجمة من الصينية إلى العربية من خلال "بيت الحكمة" وغيرها من دور النشر المعنية بالأدب الصيني ورؤيته لراهن ذلك المجال ومستقبله يقول المترجم يحيى مختار: "اللغة الصينية واحدة من أصعب اللغات وأكثرها انتشاراً، حيث يتحدث بها ما يفوق نسبة 20 في المئة من سكان العالم وهي اللغة الرسمية للصين والعديد من دول شرق آسيا، كما أنها إحدى اللغات الست العاملة في الأمم المتحدة، ويعود تاريخها إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام، كما أنها لغة تصويرية، غنية بالمدلولات الثقافية، وليس بها حروف أبجدية كسائر اللغات، وينعكس هذا على صعوبة تعلمها، وبالتالي صعوبة إتقانها، وهو ما يؤثر بالتالي على حركة الترجمة منها وإليها".

    ويضيف مختار: "بدأت الترجمة من الصينية إلى العربية بشكل فعلي في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي على يد عدد من الطلاب الصينيين الوافدين للدراسة في الأزهر، واستمرت الترجمة من الصينية إلى العربية قاصرة على المستعربين الصينين إلى أن بدأ تدريس اللغة الصينية في مصر أواخر سبعينيات القرن العشرين، وتخرج دفعات من الدارسين المصريين في منتصف الثمانينيات، حيث بدأ هؤلاء الدارسون في عملية الترجمة من العربية إلى الصينية بشكل فعلي في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، وبمرور الوقت بدأت عملية ترجمة الأدب الصيني إلى العربية في الانتشار، ولكن ببطء نظراً لقلة أعداد المتخصصين في الأدب الصيني مقارنة بالإنتاج الأدبي الصيني الضخم، وظلت كثير من روائع الأدب الصيني بعيدة عن متناول القارئ العربي باستثناء محاولات أخرى قليلة للترجمة من لغات وسيطة".

    ويلاحظ مختار أن عدد الدارسين تزايد في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ وظهرت أجيال جديدة من المترجمين من الصينية إلى العربية، ولكن قلة منهم هم من يتجهون لترجمة الأعمال الأدبية نظراً لصعوبتها ومتطلباتها من حيث المهارات اللغوية، فاقتصر كثير من هؤلاء المترجمين على ترجمة الكتب الاقتصادية والسياسية وغيرها من المؤلفات البعيدة عن الأعمال الأدبية.


    روايات صينية بالعربية (بيت الحكمة)

    هناك سبب آخر- يستطرد مختار- هو عزوف معظم الدارسين عن البحث والدراسة في الأدب الصيني لأسباب تتعلق بصعوبة المحتوى النظري لدراسة الأدب الصيني داخل الجامعات والذي يفتقر معظمه إلى التبسيط والتحديث، وهو ما انعكس على عزوفهم عن ترجمة الأدب الصيني لاحقاً.

    ويضيف مختار سبباً آخر هو صعوبة إتاحة حرية اختيار الأعمال المترجمة، حيث إن غالبية مشروعات الترجمة من الصينية إلى العربية هي مشروعات تطرحها وتدعمها الحكومة الصينية ولكن الجهات الحكومية الصينية هي في الوقت نفسه التي تحدد الأعمال المدرجة ضمن هذه المشروعات، التي قد لا يتوافق غالبيتها مع ذائقة القارئ العربي من حيث كونها غارقة في المحلية ومشبعة بالفلسفة الصينية التي قد تبدو صعبة الاستيعاب لفئة كبيرة من القراء غير المتخصصين، أضف إلى ذلك الإسهاب السردي الطويل ووجود كثير من خلفيات الأحداث الثقافية والتاريخية والمسميات المعقدة للأماكن والشخوص وغيرها التي قد تصيب القارئ بالحيرة والرتابة. هذا طبعاً– يقول مختار- بخلاف تأخر ظهور الأدب الصيني المترجم في المنطقة العربية وقلة شهرة الكتاب الصينيين على الساحة العالمية، أضف إلى ذلك الصورة النمطية للصين التي ترتبط بكونها مصدراً لبعض المنتجات ذات الجودة المنخفضة.


    رواية "الثور" لمويان (هيئة الكتاب)

    الاتكاء على الرمزية
    تعتبر دار "العربي" القاهرية من أكثر دور النشر في مصر إقبالاً على نشر الأعمال الأدبية المترجمة من لغات مختلفة ومنها أعمال صينية، من أبرزها رواية الكاتب يان ليان كه "أيام، شهور، سنوات"، التي ترجمها محمد عبد العزيز إلى العربية، علماً أنها صدرت في لغتها الأصلية عام 1997. هذه الرواية مشيدة على نسق الواقعية السحرية، فنجد الشمس شخصية رئيسة في مواجهة رجل عجوز قرر أن يتحداها ومعه كلب أعمى، بعدما اضطر أهل المكان إلى مغادرته حتى لا يهلكهم الجفاف. المكان يقع في منطقة جبلية يعيش سكانها على الزراعة. الزمان غير محدد، لكن بالنظر إلى بدائية ناس المكان فإنه على الأرجح يسبق الزمن الراهن، وإن كان من الصعب الجزم بذلك في ظل ما نعرفه عن مجتمعات معزولة عن محيطها المتطور لأسباب مختلفة. ومع ذلك يمكن التعاطي مع هذا العمل، بحسب ناشر ترجمته العربية، على أنه ينطوي على قصة رمزية عن الصين وعن مرحلة في تاريخها أسهمت في بنائها كما نعرفها الآن.

    ويقول مدير دار "العربي" الناشر شريف بكر: "نولي ترجمة الأدب الصيني المعاصر إلى اللغة العربية الاهتمام الذي يستحقه؛ لكننا نلاحظ أنه لا يلقى الرواج المنتظر مقارنة بأعمال أخرى يابانية وكورية مثلاً. وهذا يرجع إلى طبيعة الأدب الصيني الذي يخضع في معظمه إلى رقابة صارمة من جانب السلطات الرسمية في الصين، من ناحية ولأن عوالمه تفتقر إلى الزخم الاجتماعي بسبب سياسة الطفل الواحد التي سادت في هذا البلد حتى وقت قريب من ناحية أخرى. فيصعب أن تجد في رواية صينية عائلة من أب وأم وأبناء وأخوال وأعمام وخالات وعمات وتتنوع في ثناياه العلاقات الاجتماعية البديهية في محيط إنساني. من هنا تبدو تلك الأعمال غير مستساغة بالنسبة إلى الذائقة العربية إلى حد كبير. مع ذلك يظل هناك هامش لأعمال أدبية صينية نهتم بترجمتها إلى العربية ولا تنطبق عليها الملاحظات السابقة. وهي أعمال نترجمها من لغة وسيطة مثل الإنجليزية. هذه الأعمال هي لكتاب من خارج دائرة المرضي عنهم سياسياً في الصين. وهؤلاء يكتبون عادة بتحرر أكبر من نظرائهم ممن يدورون في فلك ما تريده الدولة. وبالتالي فإنهم لا يحظون بأي دعم رسمي في بلدهم، بل يصنفون على أنهم معارضون يغردون خارج السرب".

    ثقافة مهمة
    ومن جانبه يقول الروائي والمترجم أحمد عبد اللطيف بوصفه رئيس تحرير "سلسلة الجوائز" القاهرية المعنية بنشر ترجمات للأدب من لغات مختلفة: "أظن الأدب الصيني مهم مثل بقية الآداب الأخرى، وإن كان لا يصل للأدب الأوروبي أو الأميركي، لكنه يعبر عن شعب ضخم ويسلط الضوء على ثقافة مهمة. ويضيف أنه سيصدر في "سلسلة الجوائز" قريباً مجموعة قصصية بعنوان "مكياج" للكاتبة وي وي، وبترجمة ميرا أحمد، لتضاف إلى أعمال صينية أخرى سبق أن صدرت ضمن السلسة نفسها، وكان بعضها بالتعاون مع "بيت الحكمة".

    وتقول رئيسة تحرير السلسلة نفسها سابقاً الروائية والمترجمة سهير المصادفة: "كان من ضمن أولوياتي عندما دشنت "سلسلة الجوائز"، أن نترجم أدباً لم يترجم إلى اللغة العربية من قبل، ومن جميع اللغات، كانت وما زالت الهوة واسعة بيننا وبين ملاحقة الأدب الأجنبي في العالم، وبالتالي كنت متحمسة لترجمة ونشر الأدب الأفريقي والروسي المعاصر واليوناني، وقبل كل ذلك الصيني. كنا لا نعرف كثيراً عن الأدب الصيني، فبدأنا أنا والمترجم الدكتور أحمد السعيد في العمل من خلال بروتوكول للترجمة المتبادلة من وإلى اللغة العربية، وقد بدأت المبادرة قبل أن يفوز مويان بجائزة نوبل للآداب". وتضيف المصادفة: "ثقافة الدكتور أحمد السعيد الصينية فتحت لنا أبواباً للاتفاق مع أهم المترجمين، وتمهيد الطريق أمام تحقيق المزيد من الإنجازات في إطار العلاقات الثقافية الصينية المصرية، ولكن هذا البروتوكول مع الأسف لم يستمر"!


    رواية "الثور" (الدار العربية للعلوم)

    وتستطرد المصادفة: "المدهش أن الصين تدعم ثقافتها وأدبها وكتابها بشكل لا محدود، بالتأكيد بسبب نهضتها الاقتصادية والتكنولوجية والفكرية، ويقينها بأن الأدب والفنون والثقافة بشكل عام هي القاطرة التي تنهض بالمجتمع على جميع الأصعدة. وجدت تسهيلات في الحصول على حقوق الملكية الفكرية، وأهم العناوين لكتاب صينيين من أجيال مختلفة؛ وببلوغرافيا كاملة عنهم، حصلت عليها من اتحاد الكتاب الصيني. تنظيم مدهش لكل شيء؛ من المستحيل أن تسأل عن كاتب ما أو كتاب ما إلا وتجده، ومن الصعب أن تطلب دعماً إلا ويبادرون بتقديمه، فهم كأي أمة متفوقة يحرصون على تصدير أدبهم وفنهم وثقافتهم إلى العالم".

    وتؤكد المصادفة أنها كانت سعيدة بهذا العمل بالذات، "فلقد أتاح لي أيضاً التعرف إلى المشهد الأدبي الصيني المعاصر، والكلاسيكي الممتد في عمق آلاف السنين من تاريخ الحضارة الصينية؛ حكاياتها الشعبية، وأمثالها، ومأثوراتها، وعاداتها وتقاليدها، وعمارتها وحلياتها... مدهش ومذهل أن يكتب روائي بالرموز نفسها التي استخدمها جدوده منذ سبعة آلاف سنة مثلاً!

    أشرفت على ترجمة ونشر أكثر من عشرين عملاً؛ ما بين روايات وقصص وكلاسيكيات، ومن العثرات التي قابلتني وأحزنتني: توقف هذا الجهد، وأيضاً موقف رفض إحدى المترجمات عن اللغة الصينية ترجمة عمل لمويان لأنه يكسر من وجهة نظرها أكثر من ’تابو’!".

    أظن- تقول المصادفة- إن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من ترجمة الأدب الصيني، وأيضاً قراءته، بعد أن نتجاوز هذه المرحلة الحرجة، التي لا يزال فيها الأكثر مبيعاً هو كتب الرعب الخفيفة والكتب الرومانسية الرديئة... "في النهاية، أنا متفائلة- تاريخياً- وأعرف أن الأدب الجيد سيقرأ ولو بعد حين".

    تفاعل بين ثقافتين
    ويقول حسانين فهمي حسين، وهو من أبرز المترجمين من الصينية إلى العربية، إن تلقي الأدب الصيني في الوطن العربي يتمتع بخصوصية تتمثل أولاً في أنه جاء متأخراً زمنياً ومختلفاً كمياً عن استقبال آداب أجنبية أخرى، كالأدب الفرنسي، والإنجليزي، والأميركي، والروسي، والألماني، والإسباني، والأميركي الجنوبي، والإيطالي، وهو ما تعبر عنه الإحصائيات الخاصة بالأعمال المترجمة عن هذه الآداب مقارنة بالأدب الصيني، ومثال على ذلك صدور الترجمة العربية لرواية "الذرة الرفيعة الحمراء" مطلع عام 2013، ففي حين كانت هذه الرواية قد صدرت قبل ذلك مترجمة إلى خمس عشرة لغة أجنبية منذ أول ترجمة صدرت لها إلى اللغة الإنجليزية عام 1993، لم يكن القارئ العربي يعلم شيئاً عن هذه الرواية التي تعد من أهم الأعمال في حقبة الأدب الصيني المعاصر، كما أن هناك عدداً من الكتاب الصينيين صدرت لأعمالهم ترجمات إلى لغات أجنبية مختلفة وحققت نجاحاً وشهرة واسعة في ترجماتها المختلفة، لم يصدر لأعمالهم حتى الآن ترجمات عربية.

    وخير مثال على ذلك الأعمال الأدبية لجيل ما يعرف بالرواد أو أدب الطليعة الذين ظهرت أعمالهم على الساحة الأدبية منذ عام 1978، أمثال الكتاب سوتونغ الذي حازت روايته "ضفة النهر" على جائزة الدورة الثالثة لجائزة البوكر الآسيوية عام 2009 (صدرت في مارس 2015 أول ترجمة لمجموعة قصصية للكاتب الصيني سوتونغ بعنوان "الفرار في عام 1934")، وخان شاو قونغ، مايوان، وانغ آن إي، قه فيي، ماي جيا، ليوجين يون وغيرهم من الكتاب المعاصرين، الذين تأخرت ترجمة أعمالهم إلى العربية إلى ما بعد سنوات من تتويج الأدب الصيني بنوبل 2012.

    ويضيف: "ثانياً: بدأ تلقي الأدب الصيني عربياً من خلال التلقي الترجمي، وذلك منذ خمسينيات القرن العشرين بتعريب أعمال أدبية صينية عبر لغات وسيطة كالألمانية والإنجليزية والفرنسية لا عن اللغة الأصلية لتلك الأعمال. حيث تم آنذاك تعريب مجموعة من الأعمال الأدبية لكتاب صينيين كبار على رأسهم رائد الأدب الصيني الحديث لوشون (1881-1936). كما عُرِّب بعض من ركائز الفلسفة الصينية على رأسها كتاب "الطاو" للفيلسوف الصيني الشهير لاوتسو الذي صدر ضمن سلسلة الألف كتاب عام 1966. ثالثاً، يضيف فهمي: كانت الخلفية الاجتماعية والسياسية للأعمال الأدبية الصينية التي عُرِّبت في مصر وسوريا والعراق في خمسينيات القرن العشرين تتناسب مع الظروف التي كان يعيشها الشعب العربي.

    تطور ملحوظ
    رابعاً، بحسب فهمي، تعدى استقبال الأدب الصيني في العالم العربي في خمسينيات القرن العشرين مرحلة تلقي القارئ العربي للعمل الإبداعي الصيني إلى تأثر بعض الكتاب العرب بما عُرِّب من أعمال، وانعكس ذلك في بعض إبداعاتهم الأدبية، مثل المترجم المصري عبد الغفار مكاوي الذي تأثرت إبداعاته الأدبية سواء القصصية أم المسرحية بما عربه أو قرأه عن الأدب والفلسفة الصينيين.

    ويلحظ فهمي تطوراً طرأ على استقبال وتلقي الأدب الصيني في العالم العربي بعض التحسن منذ أواسط تسعينيات القرن العشرين. وذلك في أعقاب تخرج عدد من دارسي اللغة الصينية وآدابها في كلية الألسن بجامعة عين شمس. ثم شهدت ساحة اللغة الصينية وآدابها في مصر تخرج عدد من المختصين في دراسات الأدب المقارن والعالمي، الذين درسوا الترجمة وتخصصوا في دراسات الأدب الصيني والمقارن، والذين اهتم بعضهم بالترجمة الأدبية. بحيث أصبح بوسعنا القول إن شرطاً أساسياً من شروط تلقي الأدب الصيني وترجمته في العالم العربي بصورة مناسبة قد توفر، ودليل على ذلك تزايد عدد المترجمين المهتمين بالترجمة الأدبية عن الأدب الصيني منذ بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وهو ما ظهر من خلال الأعمال المترجمة التي صدرت عن المركز القومي للترجمة وسلسلة الجوائز بالهيئة المصرية العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر ومشروع "كلمة" بدولة الإمارات العربية والمجلس الوطني للفنون والآداب بالكويت وعدد من دور النشر الخاصة بمصر ولبنان والإمارات وتونس وغيرها من الدول العربية.

  7. #77
    صديق فعال

    الشعر الصيني له نصيبه من الحداثة

    الواقعية كانت التيار الرئيس في النصف الثاني من السنوات العشر الثانية من عمر الأدب الصيني الحديث
    في صين القرن العشرين، كان التنوير يعني خيانة

    "تيارات الأدب الصيني الحديث" ينطلق من مرحلة التنوير
    الكتاب يستعرض مسيرة تطور التيار الأدبي الواقعي الصيني الحديث، وكيف أن الواقعية تتمتع بمكانة عالية على مستوى تاريخ الأدب الصيني الحديث بأكمله.

    قليلة هي الكتب المترجمة التي ترصد وتحلل التيارات الأدبية في الأدب الصيني الحديث وطبيعة التيارات الفكرية في الأدب الصيني الحديث وسماتها، حيث لوحظ أن جل الترجمات ذهبت إلى تاريخ الصين الحضاري عامة والتطورات الاقتصادية والمشروعات المستقبلية والأعمال الروائية والقصصية والفكرية، في حين ظل التاريخ الأدبي خاصة والثقافي عامة غائبا، لذا فإن هذا الكتاب الموسوعي "تيارات الأدب الصيني الحديث" الذي يضعنا في قلب هذا التاريخ كاشفا عن خصوصيات كل تيار ومحيطه الاجتماعي والسياسي والفكري وأبرز كتابه والأعمال الأدبية التي تمثله، ومن ثم يعد مرجعا مهما للمهتمين والدارسين والمتخصصين.

    الكتاب الذي عكف على كتابته عدد من أساتذة الجامعة المتخصصين وشارك فيه وحرره الباحثان ليو تشونغ شو، وشيوي تسو هوا، صدر أخيرا عن مؤسسة بيت الحكمة بالتعاون مع منشورات الضفاف ومنشورات الاختلاف، بترجمة وتقديم نجاح عبداللطيف ومشاركة هدير مصطفى وإيمان محمد وهبة حنفي، وجاء في ثمانية أبواب يحمل كل منها عنوانا مفصليا تندرج تحته محاور/ فصول تتناول تاريخ الأدب الصيني، متتبعة وجود وتطور تياراته الأدبية الحديثه بأكملها، باعتبار هذه التيارات في الأدب الصيني الحديث ظاهرة أدبية مستقلة، ولها عواملها ومدلولاتها التي تنفرد بها.

    ينطلق الكتاب من التنوير الذي نشأ في فترة حركة الرابع من مايو: نشأته، أسبابه، مسيرته، رواده، أهدافه، وأهم الأعمال الأدبية التنويرية التي كان للوشون نصيب الأسد فيها، كما يتناول أيضًا كيف تأثر التنوير الصيني بالتنوير الغربي واختلف عنه في الوقت نفسه.

    وقد أشارت المترجمة نجاح عبداللطيف في مقدمتها أنه "في الوقت الذي كان فيه التنوير الأوروبي يسعى إلى التحرر من الدين والكهنوت، وكان الهدف الذي تصدى له التنويريون هو النص العقائدي والكنيسة ورجال الدين كان التنوير في الصين يهدف في البداية إلى التحرر من التعاليم الإقطاعية؛ لذلك كان هجوم المفكرين الرواد موجها بالأساس إلى التعاليم الكونفوشيوسية والأنظمة العشائرية وعاداتها السيئة. وبالطبع فإن الهدف الأساسي للتنوير هو تحرير الفرد وحريته، ولكن اختلاف الظروف جعل مضمون التنوير في الغرب مختلفا عنه في الصين؛ "بينما كان علماء التنوير الأوروبيون في القرن الثامن عشر متعطشين لتحرير أنفسهم من أغلال الأفكار الدينية، كان المثقفون الصينيون يناضلون من أجل تحسين عبوديتهم التي كان منبعها سلطة الأسرة وليس الاستبداد الثيوقراطي، وأكسبت الاختلافات في الظروف التاريخية التنوير مضامين مختلفة؛ ففي عصر كانط، كان التنوير يعني صحوة، واكتشاف الحقيقة من مملكة الطبيعة واستبدال الخرافات الدينية بالحقيقة.

    وفي الصين في القرن العشرين، كان التنوير يعني خيانة؛ لأنه يريد تحطيم أغلال تقاليد إقطاعية عمرها ستة آلاف سنة، والمتمثلة في علاقة الحاكم بالرعية، والأب بأبنائه، والزوجة بزوجها." يمكن القول إن "الديكاميرون" لبوكاشيو و"يوميات مجنون" للوشون هي رمز للاختلافات بين التنوير الغربي والتنوير الصيني، ومن يبحث في حركة تنوير الرابع من مايو لن يمكنه أن يقطع بكل بساطة أن مفكري التنوير في ذلك الوقت لم يفعلوا شيئا إلا أنهم نسخوا الخطاب الغربي، لقد هاجموا تقاليد الكونفوشيوسية؛ لأن هذا النوع من النظريات الحامية للأخلاق السلفية والمتشبثة في جمود بالالتزام بالقديم وصلت إلى طريق مسدود، والأزمة التي كانت تواجه البلاد آنذاك وتنذر بسقوطها لم تكن لتسمح بالتغطية على العيوب، ولم يكن بالإمكان والحال هكذا إلا لفظ القديم".

    ويناقش الكتاب مسألة أدب العامية، حيث يعرض الأسباب وراء الدعوة إلى استبدال اللغة الكلاسيكية باللغة العامية في الكتابة، ويوضح لنا كيف أدى التحول الاجتماعي والثقافي وما نتج عنه من تدفقٍ في الأفكار الجديدة إلى أن تصبح لغة الأدب الصيني التقليدي أي اللغة الكلاسيكية عاجزة عن عكس واقع التغيرات الاجتماعية والتاريخية والتعبير عن المحتوى الجديد للأفكار، وصار من الصعب بشكل متزايد تلبية المتطلبات الجديدة للأدب في العصر الجديد؛ مثل ظهور مفاهيم جديدة ومصطلحات جديدة لا سبيل للغة الصينية الكلاسيكية أن تستوعبها؛ فقد كانت التغيرات في مفاهيم حياة الناس والعادات النفسية وإيقاع المجتمع يتطلب من اللغة الأدبية أن تكون موجزة ومباشرة.

    ويوضح عيوب الكتابة بالكلاسيكية القديمة ومزايا استخدام العامية، ويتعرض إلى الدعوة إلى "أوْرَبة" العامية؛ ففي ذلك الوقت، كانت الأوْربة من وجهة نظر كتاب ذلك العصر حتمية أيضًا، "بعض من كتاب العامية في بداياتها تدربوا على الكتابة الأجنبية، لذلك حملت كتاباتهم مكونات أوروبية ليست بالقليلة، وإن اختلفت درجاتها". ومن حيث ثمار الإبداع، "كل الكتاب الذين استوعبوا تمامًا مهارات قواعد الأدب الغربي جاءت إبداعاتهم جيدة للغاية وأساليبهم كانت دائمًا غاية في اللطف".

    ويستعرض الكتاب مسيرة تطور التيار الأدبي الواقعي الصيني الحديث، وكيف أن الواقعية تتمتع بمكانة عالية على مستوى تاريخ الأدب الصيني الحديث بأكمله، كما أنها تشغل نسبة كبيرة جدًّا منه مقارنةً بسائر التيارات الأدبية. ومنذ عشرينيات القرن العشرين وحتى الأربعينيات، كانت الواقعية - التي كان يطلق عليها في البداية اسم "كتابة الواقع" - تتلوى وتتعرج حتى أصبحت تدريجيًّا الاتجاه الرئيس للأدب الصيني الحديث. ويوضح تأثر الواقعية الصينية بالواقعية الروسية، وإبداعات لوشون المتميزة والمختلفة وإسهاماته الواقعية. اهتم لوشون أيضًا بالنفعية في الأدب، وطالب بأن يكون للأدب معنى مفيد، وكان يرى أن الأدب مفيد لـ"الثورة الفكرية"، لكنه عارض أن يصبح الأدب مجرد أداة دعائية أو تحريضية، وأكد ضرورة تعلم تلك الواقعية الصحيحة من الأعمال الأدبية الأجنبية، والوصف كما الواقع، والكتابة بدون تزييف في الروح، كما كان شديد الإعجاب بأن يمزج الكاتب وصفه للواقع بروحه. لقد كرَّس لوشون نفسه لنقد "سمات الشخصية الوطنية" المتخلفة، والتركيز على إبراز "روح الشعب"، ومن ثم، وجه الواقعية إلى وعي عالٍ هادف يشرِّح المجتمع ويعكسه.

    وتعد الواقعية التيار الرئيس في النصف الثاني من السنوات العشر الثانية من عمر الأدب الصيني الحديث، و"كان كتابها الأساسيون الذين شكلوا جوهر هذا التيار وتحكموا فيه ككل هم الكتّاب اليساريون ومجموعة كتاب من خارج "الاتحاد اليساري". ولم يتوقف الرعيل الأول من الكتاب الواقعيين، مثل لوشون، وماو دون، ويه شينغتاو، ووانغ تونغ تشاو، ووانغ لويان، ووانغ رينشو، ولاو شيه، ولي جييه رين، وغيرهم عن فتح طرق جديدة وإحداث أثرٍ خلال تلك الفترة، وفي الوقت نفسه، ظهر عدد كبير من الكتاب الجدد أصبحوا قوة مهمة في إبداع الواقعية، مثل دينغ لينغ، وباجين، وتشانغ تيان يى، وشا تينغ، وآي وو، وتساو يو، يي تسي، ولوه شو، وو تسو شيانغ، وأُو يانغ شان، وشياو جيون، وشياو خونغ، ودوانمو خونغ ليانغ، وشي توه، وشياو قان وغيرهم، وكان لكل من هؤلاء أسلوبه الخاص فور ظهوره، ومدرسته الخاصة في توجه مختلف نحو الواقع.

    الأدب الليبرالي الصيني يشير في مجمله إلى الأدباء المستقلين والمدارس الأدبية غير المتماسكة، التي ظهرت في تاريخ الأدب الصيني المعاصر، والمتأثرة بشكل عميق بالفكر الليبرالي الغربي ومفاهيمه الأدبية

    يلقي الكتاب الضوء على الرومانسية الصينية، ومراحل تطورها منذ حركة الرابع من مايو، والجماعات الرومانسية مثل جماعتي الهلال والإبداع وسماتهما، وفترات الازدهار والانكسار للتيار الرومانسي، و"الأدب الرومانتيكي الثوري" الذي هو في الحقيقة نوعٌ من الأدب العاطفي الرومانسي وأغلب مؤسسيه أعضاء في جماعة الإبداع، تبعهم في وقت لاحق بعض الكتَّاب الشباب المفعمين بالحرارة المرهَفي الحس والذين كانوا يتمتعون بالروح والفعل الرومانتيكيين، وانحسر هذا اللون "الرومانتيكي" لتظهر بدلًا منه رومانسية أخرى هي الرومانسية ذات الطابع الصيني التقليدي القوي التي كان يمثلها تشو تسوه رين، وفاي مينغ، وتشن تسونغ وين، وفينغ تسي كاي وغيرهم من الكتاب.

    لم يذهب هؤلاء الكتاب في أعمالهم إلى التعبير عن حالة الاكتئاب والاضطراب لدى مثقفي ذلك العصر، ولا إلى وصف تقلُّبات المجتمع الكبيرة آنذاك، وإنما شقوا لأنفسهم طريقًا آخر؛ إذ اهتموا بوصف حياة الريف والمناظر الريفية في الصين في القرن العشرين، وتغنوا بالطبيعة الإنسانية الجميلة والمشاعر الإنسانية الجميلة الصادقة والبسيطة، وعزفوا في تلك السنوات الصعبة أغاني الريف والرعي الجميلة والمتناغمة مع مسحة من الحزن، فجاءت أعمالهم مفعمة بالعاطفة الذاتية.

    ويتناول الكتاب التيار اليساري الصيني الذي ظهر مع التطور السريع للحركة الثورية البروليتارية في الصين في النصف الثاني من عشرينيات القرن العشرين، وهو التيار الأدبي الأكثر تأثيرًا في تاريخ الأدب الصيني الحديث بعد حركة الرابع من مايو. وفي خلال "العقد اليساري"، شهدت الأيديولوجية الموجهة لتطوير الأدب الصيني الحديث تغييرات كبيرة، مما أدى إلى إعادة تعريف الأدب، والتأكيد من جديد على اتجاه الإبداع الأدبي والفني، وإجراء تعديلات في أساليب سرد الرواية، كما أثرت هذه الأيديولوجية في مسار تطور الأدب الصيني في النصف الثاني من القرن العشرين وقيَّدت من مضمونه إلى حدٍّ بعيد.

    وهنا يتتبع نشأة التيار اليساري، والجدل حول تاريخ بدايته ونهايته، والعوامل التاريخية التي كانت تقف وراء ظهوره، والدعاة إليه والجماعات الأدبية التي كان لها ميول بروليتارية واضحة، وكيف تأثر تيار الأدب اليساري في الصين بالحركة الأدبية العالمية للطبقة البروليتارية تأثيرًا كبيرًا؛ ففي العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين بلغ مدُّ الحركة الثورية العالمية للطبقة البروليتارية حدًّا غير مسبوقٍ؛ فلقد حققت ثورة أكتوبر الروسية، والثورة الاشتراكية في دول أوروبا الشرقية نجاحات متتالية، ودفعت بسرعة بتطور القوة الثورية البروليتارية الدولية، ومن ثم تشكَّل مدٌّ للثورة "الحمراء" عظيم الزخم امتد للعالم كله محققًا "أول حركة ثورية بروليتارية سياسية، جماهيرية واسعة النطاق في تاريخ البشرية". وباعتبار التيار الأدبي اليساري الصيني انعكاسًا للحركة الأدبية البروليتارية الدولية في الصين، لذلك يعد جزءًا مهمًّا من هذه الحركة.

    ويتتبع الكتاب الحداثة في الأدب الصيني؛ والتي حمل شعلتها كُتاب سبق لهم أن درسوا في الخارج وتأثروا بالحداثة هناك؛ فخوشي كان يدرس في الولايات المتحدة، ولوشون في اليابان، ومعظم كتاب جماعة الإبداع سبق لهم أن درسوا في اليابان. وعلى الرغم من أن الواقعية والرومانسية حظيتا باهتمام عام بعد ثورة الرابع من مايو الأدبية، فإن الأدبيات الجديدة كانت قد انتبهت بالفعل إلى التوجه نحو حداثة العالم الأدبي الأوروبي والأميركي، بل وقدَّمتها إلى ساحة "الرابع من مايو" الأدبية. ولقد أطلق معظم كُتَّاب فترة الرابع من مايو على الحداثة مصطلح "الرومانسية الجديدة" واعتبروا "الرومانسية الجديدة" اتجاهًا جديدًا للأدب الغربي بعد الواقعية والطبيعية.

    ويستعرض أشهر كتاب الأدب الجديد وأكثرهم نشاطًا وتأثيرًا مثل ماو دون وقوَه موَه روَه وتيان خان ووين إي دوَه وأهم أعمالهم في هذا المجال، وتأثر كتاب الأدب الجديد بـ"أزهار الشر" لبودلير وبأعمال كيتس وأوسكار وايلد وغيرهما. ولأن الشعر كان له نصيبه من الحداثة، لذا لا يغفله الكتاب في بابه هذا؛ فيقدم لنا الشعر الرمزي ويعرفنا بـ لي جينفا الذي يعد أول من دعا إليه، ويستعرض أهم رواد الحداثة وأهم سماتها التي يمكن اختزالها في التلميح والغموض ورفض التفكير المنطقي في الشعر.
    ويعرفنا الكتاب بمدرسة التسعة الشعرية ودورها في التحديث والتجديد، وهي المدرسة التي تشكلت تدريجيًّا مع ممارسة الكتابة؛ فهي لم تسمَّ بهذا الاسم من البداية، إذ ظلت تمارس الشعر دون هذا الاسم حتى جاء عام 1981 ونشرت دار نشر شعب جيانغسو مجموعة شعرية لشعرائها باسم "ديوان التسعة"، فاكتسبت المدرسة اسمها رسميًّا واكتسب شعراؤها أيضًا اسم "الشعراء التسعة".

    ومن التحديث في الشعر ينتقل الكتاب إلى التحديث في الرواية؛ فيقدم لنا الرواية عند المدرسة الحسية الجديدة. ومثلما أكد الفكر الحديث بشكل عام على الإحساس بالحياة، رأى كتَّاب المدرسة الحسية الجديدة أن الناس المعاصرين عليهم أن يتعرفوا على العالم ويعبِّروا عنه من خلال حاستي السمع والبصر، أي فهم الأشياء بالحس المباشر. ومن ثم، دعوا إلى استخدام الطريقة الجديدة للإحساس بالأشياء لكي يشعروا بالواقع، ثم ينقحوا هذا الواقع ويجملوه. وبسبب طرافة هذه المدرسة في حسها، أطلق عليها المدرسة الحسية الجديدة.

    ويتوقف الكتاب مع "التيار الأدبي الليبرالي الصيني" موضحا مفهوم الأدب الليبرالي الصيني الذي يُجمله في أن الأدب الليبرالي الصيني يشير في مجمله إلى الأدباء المستقلين والمدارس الأدبية غير المتماسكة، التي ظهرت في تاريخ الأدب الصيني المعاصر، والمتأثرة بشكل عميق بالفكر الليبرالي الغربي ومفاهيمه الأدبية. وبعد استعراض المفهوم يقدم مجموعة من أدباء هذا التيار والجماعات الأدبية أيضًا. ويتناول واضعي حجر أساس نظريات الأدب الليبرالي الصيني، والنظريات التي وضعوها، والاختلافات بين هذه النظريات وبعضها البعض.

    وأخيرا يتناول الكاتب التيار الأدبي القومي والجماهيري: أصله ومسيرته بدءًا من الاتجاه "الشعبي" في فترة ثورة الرابع من مايو الأدبية؛ فمنذ الحركة الثقافية الجديدة "الرابع من مايو" ودعوتها إلى أن تحل العامية محل الكلاسيكية الصينية وحتى "الأدب الإنساني" و"الأدب الشعبي"، ظهر جليًّا التوجُّه نحو "الشعبية". وأول ما طور نزعة "الشعبية" في أدب حركة الرابع من مايو الجديد إلى أقصى حد، ونادى بأن الأدب في خدمة الجمهور هي النظريات الأولى للشعر البروليتاري.

  8. #78
    صديق فعال

    تشارلز بوكوفسكي الذي روايته تبدأ على نحوٍ غير غريب وتنتهي على نحوٍ غريب

    بوكوفسكي يشق حقلا من الألغام والتساؤلات حول الواقع والبشر في 'أدب رخيص'
    الرواية شديدة التحيل تُبطِن عكس ما تُظهر حتى بعنوانها وإهدائها اللذين لا يمثّلان مقاصدها، وتكمن قيمتها كرواية تحر في قدرتها على توجيه لكمة في وجه هذا الجنس الروائي الذي أكله الصدأ.

    يهدي الشاعر والروائي وكاتب قصة قصيرة الأميركي من أصل ألماني تشارلز بوكوفسكيالذي رحل في 9 مارس/اذار عام 1994 بعد رحلة مع مرض اللوكيميا، آخ أعماله الروائية "أدب رخيص" إلى "الكتابة السيئة"، وهي التي ترى فيها الشاعرة والمترجمة الفلسطينية ريم غنايم أنها " تَرث الجينات الأدبيّة البوكوفسكيّة مستعيرةً شكلاً جديدًا في الكتابة هدفه كَسر نوعيّة الجنس الروائيّ النموذجيّ من خلال المحاكاة السّاخرة، وبناء نصّ مفتوح بنكهة جديدة ينزاحُ عن الكتابة المشروطة لأدب التحرّي. في هذا المَزج، أو التّشويش أو الازدواج المتعمّد الذي يُحدثُه بوكوفسكي في آخر أعماله، يهجّر النصّ عن نموذجه التقليديّ ويعيدُ صياغته وفق أصول مطبخه الأدبيّ ليبني لنا خيالاً يشدّ، عبر الباروديا، بنية العمل الأدبيّ ويخلق له لغتين وأسلوبين ووجهتي نظر تضعنا أمام سؤال الكتابة وأشكال تلقّيه".

    الرواية التي صدرت عن منشورات الجمل بترجمة إيمان حرزالله ومقدمة ريم غنايم التي ترجمت العديد من أعمال بوكوفسكي، وتشير في مقدمتها إلى أن النقاد اتفقوا حول ضعف النَفَس البوكوفسكيّ في هذه الرواية وعمرانيّتها، لكنّ وجب قراءة هذه الرواية وفق قواعدها الخاصّة، لا قواعد النموذج الروائيّ التقليديّ الذي بنت على عناصره وأفسدته عن قصد، وبذلك بنت لنفسها منطقًا خاصًا يقومُ على استثارة القارىء وصدمه وفق تراكماته السابقة. هي ليست رواية بوكوفسكيّة نموذجيّة ، ولا تنزع نحو النمط السيرذاتي وجرعات الذاتيّة التي تظهر من خلال شخصيّة هانك، وسائر الشخصيّات في روايات وقصص بوكوفسكي. يكتب بوكوفسكي أدب الجريمة أو التحرّي، لكن ليس بالمفهوم التقليدي لهذا النوع الأدبيّ، فقد أشاع الكاتب فيها روح الفكاهة مُحدِثًا أخاديد في قلب هذا النوع الأدبيّ، ومسخّفًا رؤى الشخصيّات السورياليّة والمهمّات الغرائبيّة الموكلة إلى محقّق عاثر الحظّ يستهتر بزبائنه. بهذا حافظَ على المزاج البوكوفسكيّ مبتعدًا عن السقوط في الاجترار الأسلوبيّ، يلتذّ القارىء من خلاله للأحداث الروائيّة المعطوبة في جزئها بوعيٍ منه الآن أن المقارنة بين النموذجين لا تستقيم لاختلاف النوايا".

    وتضيف "هانك، العربيد الليليّ، السّكير الحالِم، المراهن رجل الحانات والجرائم الصغيرة، المولَع بالنّساء، العاطل عن العمل، المتحدّث باسم الصّغار، الواقعيّ القذر، والقبيح المنحرف عن آداب السّلوك العامّ، غابَ هذه المرّة عن رواية بوكوفسكي. لكنّه يعود ويخرج إلينا في ميتامورفوزا أخرى على هيئة محقّقٍ خمسينيّ غارق في قضايا زبائن ليسوا حقيقةً بزبائن، وقضايا ليست بقضايا، مشتركًا في لعبة تمويهيّة ساخرة حدّ السّخف، تؤكّد من جديد فلسفة بوكوفسكي حول القاعدة الطباقية للعالَم حيث تتناغم التناقضات ويحملُ الجد فيه الهزل بنفس القدر. الرواية عبارة عن لوحة فنيّة صافية، يقف فيها الدّونيّ بجانب الجميل، وتكشف هي الأخرى كما أعمال بوكوفسكي الشعريّة والنثريّة السابقة- وإن بدَت مختلفة في أحداثها وقالبها ونوعها الأدبيّ- فلسفة خاصّة حيال الواقع الذي لا يمكنك أن تأخذه دائمًا محمل الجدّ وإلاّ هزمك. هنا، يستجمع بوكوفسكي موهبته ليرسم لوحةً غروتسكيّة وحشيّة سخيفة متكسّرة هشّة متماسكة ولامعقولة في نفس الوقت، وهو بذلك يختار لنا أدب التحرّي والجريمة في إطاره العامّ فقط، ليهدّ معماريّته الفنيّة ويعيد رصف لبناته وفق المنطق البوكفسكيّ الذي عهدناه.

    وتتابع غنايم "نيكي بيلين (والذي يحاكي اسم روائيّ التحرّيات والجريمة الأميركي ميكي سبيلين) هو محقّق خاصّ يترنّح على سلّم النجاح والفشل، يتّخذ أداؤه في العمل شكلاً سخيفًا وشبه سورياليّ بدخول شخصيّات غريبة في الرواية ومهمّات أشدّ غرابة: السيّدة مَوت، امرأة جميلة تطلب من نِك العثور على لويس فرديناند سيلين الكاتب المتوفّى عام 1961، كائنات فضائيّة يُطلب منه إزاحتها من طريق زبائنه، ضبط امرأة تخون زوجها في ملاحقة كوميديّة عبثيّة، والعثور على العصفور الأحمر (والذي يحاكي اسم دار النشر التي نشر فيها بوكوفسكي أعماله، بلاك سبارو –العصفور الأسود ومؤسسها جون مارتن) والذي يصبح سببًا في قتل المحقق في مشهد ختاميّ سورياليّ.

    افتتح بوكوفسكي الرواية بالسيّدة مَوت، المَوت الذي اختاره ليكون سيّدة في منتهى الجَمال والقسوة، وختم الرواية بتواطئها مع الآخرين واعترافها بأنّ كلّ ما حدث مع نِك كان مجرّد لعبة خطّط لها بارتون، وفي لقطة درامية عبثيّة ساخرة، يتحقّق فيها قانون مورفي، يُطلق على بيلين أربع رصاصات في بطنه، ليصبح العصفور الأحمر عملاقًا حقيقيًا يواجه نكي:

    "العصفور الأحمر.
    عملاق، براق، جميل. ليس في ضخامته شيء، حقيقي للغاية، ليس في روعته شيء.
    وقف أمامي. ثم ظهرت السيدة موت تقف بجوار العصفور. لم تبدُ أجمل من هذا قط. قالت: "بيلين، لقد استُدرجت إلى لعبة سيئة حقاً".
    "لا أستطيع التحدث كثيرا يا سيدتي.. أخبريني بالأمر كله".
    "جون بارتون صديقك رجل له نظرة ثاقبة للغاية. أحسّ أن العصفور الأحمر موجود وحقيقي بطريقة ما وفي مكان ما. وأنك ستعثر عليه. الآن قد عثرت عليه. لم يكن معظم الآخرين- ديجا فاونتن، وسندرسون، وجوني تيمبل- سوى فنّانين محتالين، حاولوا خداعك وابتزازك. ظنا منهم أنك ثري، لأنك أنت وحانة موسو كل ما تبقى من هوليوود القديمة، هوليوود الحقيقية."

    وتوضح غنايم "لا ننجح في الدّخول تمامًا إلى عُمق شخصيّة نكي بيلين الذي لا يبتعدُ كثيرًا عن هانك، ولا بقيّة الشخصيّات المستقاة بأسمائها من واقع بوكوفسكي مع تحويرات تجعل منها شخوصًا كاريكاتوريّة مخيفة وفكاهيّة، تشيعُ الفوضى في الرواية وتظلّ غامضة حتّى النهاية. نيكي شخصيّة بوهيميّة رافضة لكلّ ما حولها، يتناول الحقيقة على نحو ساخر ولا تخضع سلوكيّاته أو حتى المهمّات الموكلة إليه لعقلانيّة ما طالما تواجد هو في واقع العقلانيّة آخر ما تصبغه. الحلّ، إذن، لمواجهة هذا الواقع وثوابته، تضافر كافّة أشكال المعقول المحشوّة باللامعقول، والجدّ الذي يحتضنُ الهزل في أبهى حالاته ليوجّه مقولةً حادّة تجاه مفاهيم عصره ومظاهره على نحو العنف والجنس والعاطفة والاغتراب.

    وهكذا مثلاً، نراه في مشهد ساخر يتّصل بماخور افتراضيّ ويدفع ببطاقته أجر مكالمة ساخنة مع كيتي. يحوّل بوكوفسكي المشهد السّاخن الجادّ إلى مشهد بارد هزليّ وسخيف مفرغ من محتواه الجنسيّ، يُبرزُ جانب الزّيف والكذب ويستثمر اللحظة ليكشف عن سطحيّة المشهد الجنسيّ العصريّ ومظاهره وسخافة سوق العرض والطّلب:
    "أعطيته المعلومات. انتظرت طويلا إلى أن تم التحقّق من رصيدي. ثم سمعت صوتا: "هيه يا صغيري هذه كيتي"!
    "أهلا يا كيتي. اسمي نِكي".
    "أوووه. صوتك مثير جداً! لقد أثارني قليلاً"!
    "لا. صوتي ليس مثيراً".
    "أوه. أنت متواضع فقط"!
    "لا يا كيتي لست متواضعاً"..
    "أتعرف. أشعر أنني قريبة جدا منك! كأنك تضمني وأنا على ركبتيك وأنظر في عينيك. إن عينيّ زرقاوين. أراك تميل عليّ كأنك ستقبّلني"!
    "هذا هراء كيتي، أنا أجلس هنا وحيداً أشرب سكوتش وأصغي إلى صوت المطر".
    "اسمع نِك، يجب أن تستخدم خيالك ولو قليلاً. دع نفسك وستتفاجأ بما يمكن أن نفعله معاً. ألا تحب صوتي؟ ألا تجده.. آه.. مثيراً قليلاً؟"
    "نعم، قليلاً، ولكن ليس جداً. تبدين كأنك مصابة بنزلة برد. أأنت مصابة بالبرد؟"
    "نِك، نِك، يا فتاي العزيز، أنا ساخنة جدا ويصعب أن أصاب بالبرد"!
    "ماذا؟"
    "قلت لك أنا ساخنة جدا ويصعب أن أصاب بالبرد"!
    "حسناً، تبدين كأنك مصابة بالبرد، أتدخِّنين كثيراً؟"
    "أنا أدخن شيئًا واحدا فقط يا نِك"!
    "ما هو يا كيتي؟"
    "حَزَّر".
    "لا.."
    "أنظر لأسفلك يا نِك".
    "أوكى".
    "ماذا ترى؟"
    "كأس. هاتف"..
    "ماذا أيضاً يا نِكي؟"
    "حذائي"..
    "نِك، ما هذا الشيء الكبير الذي يبرز منك وأنت تتحدث معي؟"
    "أوه، هذا، إنه كرشي"!
    "تحدث معي يا نِك. اسمع صوتي. تخيلني على ركبتيك، وثوبي مرفوع قليلاً يظهر ركبتيّ وفخذيّ. وشعري الأشقر الطويل ينسدل على كتفي. فكر في كل هذا يا نِك، فكر في"..
    "وهو كذلك..."
    "أوكى، الآن ماذا ترى؟"
    "نفس الأشياء: الهاتف، وحذائي، وكأسي، وكرشي"..
    "أنت سيء يا نِك! لديّ رغبة حقيقية في المجئ إليك وصفعك على ردفك، أو ربما سأدعك تصفعني أنت على ردفي"!
    "ماذا؟"
    "اصفعني، اصفعني نِكي"..
    "كيتي..."
    "نعم؟"..
    “اتسمحين لي بدقيقة؟ يجب أن أذهب إلى الحمّام".
    "أوه نِك أعرف ما ستفعله هناك! لكن ليس عليك أن تذهب إلى لحمام، يمكنك أن تفعلها على الهاتف وأنت تتحدث معي"!
    "لا أستطيع كيتي، سأتبوّل".
    "نِك. اعتبر محادثتنا انتهت!" وأغلقت الخط.

    وحول إهداء بوكوفسكي روايته للكتابة السيّئة تلفت غنايم "لا يمكن أن نحدد بالضبط ما الذي يقصده ب "الكتابة السيئة". أهي مديح في شعرية الرداءة، الرّداءة والإخفاق في خوض نوع أدبي شائع؟ أم أنها رداءة متعمّدة، تسعى إلى تقويض الشعبي والقائم والمستهلك؟ هي في الأساس قدرة على اختلاق شعرية للرداءة أو شعرية للمتنافرات تموضع النص في حيز ثالث، حيز يقوم على إحداث ارتجاجات لكتابة مشروطة ومحكومة بتقاليد وأعراف ثابتة. هذه الارتجاجات تبرهن تجاوزه لهذا النّوع الأدبي أثناء ممارسته له بإضافة قيمة واقعية أخرى له. ومن يفتح خارطة هذه الرواية، ينتبه إلى أن السخرية والباردويا موقف من الواقع وفلسفة وجود. هي نفس الباروديا التي يعالج فيها سرفانتيس الواقع في دون كيخوتة، ونفس الباروديا التي يتطرق فيها لاري مورس وكولن واتسون، وروبرت باركر وإرنستو ساباتو وغيرهم ممن أضافت الباروديا لأعمالهم الأدبية منحى جديدا بعد أن أثبت النموذج التقليدي فشله، الباروديا التي تشتغل على هدّ مظاهر التلقّي والتأليف وخلخلة توازن المألوف.

    وتؤكد أنه رغم حب بوكوفسكي الخاص لهذه الرواية، إلا أنه على غير عادته في أعماله السابقة، أعاد كتابة هذه الرواية، وصحح فيها أكثر من مرة، مما يؤكد قلقه حيالَها. من يقرأ هذه الرواية يلاحظ أن ثمة مسرحة مجنونة وتحويرات سينمائية تقوم على التسخيف، والغروتيسك، والكوميديا في عمقها تراجيديا عبثيّة خالصة تنتهي بأربع طلقات في بطن المحقق بيلين. المصادفات المتواصلة، المحقّق المتأرجح بين الذكاء والغباء، الجرائم الرماديّة الطابع التي لا مبرّر لها، كلّها قد تجعل من الكتابة في هذا الأدب كتابة رديئة تفسد هذا النوع الأدبي وأصوله. لكن علينا أن نعترف أن ثمة عمقا ودلالات أخرى للخروقات التي يرتكبها بوكوفسكي في هذا النوع الأدبي تعيدنا إلى الهدف الأساسي من وراء هذا الإفساد، فلا تنطلي على قارىء بوكوفسكي خدعة الشّكل الأدبي. لم يكتب بوكوفسكي أدبا رديئا وإنما كتب أدبا واقعيا مخَلخَلا، وقد احتفظَ لنفسه بحق اختيار الضوابط والشكل الفني والمناخ الذي يحقق في النهاية للمتلقي لذة دون قيد أو شرط من جهة، ويتناسب مع ميتافيزيقيّة الكاتب من جهة أخرى.

    وتخلص غنايم في مقدمتها إلى كتابة بوكوفسكي الأدبية توتر الأعصاب، تبدأ على نحوٍ غير غريب وتنتهي على نحوٍ غريب، وترميك في حقل من الألغام والتساؤلات حول الواقع والبشر والمألوف ومرايا الوجود. كعادَته، ينجح بوكوفسكي عبر تبني النشاز قيمة عليا، في خلق الأثر الجمالي عند المتلقي، فالرجل لم يتقصد في نهاية حياته الأدبية، خوض كتابة نوع أدبي لم يطرقه من قبل، إلا بهدف استثماره، بشكل مباشر أو غير مباشر، لتحقيق نفس الأثر الجماليّ السّابق، مجدّدًا دمه القصصيّ في محاولةٍ أخيرة للضحك من المَوت. "أدب رخيص"، رواية شديدة التحيل تُبطِن عكس ما تُظهر، حتى بعنوانها وإهدائها اللذين لا يمثّلان مقاصدها، وتكمن قيمتها كرواية تحر في قدرتها على توجيه لكمة في وجه هذا الجنس الروائي الذي أكله الصدأ".

  9. #79
    صديق فعال

    12 عنوانا.. واجهة الأدب الصيني

    يعد الأدب كاللغة، الوجه العاكس لصورة الشعوب وأحد المداخل الرئيسية لها، وكغيرها من الأمم، للصين نتاج ثري من المؤلفات التي ترجمت لأكثر من لغة، تأتي في مقدمتها:

    رواية بلزاك والخياطة الصينية الصغيرة لـ داي سيجي
    صديقان في أحد الأرياف النائية يخضعان لموجة من الأعمال الشاقة، ولا يجدان ما يشفع لهما سوى موهبتهما في الكلام، يلتقيان بالخياطة الصغيرة التي سيخوضان معها ودونها أنواعا من المغامرات.

    رواية بجعات برية لـ يونغ تشانغ
    تدور حول حياة 3 نساء (جدة الكاتبة وابنتها وحفيدتها) وتجعلنا نتوغل في الصين، في قصورها كما في سجونها، وفي مشاهدها الجماهيرية الحاشدة كما في مقصورات النساء الهادئة.

    رواية بكين بكين لـ شيو تسي شين
    خمسة أبطال لرواية تخطى عدد صفحاتها المئتين، يعملون بمهنة التزوير، لكن يظل البطل الرئيسي للرواية هو دون هوانج، الشاب القروي الذي أتى إلى بكين لكي يدرس في الجامعة، وتحول حلمه خلال خمسة أعوام من طالب علم إلى طالب مال.

    كتاب الفكر الصيني من كنفوشيوس إلى ماوتسي تونج
    الكاتب: غير محدد
    النوع: فلسفة
    يشرح الفكر الصيني ابتداء من كونفوشيوس حتى الفكر الصيني في العالم الحديث، نشر عام 1963.

    الكتاب التاريخي سلسلة الحكماء يتكلمون "لاو تسي" لـ تساي شي تشين
    أصيب الحكيم الصيني لاو تسي بالإحباط من الجو السياسي المسيطر في ذلك الحين، فحزم كتبه على ظهر ثور واتجه نحو البراري، حيث انفرد يكتب بحرية ما يجول في ضميره من حكمة مبنية على فلسفة.

    الرواية التاريخية رومانسية الممالك الثلاث لـ قوان تشونغ
    تدور أحداثها في القرن الثالث، خلال سنوات الاضطراب التي شهدتها البلاد قرب نهاية عهد أسرة يان وعصر الممالك الثلاث في التاريخ الصيني. تروي حياة القادة الإقطاعيين وخدامهم الذين تنافسوا لإعادة أسرة هان إلى الحكم أو إزاحتها.

    رحلة إلى الغرب أو القرد لـ وو تشنغن
    النوع: خيال تاريخي
    سرد خيالي لرحلة الحج الأسطورية إلى الهند للراهب البوذي شوانزانغ، يسافر خلالها للمناطق الغربية في عهد أسرة تانغ مع تلاميذه، القرد والخنزير والراهب الرملي، بحثا عن الأسفار البوذية، وفي طريقهم إلى هناك يواجهون مجموعة من الشياطين والوحوش.

    رواية هامش المياه.. الخارجون على القانون من الأهوار لـ شي نيان
    تدور حول الحكايات الخرافية المرتبطة ببعض الشخصيات البطولية المضطهدة، المعترضة للاستغلال الخطأ أو المحاصرة من قبل المسؤولين الفاسدين.

    رواية حلم الغرفة الحمراء لـ تساو هوشيه تشين
    تعد توثيقا وتاريخا مقربا لحياة الصينيين في الفترة ما بين عام 1754 و1791، وتسلط الضوء على كل تناقضات الإمبراطورية الصينية ذلك الحين، بداية من عائلة الإمبراطور وأقربائها وأصدقائها ومحالفيها، مرورا بالفقراء والمساكين والفلاحين ورجال الدين وغيرهم، وأعداء هذه الإمبراطورية.

    رواية اليوم السابع لـ يو هوا
    تسرد قصة رجل يحكي كل ما رآه وسمعه في 7 أيام بعد وفاته، وبعد انقضاء الأيام يقابل بصورة مستمرة بشرا من كل الأصناف والأطياف يتجولون ويطوفون حول تلك الأرض، كما يتذكر ويستعرض الأحداث الماضية والمؤلمة في حياته منذ أن كان طفلا إلى أن رحل عن هذه الدنيا.

    المجموعة القصصية يوميات مجنون للأديب لو شون
    مختارات قصصية من مذكراته التي اختار وانتقى منها ما يصلح للقراءة.

    المجموعة القصصية حكايات صينية قديمة لـ يحي لو وان شنغ
    تضم 121 حكاية من حكايات الصين الغابرة، يرجع معظمها إلى القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، والقرنين الـ16 والـ17 الميلاديين.

  10. #80
    صديق فعال
    «لو شون».. أبو الأدب الصيني
    أعماله تنتقد مثقفي الطبقة الأرستقراطية

    يعتبر «لو شون» (25 سبتمبر 1881 – 19 أكتوبر 1936) أهم أديب صيني في القرن العشرين، وهو يسمى «أبو الأدب الصيني» و«عميد الأدب الصيني الحديث» وقصته «يوميات مجنون» هي أول قصة صينية تكتب بأسلوب الأدب الغربي، حيث ينتقد بطل القصة المجنون التراث الذي جعل من المجتمع وحشاً يفترس الأفراد، ويهاجم نظام الأسر والأعراف القديمة التي تضطهد الناس، وتقيد حرياتهم.

    أصدر «بيت الحكمة» مختارات قصصية للو شون بعنوان: «يوميات مجنون» من إعداد ومراجعة وتقديم د. أحمد السعيد، وتضم المختارات 18 قصة قصيرة منها «الدواء» و«أوبرا القرية» و«قصة آكيو الحقيقية» إضافة إلى مقدمة كتبها لوشون، مستعرضاً لمحة من حياته ومؤلفاته، التي كتبها بلغة محكمة، اعتمد فيها راوياً وحيداً، خلافاً لتقاليد السرد الصيني، الذي يتبنى تعدد الرواة، وقد ترجمت أعماله إلى أكثر من 50 لغة، وصار هو الكاتب الأكثر تأثيراً وشهرة في العالم.

    ينتقد لو شون في الكثير من أعماله نفاق مثقفي الطبقة الأرستقراطية، ويبدي تعاطفاً مع الطبقات الدنيا من المجتمع، وأسهم خلال عشرينيات وثلاثينات القرن العشرين بفعالية في السجال الأدبي الفكري الصيني، ويعد الأب الروحي لمجموعة من الكتاب الشباب آنذاك، واقترب من الأفكار الماركسية، لكنه رفض الانتماء إليها، وشجع على الكفاح من أجل الاستقلال، والديمقراطية والعدل والحرية، وجعل الناس في ذلك الوقت تتفجر لديهم طاقة روحية جديدة، قادتهم إلى اكتشاف الصين وتغييرها.



    يقول د. أحمد السعيد إن الصين ارتقت بروح لو شون، صارت لها روح جديدة للتوازن، وأفق للرؤية، وبوصفه الروح العظيمة للأمة الصينية فقد استخدم أدبه وممارسته وتطبيقه للثقافة، ليظهر أن المثقفين الصينيين الذين يمتلكون معرفة حديثة، يعارضون تقاليد النظام الإقطاعي، والاضطهاد الداخلي والخارجي، ويكافحون من أجل تحرير الإنسان، ومن أجل المسار التاريخي لتحرير الأمة الصينية، وبهذا ترك إرثاً فكرياً غنياً، سيظل له سحره ودوره الثقافي إلى الأبد.

    حضور
    رغم وفاته في عام 1936 ما زال لو شون يمتلك حضوراً قوياً في الصين اليوم، وأعماله من الكتب الضرورية المحفوظة في المكتبات، ولم تتوقف مراكز الأبحاث عن دراسة أعماله، واختير الكثير من كتاباته ضمن مناهج التعليم الصيني في المرحلتين الثانوية والجامعية. لم يؤثر لو شون في الأوساط الأدبية في المجتمع الصيني المعاصر فحسب، بل في المجتمع بأسره، فكلماته صارت من الثوابت التي يستشهد بها المثقفون، وتشكل جزءاً مهماً من نظام المأثورات الصينية، وخلال الكثير من التغيرات التي حدثت طوال مئة عام، فإن لو شون لم يعد اسماً لشخص أو لكاتب راحل فقط، بل غدا مرادفاً روحياً وتقليدياً للنقد والمقاومة واليقظة والتنوير.

    يكشف الكتاب أنه على مدى القرن الماضي اتبع الأدباء الصينيون التقليد الأدبي، الذي أوجده لو شون، واتخذوا الشعار الذي رفعه: «كشف بقايا المجتمع القديم وحث الناس على الوعي وعلاجهم بأقصى ما يمكن» كرسالة للأدب، ولم يدخروا جهداً في تأليف أعمال إبداعية، تعكس الواقع المعقد لمسيرة تقدم الصين الحديثة، وتتأمل بعمق في الشخصية الوطنية.

صفحة 8 من 13 الأولىالأولى ... 67 8910 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال