صفحة 7 من 13 الأولىالأولى ... 56 789 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 70 من 123
الموضوع:

قطوف أدبية - الصفحة 7

الزوار من محركات البحث: 179 المشاهدات : 1951 الردود: 122
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #61
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: July-2017
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 527 المواضيع: 238
    التقييم: 147
    آخر نشاط: 23/August/2023
    مقالات المدونة: 1
    أولى روايات جين أوستن وأشهرها.. اقرأ "عقل وعاطفة"

    لطالما كان صراع العقل والعاطفة الأزلي الموضوع الأكثر تناولاً في الأدب والسينما على حد سواء، ولعل رواية جين أوستن “عقل وعاطفة” هي واحد من أهم الأعمال التي تناولت هذا الموضوع.
    بالرغم من أن رواية “عقل وعاطفة” هي أولى روايات الكاتبة الإنجليزية جين أوستن، إذ إنها كتبت مسودتها الأولى في عمر الـ19 عاماً، فإن أوستن استطاعت أن تثبت نفسها من خلالها ككاتبة جديرة بالاحترام.
    فالرواية تعكس نضجاً واضحاً لدى الكاتبة في تناولها لعلاقات الحب التي قد تتصادم مع الكبرياء والاختلافات الاجتماعية والثقافية والكثير من العوائق الأخرى، وتعتبر محاكاة ساخرة للرومانسية المفرطة التي كانت سائدة في نهايات القرن الثامن عشر، وبالتالي ستتمتع بقراءة رواية رومانسية وكوميدية بذات الوقت.
    تدور أحداث الرواية حول الحياة العاطفية للشقيقتين إلينور وماريان، اللتين تتميزان بشخصيتين مختلفتين تماماً، فإحداهما تتبع قلبها باستمرار وتفكر بعاطفية مفرطة في كل الأمور، والأخرى متزنة للغاية لا تسمح لقلبها بالتدخل في قراراتها، بل تحكم عقلها دائماً.

  2. #62
    صديق فعال
    أثر الأدب العربي في الآداب الأوروبية

    من الحقائق المسلم بها، أن النزعة العلمية التي شاعت في أوروبا في عصر النهضة، ترجع أصولها إلى التجارب الكيمائية التي كان يجريها العرب لتحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب، إذ أن تلك التجارب كانت بمثابة البذرة أو الخميرة «للمنهج العلمي» الحديث.

    ولذلك يرى الأوروبيون أن للعرب فضلًا كبيرًا على العلم الحديث، فهل نستطيع أن ننسب لهم فضلًا كذلك على الأدب الغربي؟ الرأي السائد في أوروبا أن الأدب العربي بعيد كل البعد عن الأدب الغربي، وقد لا يخطر ببال واحد من ألف من قراء الأدب الأوروبي أن لهذا الأدب علاقة بالأدب العربي، فقد استقر في الأذهان، أن الأدب الغربي ترجع أصوله إلى الأدبين اللاتيني والإغريقي، وقليل من المستشرقين والباحثين يرى في الأدب العربي أصلًا من أصول الآداب الأوروبية الحديثة، ولعل أبرزهم جميعًا المستشرق «جيب» أستاذ اللغة العربية بجامعة لندن الذي نلخص له هذه السطور من كتابه «تراث الإسلام».

    «في آخر القرن الحادي عشر ظهر فجأة طراز جديد من الشعر الغزلي في جنوب فرنسا، كان طرازًا جديدًا في موضوعه وفي أسلوبه ومعانيه، ولم يكن لهذا النوع من الشعر أساس في الأدب الفرنسي القديم: وهو يشبه الشعر الأندلسي شبهًا قويًّا جدًّا، إذ هو ضرب من الموشحات والأزجال الأندلسية الغنائية التي تدور موضوعاتها على الغزل والحب العذري.

    «أليس من المعقول إذن أن نرد هذا الضرب من الشعر الفرنسي الجديد، إلى الشعر العربي الأندلسي، وخاصة إذا علمنا أن نظرية «الحب العذري» التي يدور عليها هذا الشعر الفرنسي الجنوبي، ليس لها أصل في الأدبين اللاتيني والإغريقي؟».
    لقد دلل المستر جيب على هذا الرأي في الكتاب الذي أشرنا إليه تدليلًا قويًّا لا يدع مجالًا للشك في صحته.

    •••
    ليس الأمر مقصورًا على الشعر الفرنسي، ولكن الشعر الإيطالي أيضًا تأثر تأثرًا قويًّا بالشعر العربي في صقلية، وخاصة في عهد «فريدريك الثاني» الألماني.

    وقد يشك في أن الشعر الأوروبي قد تأثر قليلًا أو كثيرًا بالشعر العربي، ولكن الأمر الذي لا شك فيه هو أن نثر القرون الوسطى في أوروبا يرجع في كثير من أصوله إلى النثر العربي، فقد كان الأدب التقليدي في القرون الوسطى أدبًا صارمًا جامدًا، يخاطب الخاصة ولا ينزل لأفهام العامة، ومن هنا كانت الحاجة العامة إلى ذلك الضرب من الأدب الخيالي الذي يعنى بإشباع الحواس أكثر مما يعنى بالمنطق والعقل، فلما نقلت إلى أوروبا بعض «الحكايات» ذات المغزى، وبعض القصص الخرافية كقصة السندباد البحري وما إليها، وجد فيها الشعب حاجته المنشودة، وأقبل عليها إقبالًا شديدًا، فأصبحت بمثابة الخميرة للأدب «الخيالي» الجديد الذي أخذ ينازع الأدب التقليدي القديم مكانه، ومن ثم ذاعت القصص الخيالية الرومانتية ذيوعًا عظيمًا، ولو فحصنا عن هذه القصص، لوجدنا أن كثيرًا منها يرجع إلى أصل عربي بحت، وهناك قصة فرنسية يسمى بطلها «القاسم» وهو اسم عربي لا شك فيه.

    يتضح من هذا أن التيارات الشعبية في الأدب الأوروبي في القرون الوسطى كانت أقرب إلى روح الأدب الشرقي منها إلى الأدبين اللاتيني والإغريقى اللذين كانا بطبيعتهما أميل إلى الأرستقراطية، ذلك أن الأدب الشرقي في جملته ينزع إلى الخيال والألوان الزاهية الجذابة، فكانت أوروبا كلما احتكت بالشرق استلهمت روحه، وتأثرت بأدبه أشد تأثر، فتأصل الأدب الخيالي الجديد في أوروبا وترعرع حتى كاد يزحزح الأدب التقليدي من مكانه.

    حدث هذا في القرون الوسطى، فلما بدأت النهضة العلمية، نزعت أوروبا إلى درس الحضارة الإغريقية، فأهملت الشرق، وأصبحت مقاييس الأدب الإغريقي القديم هي السائدة في أوروبا في عصر النهضة، ومن ثم تغلبت النزعة التقليدية القديمة في الأدب على النزعة الخيالية الجديدة بعض الزمن غير أن النزعة الخيالية الجديدة، وهي نزعة شعبية خالصة، لم تخمد تمامًا، ولكنها كانت تحاول الظهور من حين إلى آخر، وهذه القصة الرومانتية الفرنسية، والفولكلور الألمانية، والدراما الإنجليزية، التي فشت في القرن السابع عشر، كانت من آثار النزعة الخيالية التي بدأت في القرون الوسطى، والتي حاولت النهضة العلمية أن تقتلها فلم تفلح، ثم كان القرن الثامن عشر، فتم النصر للأدب الخيالي.

    وقد كانت قصص ألف ليلة — التى ترجمت سنة ١٧٠٤— أقوى عامل على هذا النصر، فقد أقبلت الجماهير على قراءتها في شعف شديد وراح الكتاب يقلدونها في قصصهم. ويرجع نجاح كتاب ألف ليلة إلى حالة الأدب الإنجليزي والأدب الفرنسي في القرن الثامن عشر، فإن انتشار القراءة قد أنشأ جمهورًا جديدًا من القراء لم يكن الكتاب يحسبون له حسابًا من قبل، وهذا الجمهور الجديد كانت له مطالب وحاجات جديدة؛ فأخذ الكتاب يحاولون أرضاءه واشباع حاجاته.

    ولكنهم كانوا في حيرة شديدة، يتحسسون طريقهم إلى معرفة حاجات الجمهور فلا يكادون يصلون إليها، فلما ظهرت قصص ألف ليلة، ورأى الكتاب إقبال الجمهور الغربي عليها ذلك الإقبال الشديد، تنبهوا لهذه الظاهرة الجديدة وأخذوا يدرسونها لعلهم يقفون على السر في شغف الجمهور الأوروبي بذلك الأثر الشرقي الطارئ، فتبين لهم بعد طول التمحيص أن قصص ألف ليلة وليلة، وإن تنقصها مقومات العمل الفني الكامل، إلا إنها تنفرد بخاصة من أهم الخواص التي تحبب الجماهير في القصص، هي روح المجازفة والاقتحام، فعمل الكتاب على إدخال هذا العنصر الجديد في قصصهم، ومن هنا كانت قصة روبنسن كروزو، وأسفار جوليفر، وما إليها من القصص التي ما كانت تظهر لولا قصص ألف ليلة.

    أما في القرن التاسع عشر فقد تأثر الأدب الألماني إلى حد كبير بالآداب العربية والفارسية والهندية، وكان «جوته» يستلهم روح الشرق في كثير من قصصه التي مزجها بالخيال الشرقي، و«هيني» الذي لم يسلم الأدب الشرقي من سخريته اللاذعة، لم تخل قصائده الغنائية من روح الشرق.

    وقد كان «شوبنهور» يتوقع اشتداد النزعة نحو الأدب الشرقي، وامتدادها من ألمانيا إلى فرنسا وإنجلترا، ولكن حدث ما لم يكن في حسبانه، فقد وقفت الآداب الفرنسية والإنجليزية في وجه تلك الحركة، فقضت عليها، ذلك أن العقل الغربي تحول فجأة عن الشرق، فقد انصرف عنه إلى فلاسفته الجدد، وما ظهر وقتئذ من أفكار سياسية جديدة، ومخترعات جديدة، وتطور صناعي سريع، فلم يكن في حالة تسمح له بالالتفات نحو الشرق فضلًا عن الانكباب على دراسته.

    وقد كان «جوته» يحلم بجعل الأدب الألماني أدبًا إنسانيًّا عالميًّا، فتحطم هذا الحلم الجميل بظهور الحركات القومية واشتداد النعرة الوطنية، ومع ذلك لا يمكننا تجاهل مكان الأدب الشرقي من الآداب الغربية في جميع العصور.

    وقد يظهر لنا لأول وهلة أنه مكان ضيئل، ولكننا إذا لاحظنا أن الأدب الشرقي لم يكن إلا بمثابة الخميرة للنزعات الأدبية الجديدة في أوروبا، أدركنا مبلغ ما كان له من أثر في تكييف الأدب الغربي وتوجيهه، ويكفي أن نقول إن الشرق كان كلما اتصل بالغرب عمل على تحرير الخيال الغربي من القيود، وتخليصه من كابوس الأدب التقليدي القديم.

    فأثر الأدب الغربي في الغرب ليس أثرًا عاديًّا ملموسًا يمكن إدراكه في سهولة ويسر، وإنما هو أثر معنوي، إن صح هذا التعبير؛ لأنه في حقيقة الأمر لم ينقل إلى الغرب نماذج أو أساليب أدبية معينة، وإنما نقل إليه روح الشرق، فكان أثره في بواعث الأدب وغاياته أكثر مما كان في أساليبه وأشكاله الظاهرة، ثم يجب أن نذكر أن الغرب لم يأخذ عن الشرق نزعات أدبية جديدة لم يكن له بها عهد من قبل، فإن البذور كانت موجودة في الغرب، ولكنها كانت في حاجة إلى حافز يحفزها حتى تنمو وتترعرع، فكان الروح الخيالي الشرقي هو الحافز المنشود، ومن هنا يصعب على الباحث أن يميز بين عناصر الأدب العربي التي طرأت على الأدب الغربي في مختلف العصور؛ لأن تلك العناصر قد اندمجت في الآداب الغربية اندماجًا تامًّا، وطغت عليها الألوان المحلية فغمرتها.

  3. #63
    صديق فعال
    روائع الأدب الغربي

    في أيام العزل المنزلي اتخذت حياتي منحى جديدًا، وهو منحى يقول “لنقوم بكل ما أجلناه”، بينما كان يدعوها العالم بالجائحة سميتها أنا الفرصة. فقد كانت حياتي قبلها مزدحمة للغاية ومُرهِقة للغاية. بعد العزل أصبح الوقت كله أمامي لأستغله في أشياء حقيقية، شغف لكل الأشياء المؤجلة. وبدأت أمضي وقتي في الأشياء المحببة، وكان أولها القراءة، تلك الهواية التي تحتاج إلى عزلة وتفصلك عن العالم حتى لو كنت بين مئات البشر. بدأت مرحلة جديدة من القراءة أسميها “التجريب”، والتي تعتمد على دخول مناطق جديدة وثقافات متنوعة في الأدب. وكان أبرز اكتشافاتي في القراءة هو الأدب الغربي ، واخترت منه الأدب الروسي والأدب الإيطالي، وبعض الأعمال من الأدب الكندي والأمريكي، والتي تحولت إلى مسلسلات مشهورة وناجحة.

    الأدب الروسي وروائع ديستوفسكي وتشيخوف
    كنت أنظر للكتب التي اشتريتها ولم أقرأها بحيرة، بماذا أبدأ؟ خطر لي بوازع من صديقة متمرسة في القراءة أن أستغل الفرصة في قراءة ثقافة أدبية لم أطلع عليها من قبل، وكان الأدب الروسي من ترشيحها أيضًا. بدأت في قراءة قصص قصيرة لأنطون تشيخوف تزامنًا مع روايات دوستيوفيسكي “الجريمة والعقاب” و”المراهق“. كانت الصدمة بالنسبة لي هو أن هذا الأدب رغم قدمه ونشأته في مجتمع مختلف تمامًا عن مجتمعاتنا فإنه أفضل ما عبَّر عن مكنون النفس البشرية، كأن أتوقف عند جمل بعينها وأقول “الآن فهمت”، “هذا تمامًا ما عرفته لكني لم أستطع ترجمته”، أو مشاعر بعينها وأقول “هذا تمامًا ما شعرت به لكني لم أستطع شرحه”. الأدب الروسي معني بالإنسانية بالدرجة الأولى، بالبؤس عندما يتمكن من الإنسان، بالإيمان بالله وبمنظومة القيم الأخلاقية، بالصراع الطبقي وأثره على المجتمع، بالحب والفلسفة والتطور التاريخي. تشيخوف بشكل خاص قصصه ترمز كثيرًا لرغبته في الإصلاح المجتمعي لكن بمعالجة شديدة الإنسانية.

    أما دوستيوفيسكي فهو يتلبس شخصياته، معاناتهم، أفكارهم، عواطفهم، صراخهم. هذا الكاتب محلل نفسي أكثر منه أديب، لشدة ما يتعمق في النفس البشرية وغرابتها وتناقضاتها، يكتب بحساسية شديدة عن أعقد المشاعر الإنسانية، في رواية “المراهق” استطعت أن أسقط الكثير من المشاعر على ابني وأفهم كيف يمكن للمراهق أن يشعر بالاغتراب داخل نفسه، ويقيم معها حوارات غريبة وينشئ لنفسه أفكارًا غريبة ويؤمن بأشياء ويكفر بأشياء، متى يعاند ويحقد ويشعر بذاته. أسعدني كثيرًا هذا الغوص الإنساني والفلسفي في الأدب الروسي، رغم الكثير جدًا من الحكي والوصف. لكن قراءته تستحق الصبر.

    الأدب الإيطالي وإبداعات إلينا فيرانتي
    رباعية نابولي

    أعتبر أن من أسباب امتناني للعام الماضي هو قراءاتي للكاتبة الإيطالية إيلينا فيرانتي مؤلفة “رباعية نابولي”، وهي قصة طويلة مكتوبة على أربعة أجزاء. تحكي عن امرأة في الخامسة والستين تكتب لتوثق تاريخ صداقتها بصديقة عمرها التي اختفت بدون أثر. تبدأ الحكاية من الطفولة وتستمر ليس فقط في سرد أطوار الفتاتين، لكن أيضًا تفاصيل الأحياء القديمة الفقيرة في نابولي والبيوت والعائلات، العشوائية والغوغاء والعنفوان في العلاقات. صداقة الفتاتين تشبه الضفيرة التي تربط كل الأحداث بجمالها وقبحها، تتعمق الكاتبة في سيكولوجية الفتيات من سن صغيرة مع اختلاف شخصيتهن وبرغم اختلاف طباعهن. في هذا العمل لا تستطيع أن تجزم إذا كانت الصديقتان متشابهتين أم مختلفتين تمامًا، لأنهما طوال الوقت تتقابلان في نقاط وتفترقان في نقاط. شخصيتهما تتطور بشكل معاكس، وبزوغ واحدة منهما يعني أفول الأخرى، بل وإن شخصيتهما تبهت وتشتعل بأنماط وطرق مختلفة طوال الرواية. “صديقتي المذهلة” هو الوصف الذي نراه في الصديقة الغائبة حتى نفاجأ أنه أيضًا ما وصفت به الصديقة الغائبة صديقتها التي تسرد الحكاية.

    المدينة تتكلم في هذا النوع من الأدب، كل مكان وشارع ومحل ومكتبة ومدرسة، كلها كأنها أشخاص ولها تأثير وحضور. أصغر شخصية كتبت عنها الراوية بنفس الروح القوية التي كتبت بها الأبطال. وهي روح متدفقة طوال قراءتك للروايات، كل الأشياء حيّة تنبض. الخير والشر حاضران بقوة وبشكل معجز يجعل القارئ غير متأكد من فيه الخير ومن الشر. عندما تقرأ هذا العمل لا تملك إلا أن تتبع مصير بطلته كأنه مصيرك أنت. معجزة أخرى في هذا العمل هي معجزة صناعة المكائد والمصائر المتقاطعة.

    حياة البالغين الكاذبة
    قرأت لها أيضًا “حياة البالغين الكاذبة”، والتي تسردها فتاة في سن المراهقة وتحكي فيها حقيقة عالم الكبار الذي يتكشف لها كلما كبرت. الكاتبة كما وصفت إحدى بطلاتها “لديها القدرة على التكلم عبر الكتابة، عفويتها حاضرة بقوة، لا أثر للابتذال في الكلمة المكتوبة، صوتها منقوش في كلماتها”، وهو ما شعرته أثناء قراءة رواياتها.

    روايات تحولت إلى مسلسلات
    إذا كان لديك الفضول لمشاهدة عمل أدبي بعد قراءته -وهو فضول جميل يوقعك في حيرة المقارنة وعذاب التخيل وعذوبة مشاهدة خيالك معروض على شاشة- فستدهشك حتمًا قراءة أعمال أدبية من هذا النوع. يذكرني هذا الفضول بروايات نجيب محفوظ التي قرأتها في مطلع شبابي وأنا متشوقة لمشاهدة أفلامها. أو أنني أحيانًا كنت أشاهد الفيلم ثم أبحث عن الرواية وأقرأها وأبدأ في المقارنة.

    حكاية الجارية
    كانت مصادفة طيبة أن أستمتع بقراءة رواية “حكاية الجارية”، ثم أكتشف أن قصتها تحولت إلى مسلسل. انتهيت من الرواية أولاً وغرقت في عالم من الديستوبيا والثورة الدينية، حيث التمييز ضد المرأة وسلطة المجتمع الذكوري، حيث النساء أرحام تمشي على الأرض مسلوبات الحقوق. وحيث المظاهر الشاذة مثل “الاغتصاب الزوجي” و”الحريم والزوجات”. تميزت رواية الكاتبة الكندية مارجريت أتود بالأسلوب الشِعري العذب، القوي، والمُرعب، تعمقت في عذابات المرأة، حواراتها الداخلية، مخاوفها، وصراعها ضد التمييز من أجل أن تملك إرادتها. وهذا ما جسده المسلسل بصورة مذهلة نقل للقارئ ظلامية الرواية في وجود الألوان الفاقعة للأزياء ومشاهد الطبيعة والقصور وبيوت الخدم، بصورة تتطابق مع الرواية، حتى المشاعر والحوار والأحداث لم تختلف عن الرواية إلا في كونها مؤلمة بشكل أقل. وهذا بالطبع يشير إلى أن القصة محكمة والحبكة ذكية.

    حرائق صغيرة في كل مكان
    رواية “حرائق صغيرة في كل مكان” للروائية الأمريكية سيليست إنج، وهي رواية تعلمك كيف تغير إدراكك بطريقة سلسة من أفكار محددة ومعروفة لأفكار أخرى لم تتخيل أن تتبناها. الرواية ممتلئة بالتفاصيل البصرية مع النص الأدبي شديد الرهافة تجعلك تعيش بداخل الحكاية وتجعلك تفكر في معنى الأمومة بشكل مختلف، في العلاقة بين الأسرة الواحدة، تستعيد فوران فترة المراهقة وتتعرف على جوانبها الحساسة التي نادرًا ما يتطرق لها عمل أدبي. تشغلك بفكرة القواعد التي ليس بالضرورة تجد النجاة والشرف في اتباعها. تنقل لك رؤية مختلفة عن العنصرية، والجانب النفسي المعقد للشخصيات، الخير والشر في كل شيء. بطريقة عصرية بسيطة محببة. بدأت مشاهدة المسلسل الذي يجسد نفس القصة ووجدت أن جوانبه الفنية لا تقل جمالاً عن العمل الأدبي، بل إنها أشد متعة لأنها نقلت للقارئ الصور الذهنية التي تمنى أن يراها لأبطاله وللأحداث التي خفق لها قلبه.

  4. #64
    صديق فعال
    الأدب العربي بين هيمنة الفكر الغربي وآفاق العالمية
    جواد العقاد

    بالتأمل في نوايا الغرب ومقاصده من درس الأدب المقارن، نجد أن هذا الدرس يحمل في بنيته الثقافية مفاهيم هيمنة، فهو يتخطى الحدود الثقافية بين الغرب والشرق، بين المنتصر والمهزوم، وبالطبع يفرض ما يريده المنتصر ويصنع الشرق بحسب مزاجه، وهذا ما يُعنى بالاستشراق في عصر ما بعد الحداثة، فهو تجاوز مفهومه التقليدي على أنه دراسة مجموعة من مفكري الغرب للثقافة الشرقية من منظورهم وبمناهجهم وأدواتهم، وأصبح يعني صناعة الشرق بحسب تصور الغرب وأهوائه في سبيل تلبية طموحاته الاستعمارية؛ فالغرب يصور بلاد الشرق على أنها بلاد مليئة بالثروات التي يمتلكها رجال أغبياء، لا يحسنون إدارتها، كما أنها بلاد السحر والجهل والتخلف، وبذلك أهل هذه البلاد يحتاجون إلى مساعدة، وهي في نية الغرب مبرر للاستعمار، ولا يشترط أن يكون استعمارًا عسكريًا، فإننا نرى اليوم سيطرة الغرب على معظم ثروات دول الخليج، ناهيك عن الغزو الثقافي للبلاد العربية من المحيط إلى الخليج، هكذا يصور المستعمر الغربي الشرق، ويقنع أبناءه بهذه الصورة؛ فيروجون لها ويقدمون أنفسهم على أنهم هكذا، مثلًا: بعض الأدباء يطمحون إلى العالمية فيشرقنون ذواتهم، ويكتبون أدبًا يتضمن الصورة التي كونها الغرب عن الشرق، ربما يطرحون موضوعات موجودة فعلًا، لكنهم يعممونها وكأنها ظاهرة، وبهذا تحظى أعمالهم بالترجمة والنشر، والعالمية المنشودة.

    إن الغرب المهيمن يريد من الأدب الترويج لكل أفكاره التي يبتغي غرسها في وعي الشعوب المهزومة، أو النامية، سواء كانت تلك الأفكار حقًا أو باطلًا، وغالبًا تكون الثانية، وقد نجح هذا في المجتمع العربي؛ فالقومية العربية غدت شعارات مباحة، ولم يفرق العرب بين ما يتوافق مع مبادئهم وبين ما ينقضها رأسًا على عقب، فهم يقلدون الغرب في كل شيء، في أنماط الحياة، وطرائق التفكير، مثلًا: حرية المرأة التي يريدها الغرب تختلف تمامًا عن حرية المرأة في الثقافة العربية الأصيلة، وكل ما يراه الغرب حقًا أو باطلًا أو جميلًا أو قبيحًا تراه العرب كذلك.

    لا بد من تغيير طريقة تلقي درس الأدب المقارن، وقراءة الأدب العالمي بعين ناقدة. لو تأملنا في كيفية تلقي الدول التي تعتز بقوميتها وتحافظ على ثقافتها الوطنية للآداب الأجنبية، نجد دولًا مثل: الصين والهند والبرازيل؛ يخضع الأدب العالمي عندها إلى النقد الثقافي، بمعنى أنها تدرس البنية الثقافية للنصوص الوافدة، أي الأهداف الكامنة وراء النصوص، باعتبار الأدب أيديولوجيا، فتأخذ ما يتفق مع ثقافتها وما يختلف لكنه لا يضر، وترفض قطعًا ما هو دخيل هدام، فالاهتمام الأوحد لهذه الدول هو ثقافتها القومية.

    وقد أسقط الأمريكيون شرط اختلاف اللغة في درس الأدب المقارن؛ لأن الأدبين الأمريكي والإنجليزي مكتوبان بلغة واحدة، وهي الإنجليزية. فليست اللغة وحدها من يحدد القومية، والواضح أن الأمريكيين أسقطوا هذا الشرط اعتزازًا بقوميتهم. إذن: الواعي هو من يسن القوانين، أو على الأقل يفرق بين الهدام والبنَّاء في سبيل المحافظة على قوميته وثقافته الوطنية.

    والحق أن إسقاط شرط اللغة أمر ضروي؛ فقد جعل الترجمة تلعب دورًا بارزًا في شيوع درس الأدب المقارن، وبالتالي عولمة الأدب، فيكفي الأديب التأثر بالنص المترجم من العمل الأدبي، ليمكن دراسة نصوصه؛ دراسة مقارنة. وهذا غير متاح بحسب شروط المدرسة الفرنسية، والتي جعلت اختلاف اللغة شرطًا أساسًا للدراسة المقارنة، وهو بلا شك يضيق دائرة هذه الدراسة، فيَلزم لها قراءة الأديب للنص بلغته الأم، ومن ثم يمكننا البحث في التأثير والتأثر. وهذا يعني أن الترجمة أتاحت تناقل النصوص من لغاتها الأم إلى قوميات مختلفة؛ فيسهل الاطلاع عليها وبالتالي التأثر بها. ولولا الترجمة لما تأثرت الآداب ببعضها بشكل كبير، مثلًا: حركة الترجمة في العصر العباسي كان لها أثر كبير في صقل الأدب العربي وتأثره بغيره من آداب العالم، ولولا الترجمة ما تمكن "دانتي" مؤلف "الكوميديا الإلهية" من الاطلاع على حديث المعراج المكذوب والتأثر به، ولما تمكن محمود درويش من الاطلاع على نصوص الهنود الحمر التي ترجمها صديقه صبحي حديدي، وكان لها الفضل الأول في كتابة رائعته" خطبة الهندي الأحمر".

    ونخلص إلى أن الترجمة ركيزة في شيوع درس الأدب المقارن، بل اعتُبرَ أن الأدب المقارن فرعٌ من الترجمة، بحسب الدكتورة سوزان باسنيت: "ينبغي علينا من الآن فصاعدًا أن ننظر الى دراسات الترجمة بوصفها الدراسة الأكاديمية الرئيسة، وإلى الأدب المقارن بوصفه فرعًا قيمًا من مجالات الدراسة بها" ( سوزان باسنيت: الأدب المقارن. مقدمة نقدية. ص181).

    مما تقدم ندرك أهمية الأدب العالمي في إثراء الأدب القومي؛ فانفتاح الآداب والثقافات على بعضها له أهمية بالغة، ورغم ذلك يجب علينا ألا نفتح أبواب ثقافتنا العربية على الغارب، وينبغي التشريح الثقافي لكل النصوص الأدبية التي ترد إلينا من ثقافات أُخرى؛ لأن الأدب طريقة سهلة لتصدير ثقافات مسمومة هدامة باستغلال سطوة الجمال، ولهذا علينا التأمل مليًا في الأنساق الاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية التي أنتجت النصوص الوافدة، أو بعبارة أخرى: التعمق في دراسة أفكار النصوص ومدى تأثيرها على ثقافتنا.

  5. #65
    صديق فعال
    الاحتياجات النفسية عززت حضور فن النوادر في الأدب العربي
    نوادر أدبية تنشأ من إحساس الإنسان تصور بدقة متناهية الواقع بعفوية وتلقائية.

    “فن النوادر في الأدب العربي.. جحا نموذجا”.
    وتقول بعض المصادر التاريخية إن جحا هو شخصية خيالية من التراث الشعبي في الكثير من الثقافات القديمة، ونسبت إلى شخصيات عديدة عاشت في عصور ومجتمعات مختلفة.

    وفي الأدب العربي، نسبت شخصية جحا الشهيرة إلى أبي الغصن دُجين الفزاري الذي عاصر الدولة الأموية. وهو أقدم شخصيات جحا وإليه تنسب النكات العربية. أما في الأدب التركي، فنسبت قصص جحا من إسطنبول إلى الشيخ نصرالدين خوجه الرومي الذي عاش في قونية معاصرا الحكم المغولي لبلاد الأناضول. وجحا هو رجل فقير كان يعيش أحداث عصره بطريقة مختلفة ويتماشى مع تلك الأحداث شبه الحقيقية، فقد كان يتصرف بذكاء كوميدي ساخر وانتشرت قصصه ومواقفه التي كان يتعامل معها في حياته اليومية، وكانت تنتقل في البداية شفهيا ثم صارت من أشهر نوادر الأدب العربي، ونتج عن ذلك تأليف الكثير من الأحداث الخيالية حوله. ويعدّ الجاحظ (775 - 868م) من أشهر مؤلفي أدب النوادر، كانت كتاباته على اختلاف مواضيعها لا تخلو من الهزل والتهكم.

    وبالحديث عن نشأة فن النادرة كاستجابة للظروف التي عانى منها العرب خلال العصور الإسلامية الأولى، فكانت النادرة جزءا مهما من الفنون النثرية إلى جانب الشعر، وكان من أشهر فرسانها جحا العربي الذي اختلفت الروايات في تحديد شخصيته والزمن الذي عاش فيه بدقة، غير أن الدارسين توصلوا إلى أن النوادر طرائف عربية رويت في القرن الرابع الهجري ونسجت حول شخصية أبي الغصن دجين بن ثابت الملقب بـ”جحا”، مستندين في ذلك إلى مدونات ابن الجوزي وابن حجر والجاحظ.

    خصائص النوادر الجحوية من حيث اشتمالها على ضروب التعبير الشعبي الفكاهي بغض النظر عن أنواعها، سواء كانت حكاية مرحة أو نكتة ساخرة أو لغزا أو مفارقة أو كاريكاتورا، وجميعها ذات هدف واحد هو الإضحاك. كما أن النوادر تلبي احتياجات نفسية ودوافع خفية تنشأ من إحساس الإنسان بعقبات تحول دون تحقيق رغبته الكاملة، فهي تعبير عن رأي الجماعة والتخفيف عن مآسيها.

    ومن خصائص النادرة الجحوية أيضا أنها تعتمد على عنصر التطوير والحركة، وغالبا ما تقوم على عنصرين متباينين كالموت والحياة والخيانة والأمانة وغيرها، ثم إنها تتسم بالبساطة وعدم التعقيد اللغوي والابتعاد عن الأسلوب الخطابي والوعظ المباشر، لأنها نابعة من أوساط اجتماعية عفوية فهي تعبير عن الوجدان الشعبي.
    وخلص إلى أن النادرة هي جنس أدبي لا ينتمي إلى إطار زماني ومكاني محددين، وتعالج موضوعات إنسانية عامة، جعل انتقالها من بيئة إلى أخرى أمرا سهلا وشائعا، مع عناية دقيقة بتصوير الواقع بعفوية وتلقائية.

  6. #66
    صديق فعال
    "ألف ليلة وليلة" أدب عربي خالد أبهر الغرب وأهمله العرب
    نص "الليالي العربية" الذي افتتن به الغرب، كان علماء اللغة العربية ورجال الدين يعتبرونه عبثا قصصيا وليس أدبا رفيعا.

    صدرت عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة، في مجلدين، النسخة العربية لموسوعة “ألف ليلة وليلة (الليالى العربية)” لأورليش مارزوف وريتشارد فان ليفن، ومن ترجمة وتقديم السيد إمام.

    استهل المترجم مقدمة الكتاب، بأسئلة من قبيل: ما الذي يريد القارئ أن يعرفه عن “ألف ليلة وليلة” أو الليالي العربية كما يطلق عليها الأوروبيون؟ هل هي هندية أم فارسية أم عربية؟ مخطوطاتها؟ تواريخ ظهورها؟ جامعوها؟ حكاياتها الأصلية أو المنتحلة وما جرى عليها من تعديلات أو تحويرات؟ الأثر الذي خلفته على جمهور المستمعين والقراء في كل مكان وزمان، وعلى المبدعين من شعراء وروائيين ورسامين وموسيقيين وكتاب مسرح في الشرق والغرب على حد سواء؟

    وأضاف أن كل هذه الأسئلة وغيرها تجيب عنها الموسوعة التي ألّفها وجمع مادتها اثنان من أبرز المتخصصين في الدراسات العربية وتاريخ الحكي العربي. يقول المؤلفان “لم يكن لأي عمل من أعمال التخييل من أصول غير غربية أثر أقوى في الثقافة الغربية من الليالي العربية. فإلى جانب كونها مصدرا للسمر القائم على المتعة بالنسبة إلى أجيال من القراء والمستمعين على مر العصور، فإن هذا العمل كان بمثابة معين لا ينضب للإلهام لكل أنواع الأنشطة الإبداعية”. ويضيفان “لقد أسهم هذا العمل وبشكل حاسم، في فهم الغرب للشرق بوصفه الآخر الأساسي، ولم يتم النظر إلى الليالي العربية والتعامل معها بوصفها عملا أجنبيا، بل تم إدراجها في طبقات عديدة من الثقافة الغربية، واستطاعت البقاء والازدهار والانتشار واكتساب زخم إضافي على مر العصور منذ أن تم تقديمها إلى الوعي الغربي لأول مرة منذ ثلاثمئة عام”.


    إبداع لا ينضب

    ويتابع مارزوف وإفان ليفن بالقول “من ناحية أخرى، يؤكد أمبرتو إيكو أن الروايات الكبرى في الثقافة الغربية من ‘دون كيشوت‘ إلى ‘الحرب والسلام‘، ومن ‘موبي ديك‘ إلى ‘الدكتور فاوست‘، قد كُتبت بتأثير من ‘ألف ليلة وليلة‘. وهناك حقيقة في ما يبدو لا بد من الاعتراف بها وهي أنه على الرغم من الحضور الطاغي لنص الليالي في الذاكرة والتداول الواسع الذي حظي به، فإنه لم يحتل المكانة اللائقة به التي يسوّغها تأثيره الملموس في دائرة التفكير العربي إبداعا وموروثا. مؤكدا أن قصص ‘ألف ليلة وليلة‘ ستظل حكايات تشبه نصا مفتوحا ولغزا عميقا وشفافا يتشكل معناه في كل زمن وفي كل عقل”. والغريب أن نص “الليالي” الذي حظي بكل هذا التقدير والاهتمام، ونال من الإطراء ما لم ينله نص من قبل، ظل مهملا ومستهجنا بين أصحابه، يتناقله عامة الناس شفاهة في ما بينهم طيلة قرون دون أن يرقى إلى مرتبة الأدب وفقا للمعايير التي أقرتها مؤسسة الأدب الرسمية التي تتألف من علماء اللغة العربية ورجال الدين، والتي كانت حريصة على التمييز بين أدب رفيع جاد نافع يعلّمنا أساسيات اللغة، وأدب قصصي عابث ذي طابع شعبي يستخدم اللغة الدارجة ويهدف إلى التسلية ولا يستحق أن يكون أدبا.

    ويهدف القسم الأول من الكتاب الذي يضم أربعة عشر مقالا حول الليالي، إلى أن يكون “غذاء للفكر”. ويقدم استعراضات قصيرة “يعالج كل منها مجالات لموضوعات محددة أو أسئلة بعينها ذات صلة بدراسة الليالي العربية”، فقد كتب هذه المقالات باحثون معروفون عالميا بأبحاثهم في الدراسات الإسلامية ومتخصصون في دراسة الليالي العربية. أما الجزء الثاني من الكتاب فهو بعنوان “عالم الليالي العربية”، ويضم مسحا لـ270 مدخلا حول الأصل، والشخصية، والسياق والآثار التي خلفتها.

    ونذكر أن أورليش مارزوف، هو أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة جورج أوغست بألمانيا، نشر على نطاق واسع أعمالا وأبحاثا حول ثقافة الحكي في الإسلام. أما المؤلف الثاني فهو ريتشارد فان ليفن، أستاذ مساعد في قسم الدراسات الدينية بجامعة أمستردام، وتشمل أعماله المنشورة الترجمة الهولندية لـ”الليالي العربية”، بالإضافة إلى عدد من المقالات والأبحاث. أما المترجم، السيد إمام، فله عدد كبير من الترجمات منها “الشعرية البنيوية”، “قاموس السرديات” و”تعليم ما بعد الحداثة: المتخيل والنظرية” وغيرها.

  7. #67
    صديق فعال
    أدباء عرب يكتبون بالفرنسية ويواجهون ازدواجية اللغة

    الأدب العربي المكتوب باللغة الفرنسية ليس أدبا فرنسيا، رغم أنه منشور في دور النشر الفرنسية، ورغم أنه مكتوب بالفرنسية، لكن اللغة لم تصنع أبدا هوية قومية مختلفة للكاتب الذي ولد عربيا.

    القاهرة - أليس من المثير للجدل أن المرء عندما يتصفح رفوف أية مكتبة فرنسية فإنه يجد مجموعة كبيرة من الكتب عن الثقافة العربية المكتوبة أساسا باللغة الفرنسية، في نفس الوقت الذي يلاحظ أن مثل هذه العناوين تكاد تكون مفقودة في رفوف المكتبة العربية؟

    لاشك أن المرء سيصدم لو طالع هذا الكم الهائل من العناوين الخاصة بهذا الموضوع، باللغة الفرنسية، والكثير من هذه الكتب قديم تاريخيا وحديث أيضا، ورغم ذلك فإنه لا يوجد في المكتبة العربية كتاب واحد يدرس هذه الظاهرة ويقدمها إلى القارئ العربي. ومن هنا جاء كتاب “المغتربون.. الأدب العربي المكتوب باللغة الفرنسية” للكاتب محمود قاسم الذي صدر عام 1996 بعنوان “الأدب العربي المكتوب بالفرنسية”، الذي أعادت نشره من جديد وكالة الصحافة العربية- ناشرون، مع إضافة فصول إليه. إنهم من وطن واحد، وجميعهم مهاجرون إلى لغة وطن لا يتكلم بها وطنهم وهم واقعون في ازدواجية ثقافية واضحة، ثقافة البلاد التي ولدوا فيها وانتموا إليها، وثقافة البلد الذي وجدوا أنفسهم يتكلمون لغته أو يختارونه مهجرا.
    هذا هو حال أغلب الأدباء العرب الذين يكتبون إبداعهم باللغة الفرنسية إن لم يكن حال جميعهم، ولاشك أن هناك مجموعة من السمات العامة التي يمكن أن تربط في ما بينها أدب هؤلاء الكتّاب أو إبداعهم، أو حتى علاقتهم بالمجتمع الذي يعيشون فيه، سواء الذي جاؤوا منه أو قدموا إليه.

    وليس كتاب محمود قاسم هو الأول من نوعه في المكتبة العربية، بل هو أيضا الأول من نوعه الذي يفرد مثل هذه الصفحات عن الأدب العربي المكتوب باللغة الفرنسية في كل الوطن العربي وخارجه، ففي عناوين الكتب التي رجع إليها نجد هناك تقسيمات واضحة للأدب العربي المكتوب بالفرنسية حسب المناطق، فهناك أدب في المغرب العربي وآخر في مصر. أما الكتب التي تتناول الأدب الفرانكفوني فهي تتعامل أساسا مع اللغة التي تجمع بين الأدباء في أماكن عديدة من العالم، منها كندا وبلجيكا وسويسرا وأفريقيا وبعض المستعمرات الفرنسية القديمة المتناثرة في العالم، وأيضا أدب الأوروبيين الفارين من شرق أوروبا الذين بدؤوا يكتبون بالفرنسية، مثل يوجين أونسكو، وكونديرا.


    هؤلاء الأدباء يواجهون بازدواجية أدبية فهم في بلدانهم ينظر إليهم كغرباء وفي المهجر ينظر إليهم كمهاجرين


    وقد أوضح الكتاب، أن الأدب العربي المكتوب باللغة الفرنسية ليس أدبا فرنسيا، رغم أنه منشور في دور النشر الفرنسية، ورغم أنه مكتوب بالفرنسية، لكن اللغة لم تصنع أبدا هوية قومية مختلفة للكاتب الذي ولد عربيا، ولكن ظروف نشأته وتعليمه جعلته يتقن الفرنسية التي يعتبرها لغة كتابة أولى، لكنها لم تطمس أبدا في هويته العربية، ولو شئنا أن نقيس ذلك بشكل واضح فإن الفصل الذي قدمه عن الأدباء اليهود الذين كتبوا باللغة الفرنسية، قد بين كيفية الاختلاف بين الكاتب اليهودي الغربي الذي يعيش في نفس المدينة باريس، السفارديم منهم حيث يعتبرون أنفسهم عربا يهودا، وهم لم يناصروا إسرائيل في سياستها ولم يقوموا بزيارتها ولم يتخلوا عن هويتهم العربية.

    وظلوا يكتبون دائما عن سنوات الحنين التي عاشوها في مصر والمغرب العربي. وقد أراد محمود قاسم أن يضع هذا المقياس ليوضح كيف أن الأدباء العرب الذين يكتبون بالفرنسية قد ظلموا كثيرا في أوطانهم، وقد جاءت المأساة من أن هذا الظلم وقع من جوانب عديدة، منها مقياس حركة الترجمة من ناحية ومنها النظرة إليهم نظرة بريبة واضحة وقصدية، كأن هذا الكاتب الذي قد اتخذ لنفسه لغة تعبير هي أساسا للمستعمر قد جنح بذلك إلى العمالة. وهو تصور ساذج من الكثيرين الذين علقوا على عالم ألبير قصيري بعد أن ترجمت له أربع روايات، ثم في عالم أندريه شديد، حيث نظر البعض إلى هذا الأدب الذي يدور أغلبه في الأحياء الشعبية باعتباره أدبا يشوه وجه مصر، وأنها أبدا لم تكن هذه الحواري رغم أن هؤلاء أنفسهم قد أعجبوا كثيرا بنفس العالم في الروايات العربية التي كتبها أدباء من طراز نجيب محفوظ، ويوسف السباعي، وإحسان عبدالقدوس وآخرين.

    كما أن هذا الأدب قد تعرض للغبن في عالمه العربي بشكل ملحوظ، حيث إن هؤلاء الأدباء لم يشكلوا تجمعا، وكانوا بعيدين جسمانيا عن دائرة الحلقات الأدبية، وبذلك ترك الباحثون العرب الساحة مفتوحة لأقرانهم الأجانب، وخاصة الفرنسيين للاهتمام بهذا الإبداع.

    هؤلاء الأدباء يواجهون بازدواجية أدبية، فهم في بلادهم العربية ينظر إليهم على أنهم كتاب أجانب يعيشون في بلد أجنبي، ومن المعروف أن أغلبهم قد رحلوا إلى فرنسا بعد أن تقلصت أنشطتهم في بلدانهم، وعندما تغيرت كتاباتهم تحت وقع الزمن، لجأ بعضهم إلى تجريد إبداعه من الزمان والمكان، لكن أغلبهم لم ينفعل بالمكان الجديد. ثم إن الفرنسيين ينظرون إليه كمهاجر وليس كواحد من أبناء الوطن، وهو في المقام الأول أيضا مثقف فرانكفوني، ولم تتعامل الأوساط الفرنسية أبدا معهم على أنهم فرنسيون حتى لو حصلوا على الجنسية الفرنسية.

    وقد حاول الكتاب أن يستعرض بانوراميا، الكثير من الأسماء المهمة في عالم الأدب العربي المكتوب باللغة الفرنسية، فخصص شبه قاموس صغير لكُتّاب كل بلد في نهاية الفصل الخاص به، هذا بالإضافة إلى إلقاء الأضواء مركزة على أبرز الأسماء في بلادها. من خلال البحث والتحليل والرصد لهذا الأدب. وجاءت الإضافات الكثيرة هنا لتؤكد أهمية هذا الموضوع.

  8. #68
    صديق فعال
    في وداع غابو ومرسيدس: استذكار ابن غابرييل غارسيا ماركيز لوفاة عملاق الأدب
    ترجمة: رفا صالح


    غابرييل غارسيا ماركيز في منزله، يأخذ قيلولة يوم الثلاثاء. غارسيا ماركيز، الذي توفي عام 2014، يتذكره ابنه في مذكراته “وداعًا لغابو ومرسيدس”. (أرشيف عائلة غارسيا ماركيز)

    بينما كان غابرييل غارسيا ماركيز، الساحر الأدبي يحتضر، اُكتشف طائر متوفى حديثًا في منزله وتحديدًا على الأريكة، حيث اعتاد ماركيز، الفائز بجائزة نوبل الجلوس . انقسم عمال المنزل حول ما يجب القيام به. اعتقد نصفهم “حاملي القمامة” أنه نذير شؤم يجب أن يتخلصوا منه. أما النصف الآخر فاعتقد أنه فأل خير يجب أن يكرّم بدفن الحيوان بين الزهور في حديقة المنزل. وفي النهاية، دُفن الطائر في الحديقة.

    بعد فترة وجيزة من اكتشاف الطائر الميت على الأريكة، وعندما فقد العالم المايسترو الكولومبي في عام 2014، عن عمر يناهز 87 سنة، بعد سنوات معاناة من آثار الخرف. أرسل أحد الأصدقاء بريدًا إلكترونيًا إلى سكرتير غارسيا ماركيز ليُشير إلى صدفة غريبة. توفي المؤلف في يوم الخميس، وهو نفس اليوم المقدس لواحدة من أكثر شخصياته رسوخًا، أورسولا إيغواران، الأم في عمله العظيم مائة عام من العزلة، التي توفت عن عمر يناهز 120 عامًا، وكانت ظروف وفاتها مصحوبة بطيور مرتبكة تصطدم بالجدران وتسقط لحتفها. عندما علم رودريغو غارسيا ابن غارسيا ماركيز بهذه المصادفة، لم يبدِ أي رأي حولها. كل ما أعرفه هو أنني على أحر من الجمر، لإعادة سردها.

    هذا ما كتب رودريغو غارسيا في كتابه التأملي عن وفاة والدته ووالده، في وداع غابو ومرسيدس: مذكرات عن غابرييل غارسيا ماركيز ومرسيدس بارتشا.


    تمامًا كما فعل بحادثة الطير وقت وفاة والده، تجنب رودريغو ربط والده غارسيا ماركيز بالشخصيات المعقدة في أعمال والده. وكتب بدلاً من ذلك، تاريخًا حميميًا ومثيرًا للدهشة من الحزن والتقبل، نجح في تقديم لمحة عن إحدى أشهر الشخصيات الأدبية بكل العصور. على الرغم من أن الكتاب بالكاد يتحدث عن كل شيء، إلا أنه يسرد بعض الحكايات المثيرة للاهتمام. على سبيل المثال:

    يكشف رودريغو أن والده غارسيا ماركيز لم يحب الاحتفاظ بمسودات أولية لكتبه، لذلك عندما كان رودريغو وشقيقه غونزالو صغيرين، طلب منهم غارسيا ماركيز الجلوس على أرضية مكتبه ومساعدته في تمزيق نسخ كاملة من عمله والتخلص منها. أيقن تمامًا أن ما ذكرت ليس مشهدًا سعيدًا لكل كاتب مبتدئ يشارك ماركيز الطموح.

    يتأمل رودريغو أثناء التنقل بين لوس أنجلوس ومكسيكو سيتي:
    أشعر بالفزع لأنني أفكر في تدوين الملاحظات ربما يكون من الأفضل رفض رغبة الكتابة عن والدي والبقاء متواضعًا….
    لكن هناك حاجة غريزية عند بعض الأبناء لإنهاء أعمال آبائهم. عند قراءة ذكريات رودريغو، يستوعب المرء هذه الفكرة، أنه قد شعر بمثل هذه الرغبة – سواء كان يعي ذلك أم لا.
    أحد أكثر الأشياء التي كرهها والدي عن الموت، أنه الجانب الوحيد من حياته الذي لن يكون قادرًا على الكتابة عنه.
    في تلك الساعات التي ينزلق فيها والده بعيدًا، ويتضاءل جسديًا وعقليًا، ويقترب من النهاية، يُنفس رودريغو عن مشاعره التي يصعب التحكم بها.
    عندما رحل والده، وجد رودريغو نفسه مندهشًا من “المقياس الإنساني” لعملاق الأدب. وبالنسبة له، فكرة استيعاب الناس لإنسانية والده وموته مرعبة ومريحة في الوقت نفسه.
    موت غابرييل غارسيا ماركيز ليس بموتٍ عادي، أشعرنا بالخداع، تَرَكَنا مُبتكر هذه الحبكات المتعرجة دون بعض الحيل؟ لحسن حظنا خفف تعامل ابنه رودريغو من التوتر، وصف كيف فشلت خطة العائلة بإعلان الوفاة حيث أن الصحفيين المختارين مسبقًا كانوا في عطلة دينية. وانتهى المطاف بعائلة ماركيز يطلبون من صديق شخصية إذاعية بإعلان الوفاة على وسائل التواصل الاجتماعي.


    غارسيا ماركيز ومرسيدس بارتشا في صباح اليوم الذي فاز فيه بجائزة نوبل عام 1982. (أرشيف عائلة غارسيا ماركيز)

    في دار الجنائز، استقبل رودريغو وأفراد الأسرة الآخرين امرأة شابة جذابة بزي المستشفى. فكر رودريغو بداخله أنه لو كان والده على قيد الحياة، لغازلها. على الرغم من أنه لم يُطلب منها القيام بذلك، إلا أن المرأة رتبت مظهره، مشطت شعره، وقصت شاربه وحاجبيه الجامحين. سعد رودريغو لأنه رأى والده بهذا المنظر الحسن وقت الوداع، صورة أخيرة تشبه الرجل الذي نشأ معه. انحنى عمال الجنائز بينما وضعوا والده على الحزام الناقل، واختفى غابرييل غارسيا ماركيز عندما أُدخل رأسه في الهوة، وكتفيه مع بقية جسده خارجها. تقدم العامل وضغط بقوة على كتفيه لينزلق داخلها، غرق غابو أخيرًا في اللهب.

    كتب رودريغو:
    مشهد دخول جسد والدي لغرفة حرق الجثث ساحر ومخدر. يُشعرني بحمل مستحيل لا معنى له. كما يوحي العنوان، فإن الكتاب ليس تكريمًا للكاتب غابرييل ماركيز وحده، ولكن أيضًا لمرسيديس بارتشا، زوجته، التي توفيت في أغسطس 2020.

    عند فقدان والديه، أعرب رودريغو عن بعض الندم:
    لم أعرفهم بما فيه الكفاية، بالتأكيد كلي أسف لأنني لم أسأل المزيد عن التفاصيل الدقيقة لحياتهم، وأكثر أفكارهم خصوصية. لكن كتابه “في وداع غابو ومرسيدس “يكشف أكثر من ذلك، فربما أنه كان يعرفهم معرفة أعمق مما أدرك. وبفضل معرفته، عرفنا ماركيز ومرسيديس معرفة أعمق.

    للكاتب: مانويل رويغ فرانزيا.

  9. #69
    صديق فعال
    نشأة الرّواية في الأدب العربي
    د.آمال بو حرب

    أختلفت آراء الدارسين حول نشأة الرواية العربية فمنهم من يجعلها أمتدادًا لجذور أدبية عربية خالصة ويربطها بالمقامة والحكايات الشعبية فضلًا عن ترجمة الأدب العربي القديم قصصا هندية وأخرى فارسية كما فعل ابن المقفع في "كليلة ودمنة"وتلك الملاحم الشعبية من أمثال "أبو زيد الهلالي “و"عنترة”وغيرهما شأنهما في ذلك شأن الرواية الفرنسية الغربية التي تأثرت بالأدب اليوناني والإغريقي ولكن هناك من يذهب إلى أنها وليدة الأدب الغربي جاءت بشكل جديد ليتفق وروح العصر الحديث ويشبع أحتياجات حديثة وقد دخلت الرواية إلى أدبنا العربي عبر الترجمة كما أسهمت الصحافة في نقل العديد من الروايات الغربية إلى القارئ العربي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر فراح اللبنانيون يتحررون من المقامات ليضعوا أسس القصة في أدبنا العربي بتطلعهم إلى نتاج الأدب الغربي.

    وما يؤكد دور الصحافة والترجمة في نشأة القصة والرواية العربية أن معظم كتابهاكانت تربطهم وشائج قوية ويعتبر سليم بطرس البستاني واضع اللبنة الأولى في هيكل الرواية العربية فراح ينشر مؤلفاته القصصية في مجلة "الجنان "التي ترجع ملكيتها لأبيه "ويكفي أن جهود سليم البستاني في الفن القصصي الروائي قد غطت لسعتها على سواها. وجعل من عام 1870م معلما فارقا تبدأ منه مسيرة الجهود المتواصلة في نهر الفن الروائي القصصي"وكانت أولى محاولاته المنشورة في المجلة “الهيام في جنان الشام” عام 1870 وفي العام التالي نشر "زنوبيا " ثم "بدور"وغيرها .

    كان لظهور العديد من المجلات التي عنيت بنشر الأعمال الروائية وترجمتها عن الآداب الغريبة مثل صحيفة "الأخبار"التي ترجمت القصص و "الاهرام و"حديقة الأدب"و اللافت للنظر حضور الأدب الشعبي في الرواية العربية الحديثة منذ ولادتها حيث البناء السردي في هذه المحاولات قائمٌ على الأفعال الخيالية والبطولية والمخاطرات العجيبة تغلفها الصدفة والقدرية بلا منطقية تربط أحداثها ومن هنا فإن الرواية الحديثة في نهاية القرن التاسع عشر لم تبتعد عن الحكايات والخرافات ببنائها السردي كيف لا وأدبنا العربي يزخر بهذه الحكايات عبر زمن طويل.

    إن البناء السردي التقليدي ظل يرافق الرواية الحديثة حتى ظهرت رواية "زينب "لمحمد حسين هيكل التي رأى فيها الدارسون الرواية العربية الأولى لأنها تخلصت من البناء السردي التقليدي فكانت الشكل الجديد للرواية العربية الحديثة بما فيها من ملامح فنية ومن هنا نجد الرواية العربية الحديثة تتأرجح بين استلهام التراث ومحاكاة الغرب غير أننا نجدها متباينة في أهدافها لاختلاف كتابها وثقافاتهم وأهدافهم.

    تنوعت الروايات وظهرت الرواية الاجتماعية والتي تأثرت بالاتجاه المحافظ و استلهمت المقامات والحكايات الشعبية من مثل "ألف ليلة وليلة"وغيرها فجاءت خيالية المادة بأسلوب مقامي هدفها الأول والأسمى التسلية والترفيه ومن أهم الروايات
    الاجتماعية في تلك الفترة « ورقة الآس "لشوقى وليالي سطيح"لحافظ إبراهيم "وكانت هذه الروايات تهدف إلى تبصير المواطنين بطائفة من عيوبهم ثم برزت القصة التهذيبة البيانية ولقد اتجه مصطفى المنفلوطي اتجاها آخر غير الذي سبق في استلهام التراث فضلا عن عدم رضاه بمحاكاة الغرب إذ اتخذ طريقا تهذيبية ليعمق الإحساس بالشرف والوفاء والأخلاق الفاضلة بإسلوب بياني أخاذ قائم على تجويد التعبير وحسن الصور دون الإهتمام بالسجع و ماسواه من محسنات بديعة فهو يقدم القصة قريبة من المقالة أو الخطبة غير أن كثيرا من مصادر رواياته كانت الترجمة عن الأدب الغربي "كالفضيلة"أو "بول فرجيني " و"مجدولين" اما الرواية التعليمية التاريخية فقد ظهرت عند جورجي زيدان وهو من الشام جاء إلى مصر وسكن فيها وما ساعده على ذلك اشتغاله بالصحافة إلى جانب كتاباته في التاريخ العربي والحضارة الإسلامية أجده يسخر القصة في خدمة التاريخ وجد جورجي زيدان بعض الكتاب الغربيين الذين كتبوا الرواية التاريخية مثل )إسكندر دوماس الأب( الذي كتب عن التاريخ الفرنسي ومثل “والترسكوت” الكاتب الإنجليزي الذي يعد من أبرز رواد هذا النوع من الروايات غير أن ثمة اختلافا بين زيدان والسابقين كما يرى عبد المحسن طه بدر في كتابه"تطور الرواية العربي "فيقول: "والفارق الأساسي بين جورجي زيدان وبين الكاتبين أن رواياتهما تاثرت تأثر ًا واضحا بالإحساس القومي الذي ساد الفترة الرومنتيكية في الأدب الغربي.

    ولما كان جورجي زيدان ينقصه هذا الإحساس القومي المتحمس فإنه لذلك اقتصر على أن يكون معلما للتاريخ وأن يهتم بالحقيقة التاريخية أولا ويجعل الإهتمام في العناصر الروائية في المرتبة الثانية "ومن أهم رواياته الاجتماعية " المصرية"و "عذراء قريش"و "الحجاج ابن يوسف الثقفي ".

    وأخيرا الرواية الفنية وظهرت عندما وصلت الرواية العربية إلى نقطة اللاعودة في استلهام التراث والماضي وكانت التجربة الاولى رواية "زينب" للدكتور محمد حسين هيكل الذي بدأ كتابتها وهو في باريس سنة 1910م وأكملها سنة 1911م ونشرها سنة 1912م. وتعد "زينب "أول رواية فنية في تاريخ الأدب المصريالحديث"وبهذه المحاولة يعتبر هيكل رائد الرواية بمفهومها الفني في مصر لكنه خجل من وضع اسمه عليها حيث خاف على سمعته كمحام من أن يعاب عليه كتابة رواية في فترة لم ينظر إلى الروائيين بعين الاحترام فلم يجرؤ على تسميتها رواية فأطلق عليها مناظرة وأخلاق ريفية بقلم "فلاح مصري" وتجدر الإشارة إلى أن الدراسات النقدية للعمل الروائي كانت نادرة وشحيحة منذ ولادتها ولعل السبب في ذلك أن الدارسين لها اعتبروها وليدا غير شرعي وهي فن لم ينضج بعد لاقتحام البوابة الأدبية العربية فضلا عن انصرافهم إلى الشعر وفنونه وفي ذلك قال عبد المحسن بدر: "إن النقاد والدارسين كانوا ينظرون إلى الرواية فنا لم ينضج بعد ولم يتبلور في أدبنا بحيث يبدو من الصعوبة بمكان درس الرواية وتطورها فضلا إلى انصراف أغلبهم إلى دراسة الشعر" وتجدر الإشارة كذلك إلى عدم وضوح معالم الفن الروائي وملامحه في تلك الفترة فمن الكتاب من انطلق متحررا من الفن المقامي والحكايات الشعبية إلى الرواية الفنيةلكن آخرين ظلوا متمسكين باستلهام التراث في أعمالهم.

  10. #70
    صديق فعال
    صورة المرأة في الأدب الغربي
    عدوية الهلالي

    شهد القرن التاسع عشر تناقضات كبيرة، إذ كان الجزء الأول من هذا القرن شديد التقشف والتقييد في ما يتعلق بالمرأة، وكانت وظائف النساء نادرة وفاقدة للمصداقية، وهناك فرق واضح جداً بين الجنسين. وتلخص نظرية أبقراط في كتابه (أمراض النساء) الصادر في 1544، هذا الفكر السائد بقوله: “يواجه الجنس الأنثوي حالات الحمل المرهقة وتقلبات المزاج الشهرية، التي تبرر استبعادها من كل منبر ودور عام».

    ولم ينحرف نابليون عن تيار الفكر هذا، وفي عام 1804 أنشأ القانون المدني. وباتت سلطة الأب تجعل المرأة المتزوجة قاصرًا من خلال مواد مختلفة مثل المادة التي تقول: “على الزوج حماية زوجته، وعلى الزوجة طاعة زوجها”. ويمنح هذا القانون المرأة وضعاً تمييزياً وينظم العلاقات بين الجنسين بشكل غير متساو. فتكون المرأة من الدرجة الثانية إذا لم تكن متزوجة، وقاصر وغير قادرة إذا كانت متزوجة. ولا تُمنح لها أية حقوق سياسية أو مدنية. إضافة إلى ذلك، تم حظر الطلاق مرة أخرى حتى عام 1884. ومع ذلك، ظلت المساواة الكاملة في مواجهة الضرائب والسجن. ولم توافق الدولة على توفير مدرسة للبنات للبلدات التي يزيد عدد سكانها عن 500 نسمة حتى عام 1867.

    ومن السمات المهمة الأخرى التي يجب التأكيد عليها أنه في القرن التاسع عشر كان هناك تمييز واضح للغاية بين الطبقات البرجوازية المهيمنة والطبقات العاملة.. ويمكننا أن نرى هذه الازدواجية على وجه الخصوص من خلال مقارنة العديد من الأعمال مثل رواية (صديق جيد، لغي دي موباسان عام 1885)، والتي تمثل فيها كلوثيلد دي مارتيل، الزوجة الثانية لجورج دوروي، المرأة البرجوازية النموذجية في القرن التاسع عشر. إنها غنية لكنها لا تهتم بالمال، إنها جميلة وتحب الاستمتاع دون الانخراط في السياسة أو الشؤون العامة.

    وعلى العكس من ذلك، تتعرض النساء من الطبقات الدنيا للاستغلال المفرط وغالبًا ما يُحكم عليهن بالعمل غير الماهر. فعامل القرن التاسع عشر هو أولا وقبل كل شيء فلاح. ويجب على المرأة المتواضعة التوفيق بين دورها كإمرأة وزوجة وأم وعاملة. وقد صور إميل زولا، زعيم الحركة الطبيعية، بدقة كبيرة ظروف العمل في عصره من خلال أعماله ومنها رواية (جيرمنال- 1885)، التي يسلط زولا فيها الضوء على الحتمية الاجتماعية التي يواجهها رجال ونساء الطبقة العاملة.

    وقد تميز القرن التاسع عشر أيضًا بالثورة الفرنسية عام 1789، وخاصة بتطبيق قوانين جديدة نتجت عن الثورة. فمنذ الأيام الأولى، أثار رجال مثل كوندورسيه مسألة المرأة، بمقاله عن قبول المرأة بحقوق المدينة، أو نساء مثل أوليمب دي جوج، التي أعلنت في عام 1791 إعلانًا لحقوق المرأة والمواطن. بعدها بدأت تميل حالة المرأة نحو التحسن. ويُعد ظهور عقد الزواج أو إمكانية الطلاق خطوة كبيرة إلى الأمام، لكن المرأة مع ذلك تظل مستبعدة من الجنسية.

    لقد كان القرن التاسع عشر قرنًا محوريًا، حيث شهد تغيرًا بطيئًا في الفكر. إنه شاهد مميز على التحرر التدريجي للمرأة. فمنذ النصف الثاني من القرن، وبمساعدة مؤلفين عظماء أو نساء راغبات في الحرية، تطورت المكانة والحالة التي يحتلها الجنس الأنثوي في فرنسا بشكل إيجابي. فسينحاز المؤلفون الكبارللنساء مثل فيكتور هوغو من خلال قصيدة بعنوان (لا تهين امرأة ساقطة- 1835). وبعد عدة سنوات، في رواية (البؤساء- 1862)، التي تولى فيها مرة أخرى الدفاع عن نساء الطبقة العاملة. ويميل هذا التغيير في العقلية المتعلقة بالمرأة إلى إظهار التحسينات المتعلقة بحقوقها أو وضعها داخل المجتمع.

    ثم تميز القرن العشرين بمزيد من الظهور بالإضافة إلى تحسن مذهل في حالة المرأة داخل المجتمع الفرنسي. فبعد الحرب العالمية الثانية، قادت الماركسية الى نجاح مصطلح “الحالة الأنثوية”. كما وضعت الحروب العالمية النساء الفرنسيات في المقدمة في مجال العمل، مما جعلهن يتحملن المهمة الثقيلة لإدارة اقتصاد البلاد. وصارت بعض النساء تعمل في المصانع لتعويض النقص في الأيدي العاملة. وشاركت اخريات بشكل كبير في المقاومة حيث مثلن 20 إلى 30 بالمئة من القوة العاملة.
    لذلك اعتبر بعض المؤرخين أن هذه الفترة مواتية لتحرير المرأة، لأن العلاقات بين الجنسين قد تغيرت بشكل كبير. وانتشر أدب المرأة أكثر فأكثر مع ظهور المؤلفين الموهوبين الجدد. وهكذا، أكدت الكاتبات، المتزوجات أكثر فأكثر، أنفسهن في هذا المجال الذي طالما هيمن عليه الرجال، كما هو الحال بالنسبة لسيمون دي بوفوار وعملها الجنس الثاني 1949، المعروف باسم “الكتاب المقدس للنسوية”. كما يمكننا أيضًا الاستشهاد بمارغريت الذي لها دور لإعادة صياغة أدب القرن العشرين أو دومينيك أوري لخلق أدب نسائي متحرر.

    وخلال هذا القرن، مُنحت حقوق جديدة للمرأة أيضًا. اذ تم إنشاء الاتحاد الفرنسي لحق المرأة في التصويت عام 1909. وفي الثلاثينيات من القرن الماضي، ضاعفت لويز ويس وجمعيتها (المرأة الجديدة) التظاهرات لصالح حقوق المرأة. وبلغت هذه التظاهرات ذروتها في عام 1936 عندما عين ليون بلوم، رئيس الحكومة الفرنسية، ثلاث نساء في حكومة الجبهة الشعبية: سوزان لاكور وكيلة وزارة الخارجية المسؤولة عن حماية الطفل، وإيرين جوليو كوري كباحث علمي، وسيسيل برونشفيك، كوكيل وزارة الدولة للتعليم الوطني. وتم منح حق التصويت للمرأة في النهاية من قبل ديغول في عام 1944. وفي ما يتعلق بالحرية الجنسية، فقد شرّع قانون نيوويرث لعام 1967 موانع الحمل.

    وعلى الرغم من أن النساء اليوم يشغلن مكانًا حقًا، إلا أن هنالك معارك أخرى لم يتم خوضها بعد، كما هو مذكور في كتاب Go Girls))، الذي نشر في عام 1992 من قبل كريستيان بودلوت وروجر إستابليت، والذي يوضح عدم المساواة في الأجور في عالم العمل بين الجنسين، أو حتى مقال بيير بورديو (الهيمنة الذكورية) عام (1998)، الذي يشهد على جمود المجتمع.

    لذلك تطورت حالة المرأة بطرق مختلفة على مر القرون، سواء في المجتمع أو في الأدب. وفي الوقت الحاضر، تتمتع المرأة بمساواة معتدلة ولا يزال يتعين اكتساب العديد من الحقوق، مثل المساواة في الأجر أو السلامة الجسدية أو الحق في استخدام وسائل منع الحمل والإنهاء الطوعي للحمل. وفي حين أن التكافؤ قد تطور بشكل كبير، إلا أنه بعيد كل البعد عن أن يكون ساري المفعول في جميع المجالات، لا سيما في عالم العمل. لذلك يمكن للمرأة أن تفتخر، وتواصل نضالها وتقدمها، وتعززانتصاراتها في الأدب لتدخل التاريخ.

صفحة 7 من 13 الأولىالأولى ... 56 789 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال