صفحة 5 من 13 الأولىالأولى ... 34 567 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 50 من 123
الموضوع:

قطوف أدبية - الصفحة 5

الزوار من محركات البحث: 179 المشاهدات : 1943 الردود: 122
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #41
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: July-2017
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 527 المواضيع: 238
    التقييم: 147
    آخر نشاط: 23/August/2023
    مقالات المدونة: 1
    قارع كبار المفكرين الغربيين لكننا لم نوفِّه حقه..
    لماذا يجب أن تقرأ لعبد الوهاب المسيري؟

    عبد القادر زوهري

    "المسيري مفكّر عربي بسياق عالمي، لا يقلُّ عن دوركايم وفيبر وابن خلدون". وهذا ليس قولنا، وإنما هو اعتراف وشهادة من أحد أكبر المؤرخين الغربيين، وهو المؤرخ الأمريكي كافين رايلي؛ الذي سبق أن ترجم له عبد الوهاب المسيري رفقة زوجته الدكتورة هدى حجازي، أحد أهم أعماله: "الغرب والعالم"، وهو كتاب ضخم في جزئين.

    وهذه الترجمة جاءت ضمن اهتمام المسيري الذي كان يشتغل في نقد التمركز الغربي، وجاء ذلك في سياق إعداده لموسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية"، والتي استغرقت من حياته ربع قرن من البحث والدراسة، ومن خلال هذا بلور مشروعاً فكرياً ضخماً؛ ينقسم إلى قسمين مترابطين، فالأول يفكك اليهود والصهيونية، والثاني يقوم على نقد الحداثة الغربية. وقد خلص المسيري إلى أن الصهيونية هي إحدى إفرازات الحضارة الغربية، وإحدى مظاهر أزمة الحداثة.

    مثلها مثل "النازية" و"الفاشية"، وهي مشروع إمبريالي استيطاني إحلالي. وأن هذه الحضارة الغربية تقوم على ركائز معرفية تدور في الإطار المادي الحسّي، وهذا ما حاول المسيري نقضه ونسفه، وتوضيح زيفه وأبعاده المعرفية المدمرة.
    هنا نجد أنه صراحة كان يضاهي كبار المفكرين الغربيين؛ حيث استطاع، من خلال موسوعته، أن يعرض لنظرة جديدة موسوعية موضوعية فكرية علمية للظاهرة اليهودية المعاصرة بشكل خاص، وتجربة الحداثة الغربية بشكل عام، والعلمانية بصورة أعم، مستخدماً ما طوّره أثناء حياته الأكاديمية من إعادة قراءة مفهوم النماذج التفسيرية.

    دون إغفال تعريجه على ما بعد الحداثة، بعد ظهور الرغبة في العودة إلى الأخلاق في عصر ما بعد الحداثة، على حد تعبيره، "بعد أن غابت وتلاشت في عصر فقد فيه اليقين، وتزعزعت الأساسات ونزعت عنه القداسة".
    واتسم نقاشه لهذه الموضوعات المهمة والآنية بالهدوء والتروِّي والعقلانية؛ ما أثار عليه بعض المتابعين الذين ربما رغبوا في لغة أكثر ثورة وهيجاناً، دون التفريق منهم بالضرورة بين الخطاب العلمي الموضوعي الكاشف عن الحقائق، وبين تلك الأصوات التي تلهب الحماس، وتستدعي رفع الأصوات، دون أن تخرج على الناس بنتيجة.

    ويضيف الدكتور علي إبراهيم النملة في معرض حديثه عن المسيري وفكره الموسوعي في كتاب "الموسوعات الفردية.. المسيري أنموذجاً"، أن هذا الخطاب العقلاني الهادئ "متّهم في عقلانيته، لا في هدوئه؛ ذلك أن العقلانية مصطلح له دلالاته التي لم تكن موضع ترحيب من بعض المعنيين، لا سيما إذا انطلقت من مفكر له تاريخ مع اليسار، وكان عبد الوهاب المسيري من اليسار حتى تبنى موقفاً عقلانياً مستنيراً أطلق عليه الخطاب الإسلامي الجديد".

    وفي سياق حديثنا عن المسيري المفكر العالمي؛ فقد كان كتابه "نهاية التاريخ.. مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيوني"، قد نشر قبل 15 عاماً، من نشر المفكر الأمريكي فرانسيس فوكوياما لكتاب يحمل العنوان نفسه (نهاية التاريخ).

    لكن الفرق بين النظرتين أن رؤية فوكوياما ترى أن نهاية التاريخ تعني انتصار الولايات المتحدة على الاتحاد السوفييتي أولاً، ثمّ (توقف) التاريخ على الحضارة الغربية الأمريكية، بينما يرى المسيري أن مفهوم (نهاية التاريخ) مفهوم فاشي اخترعته الدول الغربية للسيطرة على العالم. إلاّ أن كتابه هذا لم يلق رواجاً في الفكر العربي بمثل ما لقيه كتاب فوكوياما. لماذا؟

    يجيب عبد الوهاب المسيري نفسه عن هذا الإشكال بقوله: "التصنيف في عالمنا العربي يتم من خلال المضمون، وهذا ما سميته الفكر المضموني، أي الذي يرصد ويصنف من الخارج دون أن يصل إلى الوحدة الداخلية، وقد صُنف كتابي أنه كتاب عن (الصهيونية)، أي كتاب يتناول عالم السياسة. أما كتابه هو فعن (التاريخ)، فهو تاريخ. أما الفكر الكامن وراء المضامين والنماذج والمفاهيم الكامنة وراء الفكر، فهو أمر تم تجاهله". ويضيف المسيري على أنه "ثمة هزيمة داخلية في الفكر العربي تجعل من الغرب المرجعية الوحيدة ومصدر المعرفة الأوحد، ولذا لم يتصور أحد أن كتابي ربما يكون قد طرح أفكار فوكوياما قبله بعدّة سنوات، وربما بطريقة مغايرة تماماً، ولكنه يتناول الإشكالية نفسها".

    وإضافة إلى أنه كان مفكراً وباحثاً متعمقاً ومجتهداً، فلقد كان المسيري، رحمه الله، دائماً منحازاً للقضايا العادلة، فقد كان سياسياً بارزاً يقف في الصفوف الأولى مدافعاً عن قضايا وطنه وأمّته؛ حيث شغل قبل وفاته منصب المنسق العام لحركة كفاية، التي تأسست في نهاية سنة 2004م للمطالبة بإصلاح ديمقراطي في مصر، وقد تعرض للاعتقال أكثر من مرّة.

    ويقول عبد الإله بلقزيز في كتابه "نهاية الداعية" أن عبارة المسيري: "المثقف لابد أن يكون في الشارع"، التي وردت في إحدى المقابلات الصحفية التي أجريت معه، "وكونه في الشارع هو المطلب الملح، على جميع المثقفين أن يعكسوا نبض الشارع، وفي هذا تفصيل شخصه". فهذا كله مسار متفرّد يجب أن ننصف به الرجل.

    وفي الأخير لا يسعنا القول، إلاّ أن المسيري كان مفكراً فذّاً، وإنساناً رقيقاً، ومناضلاً صلباً، دافع عن الإنسان فكراً وممارسةً، إلا أنه لم يوفّ حقه عربياً، فهو علَم من الأعلام الذين ظلمهم التاريخ، فما يجعلنا نعيد الاعتبار له هو خوض النقاش والقراءة في أعماله ومؤلفاته وإرثه العلمي والمعرفي، وإكمال مشروعه وما كان يصبو إليه.

  2. #42
    صديق فعال
    رغم أننا نقرأ الكثير من الكتب القيمة..
    لماذا لا يثبت في رأسنا منها إلا القليل؟

    علي خيري

    القراءة هي المادة الأساسية التي يتغذى عليها العقل، وينمو عن طريقها الفكر، ويثرى من خلالها الوجدان، هي مولدة الأفكار، ومحسنة الأطوار، كلما شربت من معينها، زاد وزن عقلك، وكلما اغترفت من كنوزها، زاد غنى نفسك، كل هذا يحدث إذا ما أحسنت اختيار ما تقرأ، وهداك الله إلى ما ينفع من الكتب، فالكتب كأي شيء في دنيا الناس منها الغث ومنها السمين، ومنها ما يستقبله العقل فيسمو، ومنها ما ينزل على العقل فيهوي به إلى أسفل سافلين، فيأتي الداء مما يظن الإنسان أنه الترياق والدواء.

    وهذا الأمر يخفى على الكثير من الناس، لا سيما المبتدئ في مضمار القراءة، فالناس وخصوصاً الشباب يميلون إلى تصديق كل ما كُتب في كتاب، ويرون في كل ما خط بين دفتي كتاب حقاً مطلقاً لا يقبل المناقشة، فالشباب الصغير لا يملك الحاسة النقدية، لأن هذه الخبرة لا تأتي إلا من خلال الدربة والتجربة والاختبار، وكثره التقلب بين العقول والأفكار، فكم من عقول تناوشتها أعاصير الفكر، لمجرد أن حكم عليها الحظ السيئ، بالوقوع ضحية لكتاب مؤلفه فاسد المعتقد، مختلط العقل، وكل بضاعته فيه أنه يحسن تنميق الكلام، والتدجيل بالحروف والكلمات، هذا من جانب.

    ومن جانب آخر، فكم قرأت يا صديقي من كتب قيمة، أفكارها نيرة، ولكنها لم تلبث في رأسك إلا اليسير من الأيام، وإذا حاولت أن تصوغ ما خرجت به من الكتاب، تذهب كل محاولاتك أدراج الرياح، لا نستطيع أن ننكر هنا أن محتويات الكتاب الذي نسيت بعض أو كل أفكاره لم تندثر، وأن وقتك لم يضِع، بل إن ما ناقشته مع كتابك النافع من أفكار، ذهب إلى داخل عقلك ووجدانك، وذاب داخل نفسك كما يذوب الطعام والشراب داخل عروق الجسد.

    لكننا نريد لأفكارنا التي نستخلصها من الكتب النافعة أن تترسخ داخل أذهاننا، وأن تشكل وحدات متجانسة نستطيع استدعاءها وقتما نشاء، لكي نحاجج بها ونذب عن معتقداتنا، التي اكتسبناها من تراكم الكتب التي قرأناها، وحتى نستطيع نشر ما نؤمن به من أفكار وقضايا.

    نحن هنا أمام غايتين نريد إدراكهما:
    الأولى: أن يقدم أصحاب الخبرة والدراية في مجال القراءة والاطلاع عصارة أفكارهم لشباب القراء، حتى لا يتركوهم عرضة للتيارات الفاسدة، وينمو فيهم الحاسة النقدية التي تجعلهم يستفيدون من كل ما يقع تحت أيديهم من الكتب، دون مصادرة على حريتهم في اختيار ما يقرؤون، أو حتى إشعارهم بالوصاية عن عقولهم الشابة الفتية التي تميل للحرية، فنحن في نهاية المطاف نريد عقولاً حرة لا تستطيع التمييز بوعي كامل بين الخير والشر والغث والسمين من الأفكار، كما أسلفنا القول.

    والثانية: أن يتثبت القارئ مما قرأ من كتب، ويستطيع الأخذ بناصية الأفكار التي حوتها الكتب التي قرأها، ولا تذوب تلك الأفكار في ذكراته، بل تكون الأفكار متمايزة ومرتبة داخل عقله، فكم من شخص تجد أفكاره مرتبة وحينما يتكلم في فكرة تجده يتذكر بدقة أين قرأها وما التفاصيل التي حوتها صفحات الكتاب الذي قرأها فيه.

    وهاتان الغايتان نستطيع إدراكهما في وسيلة واحدة ألا وهي النقاش المنظم بين القراء، وقد يتخذ هذا النقاش أي صورة، فقد يظهر في صورة صالون أدبي، -كصالون مي زيادة وعباس العقاد- يناقش كتاب أو موضوع بصورة دورية، وهذه الوسيلة كانت منتشرة في مصر مثلاً في بداية القرن السابق، وأنتجت لنا باقة من ألمع نجوم الفكر والأدب، وقد يتخذ هذا النقاش صورة مجموعة على الفيس بوك أو أي وسيلة تواصل أخرى تستفيد من التكنولوجيا الاستفادة المثلى.

    فاجترار الأفكار داخل هذه النقاشات، يؤدي إلى استخراج مكنونات ومقاصد المبدعين من كتبهم، والاستماع إلى وجهات نظر مختلفة حول الكتاب الواحد، مما يولد الأفكار ويكسوها صوراً مختلفة عن وجهة النظر الأحادية للقارئ الواحد، الأمر الذي يضاعف من فائدة القراءة، فالقراءة فقط لا تكفي.

  3. #43
    صديق فعال

    الرئيس الفنزويلي السابق هوجو شافيز يهدي نظيره الأمريكي أوباما نسخة من كتاب "الشرايين المفتوحة لأمريكا الجنوبية" الذي يحكي عن فظائع الغرب في أمريكا اللاتينية، للكاتب إدوارد غالينو

    ماذا يقرأ الرؤساء والزعماء السياسيون؟
    محمد عبدالعزيز الهجين

    قرأتُ قصة عن الملك فيصل بن الحسين، إذ رافق الصحفيُّ العراقي رفائيل بطي الملكَ فيصل على سطح سفينة، ولاحظ انشغال الملك بقراءة كتاب، واجتهد رفائيل بفضوله الصحفي لمعرفة الكتاب الذي يقرأه الملك، كان الكتاب هو "تاريخ الحركة الاستقلالية في بروسيا" لمحمد صبري السوربوني، كأننا نعرف من خلال هذه المعلومة انشغال بال فيصل بتوحيد العرب. بعدَها طفقتُ أفكِّر فيما يقرأه الملوك والزعماء من كتب، خصوصاً بعد مقالة طويلة قرأتها عن مكتبة ستالين وقراءاته.

    أتذكَّر حكاية عن دهاء محمد علي باشا، الذي زهد في كتاب "الأمير" لميكافيلي، وقال إنه يعرف هذه الحيَل السياسية. ورأيت كيف يجتهد المثقفون لمعرفة تعليقات لينين على الكتب ورأيه في الأدباء، مثل رأيه في بلزاك وتولستوي، كما قرأتُ عن "القرآن" الذي في مكتبة نابليون، وما قرأه هذا القائد العسكري في طريقه للحملة الفرنسية على مصر، وعن صداقة الروائي سومرست موم مع رئيس الوزراء البريطاني تشرشل.

    وأعجبتني المعلومة التي ذكرها محمد الربيعو عن الرئيس العراقي فؤاد معصوم، الذي دخل على آية الله السيستاني ورأى كتاب "العمق الاستراتيجي" لداوود أوغلو يقرأ فيه. ليس هذا فقط، بل إنّ الإمام يقرأ لإدوارد سعيد، ويبحث عن كتب هيكل. فعندما تقابل الأخضر الإبراهيمي مع السيستاني قال له الأخير: أنا أعرفك، وقرأت عنك كثيراً، وآخر ما قرأته كان عن لقائك في لندن مع محمد حسنين هيكل وإدوارد سعيد. وأضاف قائلاً: أنا قرأت ما تُرجم من كتب لإدوارد سعيد، وقرأت أيضاً كتب هيكل. فقال له الإبراهيمي: سأرسل إليكم كتب هيكل الأخيرة، فشكره السيستاني.

    ونعلم الصورة الشهيرة حينما أهدى الرئيس هوغو شافيز نظيره الأمريكي أوباما كتاب إدوارد غالينو "الشرايين المفتوحة لأمريكا الجنوبية"، كأنه تذكير بفظاعات الغرب في أمريكا اللاتينية، ومتابعة الصحف للكتاب الذي يحمله أوباما معه. كما نذكر اهتمام هاملر، أحد زعماء النازية، بالقراءة عن الإسلام، أو قائمة كتب بيل غيتس وقوائم القراءة الخاصة به، أو صورة ماكرون مع الكاتب الإسرائيلي يوفال هراري مؤلف كتاب "العاقل" الذي تصدَّر المبيعات.

    حكايات عبد الناصر مع القراءة أيضاً شيِّقة، فلقد تعرَّف ناصر على نيتشه من خلال كتاب عبد الرحمن بدوي عنه، ولكن أشدَّ هؤلاء الضباط حماسة للكتاب كان الضابط أحمد عبد العزيز، الذي استُشهد في فلسطين سنة 1948، فقد أخبر بدوي أنه أوصى بأن يُكتب على قبره عبارة قالها نيتشه ووردت في الكتاب، وهي: "لكي تجني من الوجود أسمى ما فيه، عِش في خطر!"، وعندما قابل أحمد عبد العزيز بدوي ردَّد أمامه بحماسة جملاً كثيرة من الكتاب.
    حكايات عبد الناصر عن عَلاقته مع الكتب والمؤلِّفين كثيرة، فقد رفض اعتقال توفيق الحكيم حينما نشر رواية "بنك القلق"، التي احتجَّ عليها عبد الحكيم عامر بشدة، ووصل الخلاف إلى نقاش حادّ أمام عبد الناصر، الذي حسم الموضوع كما يقول هيكل بقوله: إذا كان الحكيم كتب في العصر الإقطاعي السابق "يوميات نائب في الأرياف"، وقال رأيه في الأحوال الاجتماعية المصرية في ذلك الوقت، ولم يتصدَّ له أحد، فهل يُعقل أنه عندما ينتقد بعض الأوضاع بعد الثورة أن نتصدى له؟
    وتكرر موقف شبيه عند صدور كتاب "الديمقراطية أبداً" لخالد محمد خالد، الذي دعا لعودة الجيش إلى ثكناته. وفي إحدى الليالي قرأ عبد الناصر الكتاب، وخرج على رفاقه من غرفته حاملاً الكتاب، وسأله أحد الموجودين معه: ما هذا الكتاب؟ فأجاب: إنه لخالد محمد خالد، ظهر منذ أيام، ولما أطلعهم على عنوانه سأله أحد الحضور: وماذا يقول فيه؟ أجاب ناصر: يشتمنا. وساعتها اقترح الباقوري عليه مصادرة الكتاب، خصوصاً أن ناصر كان وزيراً للداخلية، لكن عبد الناصر ردَّ قائلاً: لا يليق بنا أن نصادر كتاباً للكاتب الذي كتب في عهد فاروق "مواطنون لا رعايا".
    ويحكي هيكل أنه في ثاني مرة التقى عبد الناصر طلب الأخير منه كتاب "إيران فوق بركان"، وفي ٢٥ يوليو/تموز كان رجال الثورة يناقشون ما يفعلونه بفاروق، وقد كان هناك حديث عن إعدام الملك، أو محاكمته ثم إعدامه، لكن عبد الناصر قال: الدم يأتي بالدم، يا جماعة، اقرأوا رواية "قصة مدينتين" لتشارلز ديكنز. كما قرأ عبد الناصر سيرة أتاتورك المسماة "الذئب الأغبر"، فهل كان يبحث عن إلهام من هذا الزعيم التركي؟

    وصف السادات كتاب "في صالون العقاد كانت لنا أيام" لأنيس منصور بأنه من أعظم وأروع ما قرأ، والعهدة على أنيس منصور في كتابه "من أوراق السادات". أما عن هتلر فقد كان معجباً برواية "دون كيشوت" لسرفانتس، ويشير الكاتب سمير عطا الله في مقالة بعنوان "ماذا قرأ هتلر؟" إلى ذلك بقوله: لم يكن هتلر يترك مسرحيات شكسبير تبتعد عنه. وأحبُّها إليه كانت (هاملت) و(يوليوس قيصر)، وكان يردد دائماً قول هاملت: (نكون أو لا نكون، تلك هي المسألة)، كما كان يخاف دائماً أن يقوم من بين أعوانه (بروتوس) يطعنه في الظهر. وعلى إحدى نسخ مسرحية (يوليوس قيصر) رسم بيده صورة للإمبراطور الروماني وهو جثة ممزقة بخناجر رفاقه.

    أما عن أفضل كتاب قرأه صدّام حسين فقد أجاب برواية "الشيخ والبحر" لإرنست همنغواي، معللاً هذا التفضيل بأن الرواية تتكون من رجل وزورق وخيط لاصطياد السمك، وتروي لنا كثيراً عن وضع الإنسان، على أن صدّام كان مقتنعاً بكتاب "بروتوكولات حكماء صهيون"، وهو كتاب يؤمن بنظرية المؤامرة، وأن اليهود يخططون لتدمير العالم.

    ويحكي محمود عثمان، وهو سياسي كردي فاوض صدّام عدة سنوات، في إحدى زياراته للقصر الجمهوري، أنه عثر في مكتبة صدّام على ركن خاص بالكتب التي عن ستالين، فقال محمود لصدّام: "هل أنت مولع بستالين؟"، فردّ صدام: نعم، أحببت الطريقة التي حكم بها بلاده!

    وإذا بحثنا في الزعماء قديماً قد نتوقف عند الزعيم الألماني بسمارك، ففي شبابه وهو في الأرياف، قبل العمل بالسياسة، ولم يكن لديه ما يصنعه، قرأ كثيراً من كتب التاريخ، لا سيّما تاريخ إنجلترا، وقرأ ما تيسر من علم الاجتماع، وكان من الكتّاب المفضّلين لديه الشاعر بايرون، وقرأ فوق سريره "رسالة الواجبات" لشيشرون، وكان يطالع كتاب "سبينوزا" العزيز عليه، ويتلو قصة "ريشارد الثالث" ورواية "هملت" لشكسبير، لكنه عندما دخل عالم السياسة انصرف لمدة ثلاثين سنة عن القراءة، إلا من بعض دواوين الشعر.

    أمّا الزعيم المصري سعد زغلول فقد كان يقرأ الكتب بالألمانية والفرنسية، خصوصاً في التاريخ والفلسفة والقانون، ونرى في مذكرات رئيس الوزراء إسماعيل صدقي باشا معلومة عن قراءته في مذكرات نابليون.

    يحكي لنا أمين الريحاني عن الملك عبد العزيز آل سعود أنه كان يعتمد في المطالعة على راوية يقرأ له كتب الأدب، ففي الأسمار إذا ما طال الليل وملَّ الحادي، سمعوا صوت السلطان ينادي شخصاً اسمه العجيري، يدنو من الملك عبد العزيز، يسلِّم، ويشرع يقرأ. أجل، إنك إذا كنت لا تراه تظنُّه يقرأ في كتاب من كتب الأدب والشعر، ولكن العجيري لا يحمل كتاباً، العجيري يحمل في رأسه كتب الأغاني والكامل والبيان والتبيين والكشكول وبضعة دواوين من الشعر، له ذاكرة رهيبة، وله صوت ونطق وطريقة في الإلقاء تدهش أكبر الممثِّلين، كما يخبرنا الريحاني.

    أمّا مِن المعاصرين فنرى خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس معجباً بكتاب "جواهر الأدب" للهاشمي، وقرأ كتاب "الخلافات السياسية بين الصحابة" للشنقيطي. ونرى وليد جنبلاط الزعيم اللبناني يتابع ما يكتبه المؤرخ البريطاني جيمس بار، الذي كتب كتباً تاريخية مثل: "الصحراء تشتعل"، و"خطّ في الرمال"، بل إن جنبلاط أهدى كتاب "خطّ في الرمال" إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، وأرسل نسخة إلى جاريد كوشنر صهر ترامب، كأنها رسالة سياسية عن تاريخ تقسيم منطقة الشرق الأوسط، كما أنه أرسل نسخة من رواية "الطريق إلى نهاية العالم" لماريو بارغاس يوسا إلى أمين حزب الله حسن نصر الله، كأنها رسالة مبطنة عن حكاية ثائر ينتظر القيامة وحوَّل نفسه إلى رسول.

    وفي إحدى جلسات الحوار الوطني حمل جنبلاط رواية "سمرقند" لأمين معلوف، التي تحكي عن حسن الصباح وجماعة الحشاشين. لعل جنبلاط يحبّ إسقاطات الكتب وإرسال معانٍ سياسية بعناوينها وأفكارها، لكن هل يجيد الساسة فهم مغزى هذه الرسائل؟

    ونرى الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر يقرأ رواية "القرصان" للروائي القطري عبد العزيز آل محمود، التي تحكي عن أرحمة بن جابر الجلاهمة وصراعه مع البريطانيين في الخليج العربي، ويُعتبر أرحمة شخصية عجيبة، امتلك مزيجاً من الشجاعة والجرأة وهدد التجارة العالمية في ذلك الوقت. وقرأ أيضاً كتاب أحمد فال ولد الدين "في ضيافة كتائب القذافي".

    أمّا بورقيبة فقد قرأ في شبابه رواية "تونس الشهيدة" لعبد العزيز الثعالبي وتأثر بها، ونقرأ عن ياسر عرفات في أحد الحوارات تأثره برواية "الأم" لمكسيم جوركي، وقراءته لرواية "الحرب والسلام" لتولستوي في فترة شبابه. ويبدو الإعجاب بتولستوي واضحاً، حتى إنّ غاندي تأثر بالقراءة له.

    وقرأتُ عن بوتين أن زوجته أهدت إليه كتاب "خمرة الحكمة" عن عمر الخيام، لكن أفضل المؤلِّفين عنده دستويفسكي وتولستوي، وأوصى برواية "الإخوة كارامازوف".

    وأمّا عن فيديل كاسترو زعيم كوبا فهو محِبّ للقراءة، وفي أحد جدران مكتبه كتب هائلة. قرأ كاسترو كثيراً من الكتب مثل أعمال ماركس ولينين، وأعمال الثوري الكوبي خوسيه مارتي، الذي من دون كتاباته لم يكن كاسترو ليتصوّر ثورة من الأساس، وكذلك يحب كاسترو الروائيين الفرنسيين مثل فيكتور هوغو، الذي يستمتع بمناقشة بؤسائه مع هوغو شافيز رئيس فنزويلا.

    ويحب كاسترو الروائي الأمريكي إرنست هيمنغواي وتقابل معه مرتين، بل إنه قرأ بعض رواياته أكثر من مرة، مثل: "لمن تقرع الأجراس؟"، و"وداعاً للسلاح". وسرّ الإعجاب كما يقول كاسترو أن هيمنغواي يجعل الشخصية الرئيسية تتحدث إلى نفسها، وهذا ما يعجبه، المونولوغات. وهناك صداقة أخرى جمعت بين كاسترو وماركيز.

    وإذا اطلعنا على قائمة القراءة الخاصة بالزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك، نرى معظمها يحتوي على دواوين الشعر، فقد قرأ ديوان نامق كمال، وقرأ غوستاف لوبون في كتابه "اختلال التوازن العالمي"، وطالع رواية "الجلد المسحور" لبلزاك. ولا نعثر في كتبه على روايات بوليسية على خلاف السلطان عبد الحميد الثاني، الذي أولع بهذا النوع من الأدب، وكانت تترجم له روايات السير كونان دويل مبتكر شخصية شيرلوك هولمز، بل إنه منح الكاتب الوسام المجيدي خلال زيارته لإسطنبول.

    لكن البحث عن الكتب المفضلة للقادة الأجانب أسهل من معرفة ذلك عند العرب. نبهني صديقي عبد القدوس الهاشمي إلى الكتب المفضلة لبعض الشخصيات الغربية، فالكتاب المفضل عند توني بلير هو "سيرة الثوري الروسي ليون تروتسكي"، أما الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان فقد كان مولعاً بأدب جي دي موباسان.

    ونرى من الرؤساء الأمريكان ولعاً بالكتب، مثل نيكسون الذي يحبّ تولستوي، أما بيل كلينتون فقد أحب رواية "مئة عام من العزلة" لماركيز، و"الطريق إلى كتالونيا" لجورج أورويل، التي يحكي فيها أورويل حكايات تجربته في الحرب الأهلية الإسبانية. وطبيعي أن يكون كتاب العلم والسياسة بوصفهما حرفة للمفكر ماكس فيبر ضمن قائمة الكتب المفضلة لرئيس دولة عظمى مثل أمريكا، على أنه لا نرى لدى ترامب أي ولع بالكتب، حتى إنه يكسل عن قراءة التقارير الأمنية التي ترفعها أجهزة دولته!

    البحث عن تفاصيل القراءة لدى الزعماء جعل الكاتب جيفري روبرتس يخصص كتاباً عن مكتبة ستالين، ينظر فيه في الأرشيف الروسي، بحثاً عن الكتب المفضلة للدكتاتور وتعليقاته على كتبه، إذ اعتبر ستالين مؤلِّفي الكتب بمثابة مهندسين للروح البشرية، وكانت الكتب متناثرة حول ستالين في كل مكان، وقُدّرت مكتبته بنحو 25 ألف كتاب، قرأ ستالين كتاب "رأس المال" لماركس وهو في السجن، وقد اجتمع حوله سجّانوه من القوزاق ليستمعوا إليه وهو يشرح لهم ما يقرأ، ولكنهم كانوا يشعرون بالسأم لأنهم لا يفهمون شيئاً، ثم ينامون… ولكن السجين المنفي لا ينام!

    كما كانت علاقة الحاكم العربي مع الكتب قديمة، فالصاحب بن عباد كان يستصحب في أسفاره حِمل ثلاثين جملاً من كتب الأدب، فلما وقع على "كتاب الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني لم يصحب غيره.

    وعن ليالي الخليفة معاوية مع كتب التاريخ حكايات، فبعد صلاة العشاء يجلس مع حاشيتة صدراً من ليلتهم، ثم يستمر إلى ثلث الليل يستمع إلى أخبار العرب وأيامها والعجم وملوكها وسياستها لرعيتها وسائر أمور الأمم وحروبها ومكايدها، ثم ينام. وعندما يقعد يفتح الدفاتر فيها سير الملوك يقرأها عليه غلمان.

    لكننا لا نعثر على قوائم الكتب المفضلة للحكام العرب في العصر الحديث، فلا نعرف الكتب التي يقرأها مبارك، أو الملك حسين ملك الأردن، وعلى الرغم من الأحاديث المتداولة عن حب الملك سلمان للكتب، فإنني لم أستطع الوصول إلى معلومات تخص ذوقه في القراءة وما يفضله من عناوين.

    نبحث في قوائم الكتب الخاصة بالزعماء للتلصُّص على حياتهم الفكرية وبعض من هواجسهم الثقافية، لكن حبّ الحاكم للكتب والقراءة لا يعني بالضرورة رقة قلبه أو يعكس تعاطفاً من ناحيته مع المثقفين، فستالين القارئ النهِم لم يرحم رفاقه من الموت، وموسوليني قرأ الشعر ومارس الفاشية، وماوتس تونغ كتب ومارَس الثقافة وارتكب عديداً من الفظائع.

    قصة الزعماء مع القراءة هي أحد وجوه تعاملهم مع الكتب، أمَّا الوجه الثاني، حينما يقرِّرون أن يكتبوا الكتب ويكونوا مؤلِّفين بجانب حُكمهم، فهذه قصة أخرى تستحقّ أن نحكيها…

  4. #44
    صديق فعال
    هل الكتابة موهبة فطرية حقاً؟
    تحرير مرتجي

    تبدو كلماتي التي تدور كالنجوم في فلك لا محدود، وكأنها متمردة بعض الشيء، حيث تثير فوضى عارمة وكثيراً من الشغب، رافضة لخضوعها ضمن حدود الصمت الكئيب، تأبى كتمانها داخل كينونتي، تدعوني لإطلاق سراحها، وتحطيم قيودها، وترجمتها على أوراقي، حتى وإن لم يكن هناك ما يثير رغبتي في الكتابة، فهي كطفل يولد من رحم الكتمان، دون أن يُتم شهوره التسعة.
    لا عجب أن ينتابك شعور برغبتك في التوقف عن كل شيء والتزام الصمت، تشعر وكأنه لا يروق لك هذا العالم بأكمله، تتوقف عن الحديث، عن الحلم، عن الضحك، عن العمل، حتى عن الكتابة، فتصبح كلماتك مقيدة وكأنك لم تعتَدْ على الكتابة من قبل، رغم أن حالة الصمت التي تعيشها تقطن خلفها آلاف الكلمات، وتعابير لا متناهية من المشاعر والأحاسيس الدفينة، والتي تعجز عن التعبير عنها، ولكن حالة الانعزال التي قد تصيبك تجعلك غير قادر على شيء، سوى رغبتك في العزلة فقط.
    تدرك للحظات أنك تريد أن تكتب فقط لإلحاح كلمات حائرة داخلك، دون أن يكون هناك سبب للكتابة، مجرد خربشات على ورق، فليست هناك حادثة معينة أو قصة أو ذكرى أو خاطرة تريد الكتابة عنها، وكأن الكتابة أصبحت بمثابة عادة روتينية تُمارسها كغيرها من العادات اليومية، وليست موهبة فطرية لها طقوسها وخصوصيتها وإحساسك بها.
    فإن الاحتكاك بالحياة، وإدراكنا لماهية هذا العالم، وعلاقاتنا بالأشخاص المحيطين بنا، وذكرياتنا، وأحلامنا وطموحنا، وحاضرنا ومستقبلنا، وأحزاننا وسعادتنا، وكل شيء يتعلق بنا ليس كفيلاً بأن نستنبط منه كتاباتنا، فالكتابة تحدث دون تخطيط مسبق، كأشياء جميلة كتبها لنا القدر، كالحب مثلاً.
    فإن علاقتك بالكتابة علاقة عاطفية جميلة، تجمع بينكما، فإن أحسنت إليها واهتممت بها تجعلك مبدعاً، حالماً، محلقاً، ماهراً، ورائعاً، وإن أسأت إليها تجعل منك شخصاً حائراً، تائهاً، مفتقراً لكثير من المفردات والتراكيب التي تجعلك عاجزاً عن نسج نصوص كتابية من وحي الخيال.
    والكتابة كالمرأة الجميلة المدللة، كلما عشقتها عشقتك، وإن هجرتها هجرتك، إنني أكتب تدوينتي هذه بلا مناسبة، وبلا موضوع أساسي أتحدث عنه، أكتب ولا أعرف لماذا، أكتب على غير العادة، مجرد كلمات أرصها واحدة تلو الأخرى كحبات لؤلؤ في العقد.
    لكن ما أثق به تماماً أنه لا شيء يأتي من فراغ، أدرك تماماً أن هناك داخلنا آلاف الخبايا والقصص والروايات، وفي لحظة صمت نشعر بالاختناق، ونبكي دون أسباب، يمر أمام ناظرنا شريط ذكريات من الماضي، فنرى فيه تفاصيل وشؤوناً صغيرة، تركت أثراً كبيراً في نفوسنا.
    إن الكتابة ليست موهبة فطرية، بل هي نعمة عظيمة من الله عز وجل، حتى وإن كنت في أسوأ حالاتك، ولم تجد تفسيراً لذلك، وضاقت بك الدنيا، وتاهت منك جميع السبل، والتزمت الصمت، وانعزلت عن العالم، وفقدت رغبتك في كل شيء.
    فقط، استغلّ عزلتك هذه، وأمسك قلمك بيدك وخطَّ كلماتك، حتى وإن كنت لا تعرف من أين تبدأ، وإن كنت لا تجد مناسبةً أو موضوعاً للكتابة، وكأنك كاتبٌ حديث العهد في عالم الكتابة.

    فقط اكتب، وعَبِّر، وتحدَّث، وتكلَّم، وابكِ، فلِمَ لا؟ ما دمت في نهاية المطاف ستشعر براحة مطلقة، ألم أقل لك إن الكتابة ليست مجرد موهبة فطرية، إنها من أجمل النعم من الله عز وجل.

  5. #45
    صديق فعال

    الكاتبة العراقية فاطمة المحسن

    عن الكتاب الذي لا أمل من قراءته "الرحلة الناقصة"
    صالح الشحري

    على الرغم من أنها سيرة ذاتية لكاتبتها فاطمة المحسن، فإنها تكاد تكون سيرة المجتمع العراقي كله، والكتاب عبارة عن مقطوعة من الموسيقى الحزينة التي تجتذب الأذن ويتفاعل معها القلب بالأسى والشجن، أعطت الكاتبة عنوان "الرحلة الناقصة" لسيرتها، ولم تفصح لنا عن سبب نقصها، وعندما سألها زوجها رفيق رحلتها الذي أهدت الكتاب له عن مغزى الاسم، علقت بأنها كانت واثقة بمعرفته بقصدها، ولكنه رفض أن تخلف رحلتها موعدها، وما كانت تظن أنه هو الذي سيتركها على نقصانها.

    نفهم في الفصل الأخير أنها كتبته بعد رحيل زوجها، رغم أنني كقارئ كنت أستبق الصفحات لأعرف ميناء الرحلة الأخيرة، كنت أظن أن الزوج هو من سيكتب خاتمة السيرة الناقصة بعد رحيل زوجته، فقد كانت في الصفحات الأخيرة تحدثنا عن مرضها بالسرطان والمضاعفات الشديدة التى تعرضت لها، وقسوة العلاج الكيميائي الذي خضعت له، ثم عملية زرع نخاع العظام التي ستحل فيها خلايا صحيحة مكان الخلايا الخبيثة.
    قسوة هذه المرحلة جعلتنا نشعر باقتراب النهاية، وأننا سنختم بصفحة يرثي الزوج فيها زوجته.
    لكن الموت سبق إلى الزوج، تحدث الزوج قبل موته بساعتين، قال إنه قد قضي اثنتي عشرة ساعة في العمل، تعلق الكاتبة: لطالما خذله جسده وحاول تخطيه بعناد طفل وغرور مكابر.
    علاقتهما كان فيها تكامل وتضاد، نجت هي بعد أن كادت تقع في براثن الموت، ولكنه كان معها حبيباً ودوداً معطاء يساعدها في محنتها، ثم هجرها مؤقتاً، تكتب: السرطان يشعر صاحبه بالضعف وبالإعاقة، لا تستطيع الشعور بضمان مساندة أحبتك إلى النهاية، هي شعرت بأنها فقدت التكافؤ مع فالح، برهن على إخلاصه طوال مرضها، وفي شجار معتاد تركها بعد الشفاء، كانت صدمة كبيرة، شركاء مرضى السرطان يضحون بكل شيء في بداية المرض من أجل شركائهم، ثم تغلبهم حسابات المستقبل، ولكن فالح رجع بعد تجربة مر بها مع امرأة أخرى، اقتنع بعدها أنه غير قادر على هجر حياتهما المشتركة.
    الكاتبة أديبة وصحفية عاشت حياتها الأولى في مدينة الناصرية، مدينة كالكثير من مدن العراق دخلتها الأفكار الشيوعية والبعثية مبكراً، انقسمت العوائل بين الحزبين، خالها الكبير كان بعثياً، دخل بيت أبيه مهدداً بالمسدس، اختفى أخوه وابن أخته الشيوعيان داخل السرداب، كان يصيح "وينهم جرذان الشيوعية" .
    احتلت الأحزاب مكان العشائر في الناصرية مبكراً، فيما بعد سجلت المدينة رقماً أعلى في عدد المنتحرين مقارنة بباقي مدن العراق، وسجلت نسبة أعلى من القتلى في الحروب أيضا، ثم أتخمها الفقر والتخلف وغزتها المخدرات، ماضيها كان أكثر تطوراً من كثير من المدن، ساد فيها التعليم وانتشرت دور السينما وعجت بشعراء السياسة والغزل.
    أبوها كان كارهاً للشيوعية يقرأ العقاد، يدللها أكثر من باقى أبنائه، زوجته الثانية كانت شيوعية نشيطة، ورثت الابنة غضب أمها على أبيها بعد زواجه الثاني، مع الوقت أصبح الأب مكتئباً يتعاطى الحبوب المهدئة بإسراف، أخوها غير الشقيق حكم عليه البعثيون بالسجن لسنوات، لفقوا له تهمة غريبة، قالوا إنه رمى كلباً على عزاء الحسين، لم يكن في الناصرية كلاب، ولكنه اشتهر بسخريته من مراسم عاشوراء وما يشبهها.

    سكنت العائلة بغداد منذ كانت الكاتبة في سن العاشرة، لم نفهم لماذا قررت أن تصبح شيوعية ولا لماذا تركت الحزب مبكراً بعد خروجها من السجن، تقول إن الكتب والسينما كانت تنغص عليها القناعات التي تجلب الطمأنينة لأصحابها، الولع بالشيوعية والانتساب إلى الحزب لم يكونا أكثر من رغبة في مغامرة تبقينا على حافة الخطر، بطولة نخترق بها قلقنا وحياتنا الشحيحة التي نقارنها بغنى التجارب والأماكن في الروايات والسينما، عشنا داخل شاشة كبيرة، ولم نستيقظ من ضجيجها ووميض مراياها إلى اليوم، بالطبع يتضح للقارئ أن الفكرة الشيوعية حرمتها من طمأنينة الإيمان بالله واليوم الآخر، كما سيتضح أيضاً من خواطرها عن الموت.
    خلال دراستها في كلية الآداب أصبحت محررة في إحدى صحف الدولة، وكانت تنتظرها وظيفة ذات عائد مجز عندما تتخرج، لكنها فضلت الالتحاق بمجلة الحزب لتحرير صفحات العمال، عمل نشيط كثير لكنها كانت راضية رغم دخله القليل، طلبت منها من أصبحت رئيسة الحزب فيما بعد أن تستعير بدلتها السوداء التي اشترتها فاطمة من بالة الملابس المستعملة لترتديها عندما تلقي خطابها في عيد الحزب.
    انتهى أمرها إلى سجن مروع، تعذيب شديد وإضراب عن الطعام، كان ذلك في نهاية سبعينيات القرن الماضي، حين انتهت الهدنة بين البعث والشيوعيين، وأعلن صدام عن اجتثاث الشيوعية، خرجت من السجن وقد صاحبها نفور من قادة الحزب، نزف التنظيم خيرة شبابه، وبقي القادة دون نقصان.
    هربت إلى طهران مع عودة الخميني ونجاح ثورته، هناك رأت أن ديكتاتورية رجل الدين لا تقل سوءاً عن ديكتاتورية الرفاق من الشيوعيين والبعثيين.
    هربت إلى لبنان، كثير من المثقفين العراقيين وجدوا ملجأ في جمهورية الفكهاني، المخيم الفلسطيني البائس حيث بيوت الصفيح أعطاهم أماناً مؤقتاً، أكثرهم عمل في صحف منظمة التحرير، بعضهم غادروا لبنان على السفن التي حملت الفلسطينيين إلى منافيهم.
    انتهى بها المطاف إلى بودابست عاصمة المجر، وهيأ لها ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن تدرس الدكتوراه هناك، لم يلتفت إلى أنها تركت الحزب الشيوعي، المقاييس الحزبية كانت مقدمة على المؤهلات الأكاديمية، لكنه كان كريماً.
    بعد حصولها على الدكتوراه عادت إلى سوريا التي كانت تشكل آنذاك الوطن لكل العراقيين المعارضين. عملت في صحيفة الحرية التابعة للجبهة الديمقراطية، كانت صحف اليسار الفلسطيني تجتذب أقلام العراقيين المنفيين والسوريين المعارضين، الحياة في سوريا كانت أجمل هدية، ببساطة روحها الشرقية وعذوبة مناخها، في العراق أيامها غطت عائدات النفط على ويلات الحرب، الكثير من المثقفين تحولوا إلى شحاذين في بلاط الديكتاتور، كثرت المهرجانات التي توفر فيها السلطة للمشاهير من الأدباء والشعراء العرب نساء للترفيه عنهم.
    سُفحت أموال طائلة على موائد الأدباء العرب والضمائر التي تباع وتشترى في سوق العراق، عندما غزا العراق الكويت تحول كل اليسار العربي بمن فيهم معارضو صدام إلى دعاة لخطابه العدواني، وضاقت الأرض على الكاتبة والمنفيين العراقيين، تدبروا أمرهم للهجرة إلى لندن.
    في تلك السنوات وصل لندن الكثير من مثقفي المعارضة العراقية، ترسم الكاتبة ببلاغة فاقعة أحوال المثقفين العراقيين، هناك الأفندية الذين يحتقرون الثقافة العربية مقابل تبجيل الثقافة الإنجليزية، وهناك الذين سبقوا إلى المنفى فأهلهم ذلك للتعامل الفوقي مع الآخرين، وهناك المثقفون الكحوليون الذين يشتركون في سمة واحدة، وهي عجزهم عن الاستقرار في مكان يأوون إليه في نهاية اليوم، وسرعتهم في إطلاق الألفاظ القاسية والشتائم المهينة.

    وهناك جنتلمانية أو لعلها علاقات حميمة كما تفسرها، حيث يبجل الكتاب بعضهم، ويضفون عليهم سمات العبقرية وخاصة الكحوليين ومن يظنونه قادراً على خرق القوانين السائدة. وفي تعليق أخير: (لعل المجانين وأنصافهم، والكحوليين وأتباعهم، والحشاشين بأنماطهم، كلها نتاج خصال عراقية شبه انتحارية، تنشط بين الأدباء والفنانين على نحو مضاعف وتغدو أقرب إلى تطهر وعبث يستطيبهما العراقي).
    في لندن عملت كاتبة في صحيفة الحياة، دخلها يغطى ربع نفقات الحياة، توسط لها الدكتور عبد الله الغذامي فأصبحت كاتبة بجريدة الرياض، لم يُمنع لها أي مقال ولم يدخل أي تعديل على ما تكتب، تنقطع عن الكتابة أحياناً بسبب السرطان فلا تنقطع المكافأة، قال لها تركي السديري إن هذا حقها مثل كل المحررين، كان موقفاً نبيلاً، في تلك الفترة صدر لها أكثر من كتاب.
    عادت وزوجها مبكراً إلى بغداد، أي بمجرد نهاية الحقبة الصدامية، لكن الوطن لم يعد، اكتشفت في بغداد أن الحزب الذي انتمت إليه يوماً قد عزلها في جدار سميك عن العائلة وعن الوطن، أصبح هو عائلتها، هذه العزلة ظاهرة في كل الأحزاب العقائدية، تلك التي تعتنق فكراً مادياً أو فكراً دينياً، الكثيرون يستغربون عودة هؤلاء المنفيين.
    قالت لها صديقتها التي أصبحت محجبة بعد أن ترملت، العراق لم يعد كما كان، ليس لكم مكان هنا، ستتعبون، أمام الفندق حشد من الأطفال يتسكعون أمام الدبابات الأمريكية، لا أهل لهم، تواجه حشود الأطفال المشردين في كل مكان، الحصار الاقتصادي سحق البلد، كانت فاطمة هي الصحفية العراقية المعارضة الوحيدة التي كتبت ضد الحصار، الحصار الذي أيده المعارضون العراقيون.
    نهش الأرامل اللواتي مات أزواجهن في حروب صدام، أفردت صحيفة الغارديان البريطانية صفحة بأكملها للأطفال المشردين الذين يتعاطى بعضهم المخدرات، أصبحوا فيما بعض أدوات الميليشيات الطائفية والداعشية وبقايا جنود البعث. هنا نقرأ مرثية بالغة الأسى والبلاغة للعراق، كتبتها فاطمة بعد عودتها من المنفى، لم يعد العراق بحاجة لنا، تكتشف أنها فقدت العراق يوم عادت إليه.
    لا يحتمل قارئ ألا يقرأ الكتاب مرتين، ولن يحتمل أن يبقيه بعدها في ذاكرته، كتبت فاطمة سيرتها بحبر المأساة، المأساة التي قتل فيها العراق العراق، وفتك فيها التقدميون بالرفاق، وقتل فيها الرفاق الرفاق، وفتك فيها الطائفيون بالوطن، وفتك اللايقين بنفوس أهله، رحماك يا الله.

  6. #46
    صديق فعال
    5 أشياء ساعدتني على جعل القراءة عادة يومية في حياتي
    عمر هشام مغربي

    هل توجد طرق حقًا لتدفع نفسك للقراءة؟ هل الإستمرار في عادة القراءة يحتاج لبعض الأمور المعينة؟ إذا لم تكن من الناس الذين لا يقرأون، فهل يمكن أن تجعل من القراءة عالمًا تستمتع به مثل مشاهدة فيلمًا ما؟
    من منا لا يريد أن ينعت بأنه مثقف وله خلفية فكرية عالية المستوى!، أعتقد لا يوجد أحد على وجه هذا الكوكب الذي نطفو عليه يرفض أن يفتح مدارك عقله ليرى أشياء لم يراها من قبل، أو أن يسمع لكل من حوله بطريقة مختلفة، أو أن يتكلم بوعي أكثر، ويتعمق في قضايا كثيرة تجعله متميز عن أقرانه، من فينا لا يريد كل تلك الأمنيات الجميلة؟!

    هل هناك معوقات داخل بعض الناس تمنع من قراءة الكتب؟

    أسباب عدم القراءة:
    أولًا- الوقت: وهَم عدم وجود وقت كافي للقراءة؛ لأن هناك مهام أهم منها، والوقت مزدحم بشدة!، و24 ساعة جميعها ملأى بالإنجازات الأخرى.
    ثانيًا- الإختيار السيء: اختيار الكتب التي تنبعث منها مشاعر الملل وعدم التشويق، وتحتوي على مرادفات صعب فهمها للمبتدئين في قراءة الكتب ولم ينغمسوا فيها بعد، فيظن أن القراءة لعقول أخرى فيشعر بالإحباط الفكري والنفسي، فينشر ذلك في قلب المرء أن الكتب ما هي إلا مصدر للملل والصعوبة، فيتجه إلى مشاهدة فيلم أو مسلسل ما، ويترك القراءة للأبد.
    ثالثا- الصورة النمطية: هناك تصور خاطئة أن من يحب القراءة شخص إنطوائي كاره للناس والإجتماعية، ولا يريد أن يرى أحد، وأنه يعيش بين نفسه وبين كتبه، لكن تلك الصورة النمطية خطأ، فمعظم من يقرأون الكتب تتوسع لهم مدارك أخرى والوعي يزيد، ويتعاملون مع الناس بطريقة إجتماعية راقية، وتعطي إنطباعًا جيدًا وليس سيئًا.
    رابعًا: البيئة المحيطة: كثير من الأسر في مجتمعاتنا العربية لم تربي أولادها على القراءة، ولم تزرع فيهم تلك العادة، فيصعب على الشخص الذي عزم أن يقرأ أن يجعلها عادة يومية، لأن من حوله لا يشجعونه، ولا يملكون الخبرة الكافية لإرشاده لما يقرأ، ومن يمتلك أصدقاء لهم أهواء أخرى غير القراءة فذلك يثبطت عزيمة القارئ أيضًا، فكما يقال: "فالمرؤ على دين خليله".

    ولكن بعد كل تلك الأسباب.. هل الأمل موجود؟..
    هل هناك حلول وطرق تجعلنا نكون جزءًا من القراءة وننظر لها بعين أخرى، ونستشعر أهميتها القصوى؟


    طرق لجعل القراءة عادة يومية:

    أولًا- الوعي بأهمية القراءة: القراءة هي مصدر إلهام للعقل وتجديد الفكر، تجعلك ترى ما كنت تراه من قبل بعين أخرى، ترى المشاكل في حياتك بأنها هبة وليست نقمة.. بل هي وسيلة للتعلم، ترى النعم بتدبر ونظرة شكر، تفتح روحك على الحياة الحقيقية وليست الوهمية التي تقع بين سطور منافذ الوسائل الإجتماعية، وبالطبع حسن إختيارك لما تقرأه هو ما يجعل عقلك يستنير كالشخص الذي يسير في كهف مظلم ثم يرى نورًا يتغلغل من منفذ صغير بين الصخور فيرى ما لم يكن يراه أبدًا من قبل!

    ثانيًا- وضع استراتيجية خاصة للقراءة: الخطط في أي عمل تحقق النجاح بنسب كبيرة، فالقراءة المنتظمة تحتاج خطط خاصة، فالإنسان الذي يتكاسل عن القراءة ويضع مهامًا أخرى عوضًا عن القراءة ويهملها يحتاج أن يحدد كمية يومية ثابتة سنوية، فمثل السنة الأولى يبدأ يقرأ 10 صفحة في اليوم على مدار السنة، وثم السنة التي تليها يصعد لعدد صفحات أعلى 20 أو 30 صفحة في اليوم وهكذا، فتلك الطريقة تجعل الشخص يتعود على ممارسة القراءة وتقوية عضلتها، فالأمور التي تأخذ برفق في البداية هي التي تستمر، صفحات قليلة ثم أكثر وأكثر، فكما يقال: "فخير الكلام ما خير ودل"، فالعدد القليل من الصفحات التي يقرأها الإنسان بالتدريج تفيده وتثقفه وتنفعه، فالقراءة ليست بالكم، بل بالكيْف.

    ثالثًا- استخدام تطبيقات مساعدة: من الوسائل التي تعين الفرد على الالتزام بالقراءة بمستوى ثابت، هو استخدام تطبيقات تقييم الكتب، والتي تحتوي على تحديات مع باقي القراء، فذلك يشعل المنافسة داخل الشخص، ويجعله ينجز ويتحدى الصعوبات، فالإنسان دائًمًا وأبدًا يفضل أن ينافس ويريد أن يرى نفسه هو الأول والمميز، فمثل هذه المواقع والتطبيقات العالمية المشهورة هو موقع "جود ريدز"، عن تجربة خاصة.. في البداية عندما كنت أقرأ لم أكن استخدمه، لكن بعد استخدامه أصبح معدل قراءتي أعلى، فأنت تقوم بوضع تحدي سنوي خاص بك بعدد الكتب التي تريد أن تقرأها، فذلك أدعى أن تتحمس وأن تترك الكسل، هذا ما شعرت به حينها، من مميزات الموقع أيضًا أن القراء يقيمون الكتب، فسوف تعرف هل الكتاب جيد أم لا بالنسبة لك، وستستطيع أن تكون قائمتك الخاصة التي تتمنى قراءتها، هناك مميزات أخرى ومفيدة، لن يسعني أن أذكرها هنا، أتمنى لكل شخص يستخدم هذا الموقع أو هذا التطبيق فلن يندم حقًا.

    رابعًا- تكوين بيئة داعمة: أن تجعل بيئتك التي تحيطك تقرأ أو تختار تلك الفئة من البشر، فذلك يجعلك تتشجع أكثر للقراءة، ويمكن أضًا أن تتناقش مع أصدقائك أو أهلك ما قرأت، هذه العادة تجعلك تستمر في القراءة، وترى الفائدة من القراءة على أرض الواقع؛ لأنك ستشعر أنك تثقف ومصدر معلومات لمن حولك بقراءاتك، فطبيعة الإنسان أنه يود أن يشعر أنه الأفضل، فتلك العادة ستشبع هذا الشعور بداخل المرء نوعًا ما.

    خامسًا- الجانب الديني: في القرآن، أول آيات تنزلت من سبع سموات، في سورة العلق، تحث على القراءة والتفكر في الكون، قال تعالى: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)"، فمن خلال الآيات السابقة نستشعر أهمية القراءة بتمعن، وترك القراءة يضعف الأمة فكريًا، ويؤثر على الإنتاج المادي والفكري لها.

    على كل الإنسان واعي ناضج أن يرى القراءة بعين صحيحة، أن يستشعر ماهيتها وكينونتها، أن يراها مصدرًا للتحضر والتقدم، فأمة بدون قراءة أمة بدون فكر ورأي.

  7. #47
    صديق فعال
    أجيال تؤلّف كتبها بالعامية!..
    ما التحديات الجديدة التي تواجه اللغة العربية هذه الأيام؟

    عمر هشام مغربي

    هل هناك صعوبات تواجه اللغة العربية تلك الأيام؟.. هل نضع حقاً اللغة العربية في المكانة التي تروق لها بين باقي اللغات؟.. أم أصبح بعضنا يعتبرها لغة متدنية للحديث بها؟
    اللغة العربية لغة عاطفية موسيقية ساحرة ليست فقط لغة الضاد، بل تحتوي على تجانس مختلف غريب في لحنها، تغوص من خلالها لعوالم مختلفة، تشعر بتناسق بين حروفها وكلماتها، فكما يقول الأديب الكبير عباس محمود العقاد- رحمه الله- في كتابه "اللغة الشاعرة".. إن اللغة العربية لا تلقَّب باللغة الشاعرة لأنها لغة تنتج الشعر، بل لأنها لغة عاطفية موسيقية تنبعث منها مشاعر مستنيرة ينتشر في طياتها نوع مختلف من الأحاسيس تلامس القلب مباشرة بسهولة مطلقة.
    عندما نتمعَّن في اللغة العربية نجدها لغة جميلة ليست جامدة مثل كثير من اللغات الأخرى، لكن لماذا بعض الناس يعتبرون اللغة العربية لغة متدنية عن باقي اللغات، وعلى الرغم أن لغتهم الأصلية هي العربية.. فهم يتكلمون لغات أخرى يعتبرونها أرقى، فلماذا ذلك؟

    من أسباب البعد عن اللغة العربية

    أولًا- ضعف من يتكلمون باللغة العربية: لست أقصد هنا الضعف اللغوي، إنما هو الضعف السياسي والاقتصادي بين أقطار العالم، فينشر ذلك في عقول الجاهلة أن الخطأ في اللغة المتكلم بها أو المستخدمة اليومية.
    ثانياً- التغريب: الاتجاه للتحدث بلغات أخرى غير الأصلية؛ لأن عدوى التغريب، والشعور أن الدول المتقدمة المتحضرة سبب وضعها ذاك هو اللغة التي يتكلمون هم بها!، فيظن حينها أنه يجب أن نقتدي بها في كل شيء، ملبس ولغة وطريقة تعامل وعاداتهم وتقليدهم، فيصبح الشخص واهماً أنه بذلك أصبح أكثر تحضراً بعد ترك لغته الأم!
    ثالثاً- المجتمع المحيط: التأثير المجتمعي من أصدقاء أو الأهل غير المتمسكين بالعربية كلغة، واهتمامهم بلغات أخرى، ليس العيب أن يهتم الشخص بلغات أخرى، لكن المخزي أن تهمل لغتك الأصلية فتضعفها، فتؤدي لضعف لسانك عند التكلم بها أو فهمها، فتنتج أجيالاً لا تفقه ما في خفايا لغتهم.. من معانٍ أو مشاعر.
    رابعاً- ضعف مناهج اللغة العربية: في كثير من أقطار الدول العربية هناك ضعف شديد في مواد اللغة العربية من حيث المحتوى الخاص بها، لا تعطي المعلومات الكافية بالنسبة للنحو أو البلاغة أو الأقسام الأخرى للغة، فيخرج الشخص لا متعلماً للغة ولا متقناً لها، والأرجح أنه يخرج كارهاً لها لعدم فهمه لها!
    خامساً- عدم معرفة أهمية اللغة العربية: فالإنسان العربي عندما ينظر للغته بتدنٍّ شديد، فهو بذلك يؤدي لانهيار الأمة، فمن أول أسباب ارتقاء الأمم الاهتمام بلغتها، فإن لم تهتم أي أمة بلغتها فلا تستحق أن تسأل عن أي رقي أو هناء على كوكب الأرض.

    في النقاط السابقة ذكرنا بعض الأسباب المهمة للبعد عن اللغة العربية، هل هذه الأسباب تؤدي لمصيبة كُبرى ممكن أن تحدث؟
    النتائج المحققة من إهمال اللغة العربية


    أولاً- اختراع لغة جديدة: ظهور أجيال لا تهتم بالجودة اللغوية، من حيث إنتاج كتب بلغة عربية بالعامية، فتؤدي تلك العملية للتخفيف من ضعف تلك الأجيال في التحدث باللغة العربية، وبالتالي الثقافة لدى تلك الأجيال ستصل للقعر.
    ثانياً- ضعف التواصل: التواصل بين الأجيال القديمة والأجيال الحديثة سيختفي، لأن اللغة هي أساس التواصل بين القديم والحديث، فإن ضعفت سينتهي كل شيء، ستحدث فجوة كبيرة، سنرى ما لا يسر الأعين، الكتب ذات القيمة اللغوية العالية التي أنتجت في الأجيال القديمة سيتم إهمالها، وستندثر رويداً رويداً، فالخطر يطرق أبواب الأجيال الحديثة!
    ثالثاً- القدوة ستتغير: عندما تضعف اللغة لن يجد المتلقي لغة تجعله يجهش بالبكاء أو يبتسم بشدة، ستضعف المشاعر التي يتلقاها منها، حتى المواعظ والحكم ستبوء بالفشل الشنيع، فلن تكون هناك قدوة في هذه اللغة وسينتقل إلى عالم آخر للغة أخرى يجد فيها مبتغاه وقدوته.

    إن الوضع محبط لدرجة كبيرة، من الممكن أن يتحسن ببعض الحلول قبل أن يصل لمرحلة لا رجعة فيها، هل هناك حلول نستطيع أن نستخدمها على أرض الواقع لنحمي أمتنا حقاً؟!
    بعض الحلول المحتملة


    أولاً- وضوح الرؤية: أن نقوم بنشر أهمية اللغة العربية بين الأجيال الجديدة، ونبين لهم أن الأمم التي تريد أن ترتقي يجب أن تهتم بلغتها أولاً، وتبتعد عن أي آثار جانبية تضر كينونتها، فتوضيح الرؤية للفرد يطور الكثير منه؛ لأنه ربما لا يعلم ويريد أن يخبره أحد فتتغير طريقة تفكيره حينها، وذلك من خلال أن نقوم له بعملية توعية لأهمية اللغة الأم التي يتكلم بها، فدولة اليابان بعدما انهارت وتدمرت في الحرب العالمية الثانية بسبب القنبلة الذرية التي ألقيت عليها من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، لكي تستعيد قوتها ومكانتها مرة أخرى، قامت بأول شيء وهو الاهتمام باللغة اليابانية!؛ لأنها علمت أن أي أمة بدون لغة قوية تنهار، فاللغة هي عصب البناء لأي مجد.
    ثانياً- تحسن مواد اللغة العربية: وضع مناهج للغة العربية ذات قيمة، يتعلم منها الطالب قواعد لغته، وفي نفس الوقت يستمتع بها، نخلق مزيجاً بين هذا وذاك، من خلال أن يربط تلك المناهج بالواقع الذي يعيش فيه، فيرى حينها أهمية اللغة ويشعر بأن ضعفها يسبب ما لا نحسد عليه كأمة عربية وإسلامية.
    ثالثاً- القرآن الكريم والأحاديث النبوية: القرآن الكريم والأحاديث النبوية باللغة العربية الفصحى التي لا ريب فيها، فلغة العربية مهمة بالأخص للمسلمين، فالقرآن والأحاديث النبوية أساس دينهم، فالاهتمام باللغة واجب؛ لأن من أتقن لغة دينه كان من السهل عليه اتباع تعليمها والمضي قدماً لإرضاء ربه، فكما ذكرنا سابقاً أن اللغة هي عصب الأمة لترتقي.
    رابعاً- اللغة العربية أساس العلم: نبين للأجيال الجديدة أن علماء المسلمين ولغتهم العربية التي كتبوا بها كتبهم الطبية والهندسية والفلسفية والاجتماعية وأخرى هي أساس نهضة أوروبا الحالية التي انبثقت من الأندلس، فبذلك نزرع في القلوب أهمية هذه اللغة. مهما تكلمنا في هذا المقال فلن نكتفي، لكن في آخر كلامي أريد أن أقول إن اللغة العربية من فهمها وأتقنها، وشعر بأهميتها الفذة أحس بكل إبداعٍ فيها، شعر بها بجميع جوارحه، سيراها نوراً يضيء له دربه، مهما ضعفت اللغة العربية بين المتكلمين بها فلن تختفي، وهذه اللغة محفوظة إلى أبد الأبدين؛ لأنها لغة القرآن الكريم المحفوظ من الله تعالى، قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) سورة الحجر- آية: 9.

    ما علينا فقط أن نهتم بهذه اللغة على قدر الإمكان، ونعطيها أهميتها القصوى، ونزرع تلك أهمية في قلوب الأجيال، فاللغة نبع الفكر والمعرفة.

  8. #48
    صديق فعال
    القراءة بصورة يومية قد تكون هدفك للعام الجديد..
    إليك فوائد الاستمرار وكيف تلتزم يومياً بها

    نيللي عادل

    على مدار قرون، كانت القراءة دائماً وسيلة بارزة وأساسية في عملية التعلُّم والثقيف، ولكن القراءة الممتعة كفعل يومي مستمر اتضح أن لها العديد من الفوائد التي تفوق مجرد تحقيق الفائدة العلمية المجردة.
    بعد عقود من البحث والدراسة، اتضح أن قراءة الكتب بأنواعها، بشكل دائم ومستمر، تعزز كلاً من صحتك الجسدية والعقلية على حدٍّ سواء، بل يمكن أن تستمر هذه الفوائد لديك على مدى الحياة.

    القراءة اليومية تزيد معدل الذكاء
    الأشخاص الذين يظهرون مهارات قراءة قوية في وقت مبكر من حياتهم يكبرون ليصبحوا أكثر ذكاءً عن غيرهم. وبحسب دراسة علمية ، وأجريت عام 2014 وقامت بقياس التطور المعرفي لـ1890 لمجموعة من التوائم المتماثلة. اتضح أنه رغم تشارك التوأم في نفس الجينات والبيئات المنزلية، ظهرت مهارات القراءة المبكرة كعامل يقرر أيهما سيكون أفضل في الاختبارات اللفظية (مثل حفظ المفردات) والاختبارات غير اللفظية (مثل اختبارات التفكير). ونظراً لأن القدرة على القراءة هي شيء يتم تعلُّمه، فقد خلص مؤلفو الدراسة إلى أنه يجب التركيز بشكل أكبر على تعليم مهارات القراءة القوية للأطفال الصغار.

    القراءة اليومية تساعد على زيادة التعاطف والشعور بالآخرين
    القراءة اليومية لا تجعلك أكثر ذكاءً فحسب- بل يمكن أن تجعلك شخصاً أكثر لطفاً وتعاطفاً مع الآخرين أيضاً.
    ووفقاً لدراسة نُشرت عام 2013، فإن الأشخاص الذين يستهلكون الخيال الأدبي لديهم قدرة أكبر على الإحساس بعواطف الآخرين. ومن المحتمل أن يكون لهذا التأثير علاقة بالطريقة التي تتم بها كتابة مثل هذه الكتب.
    مثلاً يجبر الأدب العالمي الراقي القراء على الخروج من أنفسهم والتعاطف مع الشخصيات التي يقرأون عنها، وبالتالي يكونون أكثر استيعاباً وتفهُّماً للآخرين.
    أننا في عالمنا المليء بجنون السرعة وفوضى المعلومات على الإنترنت، يتم جذب انتباهنا في مليون اتجاه مختلف في وقت واحد، فنقوم بمهام متعددة كل يوم بشكل يجعل العقل في حالة من التشتت والتذبذب على مدار الساعة.
    يتسبب هذا النوع من السلوك الشبيه باضطراب نقص الانتباه (ADHD) في ارتفاع مستويات التوتر والقلق المزمن عند الأشخاص، ويقلل من إنتاجيتنا وقدرتنا على الاسترخاء وإنهاء المهام بصورة سليمة.
    لكن عندما تقرأ يومياً، يتركز كل انتباهك على القصة والأحداث والشخصيات خلال مدة القراءة اليومية- ويسكن صوت بقية العالم لبعض الوقت، وتتمكن حينها من الانغماس في كل التفاصيل الدقيقة التي تستوعبها.
    لذا حاول القراءة ما بين 15 إلى 20 دقيقة قبل العمل أو بدء يومك الدراسي إذا كنت طالباً، وستُفاجأ بمدى تركيزك أكثر بمجرد إنهاء جلسة قراءتك القصيرة سواء في وقت استخدام المواصلات أو خلال انتظار سيارتك للشارات الحمراء.

    تحسين قدرات الذاكرة والقدرة على استرجاع المعلومات
    في كل مرة تقرأ فيها يومياً، أنت تخلق ذكريات جديدة- وهذه العملية تخلق تشابكات وخيوطاً عصبية جديدة في المخ، بالإضافة إلى تقويتها لما هو موجود بالفعل. وعندما تلتقط الكتاب وتبدأ في القراءة بعد آخر مرة قرأت فيها فصلاً من ذات الكتاب، ستحتاج إلى تذكر الشخصيات والحبكة والتفاصيل الفرعية والأحداث والمادة التي يطرحها الكتاب، وهي التفاصيل العميقة والمتشابكة التي تحتاج للكثير من الجهد لكي يتم استحضارها بصورة واضحة. إلا أن القراءة اليومية، لمدة لا تقل عن 10 دقائق يومياً ودون مشتتات، ستعمل على تحسين أداء عقلك وذاكرتك، وسيكون لها تأثير إيجابي على حياتك.

    تحفيز الإبداع والقدرة على الابتكار
    يقودنا الانخراط في رواية كتاب ما مكون من حبكة وشخصيات وصراعات، إلى تصور السيناريوهات أو الوجوه أو الملابس وتفاصيل هذا العالم الذي تتخيله. وكلما قرأت نوعيات مختلفة، تشكلت في ذهنك شخصيات وسيناريوهات مُعقدة. هذا هو أحد الأسباب التي تجعلنا عندما نغلق الكتاب نشعر وكأننا نعاني من إحساس بالتخلي عن واقع بديل والعودة إلى واقعنا، ما يعزز قدرات العقل الإبداعية القادرة على التخيُّل والابتكار.

    تعالج الإجهاد والتوتر والقلق
    القراءة دائماً ما تكون قسطاً من الراحة والتركيز خلال يومك الحافل والمزدحم. وسواء كانت القراءة هي راحتك بعد انتهاء العمل، أو إنهاء نشاط منزلي، أو حتى بعد ساعات من المذاكرة الثقيلة، فالقراءة هي راحة من المهام الثقيلة. يُعد إيقاف ما تفعله والتقاط كتاب وقراءته طريقة للتخلص من التركيز على ما يحدث من حولك والاندماج مع القصة في طقس أشبه بالتأمل والتركيز. وممارسة القراءة بصورة يومية أيضاً تساعدك على تحقيق السلام الداخلي. أن القراءة هي الطريقة الأكثر فاعلية للتغلب على التوتر. وقد استغرق الأمر 6 دقائق فقط من القراءة حتى بدأ الشخص الذي يعاني من الشعور بالقلق أو التوتر، في الإحساس بالراحة والهدوء والاسترخاء. ومع قوة الاسترخاء هذه، ستساعدك القراءة على النوم بشكل أفضل أيضاً. إذا كنت تقرأ قبل النوم، فسوف تسترخي وتتغلب على مخاوفك مهما كانت جلسة القراءة قصيرة ولا تتعدى دقائق معدودة.

    نصائح تساعدك على المواظبة على القراءة
    حتى لو لم تكن لديك طموحات عظيمة متعلقة ببعض الكتب والمجلدات أو المحتوى الأدبي المكتوب، فإن القراءة بشكل عام قد تعزِّز حياتك المهنية والشخصية كما سبق أن أسلفنا.

    فيما يلي بعض النصائح التي من شأنها تعزيز امتلاك عادة القراءة اليومية:

    ابحث عن طريقة القراءة التي تناسبك
    على الرغم من أن محبي الكتب التقليدية قد يكونون أشخاصاً يمتلكون مكتبة ضخمة مليئة بالكتب الورقية ويمتلكون نسخ الطبعة الأولى كما لو كانت قطعاً أثرية ثمينة، فلا يجب أن يكون الأمر على هذا النحو لدى الجميع.
    فاليوم أصبح من الممكن أن تختار بين الكتب المسموعة والكتب الإلكترونية سواء عبر شاشات الهاتف والحاسوب، أو عبر أدوات القراءة الإلكترونية المتخصصة. الخيارات كثيرة، المهم أن تمارس فعل القراءة يومياً.

    لا تضع أهدافاً خزعبلية كي لا تشعر بالضغط والإحباط
    ليس من المفروض عليك أن تقرأ بمعدل معين، أو سرعة معينة، أو تحقق رقماً خيالياً معيناً من الكتب بنهاية كل شهر أو كل عام كما يُشاع عبر مواقع التواصل. القراءة من أجل تحقيق الناتج الكمي غالباً ما تكون ميكانيكية ومملة، وقد لا تحقق لك أي فائدة تُذكر. كذلك هناك قاعدة تساعد على تحديد وقت الاستسلام وترك كتاب ما دون إنهائه. وهي بقراءة أول 50 صفحة منه، ثم الحكم ما إذا كنت تميل إلى التخلي عنه، أو لا يزال لديك بعض الفضول حوله وتريد المزيد.

    اقرأ لأنك تريد القراءة!
    مهما وجدت عبر منصات التواصل الاجتماعي ومواقع تقييم الكتب والروايات من ترشيحات تخبرك أن الكتاب الفلاني يجب قراءته، ليس عليك أن تقرأ أي شيء إلا لأنك ترغب في ذلك. لذا احترس من أن يكون فعل القراءة لديك منصاعاً لـ"الموضة" أو "الوجاهة الثقافية" بين أقرانك، إذا لم تستمع بما تقرأ وترغب شخصياً في معرفة نهاية الكتاب الذي بين يديك، فقد يصيبك هذا الإكراه إلى الإحباط من القراءة ككل والتوقف عن المثابرة. إذا وجدت الكتاب أسخف مما توقعت، أصعب مما تمنيت، أو حتى مللت بشكل عام منه، يمكنك بكل بساطة أن تقفله وتختار غيره لكي تتحمس للقراءة مجدداً بروح خفيفة، ومن يدري؟ قد تعود إليه في وقت لاحق مستقبلاً تكون فيه أكثر استعداداً للاستفادة مما ستجده فيه.

    خطوات للحفاظ على عادة القراءة اليومية
    هناك عدد من الخطوات التي ستسهل عليك الالتزام أكثر بعادة القراءة اليومية، وهي كالآتي:

    حدد وقتاً منتظماً ومخصصاً للقراءة اليومية مهما كان قصيراً، (فلنقل 15 دقيقة كبداية؟).
    حدد قائمة من الكتب التي ترغب في قراءتها، واجرِ بعض البحث عن فكرتها العامة، وتقييمها العام، وظروف كتابتها وما إلى ذلك، بحيث تضمن شعورك بالحماس عند اختيار كتاب جديد.
    احمل كتاباً معك في كل مكان. وإذا كان الأمر صعباً، يمكن دوماً تحميل بعض الكتب الإلكترونية على هاتفك، لكي تستغل أوقات الانتظار البينية خلال يومك لإنهاء قسط سريع من القراءة.
    اجعله طقساً ممتعاً، سواء بتحديد مقهى معين لجلسة القراءة الخاصة بك، أو عبر إشعال شمعة وموسيقى محببة وتناول مشروبك المفضل أثناء مهلة القراءة اليومية.
    احتفظ بسجل وقُم بتدوين الكتب التي تمكنت من إنهائها بشكل دوري، وكلما وجدت أن قدرتك على الالتزام بالعادة بشكل أكثر اتساقاً، شعرت بالحماس الأكبر للمواظبة والاستمرار.

  9. #49
    صديق فعال
    أحدها رواية عظيمة.. أفضل 5 كتب قرأتها في عام 2021
    صالح الشحري

    تُشكل الكتب مصدراً مهماً من مصادر الثقافة، ولعل أي مثقف يسعى نحو دور في الحياة عليه أن يقرأ ما لا يقل عن عشرين كتاباً في العام، فقط ليحافظ على مستواه الثقافي.
    ومع الوقت يصبح القارئ خبيراً في الكتب ومن النادر أن يشعر بأنه قرأ كتاباً لم يكن على درجة ما من الأهمية.

    الكتاب الأول
    "أسد الأردن: حياة الملك حسين في الحرب والسلام" للكاتب الإسرائيلي آفي شلايم.

    يقدم آفي شلايم نفسه كخبير في الشأن الأردني، وقد اشتهر بكتابه "مؤامرة عبر النهر"، وكتابه هذا يحكي عن مأساة دولنا العربية التي تأسست بعد انقضاء الخلافة العثمانية على يد الاستعمار الإنجليزي الفرنسي، حيث التقى الملك حسين ممثلين عن دولة احتلال إسرائيل ستاً وستين مرة بدءاً من عام ١٩٦٣ وانتهى مشروع الشريف حسين، الذي فاوض إنجلترا ليصبح خليفة المسلمين ويستقل بكافة الدول العربية إلى أن تحكم أسرته العراق والأردن، ثم انتهى حكمها في العراق عام ١٩٨٥ للميلاد، بقي الأردن البلد الضعيف الذي آل للحسين ليحافظ عليه، بلد يعيش على المساعدات، وهناك تيار مهم في إسرائيل أقوى دول المنطقة يريده أن يكون وطناً بديلاً للفلسطينيين، وفي مرحلة الثورة العربية كادت تطيح بحكمه الناصرية، لأنه حكم رجعي موالٍ للغرب.

    بعد حرب عام ١٩٦٧ احتلت إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس، وحيث للقدس وضع خاص في الدولة الشريفية التي كانت تحكم الحرمين فقد كان مهماً أن يكون للأردن فيها دور خاص، وهكذا وجد الحسين نفسه محتاجاً إلى أن يخلق توازناً بين القوى المحيطة به مهما بلغت درجة تعاديها لحماية نفسه والاستقواء بأحدها على الآخر، إنها خبايا السياسة، وحالة الضعف العربي والتنافر لا التكامل بين دوله، الأمر الذي أعطى لإسرائيل يداً طولى يخطب بعض العرب ودها، لكن مما يحسب للحسين أنه لم يتنازل أبداً عن كامل الضفة الغربية رغم أن ذلك أفشل كل مباحثاته مع دولة إسرائيل، وللأسف تنازل الفلسطينيون في أوسلو عن كل ما كان الحسين متمسكاً به، الكتاب مهم جداً، ولكن يحتاج إلى أن يُقرأ بحذر.

    الكتاب الثاني

    من أهم الكتب التي تتناول المشروع الصهيوني في فلسطين، هو كتاب "أكبر سجن على الأرض، سردية جديدة لتاريخ الأراضي المحتلة"، مؤلفه المؤرخ الإسرائيلى إيلان بابيه، يمثل إيلان المؤرخ المخلص لعلم التاريخ، وقد أوصلته دراساته التي تعتمد على الوثائق الإسرائيلية إلى فضح مجموعة كبرى من الأكاذيب التي بُنيت عليها الدولة الصهيونية.

    في هذا الكتاب يبرهن المؤلف على أن وضع الضفة الغربية وقطاع غزة اليوم لم يكن نتيجة مباشرة للحرب عام ١٩٦٧، وإنما حدث ضمن سياق تاريخي أوسع، خططت النخبة العسكرية الصهيونية منذ عام ١٩٤٨ لاحتلال الضفة الغربية وتقسيمها ومصادرة أكبر مساحة من أراضيها، وكذلك طرد سكانها أو حصرهم في معازل غير متواصلة، والتحكم فيما تحت الأرض من مياه وثروات، وبالمختصر الهدف كان تهويد كل ما يمكن تهويده من أرض فلسطين التاريخية، وقد بدأ تحويل الإرث الأيديولوجي إلى خطط عملية عام ١٩٦٣ أي قبل احتلال الضفة الغربية، وتتابعت الخطط للوصول بالتدريج إلى دولة يهودية ذات نقاء عرقي، لم يتأثر هذا المخطط الصهيوني بمحادثات السلام ولا بالتطبيع مع الدول العربية، نجحت هذه الاستراتيجية في الضفة الغربية إلا أن قطاع غزة كان مختلفاً فلم تستطع إسرائيل التخلص من السكان وتهجيرهم إلى مصر، ولا بإلقائهم في البحر، ولكنها استطاعت أن تحتفظ بغزة سجناً كبيراً تحتفظ فيه بأخطر النزلاء، وتديره بمنتهي القسوة كما رأينا من خلال الحروب الأربع التي شُنت على غزة منذ جلاء الصهاينة رسمياً عنها. أعتقد أن هذا كتاب في غاية الأهمية، أتمنى أن يقرأه كل عربي.

    الكتاب الثالث

    أما كتب السير الذاتية فقد قرأت الكثير منها، وأكثر من واحد يستحق العرض، لكن لا بد من التوقف عند سيرة بعنوان "أطياف شاردة وأوراق مطوية" للدكتور عبدالله القفاري من السعودية.

    يمثل صاحب السيرة المثقف التنويري بجدارة، العالم الذي لم يسترخ في برجه العاجي داخل أسوار الجامعة، بل خرج إلى محيطه الواسع ليقود واحداً من أهم الأنشطة الثقافية العربية، عن تعريب المصطلحات العلمية، كما تفاعل بنشاط وإيجابية مع محيطه عبر الكتابة الصحفية والدواوين الثقافية، تجد في سيرته خريطة للاتجاهات الفكرية والثقافية في المجتمع السعودي، إضافة إلى ذلك فقد سبق الكثيرين في عدم استسلامه لاستهلاك الثقافة المعلبة، فهو يزور سوريا وينتقل إلى جبل العرب، يجالس الدروز ويسمع حكاياتهم ويحاورهم، ويعالج ما قرأه عنهم، ثم ينتقل إلى أكراد شمال سوريا، في رحلة لم تخلُ من مخاطر، تعامل مع ما سماه المزيج العربي الكردي السائد في تلك المناطق، لم يجد أن النزعة لتأكيد الهوية الكردية بينهم إلا رد فعل على القوميات التي سادت في المنطقة وأغفلت المشتركات الكبرى، نمط حياتهم يتمحور على مقوم ثقافي إسلامي المفهوم عربي التعبير والمحتوى (طبعاً قبل الثورة السورية)، ولما وجد أن القوم يرون عبدالله أوجلان ملهماً للشعب الكردي قرأ كتابه "من دولة الحضارة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية "، ورأى من خلال الكتاب صورة المفكر.

    ثم زار مخيم برج البراجنة الفلسطيني ليرى عنواناً واضحاً لرحلة تيه طويلة، أما في مصر فحرص على التقاء اعتماد خورشيد ليتأكد من صحة ما كتبته في كتابها "شاهد على انحرافات صلاح نصر"، وحاورها حول كتابها الذي كان في طريقه للنشر بعنوان "شاهدة على انحرافات صفوت الشريف"، كلا الكتابين كان صادماً وفاضحاً للمؤسسة الأمنية في ظل الحكم الشمولي. قالت اعتماد إن ما روته في كتابها الأول كان أقل من الحقيقة الكاملة، وهي تكمل في كتابها الجديد ما لم تستطع قوله سابقاً، إذ أتاح لها اختفاء نظام مبارك أن تنشره.

    الكتاب الرابع

    هناك أكثر من رواية تتزاحم على ذهني حين أحاول تذكر ما قرأته منها، رواية "دبابة تحت شجرة عيد الميلاد"، إحدى روايات الملهاة الفلسطينية والتي تزيد على العشر، مشروع إبداعي متميز للشاعر والأديب إبراهيم نصر الله، يتفاوت مستوى روايات الملهاة، إلا أن هذه الرواية تقف مع "زمن الخيول البيضاء" و"قناديل ملك الجليل" في المقدمة، تاريخ فلسطين الاجتماعي والحضاري والسياسي يقدمه الكاتب بشكل روائي، العنوان مستوحى من نضال بلدة بيت ساحور، البلدة التي برع أهلها بالفن بكافة أشكاله، يسجل يوميات التحدي والمقاومة أمام مجرم جاء يغتصب الأرض والتاريخ والفن، جاء يدمر خصب الحياة وخصوبة الناس، يخلق الناس كل يوم أشكالاً عديدة للمقاومة، عبر ماسورة البندقية وعبر عدسة الكاميرا وعبر مشغولاتهم الفنية وعبر الموسيقى وعبر مشروعاتهم الاقتصادية الصغيرة التي يدمرها الصهاينة، يقاومون بالحب وبإنجاب الأطفال وبالورود وحب الحياة.

    الكتاب الخامس

    أما الرواية التي أختم بها فهي رواية "طبيب أرياف" لمحمد المنسي قنديل، رواية تعرض الحياة في قرية مصرية، مسرحها العيادة المجمعة، والعيادة المجمعة هي بعض ما بقي من إنجازات الناصرية بنيت لتخدم الريف صحياً وتجتذب إليه الأطباء، وهنا تنقل الطبيب الذي خرج من السجن بعد أن عوقب على وطنيته إلى الريف، حيث يرى شقاء الريفي أمام سطوة السلطة المركزية وإهمالها بل وإجرامها، هنا حيث يتنمر البعض على البعض، وحيث ترى الصبر العجيب للمحرومين، لخصت الجازية زعيمة الغجر المشهد الذي يعاد تدويره عبر التاريخ في كلمات تتحدى بها ممثل السلطة، "قال المأمور: ما الذي يجعلهم يخوضون كل هذا الجحيم من أجل أن يذهبوا إلى بلد آخر؟ ما الذي يدفعهم للانتحار إلى هذه الدرجة؟ مم يهربون؟ ردت الجازية: يهربون من قسوتكم، الحياة قاسية بشكل عام، ولكنكم تزيدون من قسوتها. يقول في صرامة: نحن نطبق القانون على أناس لا يعرفون معنى القانون، زناة وقوادين، مزورين ومحترفي سطو، ترد الجازية بعناد: كل هؤلاء يفلتون من أيديكم بسهولة، إنكم لا تمسكون إلا بخناق الضعفاء الذين يعيشون على الفتات وتريدون أن تشاركوهم هذا الفتات. زمجر المأمور في غضب: أنت مجرد غازية لا تعرفين شيئاً عن القانون. ردت: أنت على حق، ولكني أعرف شيئاً واحداً يقوله جد كل الغجر: إن كل هذه القوانين وجدت أيام الفراعنة، تغير الزمان واستدار، وذهب كل الفراعنة، ولكن بقيت القوانين لأنكم بقيتم، أنتم صنعتم الجحيم الذي يهرب منه كل الناس".

  10. #50
    صديق فعال
    عن القراءة وما فعلته في حياتي
    يسرا سمير

    "القراءة بالنسبة لي نوع رخيص من المخدرات!"
    هذه الجملة العبقرية الشهيرة للدكتور أحمد خالد توفيق، التي أدرجها مرة على لسان أحد أبطاله، والتي تُلخص علاقة أغلبنا بالقراءة، وتجعلنا نراها من منظور مختلف بعض الشيء.

    أنا أؤمن بأن القراءة والمعرفة -بشكل عام- هما الدواء لأي داء، ولكن مَن قال إن فوائد القراءة تقتصر على المعرفة فحسب؟!
    إن المعرفة -وإن كانت هدفاً سامياً بالطبع- إلا أنها ليست المكسب الوحيد، فالقراءة تهدف لإثراء الخيال، وتوسيع المدارك، وتحقيق التوازن الداخلي الذي يحتاجه كل شخص بأن يفهم أكثر… ويعرف أكثر… ويطمح أكثر.
    من الصعب التخيل ألا يرى المرء سوى العالم الذي نشأ فيه وتربّى داخل أسواره، ومن المحبط ألا يكون باستطاعته أن يحلق بخياله خارج السرب المألوف، وأن تبقى مداركه العقلية مقيدةً بحدود حياته البسيطة التي لم يعرف غيرها!
    بل إن الإبداع -على اختلاف صوره- مرهون بالخيال، وكيف سيحظى بالخيال من لم يقرأ في الأدب والفن والسير الذاتية لأعظم الشخصيات على مر التاريخ، والجغرافيا وما يرتبط بها من عادات وتقاليد الشعوب المختلفة!

    كيف سيحظى بالخيال من لم يغُص مع دستويفسكي في عوالمه النفسية المعقدة، ويقرأ لشكسبير قصائده الحماسية القوية لغوياً ومعنوياً، ويعيش في عوالم ديكنز القصصية الرحبة؟!
    كيف سيُبدع مَن لم يُصغِ لتأملات مصطفى محمود الفلسفية العميقة في الدين والحياة، ومن لم يستمتع -في أمسية صيفية دافئة- بصحبة شخصيات مصرية شديدة التنوع في الخصال والأفعال بروايات نجيب محفوظ العالمية، من لم يستشعر الرومانسية في أرقى صورها مع الثائرة أحلام مستغانمي!

    إنها القراءة التي ستضمن لنا كل ذلك وأكثر…
    ستسافر بنا عبر الصفحات الأثيرة إلى عوالم وأزمان أخرى لم نكن لنعرف عنها شيئاً لولاها، ستضيف إلى عقولنا عمراً جديداً لا يُقاس بالأرقام، وستُشبع فضولنا الفطري تجاه العالم والحياة، والناس أيضاً.
    ولَطالما حلمت بأن يُعالَج الناس بالقراءة -كل على حسب حاجته- كما يُعالجون بالأدوية، والجلسات الجماعية، والصدمات الكهربائية.

    ومَن يدري؟
    ربما يتحقق ذلك يوماً ما بالفعل.
    فالقراءة دائماً ما تُظهر لنا الجوانب الخفية في ذواتنا، التي يطغى الزحام وصخب الحياة عليها فلا نكاد نعرفها، أو تكبتها التقاليد والعادات الموروثة منذ مئات الأعوام فنخاف من إظهارها، أو ندفنها نحن بأنفسنا قهراً؛ لأن هذا ليس ما يريده الآخرون لنا!
    مع القراءة نصبح أحراراً تماماً لنحلم كما نشاء، ونكون كما نريد، وأن نعيش -ولو لبرهة- خارج حدود الزمان والمكان والناس.
    ولَطالما آمنتُ أيضاً بأن القراءة هي المتعة الأزلية الصالحة لكل وقت، وأنها أفضل بكثير من مشاهدة مباراة، أو التسوق، أو تصفح حساباتك التي لا أول لها ولا آخر على مواقع التواصل الاجتماعي.
    والمميز بشأن القراءة أيضاً أنك ما إن أحببتها لن تملَّ من صحبتها أبداً، ذلك لأن هناك دائماً العديد من مجالات الحياة التي لم تقرأ فيها بعد، والعديد من الأماكن التي لم تزُرها بعقلك بعد، والعديد من الحكايات المسلية والملهمة التي لم تسمعها بعد.

    لذا، انغمسوا في القراءة.
    فالعمر أقصر من أن تقضيه في حياة واحدة!.

صفحة 5 من 13 الأولىالأولى ... 34 567 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال