الرواية
تعريف الرواية
تعرّف الرواية بأنّها فن أدبي نثري طويل يعتمد في أساسه على الخيال، وهو نسيج تترابط فيه مجموعة من العناصر فيما بينها وفقاً لعلاقات معيّنة، وتسير ضمن تسلسل أحداث مدروس لوصف تجربة إنسانية ضمن إطار من التشويق والإثارة تعكسه مجموعة من الشخصيات، في بيئة معيّنة.
عناصر الرواية
للرواية عدة عناصر نذكر منها:
موضوع الرواية: يقصد بموضوع الرواية الفكرة التي ستتحدّث عنها هذه الرواية وتجسّدها، ويتم تصوّرها بشكل بسيط وأولي قبل كتابة الرواية مثل: "طبيب شاب يعمل في مشرحة، ويعمد إلى سرقة أعضاء الجثث إلى أن يتم كشفه متلبساً بواسطة امرأة ثلاثينية صدفة".
الحبكة: هي سير أحداث الرواية تصاعدياً باتجاه الحل.
الشخصيات: تعتبر الشخصيات هي محرّك أحداث الرواية باتّجاه الأمام، ومحورها.
الحوار: الحوار هو الصوت المسموع لأفكار الشخصيات، والطريقة التي تتواصل بها مع بعضها البعض.
السرد: يأتي السرد على لسان راوً يكون هو حلقة الوصل بين القارئ والشخصيات.
أنواع الروايات
تتعدّد انواع الروايات تبعاًً لموضوعها وحبكتها، وتشمل ما يأتي:
روايات الغموض: تتمحور روايات الغموض على الأغلب حول جريمة يجب حلّها على يد محقّق، أو هاوٍ كبطل الرواية مثلاً، وتكون هذه الجريمة جريمة قتل على الأغلب، حيث يستفيد المحقق أو الشخص المعني في حلّ اللغز من الشخصيات الموجودة في الرواية، وبعض التفاصيل لحلّها.
روايات الرعب والتشويق: يندر ان يجد القارئ نوعاً من روايات الرعب غير المصحوبة بالغموض والإثارة في أغلب الأحيان، وبالخيال العلمي في بعض الأحيان الأخرى، وروايات الرعب وُضعت لخلق جو عام من التوتر والرعب النفسي يعيش فيه القارئ تفاصيلها عبر ما يجري بها من أحداث وتصويرات.
روايات الخيال العلمي: تُعتبر روايات الخيال، أو الخيال العلمي إحدى أكثر انواع الروايات شيوعاً، وفيها يعمد المؤلف لخلق عالم تخيّلي مليء بالأحداث الغريبة الساحرة، او تلك التي تحوّل العالم إلى عالم آخر مختلف بفعل التكنولوجيا وآلاتها، وقد تدور روايات الخيال العلمي في أعماق المحيطات والبحار، او في الفضاء، أو في اعماق الأرض أحياناً.
روايات الخيال التاريخي: تعرض روايات الخيال التاريخي قصصاً خيالية بتصوّر حدوثها في وقت تاريخي مضى من تاريخ البشرية، وقد يعمد كاتب هذا النوع من الروايات إلى حبك روايات خيالية حول شخصيات تاريخية قد وُجدت بالفعل، فيما يفضّل البعض الآخر تصوير هذه الشخصيات في منحى واقعي.
الروايات الرومانسية: تظلّ الروايات الرومانسية التي تحاكي القلب والعاطفة روايات شائعة تلقى رواجاً بين العديد من القرّاء، فيما تتعدّد الحبكات التي يعرضها هذا النوع من الروايات بين حبّ سعيد يتكلّل بلقاء وزواج، وآخر ينتهي بفراق حزين، وثالث ينتهي بفضيحة أو جريمة أو غيرها من النهايات غير المتوقعة.
روايات الخيال الواقعي: تحتوي روايات الخيال الواقعي على شخصيات مقنعة يمكن تصديقها، وسيناريو واقعي يمكن حدوثه، رغم كونها من خيال المؤلف، وتميل هذه الروايات لأن ترتبط أحداثها بالحاضر القريب والواقع المعاصر، وهي روايات كُتبت لتسلّط الضوء على بعض قضايا الحاضر في بعض الأحيان.
الفرق بين الرواية والقصة
مفهوم الرواية والقصة
الرواية عبارة عن نص أدبي طويل وقصة مكوّنة من سلسلة من الأحداث التي تنقسم إلى عدّة فصول قد تكون مرقّمة، وتحتوي على عدد غير محدّد من الشخصيات الرئيسية وأخرى ثانوية مرتبطة بالرئيسية تظهر وتختفي بين الحين والآخر، ويُطلق على كاتب الرواية اسم "روائيّ"، فهو يستغرق سنوات عدة لإتمام كتابة روايته، ويضيف إليها الشخصيات التي يريدها، ويبني الذروة التي يراها مناسبة، ويستخدم إبداعه في ربط الأحداث التي تبني القصة، ويمكن أن تصنّف الرواية إلى إحدى المواضيع الآتية: التاريخي، والعاطفي، والنفسي، والأخلاقي، والمهني، والرسائلي، والديني، والغموض والإثارة، والخيال، وغيرها الكثير.
القصة
يمكن تعريف القصة بأنّها نص أدبي قصير تدور أحداثها حول حدث رئيسي واحد يسرده عدد قليل من الشخصيات، ويستطيع القارئ أن يتذكر كافة شخصيات القصة مقارنةً بالرواية، ومع ذلك فإنّها تحتاج إلى الكثير من الجهد كي يتم إنجازها في فترة قصيرة، ويكون هدف الكاتب من قصته هو إيصال رسالة معينة للقرّاء، ممّا يقيّد أحداث قصته مع عدم الإطالة في سردها كي تصل رسالته إلى الجمهور، بخلاف الرواية التي يحتاج فيها الروائيّ لسنوات عدة كي ينجزها، ومن الجدير بالذكر أنّه يُطلق على كاتب القصة اسم "كاتب قصة قصيرة". تصنّف القصة إلى عدة موضوعات؛ فمنها: الأكشن، والكوميدي، والمغامرة، والملاحم، والخيال، والجرائم، والسيرة الشخصية، والتاريخي، والرعب، والرومانسي، والسياسي، والفلسفي، والديني، والخيال العلمي، والحضاري، وغيرها الكثير.
الفرق بين الرواية والقصة
الطول: تُعتبر القصة من ناحية الطول مقارنةً بالرواية هي الأقصر، ويتراوح طول القصة ما بين 1500-30000 كلمة، أمّا الرواية فتبدأ من 50000 كلمة ويمكن أن تزيد عن ذلك.
الشخصيات: تحتاج الرواية إلى عدد كبير من الشخصيات لسرد أحداثها، على عكس القصة التي لا تحتاج إلى ذلك العدد فتكتفي بعدد قليل من الشخصيات، بالإضافة إلى ذلك فإنّ الرواية تحتاج إلى أكثر من شخصية رئيسية لتخدم رسالتها، أمّا القصة تكتفي بشخصية رئيسية واحدة لإيصال رسالتها.
المكان: تٌغطّي أحداث الرواية حقبة زمنية كبيرة تمتد إلى شهور وسنين؛ وبالتالي فإنّ أحداثها تُسرد في أماكن مختلفة، فقد يتنقّل الروائي من شوارع وسط المدينة إلى الريف، ثمّ إلى الضواحي، في حين أنّ القصة تُغطي فترة زمنية تمتد ليوم أو قد تصل إلى أسبوع؛ لذلك يتحتّم على الكاتب أن يسرد قصته في مكان واحد في أغلب الأحيان، فهو محصور بعدد الكلمات المتاحة له وبطول النص.
الحبكة والذروة: تشتمل الرواية على عدّة حبكات فرعية وحبكة رئيسية واحدة أكثر تعقيداً، في حين أنّ القصة تقتصر على حبكة واحدة رئيسية،[٤] كما يتخلّل أحداث الرواية عدّة انعطافات وتحوّلات في سرد الأحداث يشكّل كلّ جزء منها حبكة قد تصل بالأحداث إلى الذروة؛ بالتالي فإنّ الذروة في الرواية تتعدد وتتنوع، على عكس القصة التي تشتمل على حبكة واحدة تؤدي بها إلى ذروة رئيسية واحدة في القصة،[٥] ويمكن تعريف الذروة بأنها نقطة التحول المركزية في القصة؛ أي ذروة التوتر والصراع التي حدثت كرد فعل على الصراعات السابقة.
الفصول: تشتمل الرواية على عدة فصول في قصتها، على عكس القصة التي تُسرد أحداثها في عدة صفحات وبالتالي فهي لا تنقسم إلى فصول كما هو الحال في الرواية.
خصائص الرواية العربية
مفهوم الرواية
تعددت أنواع الرواية من حيثُ أجناسها، وما يحيط بها من خصائصَ فنيّةٍ، ورؤى مختلفة في فنِّ كتابتها؛ فلذلك اختلفت الآراء حول وضع مفهوم يجمع خصائصها الفنية، ولعدم وجودِ قواسمَ مشتركةٍ بين مختلف الروايات؛ لذلك قُدمت مجموعةٌ من الآراء التي تكاد تكون جزئيةً لمفهوم الرواية في أبعادها ومقوّماتها، وقد جاءت آراء المعرفين حول مفهوم الرواية بما يتحدث عن عدد كلماتها، وأنّها أطول من القصة القصيرة، ومنهم من ذكر أنّها أكثر من خمسين ألف كلمة، ومنهم من ركّز على الوظيفة التي تقدمها الرواية للقارئ، ومنهم من اهتمّ بمضامينها، وهي بطبيعتها فنّ بحدّ ذاتها تنفرد عن غيرها في جوهرها وخصوصيتها، وهي فنّ أدبيّ نثريّ لا يتقيّد بضوابطَ معينةٍ، ويحتمل كل الاحتمالات، فقد ذكر الكثير من النّقاد أنّه لا يُوجَد تعريف شامل للرواية؛ لأنّها فن أدبي قابل للتطور والاستمرار،[١]وعلى المجمل فإنّ الرواية فنّ أدبي يعتمد على السّرد، ويختلف عن الأسطورة، فكاتبها معروف غير مجهول، وتختلف عن الخبر التاريخيّ، لأنّها وحيّ من الخيال، وتختلف عن الملحمة، لأنّها من الأجناس النثريّة، وتختلف عن الحكاية والأقصوصة، لأنّها عمل أطول منهما، وتختلف عن الخبر، لأنّها ذات بنية سرديّة معقدة.
خصوصية الرواية العربية
اتّسمت الدول العربية بقوميتها على أنّها متعددة الأقطار، وكل قطر من هذه الأقطار كافح لكي يستقل بذاته، فهناك اختلاف ثقافيّ، وفكريّ يميز كل قطر عن الآخر، على الرغم من وجود قواسمَ مشتركة بين الأقطار العربية كاللغة، والدين، ممّا أدّى إلى اتّساع مدى الرواية العربية في تصوير واقع الشخصية العربية، من المدينة، إلى الريف، إلى البادية، ومن الفرد في العشيرة، إلى الفرد في الأسرة الواحدة، إلى الفرد المغترب الذي لا تربطه أي صلة بالآخرين، فلذلك وُجِدَت الرواية العربية بأنّها تُجسد الهوية الوطنية، والأحكام الفردية، والإبداع في إبراز عناصر الرومانسية منذ بدايتها، وتصوير الفرد بأنّه ذو شخصيةٍ مستقلة عن بيئته الطبيعية، وأنّها لجأت إلى تصوير البعد الرومانسيّ، والرمزيّ والأسطوريّ.
خصائص الرواية العربية
من خلال ما تقدّم عن الرواية العربية، فهي تتّسم بالخصائص، والسمات الآتية:
الرواية العربية ذات طابع شعبويّ، فهي نماذج من الحكايات الشعبية، لارتباطها بفن المقامة.
الرواية العربية ذات أسلوب قصصيّ يستند إلى مجموعة من المرجعيات التي تعتمد على المظاهر، والتقنيات اللغوية، لتحقيق غايات، ومقاصد تحت مظلة اتجاه فكري معين.
الرواية العربية تواكب المتغيرات الحديثة في مختلف المجالات الفكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية.
الاهتمام بالنواحي الأخلاقية، والحثّ على مقاومة المحتلّ، والاهتمام بالذاتية الإنسانية، والاهتمام بالقضايا الاجتماعية.
الرواية العربية بنت الحياة المدنية، والاهتمام بمظاهر الحياة الحديثة، والمدنية الجديدة.
الاتنتماء إلى الاتجاه القومي، والتراث العربي، فقد غلب عليها أنّها تستمد رموزها من الثراث العربيّ بأسلوب تاريخيّ.
الأحداث مستلهمة من التقليد العربي، من قصص، وحكايات، وتقديمها في حلة جديدة، لتمنح فنَّ القصص العربية طابعاً، وخصوصيةً.
تصوير واقع الأرياف، والقرى، والأحياء الشعبية، لتصوير واقع فئة من فئات المجتمع المسحوقة، والكادحة التي تعيش على هامش المجتمع.
مفهوم الرواية التاريخية
تعريف الرواية التاريخية
حاول العديد من النقاد وضع تعريف دقيق للرواية التاريخية، إلّا أنّ التعريفات الدقيقة في الدراسات الإبداعيّة والإنسانية بصفة عامة يُعدّ أمراً صعباً، لذا فقد جرى الاتفاق على أنّ الرواية التاريخيّة عمل فنيّ يتّخذ من التاريخ مادة للسرد، ولكن دون النقل الحرفيّ له؛ حيث تحمل الرواية تصوّر الكاتب عن المرحلة التاريخيّة وتوظيفه لهذا التصوّر في التعبير عن المجتمع أو الإنسان في ذلك العصر، أو التعبير عن المجتمع في العصر الذي يعيشه الروائي ولكنه يتخّذ من التاريخ ذريعة وشكلاً مغايراً للحكي.
تطور الرواية التاريخية
يُقبل القرّاء على الرواية التاريخيّة بصفةٍ خاصّة لما يحمله التاريخ من خيال وقدرة على إثارة ذهن ومشاعر القارئ، خاصّة إن كان التاريخ متقاطعاً مع اهتمامات القارئ أو هوّيته الثقافيّة، وقد لاقت الرواية التاريخيّة نجاحاً منذ ظهورها في القرن التاسع عشر في بريطانيا بعد كاتبها الروائي الاسكتلنديّ والتر سكوت العديد من الأعمال الأدبيّة التاريخيّة.
امتدّ تأثير الروايّة التاريخيّة من اللغة الإنجليزيّة إلى اللغتين الفرنسيّة والروسية؛ حيث كتب في فرنسا كلّ من ألكسندر دوماس الأب، وفيكتور هوغو العديد من الروايات التي تناولت المواضيع التاريخيّة في تلك الفترة المضطربة من تاريخ أوروبا، وفي روسيا وضع ليو تولستوي رواية الحرب والسلام التي مثّلت ملحمة كبرى تتحدّث عن الحرب الفرنسيّة الروسية ومحاولة احتلال نابليون لروسيا، وتُعدّ تلك الرواية من أعظم الروايات التاريخيّة قاطبة حسب أغلب النقاد في العصر الحديث، أما الرواية التاريخيّة العربية فقد ارتبطت بعدة عوامل أثّرت في تطوّرها، أبرزها تيار مقاومة الاحتلال ومحاولة تذكير الروائيين للقراء بأمجاد الأمّة، وقد بدأ جرجي زيدان طريق الرواية التاريخية العربيّة، وبرز فيها من بعده توفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، وجمال الغيطاني.