صفحة 10 من 13 الأولىالأولى ... 89 101112 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 91 إلى 100 من 123
الموضوع:

قطوف أدبية - الصفحة 10

الزوار من محركات البحث: 179 المشاهدات : 1945 الردود: 122
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #91
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: July-2017
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 527 المواضيع: 238
    التقييم: 147
    آخر نشاط: 23/August/2023
    مقالات المدونة: 1


    الأديب الياباني كاواباتا ياسوناري: إيجاد التناغم بين الأدب والفن التقليدي

    فاز الكاتب الياباني كاواباتا ياسوناري بجائزة نوبل في الأدب لعام 1968 عن أعماله المكتوبة بإتقان روائي وإحساس مدهش. وفي هذه المقالة تستعرض الأكاديمية تانيغوتشي ساتشيو الروابط بين الفن والعالم الأدبي لكاواباتا.

    ما الذي يثير فكرة عمل أدبي؟
    كيف يتحول هذا من خلال العملية الإبداعية إلى النص نفسه؟
    في حين أنه قد يكون هناك العديد من الإجابات المختلفة على مثل هذه الأسئلة، يأتي الإلهام في بعض الحالات من لقاء مع إحدى اللوحات الفنية.

    عندما سافر الكاتب كاواباتا ياسوناري إلى كانازاوا في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1947 لإزاحة الستار عن نصب تذكاري للكاتب توكودا شوسي، شاهد أيضا لوحة قابلة للطي من ستة أجزاء. كان كاواباتا أيضا جامعا للتحف الفنية فقد كان يقتني الكنزين القوميين ’’الثلج المغربل عبر سحب مجمدة‘‘ أوراغامي غيوكودو و’’10 مزايا و10 متع‘‘ لإيكي نو تايغا ويوسا بوسون. حُدد كلا العملين الفنيين –حاليا ضمن مقتنيات مؤسسة كاواباتا ياسوناري– ككنز قومي بعد أن اشتراهما، ما يشير إلى حدة نظر عينيه تجاه الجمالية الفنية. ولكن تقدير الفنون لم يكن مجرد هواية لكاواباتا، فاللوحة التي شاهدها في كانازاوا حفزت إبداعه.


    كاواباتا ياسوناري يتفحص عملا فنيا في منزله في زوشي بمحافظة كاناغاوا، في أبريل/نيسان عام 1972 .

    طريقة تعبير سينمائية
    عندما نظر كاواباتا إلى اللوحة القابلة للطي كان يقترب من مرحلة جديدة في تطوره الأدبي تميزت بدايتها بإكمال روايته ’’بلد الثلج‘‘، التي فازت لاحقا باعتراف دولي باعتبارها تحفة فنية. ولد كاواباتا في إيباراكي بمحافظة أوساكا عام 1899، وصنع لنفسه اسما كمؤلف جديد مع القصة القصيرة لعام 1926 ’’الفتاة الراقصة من إيزو‘‘ والتي تدور أحداثها حول تعرف طالب على فرقة مسرحية. وأثبت نفسه أيضا في عمل تقرير بين 1929 و 1930 بعنوان ’’عصابة أساكوسا الحمراء‘‘ وتقرير بعنوان ’’تخيلات كريستالية‘‘ عام 1931 والذي وظف فيه أحدث طريقة لتيار الوعي وقصة ’’الطيور والوحوش‘‘ لعام 1933 عن رجل كاره للبشر لا يمكنه إلا أن يحب الطيور والحيوانات الصغيرة. وبعد ذلك بدأ في كتابة ’’بلد الثلج‘‘.

    يسافر شيمامورا بطل رواية ’’بلد الثلج‘‘ من طوكيو بالقطار الذي يخرج من نفق ليصل إلى بلدة ينابيع مياه حارة في ’’بلد الثلج‘‘ عنوان الرواية. ينجذب هناك إلى تضحية فتاة غييشا صادقة اسمها كوماكو، بينما يبقي نفسه على مسافة منها. يصور كاواباتا ببراعة علاقتهما غير المثمرة من خلال تقنيات تعبيرية مثل ارتباط الصور والتلميحات المجازية والسرد الحر الذي لا يتركز على وجهة نظر معينة. أشار إيتاساكا غين –المحاضر في الأدب والثقافة اليابانية في جامعة هارفارد لسنوات طويلة– إلى الطريقة المبتكرة التي استخدم بها كاواباتا طريقة سينمائية للتعبير بشكل غير مباشر عن كل من الأجواء المليئة بالحيوية والمسافة التي تفصل بين الاثنين من خلال تعمد الوصف عن قرب لشفاه ورموش كوماكو. كاواباتا بارع في استخدامه للتقنيات الأدبية لخلق عالم من الجمال والإثارة، ويمكن القول هنا إنه أوصل أعماله الأدبية إلى مرحلة من الكمال.

    جُمعت رواية ’’بلد الثلج‘‘ بطريقة غير عادية، حيث ظهرت في الأصل كأجزاء قصيرة منفصلة في مجلات مختلفة من عام 1935. وحتى بعد نشرها باسم ’’بلد الثلج‘‘ على شكل كتاب في عام 1937، استمر كاواباتا في كتابة القصة وتحرير ما كتبه حتى ذلك الوقت. بعد نشر تتمة للقصة في مجلة ’’شوسيتسو شينتشو‘‘ في عام 1947، تم نشر نسخة منقحة من كامل الرواية وصفت بأنها ’’النسخة النهائية‘‘ في عام 1948. ولكن كاواباتا أجرى تغييرات أخرى عندما تم تضمينها في أعماله المجمعة. بعد إقدامه على الانتحار في عام 1972، عُثر على مخطوطة مكتوبة بخط اليد لنسخة مركزة ومختصرة من القصة. لقد كانت بالفعل عملا صبّ فيه كاواباتا من قلبه وروحه حتى وفاته.


    غرفة ’’كاسومي نو ما‘‘ في نزل تاكاهان في يوزاوا بمحافظة نييغاتا، حيث كتب كاواباتا ياسوناري روايته ’’بلد الثلج‘‘ .

    وفي حين أن تأليف ’’بلد الثلج‘‘ كان عملية معقدة، فقد قاد الجزء الذي نشر في المجلة عام 1947 إلى نهاية مؤقتة للعمل، ويمكن للمرء أن يتخيل أن كاواباتا قد وصل إلى محطة رئيسية في رحلته الأدبية. ومع الإصدار النهائي لبلد الثلج في العام التالي، كان الوقت قد حان لإجراء التحضيرات لطرح أعماله المجمعة. على هذا النحو، جاءت مواجهته مع اللوحة القابلة للطي في كانازاوا عندما كان يجمع أجزاء عمله التي تعود إلى فترة ما قبل الحرب، ويبحث عن وجهة جديد.

    إلهام الخريف
    أي نوع من اللوحات كانت؟ كتب كاواباتا في رسالة وجهها إلى الكاتب شيغا ناويا عن مشاهدة ’’لوحة الأقحوان‘‘ للفنان الياباني أوغاتا كورين في متجر للتحف الفنية القديمة في كانازاوا. اللوحة مكونة من ستة أجزاء وهي إحدى لوحتين متناظرتين، ورسمت أزهار الأقحوان فيها باستخدام ’’غوفون (صبغة بيضاء مصنوعة من صدف مهشم)‘‘ على خلفية ذهبية. ثم بدأ كاواباتا العمل على عمل شهير آخر له هو ’’صوت الجبل‘‘. وعلى غراز ’’بلد الثلج‘‘ نشر العمل في البداية على شكل أجزاء متفرقة في مجلات من عام 1949 إلى عام 1954 قبل أن يتم ترتيبها في عمل واحد. على خلفية مجتمع مدمر بعد الحرب، تتمحور رواية ’’صوت الجبل‘‘ حول رجل أعمال ستيني هو أوغاتا شينغو، ويعالج العمل قضايا الشيخوخة والأسرة. يأتي العنوان من الصوت الذي يسمعه من الجبل خلف منزل أوغاتا في كاماكورا بمحافظة كاناغاوا، والذي يخشى أن يكون علامة على الموت الوشيك. بالإضافة إلى المخاوف بشأن صحته، فإن علاقات أولاده المتدهورة مع أزواجهم هي سبب آخر لحزن قلبه. وفي حين أنه يمر بأيام قاتمة، يرى شينغو في كيكوكو زوجة ابنه، صورة أخت زوجته التي كان يتوق إليها عندما كان في ريعان شباه. وبينما ترتبط شقيقة زوجته المتوفاة بأوراق الخريف التي أخذت للتو لونها، تستدعي كيكوكو في الأذهان صورة الأقحوان (كيكو) التي هي جزء من اسمها. ويزداد جمال كلتيهما في فصل الخريف.


    مخطوطة مكتوبة بخط اليد لمقال كاواباتا ياسوناري بعنوان ’’مسقط رأسي‘‘ اكتشفت في عام 2017 في إيباراكي بأوساكا، حيث عاش من سن 3 إلى 18 عاما. تظهر الصفحة إجراء العديد من التعديلات عليها .

    عندما كان كاواباتا يكتب عن الامرأتين اللتين كان شينغو يتوق لهما في رواية ’’صورة الجبل‘‘، ربما أوحت اللوحة القابلة للطي له فيما يبدو بفكرة كيكوكو، بينما طور شخصية أخت زوجته بأخذ مزيج تقليدي من الأقحوان وأوراق القيقب في عين الاعتبار. لقد تأثرت بمجرد التفكير بوجود رمز في العمل يُظهر أن اسم أوغاتا كيكوكو مشتق من لوحة الأقحوان للفنان أوغاتا كورين. وهكذا فقد ألهم الفن التقليدي المرحلة التالية من رحلة كاواباتا الأدبية.

    بعد اكتمال سلسلة أجزاء ’’صوت الجبل‘‘ في عام 1957، عمد كاواباتا إلى زيارة دير وستمنستر في لندن. كتب كاواباتا في عمله ’’10 قصص عن كبرياء الذات‘‘ لعام 1962 أنه أثناء الاستماع إلى الجوقة تغني في الدير، تذكر فجأة أعمال أوغاتا كينزان شقيق أوغاتا كورين. من الممكن تمييز اهتمامه بمدرسة الرسم ’’رينبا‘‘ من تاوارايا سوتاتسو وهونأمي كوئتسو إلى أوغاتا كورين وكينزان. إن استحضار جمال اليابان في لوحات رسمها كينزان أثناء وجوده في أرض أجنبية جعله يشعر بالحنين إلى الوطن.

    الأعمال المذكورة بالتحديد هي ’’طيور وزهور الأشهر الاثني عشر‘‘ لفوجيوارا نو تيئكا استنادا إلى شعر واكا لتيئكا، و’’ثمانية جسور‘‘ من مشهد من ’’حكايات إيسي‘‘، و’’سلال زهور‘‘ التي تصور سلال زهور في الخريف، وشعر واكا للأديب النبيل الذي عاش في العصور الوسطى سانجونيشي سانيتاكا، و’’طيور وأزهار الفصول الأربعة‘‘ وهي زوج من اللوحات القابلة للطي مرسوم عليهما طيور أبو قردان ونباتات موسمية. ومن المعروف أن العمل الأخير كان ضمن مجموعة كاواباتا، وتصور اللوحة اليسرى أوراق القيقب الخريفية والأقحوان الأبيض اللذين يتوافقان مع الامرأتين في رواية ’’صوت الجبل‘‘. لقد أسهمت سيمفونية أعمال مدرسة رينبا في إبداع الرواية.

    يتطرق كاواباتا في ’’10 قصص عن كبرياء الذات‘‘ إلى نظرية المؤرخ الفني كوباياشي تايتشيرو بأن شخصيات من ’’حكاية غينجي ‘‘ ممثلة في الزهور والطيور في ’’سلال زهور‘‘ و’’طيور وأزهار الفصول الأربعة‘‘. يُظهر هذا اهتمامه غير العادي بالتناغم بين الفن والأدب الذي يمكن العثور عليه في طبقات أعمق من أعماله.

    من بين روايات كاواباتا اللاحقة رواية ’’البحيرة‘‘ لعام 1954 التي تروي قصة مطارِد عنيد في منتصف العمر، ورواية ’’بيت الجمال النائم‘‘ لعامي 1960 و 1961 التي تدور أحداثها في مؤسسة ينام فيها كبار السن بجانب شابات جميلات تناولن أدوية منومة. اجتاحت مثل هذه الأعمال أعماق النشاط الجنسي البشري ووسعت عالم كاواباتا الأدبي. وفي عام 1968 تم تكريمه كأول فائز ياباني بجائزة نوبل في الأدب.
    (المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية بتاريخ 31 أغسطس/آب عام 2021، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان كاواباتا ياسوناري عام 1957. حقوق الصورة لجيجي برس)

  2. #92
    صديق فعال
    ماتسو باشو: الأديب الرّحالة

    رسّخ ماتسو باشو من خلال شعره وكتاباته عن الرحلات النابعة من رغبته في الانعزال عن المجتمع، نفسه باعتباره واحدا من أهم الشخصيات الأدبية في اليابان، حيث اشتهر بتطوير ما أصبح يُعرف لاحقا باسم شعر ’’هايكو‘‘.

    ’’مرت عليّ أوقات كنت أحسد فيها أولئك الذين لديهم مناصب حكومية أو إقطاعيات مثيرة للإعجاب، وفي مناسبة أخرى فكرت في أن أصبح كاهنا. ولكن عوضا عن ذلك أرهقت جسدي في رحلات بلا هدف مثل الرياح والغيوم، وبذلت مشاعري على الزهور والطيور. ولكن بطريقة ما تمكنت من كسب لقمة العيش بهذا الأسلوب، وفي النهاية كشخص غير ماهر أو موهوب مثلي، أهب نفسي بالكامل لهذا الأمر الوحيد الذي شغلني وهو الشعر‘‘.
    كتب ماتسو باشو (1644-1694) هذا الوصف الذاتي عندما كان في أواخر الأربعينات من العمر في عمله ’’غينجوان نو كي‘‘ (الفقرة أعلاه مقتبسة من ترجمة بورتون واتسون بعنوان ’’كوخ مأوى الأشباح‘‘. يمكن للمرء أن يعيد صياغة المقطع بإيجاز على أنه تأكد على أنه لا يمكنه العيش بدون الأدب، وبالتحديد ’’هايكاي‘‘.
    هايكاي هو اختصار لـ ’’هايكاي نو رينغا‘‘، وهو نسخة أخف وأكثر دعابة من الشعر المرتبط برينغا نشأ من تقليد شعر ’’واكا‘‘ الياباني الراقي. أصبح مصطلح هايكاي يُستخدم على نطاق أوسع لوصف قصائد فردية -تعرف الآن باسم ’’هايكو‘‘- ونثر يحمل نفس الروح. مع زيادة نسبة المتعلمين في أوائل فترة إيدو (1603-1868)، أصبحت أعمال الهايكاي شائعة بين الساموراي وسكان المدن.
    ولد باشو عام 1644 وهو الابن الثاني لعائلة ماتسو في أوينو بمقاطعة إيغا (الآن إيغا بمحافظة مييه). كانت أسرة ماتسو من الساموراي -على الرغم من أنها لا تتلقى رواتب- لكن والده خسر تلك المكانة ونقل أسرته إلى بلدة قلعة أوينو حيث عاش كمزارع. كان يُطلق على باشو في الأصل اسم كينساكو واتخذ عندما أصبح بالغا اسم مونيفوسا. في أواخر سن المراهقة ذهب للعمل في منزل تودو، وتم اختياره مرافقا أدبيا لابن سيد القلعة توشيتادا (المعروف أيضا في عالم هايكاي باسم ’’سينغين‘‘) حيث طور قدرته الشعرية من خلال هذه الملازمة. ولكن توشيتادا توفي شابا، وانتقل باشو في أواخر العشرينات من العمر إلى إيدو (طوكيو حاليا).

    باشو في إيدو
    في الفترة التي كان فيها باشو شابا كانت مدرسة تييمون لشعر الهايكاي برئاسة ماتسوناغا تييكو تحظى بشهرة كبيرة. استمد هذا الأسلوب أفكارا من شعر واكا وفروع أخرى من الأدب الكلاسيكي مع التركيز على التلاعب بالألفاظ. لكن باشو تعرّف في إيدو على مدرسة دانرين التي أسسها نيشياما سوين، والتي اعتمدت على نصوص طاوية من ’’جوانغ زاي‘‘ وغالبا ما كانت محاكاة تهكمية لأغاني من دراما ’’نو‘‘. وقد وظفت دمج الكلمات وتحولات خيالية للعبارات، بالإضافة إلى دمج عادات تلك الأيام بحماس في القصائد.

    وبمجرد وصوله إلى إيدو، اتخذ باشو لنفسه الاسم المستعار ’’توسيي‘‘. وبعد الانخراط في عدة أعمال بما في ذلك العمل في دائرة المياه بالمدينة، تمكن في الثلاثينات من العمر من كسب لقمة عيشه كمدرس للهايكاي، والتي كانت مهنة شائعة في المدينة. أقام تجمعات كوكاي في نيهونباشي، وصقل أعمال العملاء وقام بتحرير مجموعات شعرية منشورة. وفي تلك المرحلة أصبح لديه تلاميذ مثل كيكاكو ورانسيتسو وسانبو الذين دعموه حتى النهاية.
    وأدناه مثال على إحدى قصائد باشو في تلك الفترة.
    実にや月 間口千金の 通り町
    غي ني يا تسوكي / ماغوتشي سينكين نو / توريتشو
    جميل جدا القمر
    واجهته تساوي ألف قطعة ذهبية
    في توريتشو

    تشير هذه القصيدة بشكل فكاهي إلى بيت مشهور جدا للشاعر الصيني ’’سو شي‘‘ يقول إن لحظة في ليلة ربيعية تساوي ألف قطعة من الذهب. توريتشو هو شارع التسوق الرئيسي في نيهونباشي بوسط إيدو أسعار الأراضي فيها مرتفعة. تشكل قصيدة باشو التي كتبها بأسلوب دانرين أغنية مبهجة للمدينة الصاعدة.

    الكتابة أثناء العزلة والسفر
    بينما كان باشو يكتسب شهرة كمدرس هايكاي اتخذ فجأة عام 1680 قرارا بالتقاعد، وذهب للعيش في قرية فوكاغاوا على الضفة الشرقية لنهر سوميدا. أخذ المسكن الذي أقام فيه اسمه (باشوأن) من شجرة الموز (باشو) التي زرعها أحد تلامذته خارج صومعته، قبل أن يتبناه الشاعر كاسم مستعار له يُعرف به للأجيال القادمة.


    صورة لباشو من رسم أوغاوا هاريتسو وهو فنان وحرفي ورنيش بالإضافة لكونه أحد تلامذة باشو .

    مع تراجع مدرسة دانرين، دخل هايكاي في فترة تغيير وارتباك. سعى باشو -عبر سلوك حياة منعزلة- إلى شق طريق جديد، ودرس بوذية زين تحت إشراف الكاهن بوتشو. في غضون الوقت الذي دخل فيه باشو الأربعينات من العمر عام 1684، بدأ سلسلة من الرحلات وثقها في مذكراته اليومية كما هو موضح أدناه.

    نوزاراشي كيكو (تبييض العظام في الحقول)
    سافر باشو من خريف عام 1684 إلى الربيع التالي على طول طريق توكايدو السريع من إيدو إلى مسقط رأسه في إيغا، وزار أيضا كيوتو وأوتسو ومعبد أتسوتا على طول الطريق.
    كاشيما مودي (حج إلى كاشيما)
    ذهب باشو في عام 1687 إلى إيدو وكاشيما وعاد للاستماع بمشاهدة القمر ’’تسوكيمي‘‘.
    أوي نوك وبومي (ملاحظات على حقيبة ظهر)
    ذهب باشو من شتاء 1687 إلى صيف العام التالي أولا إلى إيغا قبل أن يتجول في منطقة كانساي مع تسوبوي توكوكو، بما في ذلك الذهاب لرؤية أزهار الكرز الشهيرة في يوشينو.
    ساراشينا كيكو (رحلة إلى ساراشينا)
    انطلق باشو من ناغويا مع أوتشي إتسوجين عام 1688 لرؤية قمر الخريف في ساراشينا قبل أن يعود إلى إيدو.
    أوكو نو هوسوميتشي (الطريق الضيق عبر المناطق النائية)
    سافر باشو من ربيع إلى خريف عام 1689 من إيدو مع كاواي سورا عبر مقاطعتي أوشو وديوا شمالي البلاد ثم غربا عبر هوكوريكو قبل وصوله إلى أوغاكي فيما يعرف الآن بمحافظة غيفو.

    كانت رحلات باشو العديدة في وقت لاحق من حياته مستوحاة جزئيا من الرغبة في التدرب على الزهد من خلال القيام برحلات حج بعيدا عن المجتمع. كما أراد أن يرى بنفسه المواقع العديدة التي اشتهرت في الأدب الكلاسيكي وأن يسير على خطى الرهبان الشعراء مثل ’’نوئن‘‘ و’’سوغي‘‘ وعلى وجه الخصوص ’’سايغيو‘‘. لا بد وأن نشر أسلوبه في الهايكاي في جميع أنحاء البلاد من ضمن دوافعه الأخرى.
    ألف باشو القصيدة التالية عندما بدأ رحلة دونها في ’’تبييض العظام في الحقول‘‘.

    野ざらしを 心に風の しむ身哉
    نوزاراشي أ / كوكورو ني كازي ن / شيمو مي كانا
    عظام مبيضة
    الرياح تصيب بالقشعريرة
    قلبي

    عند تحليل القصيدة ضمن سياقها يمكن للمرء أن يعيد صياغتها على النحو التالي: ’’عندما أنطلق في رحلة، أتخيل عظامي تبيض في العراء، ورياح الخريف تبعث فيّ القشعريرة‘‘. ولكن وعلى الرغم من احتمالية موته على الطريق، فإن دوافعه للترحال كانت كبيرة لدرجة أنه لا يستطيع كبح جماح نفسه.

    على مسار سايغيو
    بعد الرحلة حول شمال اليابان وغربها عبر هوكوريكو التي كانت أساس ’’الطريق الضيق عبر المناطق النائية‘‘، أمضى باشو حوالي عامين في منطقة كانساي. كان هذا هو المكان الذي كتب فيه ’’كوخ مأوى الأشباح‘‘. ثم عاد إلى إيدو حيث مكث لمدة عامين ونصف قبل أن يسافر مرة أخرى إلى إيغا في 1694. في ذلك الصيف مرّ عبر كيوتو وأوتسو، بينما في الخريف توجه عبر نارا إلى أوساكا. توفي في غرفة مستأجرة بشارع ميدوسوجي بأوساكا في 28 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1694. وكان سبب الوفاة فيما يبدو مرضا في المعدة.

    لم يتزوج باشو ولم ينجب أي أطفال. لا يوجد دليل قاطع يوحي بأن امرأة تدعى جوتيي كانت عشيقته. يمكن للمرء أن يشعر بأن أسلوب باشو في السنوات الخمس الأخيرة من حياته لم يتأثر بالأدب الكلاسيكي على شكل ’’واكا‘‘ وأغاني ’’نو‘‘ والشعر الصيني ’’كانشي‘‘ فحسب، ولكن أيضا بفهم بوذية ’’زين‘‘ و’’جونغ زاي‘‘. لقد تبنى ووجه أتباعه إلى المفاهيم الجمالية لـ’’وابي‘‘ الذي يرى فضيلة في التخلي عن الإشباع المادي لصالح الفقر المدقع، و’’سابي‘‘ الذي يقدّر شكلا باهتا أو ذابلا من الجمال، و’’كارومي‘‘ الذي يجد أناقة كلاسيكية في الحياة اليومية أو الابتذال.

    وفي أنماط شعرية مرتبطة بالهايكو، ابتعد باشو عن إنشاء روابط من خلال ’’كوتوبازوكي (دمج الكلمات)‘‘ و’’كوكوروزوكي (امتداد المشهد أو السرد)‘‘ لتطوير تقنية ’’نيويزوكي‘‘ والتي تعني حرفيا ’’عبق الرابط‘‘ حيث يتم ربط الكلمات بناء على الحالة المزاجية وليس السبب. وقد تبنى باشو استخدام هذه التقنية مع مفهوم ’’كارومي‘‘. وفي السنوات اللاحقة لباشو، تتلمذ على يديه أشخاص مثل كيوراي وجوس وكيوريكو وشيكو. وأصبح أسلوبه في هايكاي منذ منتصف فترة إيدو هو السائد، وازدهر ليصبح محل تبجيل لدوره المحوري في هذا النوع من الشعر.

    旅に病で 夢は枯野を かけ廻る
    تابي نيي اندي / يومي وا كارينو أ / كاكيماوارو
    مريض أثناء رحلة
    أحلامي تتجول
    الحقول ذابلة

    كتب باشو هذه القصيدة قبل وقت قصير من وفاته في أوساكا. (في العديد من المراجع تقرأ الكلمة الأخيرة ’’كاكيميغورو‘‘، ولكن من المرجح أن تكون ’’كاكيماوارو‘‘ بناء على كتابات تلاميذه آنذاك). وهي تلمح إلى قصيدة من قرون سابقة لسايغيو يتباين فيها ربيع في أحد سنوات الماضي في نانيوا مع الحاضر حيث تهب الرياح من خلال أوراق القصب الذابلة. عندما كتب باشو قصيدته كان ذلك في فصل الشتاء، وكان نانيوا هو الاسم السابق لأوساكا، لذلك أراد باشو فيما يبدو رؤية نفس منظر القصب الجاف كما في قصيدة سايغيو. وعلى الرغم من أن مرضه منعه، إلا أن روحه الحالمة غادرت جسده لتتجول في الحقول الذابلة. توضح القصيدة بشكل رمزي كيف كان باشو يسير على خطى سايغيو حتى آخر حياته.

    (المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية بتاريخ 13 يناير/كانون الثاني عام 2022. الترجمة من الإنجليزية.

  3. #93
    صديق فعال
    إيكو صوجون: أحد المؤثرين الحقيقين في الثقافة والفكر الأدبي الياباني

    إيكو الذي اشتهر خارج اليابان عن طريق أفلام الأنمي التلفزي والتي أظهرته بصورة طفل حكيم سريع البديهة، ولكن صورته الحقيقية أنه كان كاهنًا كبيرًا متمردًا انتقد بشدة العالم البوذي في ذلك الوقت.

    إيكو صوجون (1394 – 1481) راهب مذهب "الزن" البوذي من مدرسة "رينزاي" لمعبد "دايتوكوجي" وربما من الأفضل أن نقول Ikkyu san . وهو معروف بحكمته، في قصته مع "النمر المرسوم على البيوبو (الحواجز المطوية)" أو حكاية "ممنوع عبور هذا الجسر"، وربما يكون أحد أشهر الرهبان في اليابان بحكمته وسرعة بديهته في حل القضايا المعقدة وقد ذاع صيته منذ عصر "إيدو" باسم "حكايات إيكو".

    فكل من يبلغ من العمر حوالي 50 عامًا من اليابانيين الآن هم جيل نشأ وتربى على الرسوم المتحركة التلفزيونية "Ikkyu-san" التي أنتجتها شركة Toei للرسومات المتحركة (حاليًا Toei Animation) ، والتي تم بثها في الفترة ما بين أكتوبر 1975 إلى يونيو 1982. تم خلالها بث 296 حلقة، ظهر فيها إيكو كطفل راهب يتلقى تدريبه في معبد بوذي، شوهد فيها مشاهد منفردة يحل فيها "إيكو" المسائل الصعبة، وهو يربت على رأسه بإصبع السبابة ويجلس جلسة التأمل في مذهب "زن"، والمؤثرات الصوتية للأداة الخشبية التي تضرب أثناء تلاوة الترانيم البوذية ، أو المؤثرات الصوتية للأداة البوذية المسماة بـ "Rin" تشبه الجرس عندما تخطر فكرة عبقرية في رأس إيكو. أو مواقفه التي غلب فيها حتى الشوغون، فبينما صوّره الأنيمى على أنه راهب له نشاطات هنا وهناك، فقد كانت أكثر الصور انطباعا له صورته على أنه راهب طفل صغير يشتاق إلى أمه التي انفصل عنها وهو صغير.

    وقد تمت إعادة بث هذا الأنمي عدة مرات، مما زاد من عدد عشاقه عبر الأجيال. وتم بثه في الصين واستولى بسرعة على قلوب الأطفال الصينيين. لدرجة أن كان هناك العديد من الأطفال الذين درسوا وحفظوا أغاني أنيمي اليابانية التي كانت تتدفق من التلفاز. كما يقال إنه حظي أيضًا على شعبية كبيرة في تايلاند وإيران. مما كان لهذا الأنيمى كبير الأثر على تكوين صورته الحالية.


    تمثال للصبي إيكو في معبد "شووأون" ويرسم الأنمي التلفازي إيكو في هذا السن.

    رفضه لاستلام شهادة الرهبان الذين وصلوا لمرحلة "التنوير"
    وعلى هذا المنوال، أسر إيكو قلوب الأطفال في كل من اليابان والصين، ولكن حقيقته التاريخية تختلف اختلافًا كبيرًا عن الأنيمي التلفازي. كان عمره 88 عامًا عند وفاته، مما يعد من الحالات النادرة المديدة العمر بالنسبة إلى معدل الأعمار في القرن الخامس عشر. ولا يسعني هنا سرد كل قصصه، لكن دعونا نلقي نظرة على بعض الصور الحقيقية لـ "إيكو صوجون" من خلال تقديم بعض المواقف له.

    في يوم رأس السنة في عام 1394، وبعد وقت قصير من انتهاء الحرب الأهلية الشمالية الجنوبية في اليابان. ولد في منزل من منازل العوام في كيوتو لأم من الجنوب كابن غير معترف به للإمبراطور "غوكوماتسو" إمبراطور ذلك الزمن. وكان اسمه "سينغيكومارو". وبعد ذلك أصبح "إيكو". وقد كان أشيكاغا يوشيميتسو، الذي حقق توحيد الشمال والجنوب، يولي اهتماما أكثر بالشمال. ففصل إيكو وهو في السادسة من عمره عن والدته التي ترجع أصولها إلى الجنوب خوفًا من استغلال ذلك ضده سياسيًا. وتم إيداعه وهو صغير في معبد "أنكوكوجي" لمذهب "زن" وعاش حياة بعيدة عن العالم الدنيوي. هذه هي الفترة التي صورها الأنيمي التلفزيوني.

    بعد ذلك، تنسَّك وأظهر مواهب ممتازة خاصة في قصائد الشعر الصينية. ولكنه كان يغضب من حديث الرهبان الذين يتفاخرون بأسرهم، حيث كان يسد أذنيه ويترك المكان لكيلا يسمعهم فقد كان مثالا جادا للراهب الذي يسعى للكمال. وفي سن السابعة عشر، أصبح تلميذا للراهب "كينأوو صووي" في معبد "سيكينجي" وهو من أعطاه اسم " صوجون" وأثناء ما كان يتعلم مذهب "زن" الذي يدعو للزهد والتعفف ازدادت شخصيته إخلاصًا وجديةً.

    وعندما كان في سن الحادية والعشرين، توفي معلمه "كينأوو" ففقد الرغبة في الحياة وكان يفكر في الانتحار برمي نفسه في بحيرة "بيوا" ، ولكن رسول من والدته أقنعه بالعدول عن ذلك، ثم التحق بمعبد "شووزويأن" في مدينة "أوومي كاتاتا" ليكون تلميذا للراهب "كاصوو صوودون". وهو من سمَّاه "إيكو" . وتمكن "إيكو" من مرحلة التنوير عندما سمع صوت غراب في الفجر في مهب الريح المنعشة على بحيرة بيوا.
    حتى بعد التنوير، لم يتوان إيككيو عن ممارسة تدريبه الديني. كما رفض تسلم شهادة إجازة تمنح للرهبان الذين وصلوا لمرحلة التنوير. وعندما مرض معلمه "كاصوو" ولزم الفراش متأثرا بآلام في ظهره، كان تلاميذه يستخدمون أداة مصنوعة من الخيزران للتخلص من الغائط، لكن إيكو كان ينظفه بيده مباشرة دون أن يتضجر أو يتأفف من ذلك. وبالرغم من أنه كان رجلا غريب الأطوار، إلا أن "كاصوو" اختاره ليكون خليفة له من بعده. وبعد وفاة "كاصوو" الذي كان يُجلّه "إيكو" كثيرا، ترك "إيكو" كاتاتا وبدأ يطوف البلاد.

    الذهاب إلى مدينة "ساكاي" حاملا معه السيف القرمزي
    وبينما كانت المناطق الأخرى في اضطراب اجتماعي بسبب الكوارث الطبيعية والحروب، إلا أن مدينة "ساكاي" كانت مزدهرة بالتجارة الداخلية والخارجية، ويبدو أن مدينة ساكاي كانت تواكب أحدث النتاج الحضاري المتطور من الخارج في ذلك الوقت، ولذا كانت المدينة المفضلة له، وزارها إيكو عدة مرات وتجول فيها بسيف قرمزي طويل وملفت للنظر. كان أمرا غير طبيعي أن يمشي راهب زن في المدينة بمثل هذا الشيء، فقد كان مدعاة للشك. وعندما يتساءل سكان المدينة بطبيعة الحال عن معنى ذلك، كان يقول "هذا سيف خشبي لا تستطيع أن تقتل به أحدًا. في العالم هناك رهبان يختالون ولكنهم عديمي النفع مثل هذا السيف الخشبي الذي أحمله ". ويرجع سبب رسم إيكو بجانبه سيف خشبي قرمزي إلى هذه القصة. فبينما كان ينتقد ويسخر من الرهبان في ذلك الوقت، كان يوجه اللوم لأهالي المدينة الذين يجلون هؤلاء الرهبان الدنيويين قائلا "أنتم تفعلون نفس أشياء غريبة مثلما أفعل".


    رسمة توضح تعبيرات وجه إيكو صوجون ويظهر بجانبه السيف القرمزي (من ممتلكات معبد شووأون).

    مدينة ساكاي كانت أكثر مدينة من حيث الرخاء الاقتصادي في اليابان، ولذا ذهب إليها "يووصو صووي" الذي كان تلميذا أكبر من "إيكو" عند معلمه. كان "يووصو" يقوم بنشاط تبشيري بوذي بشكل إيجابي بموجب الإجازة التي حصل عليها من معلمه "كاصوو" للتجار الذين لم ينالوا حظهم من الهداية. كانوا من ذوي المكانة المنخفضة وحظ قليل من التعليم، ولكن كان لديهم القوة المالية. ومن أجل نشر، يجب تعليهم دينيا كان مضطرا أن يخفض من مستوى التثقيف. وقد كان ذلك شيئا غير مقبول بالنسبة لإيكو. ومهما كان تلميذا أكبر منه عند معلم "كاصوو" إلا إنه كان بمثابة السيف الخشبي بالنسبة لـ"إيكو". مما يدل على علمه الواسع وتدينه وموقفه الصادق لمذهبه. هذا بجانب السلوك الغريب الذي بدا متناقضا إلا أنه كان جذابًا لأهالي مدينة ساكاي. وعلاوة على ذلك، إنه كان ابنا غير معترف به للإمبراطور غوكوماتسو مما جعل العديد من التجار تتجمع حوله. وتشير دراسات أخرى إلى أن بعض التلاميذ منهم ويدعى "كينمين" أصبح بحارا وعمل بالتجارة مع الصين، وأنَّ تلميذا آخر ولد بين أب صيني مترجم وأم يابانية أصبح أيضا مترجما.

    حياة تمرد ترفض السلطة والشهرة
    اتجه غضب إيكو إلى الشهادة أو الإجازة التي يتوق إليها رهبان مذهب "زن" كدليل على التنوير. فبالنسبة له ، لم تكن الشهادة أو الإجازة عديمة الفائدة فحسب ، بل كانت شيئا ضارا. أيضًا، هذا وعندما بلغ من العمر 47 عامًا ، عمل ريئسا للرهبان في معبد صغير يسمى "نيوإيان" تابع للمعبد الرئيس "دايتوكوجي"، ولكنه ترك المعبد فجأة قائلاً: "لا يروقني عمل ريئس الرهبان". كانت أفعاله مليئة بالتمرد والغرابة.

    فقد كان يكره الشهرة، فترك معبد " دايتوكوجي" على الفور، ولكن عندما أحرقت نيران حرب أونين هذا المعبد، دعم إعادة إعمار المعبد حيث كان المعبد مكانا كان يضم رهبان يكن لهم كل احترام وكان عمره آنذاك 85 عامًا. وتعاون العديد من التجار في مدينة ساكاي الذين كانوا يكنون لإيكو كل احترام، في إعادة إعمار معبد دايتوكوجي.

    تجمع الكثير من التلاميذ والمؤمنين حول إيكو، لكنه لم يمنح أي تلميذ منهم الإجازة. فتعاليمه كانت لجيل واحد فقط. فقد كانت بالفعل تعاليم انتهت بوفاته. بدأت تعاليم مذهب زن الياباني من الراهب "كيدوو تشيغو" (1185- 1269) من أسرة سونغ الجنوبية الصينية وقد ورث إيكو تعاليمه بعد خمسة رهبان. فإن تعاليم إيكو قد توارثت تعاليم كيدوو بشكل شرعي، وإذا جاز التعبير، فأن التيار الرئيسي لمذهب زن في اليابان موجود فيه. ففي عام 1478، وقبل وفاة إيكو، كان مذهب إيكو على وشك التفتت. وحث التلاميذ معلمهم على ترشيح خليفة له. فقد كان هناك العديد ممن يصلح أن يكون خليفة، لكنه لم يختر له خليفة ولكن مع إصرار التلاميذ ذكر إيكو اسم" موتسورين جووتوو". وسرعان ما أسرع التلاميذ فرحين إلى" موتسورين جووتوو". ولكن تركهم غاضبا قائلا لهم "اختارني المعلم ولكن هذا ربما لإنه أصبح مجنونا بسبب المرض أو إنه قد خرف. لا تقولوا عنه شيئا سخيفا بعد مشاهدتكم لسلوكه لسنوات عديدة".


    تمثال خشبي لإيكو (من ممتلكات معبد شووأون)

    إذا، كيف وصلت إلينا تعاليم إيكيو إلى عصرنا الحالي بعد وفاته في عام 1481؟ اجتمع تلاميذه مرة واحدة في السنة عند قبر "إيكو" حيث دفن في مدينة "كيوتانابي"، وأنشأوا نظامًا "تجمعيًا" يمكن فيه تحديد الأشياء المهمة من خلال اجتماع مشترك. وذلك يذكرنا بأن تجمع تلاميذ بوذا بشكل متكرر بعد وفاته وشكلوا جماعة العبادة البوذية البدائية، وبذلك تم توصيل تعاليم بوذا إلى الأجيال التي جاءت بعده. كذلك من خلال حل المسألة الصعبة المتمثلة في عدم تعيين خليفة وترك القضية للتلاميذ ليحلوها بطريقة تعاونية، تم توصيل تعاليم إيكيو إلى يومنا هذا دون أن يكون له خليفة أو أن تنقطع تعاليمه بموته.

  4. #94
    صديق فعال


    ناتسومي سوسيكي... رائد الرواية في اليابان الحديثة

    نبذة عن حياة ناتسومي سوسيكي والذي يعد أكثر الكتاب شهرة في اليابان الحديثة في الذكرى الـ١٥٠ لمولده. وكان سوسيكي قد أحدث طفرة في الأدب الياباني في أوائل القرن العشرين بفضل إجادته لكل من التعلم التقليدي للصينية الكلاسيكية واللغة الإنكليزية العصرية في ذلك الوقت. وفي أعماله الكلاسيكية مثل ’’كوكورو‘‘ تتصارع الشخصيات مع الآلام المتولدة عن الأنانية والعزلة.

    ولد الروائي ناتسومي سوسيكي رائد الرواية في اليابان الحديثة قبل ١٥٠ عاما وذلك في ٩ فبراير/شباط ١٨٦٧. وتوفي قبل فترة قصيرة من حلول عيد ميلاده الخمسين في ٩ ديسمبر/كانون الأول عام ١٩١٦، وقد أحيت اليابان العام الماضي الذكرى المئوية لوفاته. وعلى الرغم من مرور وقت طويل على أعماله إلا أنها لا تزال متجددة ومفعمة بالحياة بالنسبة للقراء المعاصرين، وقد تمت ترجمتها إلى الكثير من اللغات. وباعتبار أنه عاش في فترة خطت فيها البلاد خطوة نحو العالمية، يمكن وصف سوسيكي بأنه أول كاتب ياباني يدخل الأدب العالمي.

    النشأة والتعليم

    نصب تذكاري في كيكويتشو بحي شينجوكو تخليدا لذكرى ميلاد ناتسومي سوسيكي.

    ولد ناتسومي كيننوسوكي في مدينة إيدو عام ١٨٦٧، أي قبل عام من تغيير اسمها إلى طوكيو. ومع نهاية عصر إيدو (١٦٠٣ـ ١٨٦٨)، كانت اليابان تتطور بسرعة في ظل حكومة مييجي الجديدة. وكان ترتيب الطفل الذي سيصبح في المستقبل كاتبا هو الثامن لناتسومي ناؤكاتسو والسادس من زوجته تشيي. وعوضا عن أن يقوم الأبوان بتربية الطفل كيننوسوكي بنفسيهما، أرسلاه بعيدا للعيش مع زوجين آخرين كانا صديقين للعائلة. ومن الممكن أن تكون مشاعر الوحدة التي اختبرها خلال أيام طفولته القاسية قد ساهمت في إكسابه روحا استقلالية فيما بعد.

    وبجانب التعليم الأساسي النموذجي الذي تلقاه، قام بدراسة الصينية الكلاسيكية واللغة الإنكليزية في مدارس مكثفة. وعندما أصبح بعمر ١٧ عاما، التحق بمدرسة تحضيرية تؤهله للدراسة الجامعية. وقد التقى هناك بماساؤكا شيكي الذي سيصبح فيما بعد شخصية أدبية رئيسية هو الآخر من خلال قيامه بتحديث شعر الهايكو. واعتبارا من عام ١٨٩٠، أمضى كيننوسوكي ٣ سنوات في قسم اللغة الإنكليزية بجامعة طوكيو. كان سوسيكي يكره اللغة الإنكليزية في البداية. وكان يفضل الصينية الكلاسيكية بشكل كبير، وكان يشعر بعشق تجاه الأدب التقليدي الصيني لازمه طوال حياته. وقد اشتق اسمه الأدبي المستعار من عبارة ’’سوسيكي تشينريو‘‘ وهي ترجمة يابانية لمثل صيني يعني ’’غير مستعد بِعِناد لتقبل الهزيمة‘‘. وفي عصر كان فيه الكثير من اليابانيين يهجرون النصوص القديمة من أجل دراسة اللغات الأوروبية، تعلم سوسيكي الصينية الكلاسيكية لأنها كانت تذكره بالموروث الفكري خلال عصر إيدو.

    وعلى الرغم من ذلك، فقد غدت الإنكليزية وترا آخر عزف عليه سوسيكي، وقد تعلم قدرا كافيا من هذه اللغة للبدء بتدريسها للآخرين بينما كان لا يزال طالبا. وبدءا من عام ١٨٩٣، أوجد سوسيكي توازنا بين أنشطة الدراسات العليا والتدريس في كلية للمعلمين في طوكيو. وقد أعجب مؤسس الجودو كانو جيغورو والذي كان يترأس الكلية، بسوسيكي وطلب منه قبول المنصب. في غضون ذلك الوقت، درس سوسيكي أيضا التأمل وفق طريقة ’’الزازين‘‘ في كاماكورا.

  5. #95
    صديق فعال
    نافذة على الأدب الياباني

    تستقر اليابان في وعي المثقف العربي صورة مشحونة بالتناقضات، فهي من جهة تبعث فيه الإعجاب لأنموذج دولة خرجت من زلزالها الرهيب في أواسط الأربعينيات، وتثير فيه من جهة أخرى، وجعا خاصا يذكره بحلمه المتعثر الذي ما زال يشكو ردات زلزاله منذ نهاية أربعينيات القرن الماضي، ممثلا باحتلال فلسطين وأفول كثير من أحلامه بالوحدة والتقدم. وفي معرض الكتاب الدولي الثالث والعشرين بالدوحة تحل "بلاد الساموراي" ضيف شرف، ناثرة ثقافتها وحكاياتها بما توفر من ترجمات عربية عن أدبها، الذي وصل إلى مراتب متقدمة بفوز روائييها بجائزتين من جوائز نوبل، رغم حداثة الأدب الياباني قياسا بتجارب أمم أخرى.

    على أن الإعجاز الياباني الصناعي الهائل الذي لفت الغرب والعرب على حد سواء للبحث عميقا في جذور الموروث الياباني، وثقافته التي يعد الأدب واحدا من وجوهها، ظل فيه الاتجاه الثقافي العربي مشدودا إلى مقاربة أنموذجه المتعثر بالأنموذج المتحقق لبلاد "الشمس المشرقة". وبقي التعاطي مع اليابان فكريا ينزع في جوانب كثيرة منه إلى محاولة البحث في السؤال ذاته الذي توقف معه المثقف العربي حيال النظرة إلى الغرب "لماذا تقدموا وتأخرنا"، لكن السؤال هذه المرة كان يتوسل إجابته من الشطر الشرقي وتحديدا النموذج الياباني.


    ‪غلاف الترجمة العربية لرواية جونيتشيرو تانيزاكي "فتاة اسمها ناوومي" لفكري بكر‬

    تقدموا كثيرا وتأخرنا
    ليس مبعث السؤال بشأن تقدم اليابان، في تطورها الصناعي وتقدمها طليعة الأمم اليوم، مقتصرا على ما تحقق في ذلك الأنموذج بل ينسحب على الأدب أيضا. ولعل واحدة من المفارقات التي يشير إليها الناقد المصري حافظ صبري في كتاب صدر أخيرا عن وزارة الثقافة والتراث والفنون القطرية بعنوان "رحلتان إلى اليابان" أن الرواية الأولى التي يؤرخ بها لميلاد الرواية اليابانية الفنية الحديثة وهي "الإوزات البرية" لموري أوجاي نشرت العام 1912 في نفس فترة كتابة رواية "زينب" لمحمد حسين هيكل. وفي حين سجل اليابانيون اسمهم على قائمة نوبل للآداب أكثر من مرة، لم يحظ العرب بمجموعهم بأكثر من جائزة واحدة نالها المصري نجيب محفوظ.

    تأخر إذا الاهتمام بالأدب الياباني وترجماته، في حين تقدم البحث لصالح ما هو فكري وثقافي واقتصادي في سعي لمحاولة فك لغز "العنقاء الياباني يخرج من رماده"، ويشيد صرحه الثقافي والصناعي المتقدم، بيد أن ذلك لم يعدم من تناول عربي متأخر لترجمة الأدب الياباني الحديث، بعد أن حقق حضوره السردي بتتويج الياباني "ياسوناري كاواباتا" عام 1968 بجائزة نوبل والذي ترجم له سهيل إدريس روايته "حزن وجمال".
    وتوجهت ترجمات أخرى إلى الشعر بعد حضور قصيدة "الهايكو اليابانية" بعد احتلالها مكانا متقدما في المشهد الشعري العالمي، وبعثها لموجة الفتنة والاستنساخ في الأدب العالمي وتسللها بالمقابل إلى المشهد الحداثي الشعري العربي وقصيدته الحديثة.

    ومن المفارقة أن الأدب الياباني وإن انتمى بحكم التقسيم الجغرافي إلى حضارات الشرق، إلا أنه كان يصل القارئ العربي عبر وسيط هو الغرب، فالترجمات التي تحيل إلى الأدب الياباني حديثه وقديمه إنما وصلته الآن عبر لغات وسيطة هي الفرنسية والإنجليزية، وعبر جهود عدد من المترجميين العرب، بينهم كامل يوسف حسين في "الجياد الهاربة" ليوكيو ميشيما، و"امرأة في الرمال" لكوبو آبي، وصدرت رواية "فتاة اسمها ناوومي" لجونيتشيرو تانيزاكي في ترجمة فكري بكر.


    ‪‬ غلاف الترجمة العربية لرواية يوكيو ميشيما "الجياد الهاربة" لكامل يوسف حسين

    أدب حديث
    تعود الآداب اليابانية، وبينها قصائد الهايكو إلى القرن الثامن الميلادي فقط، وهي نصوص متواضعة على المستوى التاريخي بحسب "جان جاك أوريغا" صاحب معجم الأدب الياباني لمترجمه حبيب نصر الله نصر الله الذي يحدد القرن السابع عشر "مفخرة للروائع الكلاسيكية اليابانية".

    ولا يعد الأدب الياباني بين أقدم آداب العالم، بيد أنه يشكل حسب أوريغا ثروة استثنائية، بعدد أعماله التي تمت المحافظة عليها بتنوعها ونوعيتها إذ شهد العام 1890 نشر هذه الأعمال التي تنتمي إلى عصور غابرة.
    ومن بين الأسماء التي ساهمت في رسم المشهد الثقافي والأدبي الياباني من تلك العصور القديمة إلى سماء حديثة تحضر ترجماتها الروائية والشعرية العالمية المعاصرة بينها سانا ايتيكو المتوفاة في العام 1998 وأيضا شخصية كوبو آبي (1924-1993) الذي عرف عام 1953 بمجموعة قصصه القصيرة "الجدران".

    وعنوان مجموعته القصصية فيه تلميح إلى المفكر الفرنسي جون بول سارتر الذي يشاطره أيديولوجيته، وحظي آبي بترجمة لروايته "امرأة في الرمال" عن دار الآداب -كما تمت الإشارة- إلى العربية للمترجم كامل يوسف حسين، الذي يرى في معرض تقديمه للرواية أن "آبي كاتب ياباني حتى أطراف أصابعه وعبقريته يابانية صرفة، روحا واستلهاما وعطاء".

    ما هو ملفت أيضا أن اليابانيين حتى القرن العاشر لم يكونوا يملكون نظاما خطيا يسمح لهم بتدوين لغتهم بسهولة -عدا بعض الاستثناءات- ولذا فإن أدبهم الأول كتب باللغة الصينية اذ كان عدد القادرين على استخدام اللغة الصينية للإدارة الرائجة كبيرا جدا، في حين كانت القدرة على تأليف نصوص أدبية -قصيدة أو نصوص نثرية- صغيرة.

  6. #96
    صديق فعال
    أين اختفى الأدب الياباني
    يوسف ضمرة

    في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، خرجت علينا المطابع العربية بأدبين لم نكن نعرف عنهما سوى القليل، أدب أميركا اللاتينية، والأدب الياباني. والقرّاء القدامى، يتذكرون رواية برازيلية ترجمتها «دار الهلال» بعنوان «الفيلسوف والكلب»، لكاتب يدعى «ماشادو دو أسيس»، وقد وقعت هذه الرواية بين يديّ في السبعينات، ولم أستطع قراءتها بالنظر إلى محتواها الفلسفي الصعب على شاب صغير مثلي آنذاك.

    اللافت هو أن الروايتين اليابانية والأميركية اللاتينية في الترجمات العربية، انحصرتا في أسماء قليلة، وهو أمر في منتهى الغرابة، لا أعرف له سبباً مباشراً أو مُقنِعاً حتى الآن، فقد قرأت دراسة قبل سنوات قليلة، تناولت كتاباً أميركياً لإحدى أستاذات الأدب المقارن، تستجوب فيه الأدبين الياباني والألماني بعد الحرب الثانية، لتحصل على أثر الحرب، وكيفية تناولها بعد 50 سنة. والغريب في الأمر حتى اللحظة، هو أن الأستاذة التي قسّمت الأدب الياباني إلى ثلاث فئات أو ثلاثة نصوص، لم تذكر من الروائيين اليابانيين الذين نعرفهم سوى الروائي «يوكيو ميشيما» في رواية واحدة، وذكرت أسماء لا نعرفها.

    نحن في العالم العربي تعرفنا إلى «يوكيو ميشيما» في روايته «اعترافات قناع»، ثم «ياسوناري كاواباتا» في روايتيه «ضجيج الجبل» و«البحيرة»، ثم قرأنا رواية «لكوبو آبي» هي «امرأة في الرمال». ولاحقاً قرأنا رواية واحدة «لكينزي بورو» اسمها «وحش السماء».

    الفارق بين الأدب الياباني وغيره، هو أن الأدب الياباني لا يتوقف عند تخوم الحكاية المروية، إنه يمتلئ بالإيحاءات الفكرية والثقافية والميثولوجية. وهو أدب ينشغل بالماضي المثقل بـ«الطهارة»، ويقف في مواجهة عالم جديد بعد الحرب الكونية الثانية، تسوده النزعات الإنسانية الشرسة في القتل والتدمير واحتقار الإنسان وتهشيم القيم، ولذلك تبدو غرائبية السرد الياباني مختلفة عن سائر الغرائبيات في الآداب الأخرى، فقد أثقلت الحرب ذاكرة اليابانيين بكل ما يعنيه الانحطاط وتشويه النفس الإنسانية. ولعل رواية «ضجيج الجبل» لكاواباتا، تعطي مثالاً واضحاً لما يعيشه المجتمع الياباني بعد الحرب، إنه ضجيج مكتوم أو غامض، يشي بانفجار محتمل في أي لحظة مقبلة. لكن الفكرة الأكثر تعبيراً كانت في رواية «وحش السماء» الابن المسخ، الذي ولد بعد الحرب، وهو تشوه له أساس موضوعي يتمثل في قنبلتي هيروشيما وناغازاكي، ولكنه في الرواية يمتلك دلالات ثقافية وفكرية أبعد من موضوع التشوهات الموضوعية العادية، إنه تشوه أصاب جيلاً كاملاً بسبب اندفاع جيل سابق نحو الحرب، الجيل الذي يحمّله اليابانيون حتى اليوم أسباب آلامهم وانكساراتهم وتشوهاتهم، على الرغم من إدانتهم للقوى الأخرى.

    وإذا كانت الرواية اليابانية على هذا القدر من الأهمية، فإن القصة القصيرة لا تقل عن ذلك، بل يمكن القول إن القصة اليابانية تعرضت لظلم وإجحاف كبيرين من قبل القرّاء العرب والدارسين والمترجمين على حد سواء، لكن اللافت أكثر، هو هذا التوقف المفاجئ عن ترجمة الأدب الياباني إلى العربية، كأن المترجمين العرب نقلوا ما كتبه اليابانيون كله وانتهوا منه، وهو أمر لا يمكن الركون إليه بالطبع، فالرواية اليابانية التي وصلت إلينا تشير إلى تراث روائي ياباني ضاربة جذوره في أعماق الأرض اليابانية، ولا نستطيع القول إن ما وصلنا كان بداية التجربة اليابانية الروائية أو حتى ذروتها، فمن المؤكد أن اليابانيين كتبوا الكثير من قبل، ولايزالون يكتبون حتى اليوم. ونظل نحن القرّاء العرب أكبر الخاسرين في ظل انحسار الترجمات العربية لهذا الأدب.

  7. #97
    صديق فعال
    الادب الياباني ...
    نصوص تحاكي الروح والطبيعة وتدون التاريخ والاسطورة


    لم يكن لليابان لغة مكتوبة قبل القرن الخامس الميلادي، وانما ادخل نظام الكتابة من الصين، وتعود بدايات الادب الياباني الى اللغة المحكية التي ظلت شفوية فترة طويلة قبل ان يتم تدوينها في القرن الثامن الميلادي واهتم المسؤولون انذاك بموضوع الادب، وقاموا باصدار مجلدين، سمي الاول (سجل الاحداث القديمة)، واهتم بالخرافات والاساطير وقصص غيرها وسمي المجلد الثاني (سجل تاريخ اليابان) واهتم بالاحداث التاريخية، وبعد ذلك بسنوات اضيف سجل اخر سمي (سجل الارض والريح) وكان ذلك عام 713 ميلادية، حيث احتوى وصفا لحالة الناس والخرافات والمنتوجات بالاضافة الى تراث ولايات اليابان المتعددة، ثم اصدرت مجموعة «العشرة الاف ورقة» وهي عبارة عن مقتطفات ادبية مختارة، بلغ عددها 4500 قصيدة نظمها عدد كبير من الادباء، سواء كانوا من عامة الناس او الاباطرة، ثم ظهر شعر اسمه (تانكا) الذي تتألف قصيدته من 31 مقطعا (5-7-5-7-7-).

    وفي القرن العاشر الميلادي صدرت مجموعة شعرية اسمها (مجموعة اشعار من العصور الحديثة والقديمة) بمساعدة امبراطور اليابان انذاك، واحتوت على تطلعات مستقبلية كبيرة في مجالات الادب المختلفة.
    وفي القرن الحادي عشر الميلادي، اشتقت لغة جديدة سميت (هيراغانا) من اللغة الصينية، ظهر على اثرها نوع من الثقافة الارستقراطية، وكان للسيدات في تلك الفترة دور كبير في تطور الادب ، من خلال ديوان الامبراطور والعائلة المالكة، حيث تعاملت النساء بالادب بشكل ملحوظ، ومن الطريف ان السيدات كتبن باللغة اليابانية المستحدثة وبينما كتب الرجال في اللغة المشتقة من الصينية (كانجي). وتم تأليف ملحمة عظيمة اسمها (هايكه) في القرن الثالث عشر للميلاد، والتي تتحدث عن معاناة عامة الشعب من ويلات الحروب، وكذلك تضمنت وصفا للاشخاص ومظاهر الحياة المختلفة، وقام الامبراطور (غوبوتا) بتكليف لجنة لتجميع القصائد الشعرية القديمة والجديدة، وصدرت في مجلد اسمه (المجموعة الجديدة من القصائد القديمة والحديثة) وتتكلم هذه المجموعة، عن جمال الطبيعة وسحرها ولم تأت بأي ذكر لظروف الحياة اليومية لاناس تلك الفترة.

    وساهم الرهبان في تطور الادب الياباني، حيث كتب (كامو نوشومي) كتاب (قصص من كوخي) التي تتكلم عن سر الوجود، وكذلك كتب الراهب (يوشيدا كنكو) مجموعة (مقالات في اوقات الفراغ) حيث وصفت الحياة بحلوها ومرها في تلك السنون.

    وادت الحروب الى ظهور ادب المعارك، واشتهرت ايضا مجموعة قصائد الشاعر (سايغيو) الذي بدأ حياته محاربا ثم انقلب الى زاهد، بعدما رآه من مصائب وويلات في الحرب، وانعزل عن العالم المادي كلية وكتب تلك الاشعار المشهورة التي تعبر عما بداخل الانسان من هواجس وافكار.

    وكان عصر النهضة في اليابان في فترة (ادو) التاريخية، عندما عم السلام جميع انحاء اليابان، وانتقلت السلطة الفعلية من المحاربين الى التجار الميسورين، وفي الوقت نفسه تطورت تكنولوجيا الطباعة وظهر عدد من الناشرين النشطين الذين ساعدوا الادباء في احتراف مهنة الادب كوسيلة للعيش الكريم، وهذا مما ساعد ايضا في اشباع رغبات واهتمامات القراء من انواع الادب المختلفة، وكان من اشهر ادباء تلك الفترة (إهارا) و (شيكامتسو) حيث كتب هذا الاخير لمسرح الدمى ومسرح (كابوكي) مما ادى الى حصوله على شهرة كبيرة وسمي بعدها (شكسبير اليابان).

    ثم ما لبث ان ظهر نوع من الشعر اسمه (رنغا)، وهي مجموعة من الابيات يكملها مجموعة من الشعراء لتصبح في النهاية قصيدة طويلة جدا، وكان هذا النوع من الشعر محببا للناس ويجلب التسلية والمتعة للعقل والروح ودل هذا الشعر على التفاعل الاجتماعي حيث كان يحضر جلساته عدد غفير من المستمعين.

    وفي القرن السابع عشر قام الشاعر الياباني (متسووباشو) بنظم نوع جديد من القصائد سمي (هايكو) مكونا من مقاطع (5-7-5) ويتسم هذا النوع من الشعر بالبساطة والهدوء، ويتحدث عن الطبيعة وما فيها من جماليات، وفي القرن السابع عشر ايضا كتبت الكثير من قصص الرعب والارواح الشريرة التي كانت مشهورة انذاك وعكست اهتمام الناس وخاصة في المدن، ثم ازداد اهتمام التجار بالادباء بشكل كبير وبدأ ظهور الكتاب المحترفين، وظهر هناك عملاقان في مجال النثر وهما (اهارا) الذي كتب عن حياة تجار مدينة (اوساكا) و(شيكامتسو) الذي كتب القصص الشعبية ومسرحيات (كابوكي) ثم كتب (يوسابوسون) مجموعة شعرية مشهورة من شعر (لهايكو) واشتهر القاص (اويدا) بمجموعته القصصية المعروفة.

    وفي فترة (ميجي) التاريخية قل الفارق بين اللغة المحكية واللغة المكتوبة، واشتهر في عالم الرواية رواية (الغيوم المنجرفة) للكاتب (فوتابتيي) وبعدها تأثر الكثير من الشعراء بشعراء الدول الاجنبية وتم (استيراد) الكثير من الافكار وظهر اسلوب جديد من الشعر، واخذ الشعر افاقا جديدة حيث ترجمت الكثير من الاعمال وترجم الكاتب المسرحي (تسوبوشي) جميع اعمال شكسبير تقريبا.

    ثم بدأ التحديث السريع في الادب الياباني، وظهرت مدرسة اسمها (مدرسة الطبيعة) التي اسهب ادباؤها في وصف الطبيعة حيث سيطرت على الادب في اليابان في بداية القرن العشرين واوجد (ياسانوتكان) مجلة للاهتمام بالاداب وخاصة الشعر وكتب فيها هو وزوجته (اكيكو) واخرون وكما قام (ماسااوكا) بالترويج مجددا لشعر (هايكو) و(تانكا) ويتسم الاخير بعالم الحياة الغريب والمضحك.

    كان الادب اول من تعافى في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وساعد في ذلك حرية الرأي وحرية الكلمة، وازدهر الادب الذي مثل في البداية معاناة الحروب، ثم تناولوا مواضيع القيم الانسانية والسلوك الحضاري. وعند ازدهار اليابان بعد الحرب الكورية - اليابانية ونسي الناس اثار هزيمة الحرب العالمية الثانية، اخذ الادب منحنى جديدا حيث ظهر جيل جديد من الادباء والرواة الذين ثاروا على القيم القديمة كما ظهر هناك عدد من الكتاب الذين حاولوا نشر مبادئ الديمقراطية الاشتراكية في الحياة اليابانية من خلال الادب كان منهم (مياموتويوريكو) وغيره، وبذلك عاد الناس للقراءة وزاد الاهتمام بالقراءة في المجالات الادبية المختلفة، ولكن سرعان ما ظهرت فجوة كبيرة بين ادب الفن العالي والادب الشعبي والتي تطلبت ظهور ادب وسط بينهما ونجح هذا في ادخال ادب الغموض والخيال وغيره مما يستهويه الناس، عصرا ذهبيا جديدا.

    واصبح (كاواباتا سانوري) عام 1968 اول ياباني يفوز بجائزة نوبل للاداب حيث ترجمت اعماله واعمال غيره من الادباء الى عدة لغات عالمية، حيث نالت شهرة كبيرة في داخل اليابان وخارجه

  8. #98
    صديق فعال
    تأثير «الليالي» على الأدب الياباني

    وصلت «ألف ليلة وليلة» إلى اليابان في عام ١٨٧٥ أي بعد أقل من تسع سنوات من انفتاح اليابان المعروف بعصر التنوير أو عصر «ميجي». وقد جاءت أول ترجمة على يد «ناغامينه هيديكي» (NAGAMINE Hideki). ومن المهم جداً لفهم سياق «سوء التفاهم» الذي لاقى «ألف ليلة وليلة» في الأرخبيل الياباني، الإشارة إلى أن ثورة «ميجي» أخرجت اليابان من عزلة(سَكوكوُ) دامت من عام ١٦٣٩ إلى عام ١٨٦٨، وكان التواصل بين الخارج (أي الغرب بشكل عام) واليابان ممنوعاً منعاً باتاً، ومحصوراً فقط في طبقة ضيقة من المثقفين المقربين من الحكام.

    ولكن هذا لم يمنع من انتشار العلم في البلاد والاطلاع «عن بعد» عما كان يحصل من تقدم في الغرب، إذ كان يتم شراء كتب عن طريق الهولنديين، لذا كانت الدراسات الغربية وكل ما يتعلق بفهم الغرب وتطور العلوم فيه يشار له بـ.. . دراسات هولندية (ران غَقُو). إلا أن الوصول إلى الكتب الأدبية كان يقتصر على الضالعين باللغات الأجنبية الذين كانوا «ينقلون» تلك الأعمال إلى اللغة اليابانية حسب مفهومهم الخاص. لذا عندما دفعت أول ترجمة إلى يد القارئ الياباني فهو اعتبر أنها «عمل أدبي خيالي غربي». وقد ظل هذا الاعتبار قائماً حتى مطلع القرن العشرين ونشأة الدراسات العربية والإسلامية على يد نخبة من المستعربين اليابانيين.

    وجب أيضاً الإشارة إلى أن أول ترجمة تم «تشذيبها» وتم حذف كل المقاطع التي تطال الجنس (إيروتيك) والتي لم تكن تلائم المجتمع الياباني المحافظ آنذاك. وقد تم «إعادة» المواد المحظورة في الطبعات المتتالية في مطلع عشرينيات القرن العشرين. «ألف ليلة وليلة» لاقت رواجاً كبيراً لدى القارئ الياباني النهم. مع التنويه بأن ترجمة طبعة «بورتون»الكاملة في عام ١٩٢٩ تم منعها تماما من قبل الحكومة اليابانية.

    لا بد من الإشارة إلى أن تطور اليابان وولوجها الحداثة وانتشار الثقافة بمعناها العام ومحو الأمية، لم يبدأ مع وصول الامبرطور ميجي كما يحلو للبعض القول، ولكنها نتيجة ثورة ثقافية بدأت بحلول ثلاثينيات القرن التاسع عشر (١٨٣٠) في العهد «إيدو». حداثة ميجي استفادت من الأرضية التي أحدثتها موجة التعليم التي عمت البلاد في السنوات الخمسين السابقة. لذا كان القارئ الياباني نهما لكل ما يصل… من الخارج، وفي تلك الحقبة :الخارج كان رديفاً للغرب.

    إن تأثير «الليالي» وهي التسمية التي تستعمل للإشارة لـ«ألف ليلة وليلة» كان حاسماً وكبيراً على الأدب الياباني، وهذا ما يصعب تصديقه بالنسبة لغير المتخصصين من يابانيين وأجانب. وهذا التأثر والتفاعل ليس من باب المبالغة أو من باب المغالاة، وكفى أن أذكر ثلاثة أسماء في قمة الهرم الأدبي الياباني لمعرفة مدى هذا التأثير: تانيزاكي وأتوكاغاوا وميشيما وكاواباتا بالطبع. هؤلاء بعض من أشهر الكتاب في اليابان الذين تأثروا بـ«الليالي» وكتبوا ذلك و«اعترفوا» بتأثيرها على أعمالهم.

    وللدخول في التفاصيل لنأخذ مثال ميشيما المعروف في عالمنا العربي، إذ أنه يعتبر لدى العديد من المهتمين بالأدب الياباني «أحد ممثلي الحس الأدبي اليابانية» ورهافته. تقول «شيكاكو موري» وهي باحثة متخصصة في الأدب المقارن «إن ميشيما لم يعبر ألف ليلة وليلة عبوراً بل هي رافقتها طيلة نتاجه الأدبي»، إذ أن عمل «الليالي»موجود كوعاء لكافة أعماله وتمثل «كانفا» لرواياته ومؤشر معلمي لسرده. أضف إلى أن ميشيما كتب مقدمة إحدى ترجمات ألف ليلة وليلة على يد «ماسافوُمي أووبا» . وكذلك مثّل ميشيما دوراً في في آخر ظهور له على خشبة المسرح في مسرحية «الليالي العربية». وفي روايته «قصة حصلت في رأس البحر» يصف ميشيما «خيانة شهرزاد لشهريار» من جهة و«كآبة أجواء ملك الجزر الذي يلتقي سندباد ويغويه». وفي كتباته يصف كيف مُنِعَ من قراءة ألف ليلة وليلة بسبب «رقابة أهله». ويأتي هذا الوصف لأن ميشيما «يقرظ اللاطبيعي» ويرى أن ألف ليلة وليلة تناسب شخصيته التي يصفها بأنها «لاطبيعية»، وقد برز ذلك في كيفية إخراج مسألة انتحاره التي يقول عنها بعض النقاد أنها كانت شبيهة بمسرحية من ألف ليلة وليلة.

    كواباتا وروايته «الجميلات النائمات» لا تبدو فقط كأنها إحدى حكايات تلك الليالي، بل هي من صميم ألف ليلة وليلة، وقد تأثر كواباتا بهذا العمل مثله مثل العديد من الكتاب مثل سيرفانتس وبيريك وبروست وبازوليني. ولكن في روايته الشهيرة «الجميلات النائمات» التي حاكاها غبريال غارسيا ماركيز في رواية «الغانيات الحزينات». نجد تأثير ألف ليلة وليلة بشكل واضح: فهو عالم «النساء»، ذلك أن ألف ليلة وليلة في اللاوعي العالمي (قبل وبعد العولمة) هي قصة نساء في قصور أو في حجرات أو وراء خمار أنها عجائبية ألف ليلة وليلة التي غزت العالم، وساهم في نشر غزوها تأثير الكتّاب وتأثرهم بها.

    وقد فرض الأدب الياباني نفسه في القرن العشرين كواحد من أبرز الآداب العالمية مع العديد من الأسماء الكبيرة. ومنذ سنوات يبرز اسم «هاروكي موراكامي» المرشح لجائزة نوبل للأدب، والتي لا بد أن تكون يوماً ما من نصيبه ليرث الياباني الذي سبقه أي كاواباتا. يكتب مواراكامي في روايته «كافكا على الشاطئ» التي صدرت عام ٢٠٠٢ ما يلي: «أعود إلى قاعة المطالعة، اجلس على مقعد مريح وأغوص عن جديد في عالم ألف ليلة وليلة»، ويتابع «رويداً رويداً، يختفي الواقع من محيطي كما يحصل حين تنتقل مشاهد فيلم في السينما على الشاشة. فأغوص وحيداً بين الصفحات» وينهي كاتباً «أحب هذه الأحاسيس أكثر من أي شيء في العالم».

    نرى عبر هذه الأمثلة ويجود الكثير مثلها، تأثير «الليالي» بالأدب الياباني وكيف ينبث هذا التأثير في أدب أمة كبيرة متأصلة في التاريخ. ويساعد في معرفة هذا العمل الابداعي أجواء القراءة في اليابان بلد القراءة رقم واحد في العالم، فالنظام التعليمي في الأرخبيل متماسك ومتين، يضاف إلى ذلك أن ظروف الحياة فهي تدفع نحو القراءة، إذ أن الوقت الذي يمضيه الياباني في المواصلات بين مكان إقامته وبين مكان عمله يأخذ ٢٠ في المائة من وقته اليومي. يضاف إلى ذلك أن «الكاتب يستطيع أن يعيش من كتاباته في اليابان»، إذ أن ضبط أمور النشر وحقوق الكتاب مضمونة مائة في المائة، وبالتالي فإن طلب القراءة يلاقيه عرض المكتوب فيخلق تفاعلاً يقود نحو الوفرة في الكتابة وبالتالي الانفتاح على الابداع في العالم.

    هذا من ناحية مادية أما من ناحية أدبية فإن اليابان كانت ولا تزال أرض التأمل والطبيعة الجميلة فالياباني مرهف الحس ويزرف الدموع أمام جمال الطبيعة، والمجتمع الياباني مجتمع واسع فيه الكثير من التنوع ولكن ضمن إطار ياباني محط أي أن الإنسان الياباني يستطيع أن يعايش الحالات الإنسانية التي ينقلها له الكاتب أو يصفها في كتاباته، فيتأثر بها. كما العنف أيضاً الذي عرفته اليابان على مر تاريخها بسبب الحروب الداخلية وهي تشكل عاملا أدبيا على غرابة الأمر. وقد وصف كتاب عديدون المعارك والحروب والتحالفات وكذلك فعلت السينما والمسارح، وهذا يشكل مخزوناً للمخيلة اليابانية تغرف منها شخصيات تنورها كتابات أدبية عديدة، من هنا يتفاعل الأدب الياباني مع الآداب العالمية الأخرى ومنها ألف ليلة وليلة.

    في عالمنا العربي لا يتم نقل الأدب الياباني الى اللغة العربية مباشرة عن اللغة اليابانية. كل الأدب الياباني المُعَرَب، وليس بعضه، تتم ترجمته عبر اللغات الأجنبية انجليزية كانت أم فرنسية. وهذا يفتح باب مسألة تعليم اللغات في العالم العربي ومنها تعليم اللغة اليابانية. ومسألة نقل الأدب الياباني متعلقة بشكل وثيق بشؤون النشر في العالم العربي وهي مليئة كما يعرف الجميع بشجون أليمة. فغياب السوق الكبيرة يجعل الناشر عاجزاً عن الدفع باستثمارات كبيرة ليعطي الكاتب أو المترجم حقه. لذا فعند الضرورة تكتفي دور النشر بترجمة ما «يتناهى إلى سمعها من أدب ياباني» مترجم إلى لغة غربية. ولكنها في الواقع لا تمثل إلا كما صغيراً من النتاج المعبر عن الأدب الياباني، كما أن خيار الروايات المترجمة هو أولاً وأخيراً خياراً …. غربياً.

    ويمكن اختصار معاناة العلاقة العربية اليابانية الأدبية كما يلي «غياب القراءة تغيّب النشر»، وهو ما يحجب الأدب الياباني عن المجتمع العربي. مثال بسيط على الصعوبة التي تواجه هذا الأمر، فإن ترجمة رواية متوسطة عن اليابانية تتطلب جهد سنة كاملة، ومن المستحيل أن نجد ناشراً يستطيع أن يؤمن مدخول سنة لمن تخصص باللغة اليابانية واتقنها.

    وهذا بعكس ما يحصل في اليابان حيث يترجم الأدب العربي والعديد من الأعمال مباشرة من اللغة العربية بواسطة المستعربين اليابانيين. هناك الألوف من المستعربين اليابانيين الذي ينكبون على دراسة لغة الضاد وينهلون من أدبها. يرتبط كل ذلك بالنظام التعليمي ولكن أيضاً بتبصير الأمور من قبل السلطات المسؤولة عن الثقافة والتعليم.

    الجدير بالذكر أنه فاز مؤخرا يابانيان بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها التاسعة 2014-2015، وهما أستاذ اللغة العربية والمترجم «هاناوا هاروو» الذي حصل على جائزة الترجمة لعمله على ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة، والاستاذ سوغيتا هايدياكى المتخصص بالحضارة العربية وأستاذ اللغة العربية في جامعة طوكيو حصل على جائزة الثقافة العربية في اللغات الأخرى عن كتابه «تأثير الليالى العربية في الثقافة اليابانية».

    وهذا الحدث الثقافي الكبير الذي هو تكريم لجهد اليابان الثقافي الموجه لفهم الحضارة العربية يتطلب إلقاء نظرة إلى بداية «لقاء اليابان» بالأعمال العربية القديمة وخصوصاً «ألف ليلة وليلة».
    وما نيل هاناوا ووتسوغيتا الجائزتين سوى أبرز برهان على نجاح اليابان في تملك أداة فهم الحضارة واللغة العربية، وبالتالي تفهم المجتمعات العربية والإسلامية.

  9. #99
    صديق فعال
    الأدب الياباني..السحر الأغرب

    في الوقت الذي كانت فيه البلدان العربية واقعة تحت نير التخلف والاحتلال الغربي، كانت هناك رؤية راسخة لدى بعض النخب العربية مؤداها التوجه نحو الشرق، وقدم الزعيم المصري مصطفى كامل المثال على ذلك بكتابه «الشمس المشرقة» الذي يركز فيه على أهم عوامل النهضة اليابانية، وهي في رأيه الحرية التي يتمتع بها اليابانيون، وهذا الإيمان المطلق بدور التربية ، ومع ذلك فإن التقدم المذهل في التجربة اليابانية، الذي وقف أمامه الغرب مندهشاً، أعاقته الصراعات العسكرية قليلاً.

    لماذا نجحت التجربة اليابانية؟ الإجابة تقول إن ذلك يعود إلى أن اليابانيين تحركهم إرادة عنيدة نحو التقدم، ويتملكهم حب كل ما هو جديد، ويتمتعون بقدرة على العمل في سبيل النجاح، بنظام مدهش، فالشعب الياباني هو العامل المهم وراء نجاح تلك التجربة، بحبه للقراءة والفنون، ومن الأمور التي يتصف بها أن أفراده مولعون بالقراءة، ولا يقتصر الأمر على الصحف فقط.

    هناك من يرى أن الأدب الياباني حديث نسبياً، وتعود جذوره إلى القرن السابع الميلادي، وأقدم أثر في هذا الشأن هو «مقتطفات العشرة آلاف ورقة» التي جمعت عام 760 ميلادية، واشتملت على أربعة آلاف قصيدة نظمها شعراء من القرنين السابع والثامن، وابتداء من منتصف القرن العاشر قفز الأدب الياباني قفزة، بلغت منتهاها في مطلع القرن الحادي عشر مع «حكاية جنجي» التي تعد من أروع الآثار القصصية في الأدب العالمي، والتي وضعتها سيدة تدعى «موراساكي شيكيبو»، وصورت فيها حياة الأمير جنجي ومغامراته العاطفية، وفي القرن الرابع عشر ظهر «مسرح النو» الذي اعتمد اعتماداً كبيراً على الموسيقى والرقص، وفي القرن السابع عشر شهد الأدب الياباني نهضة جديدة، فوضعت روايات ومسرحيات كثيرة، استمدت موضوعاتها من وقائع الحياة اليومية.

    ومع انتصاف القرن التاسع عشر بدأ تأثر الأدب الياباني بالأدب الغربي، وكان عام 1868 حاسماً في تاريخ اليابان، فقد استعاد إمبراطور الميجي العرش، وأدخل إصلاحات هائلة على كل مجالات الحياة، كما ازدهرت حركة الترجمة من جميع اللغات، ما كان له أثر قوي في تطور اليابان، وانعكس ذلك على الأدب، وتطورت دور النشر، حتى أصبحت الأعمال الأدبية سلعاً، يتم تداولها في الأسواق، ومن أبرز الأعمال التي صادفت نجاحاً واضحاً، عقب ثورة الميجي، رواية «حياة رجل عاشق» لإيهارا سايكاكو، كذلك ازدهرت الأشكال الشعرية التي يطلق عليها «الهايكو». مع تأثر اليابانيين بإصلاحات الميجي، وانتشار الترجمات الغربية في الثقافة اليابانية، تأثر الشعر أيضاً بالأشعار الغربية في المضمون والشكل، وظهر الشعر الحر، وتناول الشعر والقصص القصيرة والروايات موضوعات رومانسية، وظهر أدب الاعتراف، ومن أبرز الكتب التي راجت في تلك الفترة كتاب فوكوزاوا يوكوأتشي أحد أبرز رواد التعليم في تلك الفترة، الذي زار مصر، وكتب عنها وهو في طريقه إلى أوروبا في بعثة تعليمية، ووزع أول كتاب مطبوع في اليابان حوالي 220 ألف نسخة في الوقت الذي كان فيه عدد سكان اليابان نحو 35 مليوناً.

    مذكرات الجنود
    في كل الأحوال لم يتأثر الأدب الياباني طوال تاريخه كما أثرت فيه الهزيمة في الحرب العالمية الثانية، عقب إلقاء أول قنبلتين نوويتين في تاريخ البشرية على هيروشيما وناجازاكي، فقد كانت جراح الحرب عميقة، والآثار التي تركتها أكثر ألماً في تاريخ اليابان، حيث تركت الحرب بصمات واضحة على الأدب الحديث الذي ظهر في الفترة من عام1947 إلى الآن، وتم تجريد اليابان من سلاحها، وإدخال إصلاحات على النظام السياسي، شملت سلطات الإمبراطور نفسه. ظهرت عقب الحرب الكثير من المذكرات الشخصية، سواء تلك التي تحكي عن مشاهد الرعب في هيروشيما وناجازاكي، أو مذكرات جنود شاركوا في الحرب، وهناك على سبيل المثال «مذكرات أسير» الذي نشر عام 1948 بعد توقف الحرب بثلاث سنوات، وكتبه «أووكا شوهي» وحظي بشعبية واسعة، حيث تم أسره من قبل القوات الأمريكية في الفلبين، أثناء الحرب. أيضاً هناك ما كتبه «نوما هيروشي» عن ذكرياته في معسكرات الجيش الياباني في الفلبين، التي احتلتها اليابان قبل الحرب العالمية الثانية، أو في الصين التي احتلت اليابان جزءاً منها، وأقامت دولة منشوريا في الفترة من عام1941 حتى 1944 ويعد كاواباتا وميشيما من بين أبرز الروائيين في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

    صراع
    هناك أيضاً مشكلة الصراع بين الروح اليابانية القومية، والاحتلال الأمريكي للجزر العريقة- كما تقول لطفية الدليمي- فبعد هزيمة اليابان العسكرية في الحرب العالمية الثانية، ظهرت تيارات متناقضة بين أبناء الأمة اليابانية، خاصة بين مثقفيها وطبقاتها المتوسطة والمترفة، ونظر أدباء تلك المرحلة إلى الثقافة الغربية نظرتهم إلى شيء شبحي، لا يمكن بحال من الأحوال الإمساك بجوهره، أو جعله يتمازج مع جوهر الروح اليابانية، وآمنوا إلى حد ما بعجز هذا التكوين الشبحي عن التأثير في تراثهم الشعبي وفنونهم الكلاسيكية، التي تحمل جوهر الثقافة اليابانية. بعد الحرب طغت بين أوساط المثقفين وجيل الشباب الجديد، الذي شهد في طفولته ويلات الحرب، موجة من التنكر العصابي لكل ما هو ياباني، نتيجة الاهتزاز، الذي تعرضت له الشخصية اليابانية، وشيوع حالة من الخواء الروحي والنزعة العدمية، بعد القيامة النووية الرهيبة، واختلطت المفاهيم والقيم في تلك الفترة اختلاطاً مفزعاً.
    تفاوتت المواقف بين مثقفي اليابان تجاه الاحتلال الأجنبي، ما بين قبول استسلامي له، ورفض قاطع تؤججه الروح القومية، التي بدأت تلوح بعد الصحوة من الهزيمة، ووقف الفريق الرافض من المثقفين بكل عناده القومي - على حد تعبير الدليمي - مندداً بالاحتلال والثقافة الغربية، مستنهضاً الهمة، والتقاليد اليابانية الثقافية العريقة على كل صعد الحياة، ولم تخل أعمال هؤلاء المبدعين من المرارة الجارحة والحزن الكثيف، رغم روح الأمل التي تثيرها كتاباتهم.

    ضجيج الجبل
    في معرض المقارنة بين الأدب الياباني وغيره من آداب العالم، يقول الروائي يوسف ضمرة إن الأدب الياباني لا يتوقف عند تخوم الحكاية المروية، إنه يمتلئ بالإيحاءات الفكرية والثقافية والميثولوجية، وهو أدب ينشغل بالماضي المثقل ب«الطهارة» ويقف في مواجهة عالم جديد بعد الحرب الكونية الثانية، تسوده النزعات الإنسانية الشرسة في القتل والتدمير، واحتقار الإنسان وتهشيم القيم، ولذلك تبدو غرائبية السرد الياباني مختلفة عن سائر الغرائبيات في الآداب الأخرى، فقد أثقلت الحرب ذاكرة اليابانيين بكل ما يعنيه الانحطاط وتشويه النفس الإنسانية.

    يشير ضمرة إلى أن رواية «ضجيج الجبل» لكاواباتا، تعطي مثالاً واضحاً لما يعيشه المجتمع الياباني بعد الحرب، إنه ضجيج مكتوم أو غامض، يشي بانفجار محتمل في أي لحظة مقبلة، لكن الفكرة الأكثر تعبيراً كانت في رواية «وحش السماء» عن الابن المسخ، الذي ولد بعد الحرب، وهو تشوه له أساس موضوعي يتمثل في قنبلتي هيروشيما وناجازاكي، وهو في الرواية يمتلك دلالات ثقافية وفكرية أبعد من موضوع التشوهات الموضوعية العادية، إنه تشوه أصاب جيلاً كاملاً بسبب اندفاع جيل سابق نحو الحرب، الجيل الذي يحمّله اليابانيون حتى اليوم أسباب آلامهم وانكساراتهم وتشوهاتهم، على الرغم من إدانتهم للقوى الأخرى.

    علامات لافتة
    يعد يوكيو ميشيما المولود سنة 1925 من أشهر كتاب القصة والرواية والمسرح في اليابان، بعد الحرب العالمية الثانية، وتم ترشيحه لجائزة نوبل في الآداب ثلاث مرات، وقد ولد بالقرب من طوكيو، وأصدر أول عمل روائي له عام1944 ثم درس القانون في جامعة طوكيو وتخرج فيها عام1947 والتحق بعدها بوقت قصير بوزارة المالية موظفاً، غير أنه سرعان ما استقال من الوظيفة، ليتفرغ للكتابة، وكانت سيرته «اعترافات قناع» نقطة تحول في مسيرته، تلاها ب «ثلج الربيع - سقوط الملاك - حديقة المعبد الذهبي» وشارك ممثلاً في عدة أفلام سينمائية. بالرغم من أنه لم يؤد الخدمة العسكرية، إلا أنه كان يدعم التيار الذي ينادي بإعادة عسكرة اليابان مرة أخرى، بعد نزع سلاحها عقب الهزيمة في الحرب العالمية الثانية، والتحق بمجموعات يسارية، وأثار استياء التيار اليميني بسبب معتقداته السياسية، ثم انتحر عام 1970 على طريقة الساموراي، وكان في قمة مجده الأدبي، ولم يتجاوز عمره ال45 عاماً!

    يرى اليابانيون أن توازن إيقاعهم مع ما يحيطهم شيء بالغ الأهمية، ويجدون فيه سعادتهم، هكذا يوضح المترجم كامل يوسف حسين الأمر، وهو يترجم رواية «الصمت» للكاتب شوساكو إندو، ففي هذه الرواية يكشف الكاتب أن البوذية تطرح مسألة قوة الإنسان الداخلية، التي ليس على الأرض مثيل لها، لكن بعض الناس لا يرضون عن سعادتهم، فيتصرفون كأنهم كثبان رملية، لا يمكنهم الاستقرار في مكان، ويبقون مشتتين طوال العمر.

    يؤكد «إندو» أن الكثبان الرملية تنتهي بالتلاشي، وهذه الرواية التي تدور أحداثها في القرن ال 17 تمتلئ بالتساؤلات حول وصول المسيحية إلى اليابان، وبطل الرواية يقوم بمرافقة أحد المبشرين القادمين من البرتغال، وتؤكد الرواية أن شمس الأدب تشرق أيضاً من اليابان، حيث ولد إندو عام 1923 ونال درجة علمية في الأدب الفرنسي من جامعة كيبو، وحصل على منحة دراسية مكنته من الدراسة بفرنسا، عاد على إثرها إلى اليابان، وشق طريقه في غمار الساحة الأدبية اليابانية، وفاز بعدة جوائز، وترجمت رواياته إلى عدة لغات، منها «البحر والسم - الأحمق العجيب - البركان - الساموراي».

    يعتبر «كوبو آبي» واحداً من الروائيين المهمين في اليابان، وقد دخل في صراع لوراثة عرش الرواية اليابانية، الذي خلا بانتحار يوكيو ميشيما، حيث ولد «آبي» في طوكيو سنة 1924 وكان أبوه ضمن هيئة التدريس في كلية الطب، التي تخرج فيها الابن أيضاً، ولم يمارس المهنة قط، وفي عام تخرجه أصدر كتابه الأول «لافتة في نهاية الطريق» ثم اختفى لمدة ثلاث سنوات، وعاد ليطل على قرائه بروايته القصيرة «جريمة السيد س كاروما» التي فازت بجائزة أكوتاجاوا وفي عام 1960 فازت روايته «امرأة الرمال» بجائزة أخرى، وتحولت إلى عمل درامي مهم، وتتابعت أعماله، فاستقطبت اهتمام القارئ، ودفعت باسمه إلى مقدمة أسماء الأدباء في اليابان، وترجمت أعماله إلى العديد من اللغات الحية، وفي مقدمتها: «الرجل العلبة - الخريطة الممزقة - وجه الآخر - مرحباً بعصر الجليد».

    تتميز أعمال «آبي» - كما يقول كامل يوسف حسين - بغرابة، تصدم القارئ في كثير من الأحيان، خاصة القارئ الذي ألف مطالعة الأعمال التقليدية، ذلك أن أعماله رحلات في عوالم مغتربة، إنها سفرات يقوم بها إنسان مغترب، ويدرك اغترابه، ولا يكف عن محاولة تجاوز هذا الاغتراب، حتى عند حدود الموت، هكذا فإننا نجد أنفسنا مع أناس تحاصرهم وحدتهم، وتتواصل مسيرتهم عبر الأرض الشرسة بين الواقع والخيال.

    الرياح تغني
    «هاروكي موراكامي» من أهم كتاب مرحلة ما بعد الحداثة، تتميز أعماله بالسيريالية والعدمية، فغالباً ما تتحدث عن الوحدة والغربة، والخروج من الدوائر المغلقة، التي تصنعها ثقافات وطرق تفكير ذات بنية قاهرة للفرد، والعجيب أنه لم يحلم أبداً بأن يصبح كاتباً، بل دخل إلى مجال الكتابة الأدبية بمحض المصادفة، فأثناء مشاهدته لإحدى مباريات البيسبول، داهمه الإلهام لكتابة رواية، ومنذ ذلك الوقت لم يتوقف عنها، و«يعد أحد أعظم الكتاب الأحياء على وجه الأرض» كما وصفته الجارديان.

    ولد هاروكي موراكامي في 12 يناير 1949 لوالدين يعملان في تدريس الأدب، وقد تأثر بالثقافة الغربية منذ سن مبكرة، وغالباً ما يظهر هذا التأثير في أعماله الأدبية، ما يجعله مختلفاً عن الكتاب الآخرين، وكان قد بدأ عمله في محل للتسجيلات، ثم افتتح مقهى في طوكيو في عام 1974. أصدر موراكامي رواية «استمع للرياح تغني» ومع النجاح الذي حققته، قرر أن يتفرغ للكتابة، وباع المقهى الخاص به، وفي عام 1982 أصدر رواية «مطاردة الخراف الجامحة» ثم «الغابة النرويجية» وتدور أحداثها في طوكيو في أواخر الستينات، وهي الحقبة التي تظاهر فيها الطلاب ضد النظام، وحازت الرواية شهرة واسعة بين الشباب.

  10. #100
    صديق فعال
    هاروكي موراكامي الكاتب الياباني ذو الحنين إلى الماضي​

    هاروكي موراكامي هو أشهر كاتب ياباني في العالم اليوم. نحن نتحدث عن المؤلف الأكثر مبيعًا في المدى الكامل للمصطلح. تم إدراجه في قائمة السريالية ، على الرغم من أنه غامر أكثر من مرة بواقعية. يعتبر الجمع بين السمات الغربية وخصائص الخصوصية اليابانية جزءًا من أسلوبه الخاص. الوحدة والحزن والحب هي بعض مواضيعه المتكررة. تنتقل أكوانهم من أكثر الأجواء قمعًا - ديستوبيا ، من الناحية الأدبية - إلى أكثر الأجواء تفاؤلاً. هكذا، تم التعرف عليه مع جوائز متعددة طوال مسارها. علاوة على ذلك ، يشتكي أكثر قرائه شغفًا عامًا بعد عام من أنه لم يتم الاعتراف به بعد في جائزة نوبل للآداب.

    من كيوتو إلى العالم
    ولد في 12 يناير 1949 في كيوتو ، وعاش معظم شبابه في كوبي. على وجه التحديد ، هذه المدن ، إلى جانب طوكيو ، هي بعض السيناريوهات المتكررة التي اكتشفها موراكامي من خلال شخصياته. لأن العديد من قصصه تدور بالضبط حول هذا الفعل: استكشف.

    حب الرسائل التي ورثها مباشرة من والديه ؛ كلاهما مخصص لتدريس الأدب الياباني. فضلا عن ذلك، منذ سن مبكرة تأثر بشكل كبير بالثقافة الغربية. يشمل عمله حتى الآن 14 رواية و 5 مجموعات قصصية و 5 قصص مصورة و 5 مقالات.

    الحنين إلى الماضي في أعمال هاروكي موراكامي
    يغمر موراكامي قرائه في أعمق تأمل في النفس. تتكون نصوصه من مزيج رائع بين الواقع والخيال.، محنكًا بحزن شديد موجود في جميع قصصه تقريبًا. لذلك ، فإن رواياته حزينة للغاية ، مع شحنة عاطفية كبيرة في كل جملة.

    كافكا على الشاطئ.
    مع كتب موراكامي ، يختبر القراء تجارب شخصياته كما لو كانوا في جسدهم. في نفوسهم ، من الصعب أحيانًا رؤية نور الأمل بين العديد من الأفكار الغائمة. كافكا على الشاطئ (2002) - بالنسبة للعديد من أفضل أعمال المؤلف - يجمع كل الخصائص السردية المذكورة أعلاه.ةأولئك الذين لديهم كتاب في أيديهم ليسوا فقط شهودًا على ما يعنيه التخلي عنهم. لا. لكنهم يشعرون أيضًا بالضياع في عالم من المواجهات وسوء الفهم مع الشخصيات التي تنسج ، دون أن تعرف ، مأساة البطل. الحبكة المزدوجة التي يتخللها موراكامي بطريقة بارعة ومبتكرة لا تعطي هدنة في أي سطر.ةتنتظر حياة كافكا تامورا القارئ بحنين إلى كل فصل غريب ، بينما تنتظرهم قصة ساتورو ناكاتا في أزواج. جميعهم يدقون بدقة حتى تتطابق مساراتهم بلا توقف.

    قبل وبعد طوكيو بلوز
    طوكيو بلوز (1986) ليست روايته الأولى ، إلا أن نشرها فتح أبواب التدويل. يمثل لقبًا مكرسًا ، مما سمح له بأن يصبح معروفًا في اليابان وفي كثير من أنحاء العالم. بيعت بشكل جيد لدرجة أن الإتاوات كانت كافية للعيش مع زوجته يوكو ، أولاً في أوروبا ثم في الولايات المتحدة. من المفارقات المؤلف نفسه اعترف ذات مرة أنه عندما كتبه ، كان التحدي الذي يواجهه هو أن يكون واقعياً تمامًا. أعماله السابقة - أعيد نشرها بفضل نجاح هذا الكتاب ، المعروف أيضًا باسم الخشب النرويجي- بالإضافة إلى معظم إصداراته اللاحقة ، فهم أكثر إخلاصًا لـ "أسلوب موراكامي الكلاسيكي". يمكن تعريف هذا الشكل السردي الغريب بأنه "تخيلات الأحلام".

    كاتب مكتئب؟
    إنه كاتب واقعي ، لكنه لا يتخلى عن الملامح الخيالية الأخرى. على Tokio Blues ، ينغمس موراكامي في أعمق حنين إلى الماضي. بالتساوي ، نعم ، يستكشف الكاتب المشاعر ذات الصلة مثل الاكتئاب والشعور بالذنب. استخدام الكلمة الإنجليزية البلوز في العنوان ، ليس بسبب اللون الأزرق. في الواقع ، يرجع ذلك إلى "حزن" النوع الموسيقي ، وهذا هو الاتجاه الذي يشير إليه الكاتب بدقة.

    العديد من المعجبين وعدد مماثل من الكارهين
    تحافظ كتبه على تقسيم النقاد والجمهور إلى مجموعتين متطابقتين في الحجم تقريبًا. نحن سوف هاروكي موراكامي هو أحد الفنانين الذين يحبون أو يكرهون بعضهم البعض. ومع ذلك ، يبدو أن جميع النقاد الأدبيين يضمرون حاجة لا يمكن إنكارها للتعبير عن رأي بشأنه. مواتية أم لا ... لا يهم ، بغض النظر عما إذا كنت قد قرأت القليل أو لا شيء من كتالوجها الشامل. سبب "المشكلة" (إبراز علامات الاقتباس) هو التعبيرات الخاصة الموجودة في بعض قصصه. فيهم، الحد الفاصل بين الجبن والجبن لم يتم تمييزه بـ "خط أحمر رفيع". إنها في الواقع رقعة وردية ضخمة تلويث كل ما تصل إليه.

    لا أحد هو نبي في أرضهم؟
    ربما تكون اليابان هي المكان الذي تولد فيه شخصيته أكبر قدر من المناقشات. بعض الأصوات غير المؤهلة تتهمه بأنه اقتصر على تزيين صورة وهمية لبلده ، دون تناقض الأفكار المسبقة الموجودة في الغرب. بالطبع ، فهم الغرب فقط لأوروبا "الغنية" (إنجلترا ، ألمانيا ، فرنسا) مع الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، لقد تم التساؤل كثيرًا (تقريبًا على أنها مزحة سيئة) أنه يعتبر أعظم دعاة للأدب الياباني من العقود الماضية. تتميز هذه الآراء المعاكسة بالكم الهائل من الإشارات "الغربية" الموجودة في عمله.

    الأكثر "أمريكية" من اليابانيين
    لم يخف موراكامي أبدًا إعجابه بالموسيقى الأنجلو ساكسونية ، خاصة بالنسبة لها فريق البيتلز(ومن هنا جاء العنوان البديل لـ طوكيو بلوز). ومع ذلك ، فإن تقديره المهين (الذي أظهره مرارًا وتكرارًا) لمجموعات مثل دوران دوران أمر مثير للجدل. بصورة مماثلة، تأثير سينما هوليوود واضح في قصصهم.

    ملك التسويق
    أخيرًا ، وترك أي اعتبارات جمالية ، موراكامي هو أحد المؤلفين الذين عرفوا كيف يستفيدون من مزايا التسويق الحديث. كل عملية إطلاق أو إعادة إطلاق لأي نص يحمل توقيعك هو اتجاه على الإنترنت لأسابيع أو شهور. النتائج الاقتصادية حقا مثيرة للإعجاب.

    يكفي أن يدان؟ ألا يمكن أن يكون الكاتب الجيد من أكثر الكتب مبيعًا؟ هذه الأنواع من المناقشات متكررة جدًا هذه الأيام. في هذه الحالة بالذات - وفي حالات أخرى ، مثل حالة باولو كويلو ، على سبيل المثال - صأو لحظات يُنظر إلى نقص الإخفاء في لحظة الضغط على "الأوزة التي تبيض ذهباً".

    لماذا التغيير؟
    إنه مبدأ من مبادئ الرياضة والأعمال: الصيغ الفائزة لا تتغير. على الأقل ليس طالما أنها تظل فعالة ومربحة. في نهاية اليوم، كارهي دائمًا ما تكون ذات صلة بهذه المعادلة. قال أوسكار وايلد بالفعل: الشيء الوحيد الأسوأ من الحديث عنه هو عدم الحديث عنه. إنه يترجم: الشيء الوحيد الأسوأ من الحديث عنه هو عدم الحديث عنه.

صفحة 10 من 13 الأولىالأولى ... 89 101112 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال