المعارك في السودان تدخل أسبوعها الثامن ولا أفق لتهدئة قريبة

تتواصل المعارك والغارات والقصف المدفعي في السودان مع دخول النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعه الثامن بغياب أي أفق للتهدئة. فيما وصل عدد الضحايا مجهولي إلى 180، حسب الهلال الأحمر السوداني، وسط صعوبات في انتشال الجثث.

نشرت في: 03/06/2023

نص:فرانس24تابِع

استمر القصف الجوي والمدفعي في العاصمة السودانية الخرطوم السبت بغياب أي أفق للتهدئة في نزاع دخل أسبوعه الثامن ويواصل حصد الضحايا.
وأفاد سكان في الخرطوم عن تسجيل قصف بالطيران الحربي العائد للجيش على مناطق في جنوب الخرطوم، ردت عليه نيران المضادات الأرضية من مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
كما أفاد شهود عن سماع أصوات "قصف مدفعي" في ضاحية أم درمان بشمال الخرطوم صباح السبت، وعن سقوط قذائف في حي الصحافة بجنوب العاصمة، ما أدى الى "إصابات بين المدنيين".
يأتي ذلك غداة تسجيل قصف في شمال الخرطوم وجنوبها واشتباكات في شرقها.

كما سجلت اشتباكات حول مدينة كتم بولاية شمال دارفور الواقعة شمال الفاشر عاصمة الولاية، وفق شهود.
وزادت حدة المعارك في اليومين الماضيين بعدما لاقت هدنة مؤقتة أبرمت بوساطة سعودية-أمريكية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، مصير سابقاتها بانهيارها بشكل كامل.
هدنة بدون وقف القتال
ومنذ اندلاع النزاع في 15 نيسان/أبريل، لم يفِ الجانبان بتعهدات متكررة بهدنة ميدانية تتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية.
وقال الهلال الأحمر إن القتال أرغم متطوعيه على دفن 180 شخصا بدون التعرف إلى هوياتهم في الخرطوم وإقليم دارفور (غرب)، وهما المنطقتان اللتان تشهدان المعارك الأكثر احتداما.
وقال الهلال الأحمر في بيان ليل الجمعة إنه منذ اندلاع المعارك، دفن متطوعون 102 جثة مجهولة الهوية في مقبرة الشقيلاب بالعاصمة و78 في دارفور.
وتعهد طرفا النزاع مرارا حماية المدنيين وتأمين الممرات الإنسانية، إلا أن هذه الوعود لم تنفذ ميدانيا.
صعوبة في انتشال الجثث
قتل أكثر من 1800 شخص منذ اندلاع المعارك منتصف نيسان/أبريل، وفق مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها. إلا أن مسعفين ووكالات إغاثة ومنظمات دولية حذروا مرارا من أن الأرقام الفعلية للضحايا أعلى بكثير، نظرا لوجود جثث في مناطق يصعب الوصول إليها، أو لعدم قدرة بعض المصابين على بلوغ المراكز الطبية للعلاج.
وقال الهلال الأحمر الذي يتلقى الدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن متطوعيه عانوا للتنقل في الشوارع لانتشال الجثث "بسبب القيود الأمنية".
وخلال مباحثات وقف إطلاق النار التي استضافتها مدينة جدة السعودية اعتبارا من أيار/مايو، اتفق الطرفان المتحاربان على تمكين الجهات الفاعلة الإغاثية، مثل الهلال الأحمر و/أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من "جمع الموتى وتسجيلهم ودفنهم بالتنسيق مع السلطات المختصة".
ولكن بفعل الانتهاكات المتكررة، انهارت اتفاقية الهدنة التي توسطت فيها الولايات المتحدة والسعودية.
وكان الجيش الأربعاء أعلن تعليق مشاركته في المحادثات واتهم قوات الدعم بعدم الإيفاء بالتزاماتها باحترام الهدنة والانسحاب من المستشفيات والمنازل. وأعقب ذلك تأكيد الوسيطين السعودي والأمريكي تعليق المحادثات رسميا.
في تمهيد محتمل لتصعيد إضافي في أعمال العنف، أعلن الجيش الجمعة استقدام تعزيزات للمشاركة "في عمليات منطقة الخرطوم المركزية".
والسبت، أفاد سائقو حافلات تربط بين الخرطوم وولايات أخرى أن "السلطات تمنع منذ الأمس دخول العاصمة".

وتشكل هذه الحافلات واحدة من الوسائل النادرة لسكان الخرطوم المقدر عددهم بأكثر من خمسة ملايين، للخروج منها نحو مناطق أكثر أمنا. ويقدر بأن أكثر من 700 ألف تركوا العاصمة نحو أنحاء أخرى منذ بدء المعارك.

تمديد مهمة البعثة الأممية
باتت ظروف الحياة صعبة في العاصمة حيث قطعت المياه عن أحياء بأكملها ولا تتوافر الكهرباء سوى لبضع ساعات في الأسبوع، فيما توقفت ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال ويعاني السكان لتوفير المواد الغذائية.
والوضع مروع بشكل خاص في إقليم غرب دارفور الذي يقطنه نحو ربع سكان السودان ولم يتعافَ من حرب مدمرة استمرت عقدين وخلفت مئات الآلاف من القتلى وأكثر من مليوني نازح.
وقتل مئات من المدنيين وأضرمت النيران في القرى والأسواق ونُهبت منشآت الإغاثة مما دفع عشرات الآلاف إلى البحث عن ملاذ في تشاد المجاورة.
وفي مقابل الوساطة السعودية-الأمريكية ومباحثات جدة، تعمل أطراف أخرى على محاولة ايجاد حل للأزمة في السودان، مثل الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) المؤلفة من ثماني دول بينها كينيا التي استضافت السبت مستشار قائد قوات الدعم يوسف عزت.
وأكد الرئيس الكيني وليام روتو بعد استقباله عزت التزام بلاده "الوقف العاجل للأعمال الحربية في السودان".
ويأتي ذلك غداة تمديد مجلس الأمن الدولي لستة أشهر المهمة السياسية للأمم المتحدة في السودان على رغم اتهام البرهان للمبعوث فولكر بيرتيس بالإسهام في تأجيج النزاع والمطالبة باستبداله.
ووافق المجلس على تمديد تفويض "بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان" حتى الثالث من كانون الأول/ديسمبر 2023. ويعكس اقتصار تمديد التفويض على هذه المدة القصيرة مدى دقة الأوضاع في البلاد.
وأكد الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش "ثقته التامة" ببيرتيس.

فرانس24/ أ ف ب