منطقة المعيشة المفتوحة بين الأمس واليوم

كان لجائحة «كورونا» أثر كبير على الديكورات الداخليّة للشقق السكنيّة، لا سيما على منطقة المعيشة، المساحة التي تشتمل على وظائف عدة، حسب التصميمات الأخيرة، للسماح بأداء نشاطات متزايدة بين جنباتها. بعد طول ساعات المكوث في المنزل، تيقن أفراد العائلات أن المنازل عموماً، ومنطقة المعيشة خصوصاً، يجب أن تحتويهم، وتقدم لهم الراحة، وتقوم بدور إيجابي في الصحة النفسية والعافية. عن التطورات الطارئة على تصميم منطقة المعيشة، يقدّم المهندس المعماري ومؤسس ومدير شركة Detail Architects & Engineers حسام طباجة، لقرّاء «سيدتي» مقارنة تفصيلية عن ماهية الفراغ المعماري المذكور بين الأمس واليوم.
التصميم المعاصر لمنطقة المعيشة

منطقة المعيشة تسمح بقضاء أفراد العائلة الأوقات مع بعضهم البعض، ومع ضيوفهم
يقول المهندس حسام طباجة إن «تغييرات عدة طالت منطقة المعيشة أخيراً، بعد أن كانت اهتمامات سكان أي منزل منصبة على فخامة الوحدة السكنية البادية من الخارج، والحدائق المتصلة بها، ومجالس الضيوف، مع إيداع جزء قليل من المساحة لمنطقة المعيشة المفتوحة إن وجدت». ويوسّع طباجة الفكرة، قائلًا إن «وظائف منطقة المعيشة كانت تقتصر على مكان الجلوس والمطبخ والمشرب، وذلك في قسم يحقق الخصوصية داخل المسكن (شقة أو فيلّا). أمّا اليوم، فإن السكان يعطون اهتماماً أكبر لما يرونه ويشعرون به ويعيشونه داخل المنزل، ما يعني بكلمات أخرى أن منطقة المعيشة التي تسمح بقضاء أفراد العائلة الأوقات مع بعضهم البعض، ومع ضيوفهم، تعرف تعديلات بالجملة، فهي تتبع مبدأ Open Living Plan، الذي يسمح للبصر بالاستمرار في مشاهدة الأقسام الغنية لجزء كبير من المنزل، من دون انقطاع، ما يحقق الاطمئنان النفسي، فتحطيم الجدران الداخلية يسمح بتصميم عناصر معمارية أساسية، مثل: جدار التلفاز، أو مكتبة فنية مزودة بوحدات للتخزين، كما يتيح تصميم مفروشات مريحة للعائلة لتمضية أوقاتها عليها، مع تغيير وضعيات الجلوس، ومن دون الشعور بآلام الظهر». 
ويضيف: «تستوعب المساحة المفتوحة حضور بعض النباتات الداخلية (من فئة الصباريات والأريكا...) التي تبثّ أجواءً مريحةً، مع أهمية اختيار لوحات ألوان هادئة، بالتنسيق مع الإنارة الطبيعية، التي تشعر الساكنين بالنشاط، جنباً إلى جنب الإنارة الصناعية الداخلية، المخفية والمباشرة، لاستخدامات مختلفة للفراغ، أي الأكل أو مشاهدة التلفاز أو التجمّع داخل المنزل».
وعن حسنات التصميم الجديد لمنطقة المعيشة المفتوحة أركانها على بعضها البعض، يوضّح طباجة، أن «المساحة أمست محفّزة للعائلة على التجمّع داخل المنزل وتمضية الأفراد أوقاتاً أكثر سوياً، ما ينعكس إيجاباً على علاقة الأفراد ببعضهم البعض، ويجعلهم يتوقون إلى الرجوع للمنزل بعد مغادرته». ويضيف أن «الضيوف سيشعرون في هذه المساحة المفتوحة بالترحاب».
وبحسب طباجة، فإن كثرة الحوائط قد تمثّل مصدر إزعاج للمستخدم، على الصعيدين البصري والنفسي، سواء كان المستخدم من أهل المنزل، أو من الضيوف. بالمقابل، تسمح منطقة المعيشة المفتوحة والمصممة جيداً، لناحية الإنارة الطبيعية وتسهيل التنقل فيها والمسطحات العمودية المريحة للنظر والمفروشات العملية والجذّابة، في آن واحد، بتحسين مستوى المعيشة».

أقسام منطقة المعيشة المفتوحة


مكان جلوس العائلة
تسمح الوحدة السكنية الكبيرة بتصميم مطبخ رئيسي، وآخر متصل بمنطقة المعيشة المفتوحة. أمّا في حالة الوحدة السكنية المحدودة، فإنه يمكن الاكتفاء بالمطبخ الرئيسي، لتقتصر عناصر المكان، على: مكان لجلوس العائلة واستقبال الضيوف، مع اختيار الأثاث بصورة محفزة للمستخدمين على التحدث معاً، وطاولة السفرة التي قد تحل في منتصف المساحة للتأكيد على أهمّية تجمّع العائلة والأصدقاء حول الطعام.

طاولة السفرة في منطقة المعيشة المفتوحة

الفواصل


نموذج عن الفواصل "المودرن"
حضور الفواصل العمودية أساسي في منطقة المعيشة المفتوحة، وذلك لتحقيق الخصوصية لبعض الأركان، بعيداً عن أثر الجدران القاسي. في هذا الإطار، ينصح طباجة بجعل الفراغات تحل بين كل فاصل وآخر، وذلك للسماح للعينين بالجولة في المساحة من دون عوائق، مع تحقيق جزء من الخصوصية في زوايا معينة، ما يخلق لدى المستخدم إحساساً بالاستكشاف والفضول والديناميكية، حيث إن هذه الفواصل تضيف الحركة إلى الفراغ.
وعن المواد التي تصمّم هذه الفواصل، يذكر طباجة كلّاً من الخشب والرخام والمعادن والحديد والنحاس. لناحية أشكال القواطع، هي تتماشى مع التصميم العامّ، حيث يمكن أن تتخذ هيئة المربعات العمودية، بسماكة  تتراوح من 2 إلى 10 سنتيمترات، مع فراغات تتخلّل أشكالها. أضف إلى ذلك، يصحّ استغلال الفراغ بين الفواصل بصورة عملية (الرفوف، مثلاً).
لهذه الفواصل، على بساطتها، حسب طباجة دور في إضافة الخفة والشفافية للمكان، مع جذب البصر، لكن يجب التفكير جيداً بمكان استخدام الفواصل، التي قد تحلّ بين قسمين ضمن منطقة المعيشة المفتوحة، يقومان بوظيفتين مختلفتين، مثل: ركن الاستقبال المحاذي لمكان الجلوس، أو بين منطقتي الجلوس الواقعتين بالقرب من بعضهما البعض، أو للفصل بين منطقة الجلوس ومنطقة الطعام على سبيل المثال. العنصر الأساسي في تحديد أين يمكن حلول الفواصل هو عند اختلاف الوظيفة الخدماتية للمساحة.
نصائح في تصميم قسم المعيشة

  • على كل من يرغب بإعادة تصميم مساحات المعيشة الواقعة ضمن شقة (أو فيلّا)، أن يحدّد  أولوياته وعائلته، لناحية طريقة استخدام المكان، والتركيز أين يمضون جلّ الوقت؟ على أن يكون المنزل (أو الفيلّا) مريحاً وعمليّاً وممتعاً مهما طالت ساعات الجلوس فيه.
  • من الواجب التركيز على الإنارة الطبيعية،  وكيفية دخولها المكان، إذ يوحي هذا النوع من الإنارة بأن المساحة المصممة أكبر مما هي عليه بالفعل، خصوصاً إذا كانت المساحة محدودة والشقة صغيرة.
  • التركيز على مخطط للمفروشات Furniture Layout عملي ومريح، ما يسمح بالتنقل ضمن المساحة دون عوائق، مع تجنب القطع الضخمة، التي تستحوذ على مساحة كبيرة، ولو أن استخدامها قليل. في هذا الإطار، يصح التركيز على قطع الأثاث البسيطة، وذات الخطوط الخفيفة، والتي تحقق انطباعاً أوليّاً قويّاً وجميلًا  ومريحاً على العين.
  • محاولة خلق نقاط جذب رئيسة للعين، من خلال توظيف الإنارة الاصطناعية الموجهة أو المخفية، للتأكيد على عناصر أساسية ضمن التصميم.
  • اتباع لوحة ألوان متجانسة ضمن الفراغ المعماري، مع الاعتماد على الألوان المريحة للعين. في هذا الإطار، ليس من الضروري شغل كل الحوائط، فالفن والجمال مصدرهما البساطة.
  • استغلال المسطحات العمودية في الأماكن الضيقة لمساحات التخزين، إذا أمكن.
  • تصميم المنزل، بصورة مميزة، حتى تجعل الساكنين يتوقون للعودة إليه بعد المغادرة.