المعلقات وما عددها وكيف حفظت تقاليد العرب
  • 01 يونيو 2023





يرجع تاريخ التقاليد الشعرية الغنية في المنطقة العربية إلى ما قبل الإسلام، فالعرب معروفون بالفصاحة والبيان والاحتفاء بالقيم الإنسانية والجمالية والفلسفية التي تتضمنها اللغة العربية، ومن أبرز ما تزهو به قصائدها الذهبية المعلقة أو ما يُعرف بـ"المعلقات" دُرة القصائد العربية وأروع مانظم الشعراء العرب.
تُعد المعلقات ذخيرة لغوية حية، وسجل حافظ جامع لعادات وتقاليد العرب بالجاهلية وما قبلها بمختلف نطاقاتها وتوغلاتها ومجالاتها من معاملات اقتصادية وعلاقات اجتماعية وعاطفية وتفاخرات طبقية وتفاوتات قبلية وتحزبات سياسية وصراعات عشائرية وطقوس حربية وعسكرية، فما هي المعلقات وماعددها؟
• ما هي المعلقات؟
يقول الشاعر رياض أمين جميل لسيدتي: المعلقات هي درة القصائد العربية نظمها فطاحل شعراء العصر الجاهلي وعظماؤه من أصحاب الباع الطويل في فنون الشعر ودروبه، وأوجه تصريف الكلام وصياغته، حيث تمتاز المعلقات بفصاحة ألفاظها وفرادة معانيها وتنوعّها وقوة تراكيبها وبلاغة صياغاتها وفصاحة وبيان دلالاتها وثراء وجزالة مفرداتها ومرادفاتها.
• وللمُعلّقات أسماء كثيرة فكانوا يطلقون عليها:

اختلف المؤرخون على عدد المعلقات
- المعلقات بالأساس أطلق عليها هذا الاسم لأنها كانت تُعلق على أستار الكعبة في مكة المكرمة، ويُقال كذلك انها كانت مثل العقود النفيسة التي تَعْلَقُ بالأذهان.
- السموط: وتعني وهو الخيط الذي يجمع حبّات العقد مع بعضها البعض.
- المذهبّات: فقد كانت تكتب بماء الذهب.
- المنتقيات: فهي من أجود أنواع الشعر وصنوفه.
- الطوال: لأن أبياتها كانت طويلة جدًا فقد كانت من أطول قصائد الشعر العربي.
- المشهورات: لأنها أشهر ما كتب الشعراء العرب يعرفها القاصي والداني وكانت تضرب منها الأمثال وتؤخذ منها حكم مأثورات.
وللمعلقات قيمة أدبية كبيرة بلغت بزمانها عنان السماء في اللغةِ، وفي الخيالِ والفِكرِ ، فلم يطارحها المكانة أي أبيات شعرية أخرى، فما وصلت إليه من جماليات في الموسيقا وفي نضجِ التجربةِ، وأصالةِ التعبير لم يصل إليه أي شاعر، وكانت كما يقولون سجل تصويري تصوري لحياة العرب في العصر الجاهلي بما يجاورها من البيئة والنّاس والعادات والتقاليد ومن ثمّ يُعتبر شعراء المُعلّقات من أهم و أشهر شعراء العصر الجاهلي.
• اختلاف بعدد المعلقات
لطالما اختُلف بعدد المعلقات من الرواة من يقول أنها سبعة ومنهم من يؤكد أنها ثمانية، وهناك من يقولون أنها عشرة، إلا أن الثابت والمستقر عليه أنها سبعة، وتزيد ما تزيد كلٌ حسبما يمكنه من إثبات وجهة نظره، وشعراء المعلقات عاشوا في الجاهلية، و قد عاشوا جلّهم في القرن الذي سبق مجيء الإسلام (تقريباً) وهم:
- امرؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكندي520 م - 565 م
- طرفة بن العبد 543 م – 569 م
- الحارث بن حلّزة توفي سنة 580 م
- عمرو بن كلثوم التغلبي، أبو الأسود توفي سنة 584 م
- عنترة بن شداد بن قراد العبسي 525 م – 608 م
- زُهير بن أبي سُلْمى المزني 520 - 609 م
- لَبيد بن ربيعة بن مالك العامِري توفي سنة 41 هـ/661 م
والرواة أضافوا إليهم باقي العشرة وهم:
- النابغة الذبياني أبو أمامة 535 م-
- ميمون بن قيس بن جندل 570 م - 625 م
- أبو زكريا التبريزي 1030م – 1109م
أمثلة للمعلقات:

ما هي المعلقات وما عددها
- معلقة امرؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكندي
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
فَتُوْضِحَ فَالمِقْرَاةِ لم يَعْفُ رَسْمُهَا لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصَاتِهَا وَقِيْعَانِهَا كَأَنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ
- معلقة طرفة بن العبد
لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ
كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ
- معلقة الحارث بن حلّزة
آَذَنَتنا بِبَينِها أَسماءُ رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنهُ الثَواءُ
آَذَنَتنا بِبَينِها ثُمَّ وَلَّت لَيتَ شِعري مَتى يَكونُ اللِقاءُ
بَعدَ عَهدٍ لَها بِبُرقَةِ شَمّا ءَ فَأَدنى ديارَها الخَلصَاءُ
- معلقة عمرو بن كلثوم
أَلا هُبّي بِصَحنِكِ فَاَصبَحينا وَلا تُبقي خُمورَ الأَندَرينا
مُشَعشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فيها إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخينا
تَجورُ بِذي اللُبانَةِ عَن هَواهُ إِذا ما ذاقَها حَتّى يَلينا
- معلقة عنترة بن شداد
هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ
يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي
فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ
وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ
- معلقة زُهير بن أبي سُلْمى
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّـــــــــمِ بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ
وَدارٌ لَها بِالرَقمَتَينِ كَأَنَّهــــــــا مَراجِعُ وَشمٍ في نَواشِرِ مِعصَمِ
بِها العَينُ وَالأَرآمُ يَمشينَ خِلفَةً وَأَطلاؤُها يَنهَضنَ مِن كُلِّ مَجثِمِ
وَقَفتُ بِها مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً فَلَأياً عَرَفتُ الدارَ بَعدَ التَوَهُّمِ
- معلقة لَبيد بن ربيعة
عَفَتِ الدِيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها بِمَنىً تَأَبَّدَ غَولُها فَرِجامُها
فَمَدافِعُ الرَيّانِ عُرِّيَ رَسمُها خَلَقاً كَما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها
دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعدَ عَهدِ أَنيسِها حِجَجٌ خَلَونَ حَلالُها وَحَرامُها