رصاص في نهاية الهدنة.. السودان بين التصعيد أو التمديد
الإثنين 2023/5/29
دخان الاشتباكات في سماء الخرطوم
تستبق أصوات الرصاص وأزيز المدافع انقضاء مهلة وقف إطلاق النار بالسودان، في وقت لاحق مساء الإثنين، وسط صرخات من أجل التمديد.
إذ أفاد سكان في العاصمة السودانية التي يقطنها أكثر من 5 ملايين نسمة وكالة "فرانس برس"، بوقوع معارك في بحري شمال الخرطوم فيما سُمع دوي المدفعية في جنوبها. وفي إقليم دارفور غرب البلاد تزداد الأوضاع تدهورا، حيث كتب المدير الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالسودان طوبي هارورد على حسابه على "تويتر"، الإثنين، "يتجاهل القتال بشكل صارخ التزامات وقف إطلاق النار، ويمنع وصول المساعدات الإنسانية".
وأضاف أنه "أدت موجات القتال المتكررة خلال الأيام الماضية في الفاشر، شمالي دارفور، بما في ذلك معسكر أبو شوك للنازحين، إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين ونهب منازل ونزوح جديد".
سياسيا، قالت قوى الحرية والتغيير بالسودان (المكون المدني السابق بالسلطة)، في بيان، اليوم، "ندعو قيادتي القوات المسلحة والدعم السريع لتجديد وقف إطلاق النار قصير الأمد الذي سينتهي مساء اليوم والالتزام به".
وأضافت: "نرفض دعوات تسليح الأهلي والزج بالمدنيين في الصراع المسلح ما يجر البلاد لحرب أهلية شاملة".
وتابعت قائلة "نؤكد على مواصلة جهودنا للإسهام الإيجابي في وقف الاشتباكات بالبلاد"، مؤكدة أنها ستواصل التصدي لـ"مخططات الفلول" الهادفة لاستمرار الاشتباكات وزيادة رقعتها".
ومنذ 15 أبريل/نيسان، أسفرت الاشتباكات بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه الفريق محمد حمدان دقلو، عن مقتل المئات ونزوح 1,4 مليون شخص داخليا ولجوء نحو 350 ألف شخص آخرين إلى دول الجوار.
وبحسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (أيه سي إل إي دي)، بلغت حصيلة القتلى منذ اندلاع المعارك 1800 شخص سقط معظمهم في العاصمة وفي مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
انعدام الأمن الغذائي
وأكدت الأمم المتحدة، الإثنين، أن سكان السودان من بين الأكثر حاجة في العالم في الوقت الحالي إلى اهتمام "عاجل" لتفادي انعدام الأمن الغذائي.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي في تقرير مشترك إنه "تم رفع مستوى القلق في هايتي ومنطقة الساحل (بوركينا فاسو ومالي) والسودان إلى أعلى درجة" من حيث توافر الأغذية للسكان.
وحذر التقرير من أن الاشتباكات في السودان سيكون لها على الأرجح "تداعيات كبيرة على الدول المجاورة".
ويتبادل طرفا النزاع الاتهام بخرق الهدنة التي كان من المفترض أن تفسح المجال لإيصال المساعدات الإنسانية وفتح ممرات آمنة للمدنيين ومن المقرر أن تنتهي الاثنين بحلول الساعة 19:45 بتوقيت غرينتش.
ولكن حتى اليوم الأخير من الهدنة وصلت الإمدادات إلى عدد محدود من المستشفيات في الخرطوم والتي خرج معظمها من الخدمة بسبب القتال، كذلك لا يزال المواطنون يعانون ندرة الموارد الغذائية ومياه الشرب انقطاعات في الكهرباء والاتصالات.
كما تشهد البلاد ارتفاعا في أسعار السلع الأساسية بما في ذلك زجاجات المياه بنسبة تراوح بين 40 و60 % خصوصا في المناطق المتضررة من النزاع.
وفي شرق دارفور، أكدت منظمة الصحة العالمية أنه منذ بدء القتال "مات حوالى 30 مولودًا في مستشفى بمدينة الضعين، بينهم ستة خلال أسبوع واحد بسبب نقص الأكسجين أثناء انقطاع الكهرباء".
"حرب أهلية؟"
إلى ذلك، يطالب الوسطاء من الولايات المتحدة والسعودية، طرفي النزاع في السودان بـ"تمديد وقف إطلاق النار الحالي ليمنح ممثلو العمل الإنساني مزيدا من الوقت للقيام بعملهم الحيوي"، بحسب بيان مشترك للرياض وواشنطن أمس الأحد.
وأتت الدعوات إلى التمديد وسط تحذيرات من الأمم المتحدة بانضمام بعض المدنيين والمسلحين القبليين والمتمردين إلى النزاع الحالي.
من جهته، اتهم نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، الإثنين "إسلاميي المؤتمر الوطني بإطالة أمد النزاع وجر المدنيين والقبائل نحوه".
وأضاف على حسابه بـ"تويتر" أن عناصر المؤتمر الوطني، الحزب الحاكم في عهد الرئيس المعزول عمر البشير، يسعون إلى "تجفيف النشاط المدني وتصعيد الخلافات الإثنية والجغرافية وهو النموذج السوري لاستعادة فردوسهم المفقود ولو بعد سنوات".
من جهته، حذّر حزب الأمة القومي، أحد الأحزاب المدنية الرئيسية في السودان، في بيان أمس الأحد، من "الدعوات الداعية لتسليح المواطنين بحجة حماية أنفسهم" باعتبارها "محاولات لجر البلاد للحرب الأهلية".
وحسب بيانات مشروع مسح الأسلحة الصغيرة (SAS)، توجد أسلحة لدى 6,6% من سكان السودان البالغ عددهم نحو 45 مليون نسمة.
كما أفادت الأمم المتحدة بورود تقارير متزايدة عن ذخائر وقذائف غير منفجرة تتناثر على أسطح البنايات وعلى جوانب الطرق في الخرطوم والعديد من المناطق السكنية الأخرى في البلاد.