طبعا هذا وزير العدل ما اعرف بعد نفسه لو مبدلي...الله اعلم
آخر تصريحات وزارة العدل عن الاضطرابات التي حدثت في سجن ابو غريب الأحد الماضي، هي انها بفعل عامل خارجي !
والاحتجاجات حسب الحكومة ومواليها من فعل خارجي بالمال والبنين !
وحسب المحتجين فان الحكومة خاضعة لأجندة خارجية بل وتنفذها !
تهمة الخارج اصبحت جزءاً من القاموس السياسي للسياسيين الذين يجدون هذا التبرير أقرب الشماعات واسهلها التي ترفع عن كاهل المسؤول مهمة التقصي والبحث عن السبب الحقيقي لمشكلات البلاد وأزماتها المستعصية وتوالدها المتواصل، أزمة من أزمة وأزمة داخل أزمة، وهكذا منذ سنوات نواصل تعليق مشكلاتنا وازماتنا على شماعة الخارج .
ان قوة حضور العامل الخارجي وتأثيراته في المشهد السياسي الداخلي وتحولاته، لا يعبر الا عن ضعف وهشاشة الجبهة الداخلية، واستعدادها لتقبل الجسد الخارجي، بأحصنة طروادة ومن دونها، بالإعلان عنها أو بتغطيتها، وعن قصور الرؤية، ليس في معالجة الازمات والمشكلات التي تعصف بالبلاد، وانما في الاعتراف بها كمشكلات وازمات تحتاج الى حلول واقعية تتسم بخيال سياسي واسع بحجم المشكلات التي يعاني منها الجسد العراقي .
الاعتراف بالمشكلة كحقيقة واقعية نصف الحل، وتعليقها على شماعات الخارج يشكل اخفاقاً فاضحاً في العقل السياسي الذي يتناولها من هذا المنطلق، ويبني على هذه الارضية رؤيته للحل، لذلك نشهد بالغالب فشلا ذريعاً في حل مشكلاتنا، حتى وان كانت مطوقة داخل اسوار ويحرسها جنود مدججون بالسلاح !
وجزء من الحل أيضاً أن نعترف باختراق الخارج للداخل بأشكال وصيغ متنوعة أكثر ذكاءً ومكراً من أسيجتنا الداخلية المهلهلة والمتخمة بالدفرسوارات .. ساستنا يعترفون بهذا الواقع، لكنهم للأسف الشديد، ومن باب راحة البال والكسل العقلي، يلقون بكل البضاعة في سلّة الآخرين فيرتاحون فيما تتصاعد الازمات وتتعقد وتصبح خيوط حلولها بيد الخارج الواقعي منه والافتراضي، فنجلس بانتظار ان «يرحمنا» الآخرون ويكفّون أذاهم عنّا !
عندما نفشل في ترتيب بيتنا الداخلي، ونعجز عن ترصين صفوفنا الداخلية، ونحير في شكل ومستويات العلاقات مع الآخرين، كل الآخرين، سنجد ونتلمس الأصابع الخارجية متسللة الى عمق حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل يكون دورها كبيراً في توجيه دفة السفينة العراقية الضائعة الاتجاه حتى الآن !!
لن نلوم الآخرين الذين تغريهم الكعكة العراقية فلهم مصالحهم ومطامعهم وطموحاتهم، بل توجهاتهم لتفتيت البيت العراقي ليسهل الدخول اليه من دون «احم ولا دستور» كما يقول المصريون !
لن نلوم الآخرين، وعلينا ان لانفعل ذلك، الذي علينا ان نفعله، هو أن نكون بمستوى ما نواجهه من تحديات مصيرية حقيقية، ونعالج ازماتنا بطريقة تجبر الآخرين على ان لا يدسوا انوفهم في مشكلاتنا ولا يستثمروها لتحقيق مصالحهم، وان يعتقدوا ويقتنعوا اننا ليس وكالة بلا بواب ..
وحتى يحدث ذلك، علينا ان نرمي شمّاعة الخارج خلف ظهورنا، ونعترف بأزماتنا بكونها نتاج الداخل ومن رحمه وبسببه، وليس العامل الخارجي، مهما كان فاعلا وقويا، الا عاملا مساعدا على تعقيد الأزمة وعرقلة حلّها !
الصباح