كيف يتحقق التوافق المهني النفسي للعاملين؟
عزيز ملا هذال
من الاخطاء الجسيمة التي يقع بها ارباب العمل والمسؤولين عند التفكير بفتح مشروع جديد او توظيف عاملين في مشروع قائم هو توفير جميع او اغلب المستلزمات المادية التي يعتقدون انها كافية لإنجاح العمل، قبالة ذلك يغفلون الكثير من الامور والمستلزمات التي توفر للعاملين قدراً من الارتياح النفسي الناتج من التوافق المهني، فما هو التوافق المهني؟، وما هي علامته؟، وماهي معوقاته؟، وكيف يمكن تحقيقه؟
يعرف التوافق المهني بأنه العملية الدينامية المستمرة التي يقوم بها الفرد لتحقيق التلاؤم بينه وبين البيئة المهنية المادية والاجتماعية والمحافظة على هذا التلاؤم الذي يضمن الامن النفسي للفرد مما يؤمن انتاجية عالية بجهود عادية وبدون عناء.
في الآونة الاخيرة بدأ علم النفس البحث في عدة موضوعات كانت مهملة من قبل الباحثين النفسيين والتربويين ومن هذه الموضوعات موضوعة التوافق المهني واثارها على العالمين من وجهة نظر نفسية، وتحديداً علم النفس الصناعي هو من تصدى لهذه المهمة لما يسببه سوء التوافق من نتائج سلبية نفسية وهو ما يشكل عوائق امام الانتاج بالنسبة اليهم بكل صنوفه واشكاله.
ما العلاقة بين التوافق والرضا الوظيفي والانتاج؟
العلاقة بين التوافق المهني النفسي والانتاج علاقة ارتباط طردية فكلما ارتفع مستوى توافق الانسان المهني الناتج من الارتياح النفسي للمكان وطبيعة العمل والتقييم العالي للعمل كلما ارتفعت نسبة الرضا الوظيفي وبالتالي الزيادة في نوع وكم الانتاج وهذا هو المهم بالنسبة لمن يعي ويعمل على خلق بيئة انتاجية مريحة للعاملين، والعكس هو المنطقي على اعتبار ان الافراد الذين لا يتوافقون مع وظائفهم يبحثون عن ملئ ساعات العمل بأي شكل من الاشكال مغادرة المكان دون الاكتراث لطبيعة المنجز ورصانته كما في الكثير من المؤسسات الفتية التي لا تفقه في فن الادارة من النواحي النفسية.
ما هي مظاهر التوافق المهني النفسي؟
إن المظهر الأساسي للتوافق المهني النفسي في العمل بصورة عامة هو الرضا عن العمل، ويشمل الرضا الإجمالي عن العمل والقبول بتحمل الاعباء من اجل استمرار العمل وعدم التوقف، كما من مظاهره شعور الموظف بالأمن والارتياح، وكل المشاعر الإيجابية للموظف التي تتعلق بجوانب بيئة العمل، اذ يمكن للموظف الذي يكافئ بمكافئة مادية او معنوية ان يمنح العمل كل تركيزه وكل ما يطور العمل، ومن المظاهر ايضاً اعطاء العمل ساعات اضافية عند الضرورة وعدم الشعور بالملل ولا التذمر لكون الجهود مكافئة فالرضا النفسي موجود.
العوامل المؤثرة في التوافق المهني النفسي:
بصورة عامة هناك ثلاثة عوامل لها الاثر الواضح في تحقيق التوافق المهني النفسي من عدمه وهذه العوامل هي:
اولها العوامل الذاتية التي تتعلق بشخصية الفرد العامل مثل خصائصه الجسمانية والنفسية والعقلية والتي عبرها ينسجم الانسان مع العمل ويجد ذاته ويبحث عن تطوريه والاستمرار فيه ام العكس الذي يجعله ينفر من العمل ويغادره او انه يجبر على العمل لتوفير متطلبات العيش وفي هذه الحالة يكون العمل روتيني ممل.
ثاني العوامل التي يمكن تؤثر في تحقيق التوافق المهني النفسي هي العوامل المرتبطة بالعمل نفسه مثل بيئة العمل والحوافز الادوات التي تضمن استمرار العمل في ظروف صحية تريح العامل وتساعده على أداء عمله وفق النظام المحدد وتمنحه دافعاً قوياً للاهتمام بالعمل والإخلاص والتثبت به.
ثالث العوامل التي تعلب دوراً بارزاً في تحقيق التوافق المهني النفسي هي العوامل الخارجية التي تتمثل بالالتزامات المترتبة على الفرد، اذ ان الافراد الذين لديهم اكثر من عمل يصعب توافقهم في بعض الاماكن بمداد المقارنات بين البيئات المختلفة التي يعمل بها سيما اذ كانت احدى هذه البيئات مثالية وبالتالي يرتبط نفسياً بتلك البيئة مما يصعب عملية التوافق مع البيئات الاخرى.
كيف يتحقق التوافق المهني النفسي؟
ان اردنا تحقيق التوافق المهني النفسي لابد ان يختار العامل نوع العمل ولا يفرض عليه لسبب او لآخر، فحين يختار الانسان عمله من دون اكراه حتماً انه سيبدع فيه، ومن الاهمية بمكان أن يشترك العمال في صنع القرار لكون الامر يشعرهم بالانتماء الحقيقي للمؤسسة، كما ان انعكاس الحياة المهنية على الحياة الخاصة والاجتماعية بالإيجاب يجعل العامل محباً لمهنته وبالتالي متوافق مهنياً، واخيراً يجب أن يؤدي العمل وظيفة تحقيق الذات، وهذه الامور جميعاً تحقق التوافق المهني النفسي للعاملين وهذا هو المطلوب.