تخزن البحيرات 87% من المياه العذبة الموجودة على سطح الكوكب (شترستوك)
تخزن البحيرات 87% من المياه العذبة الموجودة على سطح الكوكب، مما يجعلها موردا قيما لكل من النظم البيئية البشرية والأرضية. وعلى عكس الأنهار، لا تتم مراقبة البحيرات جيدا، لكنها توفر المياه لجزء كبير من البشرية، حتى أكثر من الأنهار.
لكن، أكثر من 50% من البحيرات الكبرى والمسطحات المائية في العالم تفقد المياه، بسبب الاستهلاك البشري غير المستدام، وارتفاع درجة حرارة الأرض، وفقا لدراسة جديدة نشرت في دورية "ساينس" (Science) يوم 18 مايو/أيار الجاري.
وابتكر المؤلفون تقنية لقياس التغيرات في مستويات المياه فيما يقرب من ألفين من كبرى البحيرات والخزانات في العالم، والتي تمثل 95% من إجمالي تخزين مياه البحيرات على الأرض.
وتجمع التقنية المبتكرة بين 3 عقود من عمليات رصد الأقمار الصناعية ونماذج لتتبع وشرح التغييرات في تخزين البحيرة على نطاق عالمي.
لم يكن لدى المجتمع البحثي فهم واضح للاتجاهات طويلة المدى والتغيرات في مستويات المياه (شترستوك)
التقييم الأول من نوعه
كان الدافع وراء إجراء هذه الدراسة هو الملاحظات التي رصدها الباحثون من الأزمات البيئية التي تتعرض لها بعض أكبر المسطحات المائية على كوكب الأرض، مثل جفاف بحر آرال الواقع بين كازاخستان وأوزبكستان.
لذلك، يعتقد الفريق أن هذا التقييم هو الأول من نوعه من حيث شمول الاتجاهات ودوافع التغير العالمي في تخزين مياه البحيرة استنادا إلى مجموعة من الأقمار الصناعية والنماذج.
وأوضح المؤلف المشارك في الدراسة بالاجي راجاغوبالان -أستاذ الهيدرولوجيا والهندسة المدنية في جامعة كولورادو، بولدر الأميركية- في تصريح للجزيرة نت، أنه حتى وقت إجراء الدراسة لم يكن لدى المجتمع البحثي فهم واضح للاتجاهات الطويلة المدى والتغيرات في مستويات المياه، لكن الآن، ومع النتائج التي توصل لها الفريق، "أصبحنا قادرين على تقديم رؤى حول التغيرات العالمية على مستوى البحيرة من منظور أوسع باستخدام هذه النتائج والطريقة التي اعتمدت عليها"، حسب قوله.
ولتوضيح هذه الاتجاهات في البحيرات الطبيعية، اعتمد الفريق على أحدث التطورات في استخدام المياه ونمذجة المناخ. واستنتجوا أن كلا من تغير المناخ والاستهلاك البشري للمياه مسؤولان -في المقام الأول- عن صافي الانخفاض العالمي في حجم البحيرات الطبيعية، فضلا عن فقدان المياه في نحو 100 بحيرة كبيرة.
وأشار راجاغوبالان إلى أن الوصول لهذه الاستنتاجات المعروضة في البحث تطلّب استخدام الفريق قرابة ربع مليون لقطة لمناطق البحيرات التي التقطتها الأقمار الصناعية في الفترة من عام 1992 إلى عام 2020 لمسح مساحة 1972 من كبرى بحيرات الأرض. ومن ثم، دمج الفريق القياسات الحديثة لمستوى المياه مع قياسات المنطقة طويلة المدى لإعادة بناء حجم البحيرات التي يعود تاريخها إلى عقود.
البحيرات في كل من المناطق الجافة والرطبة على مستوى العالم تفقد حجمها (شترستوك)
نتائج مثيرة للقلق
يقول المؤلف المشارك في الدراسة: "في الحقيقة، أن النتائج التي قدمتها دراستنا مثيرة للقلق. فقرابة 53% من البحيرات في جميع أنحاء العالم شهدت انخفاضا في تخزين المياه. وتعادل هذه الخسارة 17 مرة حجم بحيرة ميد، أكبر خزان مائي في الولايات المتحدة".
ويلفت الباحثون إلى أن البحيرات في كل من المناطق الجافة والرطبة على مستوى العالم تفقد حجمها، وتشير هذه الخسارة في البحيرات الاستوائية الرطبة وبحيرات القطب الشمالي إلى اتجاه تجفيف أوسع مما كان معترفا به سابقا.
وبالإضافة إلى دراسة البحيرات الطبيعية، قام الفريق بفحص اتجاهات تخزين المياه في الخزانات، واكتشفوا أن نحو ثلثي خزانات المياه الكبيرة على الأرض قد تعرضت لخسائر كبيرة في مائيتها، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert).
ووفقا للدراسة، فإن عملية الإرساب كانت أحد أسباب انخفاض التخزين العالمي في الخزانات الحالية، إذ يرتفع قاع البحيرة نظرا لتراكم الرواسب التي تكون طينية أو رملية. وبالنسبة للخزانات التي تم إنشاؤها قبل عام 1992، وجد أن الترسيب كان أكثر تأثيرا من الجفاف.
مع ذلك، لا تتقلص كل البحيرات، إذ تظهر الدراسة أن 24% من البحيرات العالمية قد شهدت زيادات كبيرة في تخزين المياه.
وتقع هذه البحيرات بشكل أساسي في مناطق قليلة السكان، مثل هضبة التبت الداخلية والسهول الكبرى الشمالية لأميركا الشمالية، وفي المناطق ذات الخزانات الجديدة، مثل أحواض نهر اليانجتسي والميكونج ونهر النيل.
ويقدر مؤلفو الدراسة أن ما يقرب من ملياري شخص، أو حوالي ربع سكان العالم، يعيشون في أحواض هذه البحيرات المهددة بالجفاف أو الجافة بالفعل.
وتشدد هذه الإحصائية على الحاجة الملحة للنظر في آثار الاستهلاك البشري، وتغير المناخ، وعملية الإرساب، على إستراتيجيات إدارة المياه.