فلويد وفينيسيوس.. صافرة الحكم تنكأ جراح ركبة الشرطي
الخميس 2023/5/25
فلويد مختنقا على اليمين وفينيسيوس غاضبا على اليسار
ساحاتٌ تستحضر صرخة فلويد، وملاعبٌ تصدح باسم فينيسيوس، وما بين الأسودين، تنكأ "العنصرية" جرحا لم يندمل
ففي مثل هذا اليوم ٢٥ مايو/أيار 2020، استيقظ العالم على صرخة جورج فلويد- من أصول أفريقية- وهو يختنق تحت ركبة شرطي أمريكي أبيض ضغط على عنقه لأكثر من تسع دقائق حتى الموت.
واليوم أيضا، يتابع الملايين من عشاق كرة القدم، صرخة فينيسيوس جونيور لاعب ريال مدريد، وهو يغادر أرضية الملعب مطرودا، بعد مشاجرة مع لاعبي فالنسيا الإسباني، الأحد الماضي، على وقع صيحات وهتافات عنصرية من قبل جماهير الخصم.
أنفاس الحياة والموت
في ذلك المساء الذي قاد فلويد إلى محل "كاب فودز" في مينيابوليس المدينة الكبرى في شمال الولايات المتحدة، تقاطعت أنفاسه بين الحياة والموت، حين لم لم يجد سوى أطفاله وأمه يستنجد بهم من شرطي لم تحركه الأنفاس الأخيرة.
حادثة غيرت مجرى المشهد الأمريكي في ذلك الوقت، فاهتزت الأرض وثارت براكين الغضب حتى أشعلت شرارة الاحتجاجات في شوارع مدن وعواصم حول العالم.
ففي الولايات المتحدة نفسها، خرج الأمريكيون الذين كانوا عالقين في منازلهم بسبب وباء كورونا، في مظاهرات غير مسبوقة منذ حركة الحقوق المدنية في ستينيات القرن الماضي.
مظاهرات امتد لهيب غضبها إلى متاجر نُهبت ومراكز شرطة أُحرقت، وتماثيل شخصيات مرتبطة بالعبودية خُربت، فيما دخلت البلاد في مرحلة مراجعة مع الذات حول ماضيها.
إذ بدت فاجعة فلويد في نظر العديد من المراقبين بمثابة حافز الحساب على "العنصرية"، لكن وفي خضم جائحة كورونا في ذلك العام، وعدم اليقين الاقتصادي، والانتخابات الرئاسية الأمريكية المثيرة للانقسام، انتهى عام 2020 دون إصلاحات كبرى في قطاع الشرطة كما كان يأمل الكثيرون.
ومن أمريكا إلى بريطانيا وفرنسا ودول أخرى عابرة للقارات، لا شيء كان قادرا على وقف أعاصير الاحتجاجات على قتل فلويد، حيث تلبدت السماء بسحب غضب داكنة من أفعال عنصرية غدت عاصفة تؤجج الساحات والملاعب.
محاكمة تاريخية
باستثناء المحاكمة التاريخية التي نصبت للشرطي ديريك شوفين 46 عاما، الذي أدين بالقتل وحُكم عليه بالسجن 22 عاما ونصف العام.
حينها، تنفست الولايات المتحدة الصعداء بعدما كانت تخشى موجة عنف جديدة في حال تبرئة الشرطي.
غير أن الفاجعة وذكراها بنظر عائلة فلويد هي "يوم الوعي" بخطورة وباء العنصرية، ولهذا باتوا منذ ذلك اليوم، بمثابة سفراء في مكافحة عنف الشرطة، وشكلوا تحالفا غير رسمي للأهالي المفجوعين.
وهو ما عبّر عنه شقيقه بريجدت فلويد، في وقت سابق، بقوله: "وقعت المسؤولية على عاتقي، يجب أن أكون صوته بما أنه رحل".
فينيسيوس الغاضب
ومن فلويد إلى فينيسيوس ، علا صوت جماهير معشوقة الملايين هذه المرة، مستهجنا الإهانات التي استهدفت اللاعب البرازيلي في صفوف ريال مدريد الذي تعرض للطرد خلال المباراة التي جمعت فريقه مع نادي فالنسيا ضمن مباريات الدوري الإسباني.
فلاعب خط الوسط الشاب تصدى لمشجعي نادي الخصم، واتهمهم بتوجيه هتافات القردة له، ووصف ما حدث معه بـ" الانتهاك العنصري غير الإنساني" وطالب بمحاسبة الفاعلين.
في أعقاب الحادث ، حذر رئيس البرازيل ، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ، من السماح لـ "الفاشية والعنصرية" بالسيطرة على ملاعب كرة القدم.
في هذه الأثناء، أعرب كارلو أنشيلوتي ، مدرب ريال مدريد ، عن دعمه لفينيسيوس جونيور ، الذي توقع بقاءه في النادي.
وانتقد أنشيلوتي بروتوكولات إسبانيا "القديمة" للتعامل مع العنصرية في الرياضة ، وقال إنه سيفكر في إخراج لاعبيه من الملعب إذا تعرضوا للإيذاء مرة أخرى خلال المباراة.
وما بين موت فلويد، وألم فينيسيوس، هل تسقط لام الألم لتترك مكانها لميم أمل يداوي قلوبا مفجوعة ونفوسا مصدومة؟