خطوات حل المشكلة | كيف أحل مشاكلي؟
تعتبر المشكلات من الأمور الأساسية التي يتمحور حولها عمل الكثيرين. سواءً تضمّن ذلك حلّ هذه المشكلات لزبائن معيّنين، أو تقديم الدعم اللازم للأشخاص المسؤوولين عن حلّ المشكلات، أو ربّما البحث عن المشكلات ورصدها. كذلك قد تكون المشكلات صغيرة أو كبيرة... بسيطة أو معقّدة بحسب مجال العمل وطبيعته. لكن تشترك المشكلات جميعها في أنّها تتكوّن من عنصرين أساسيين ومترابطين، هما: الأهداف والعوائق.
الأهداف
تتضمّن المشكلات أهدافًا معيّنة ينبغي تحقيقها أو مستوى محدّدًا من النشاط والتقدم العملي يجب الوصول إليه. قد تكون الأهداف أيّ شيء ترغب في الوصول إليه. بالنسبة لرئيس شركة مثلاً، فإن الهدف الرئيسي أمامه هو زيادة أرباح الشركة. وقد يحتاج هذا الهدف إلى أن يتمّ تجزئته إلى أهداف ثانوية أصغر حتى يتمّ تحقيق الأرباح المطلوبة.
العوائق
في حال لم يكن هناك أيّ عوائق تقف في طريق تحقيق الأهداف، فلن يكون هناك أيّة مشاكل، ويتمحور موضوع حلّ المشكلات حول التغلّب على هذه العوائق التي تمنع تحقيق الأهداف بشكل فوري. لذا يتعيّن على القائد الناجح أن يحدّد هذه العوائق ويعمل على التخلّص منها أو إيجاد طرق بديلة لتحقيق أهداف المؤسسة.
مراحل حل المشكلات
يتضمّن حلّ المشكلات الفعّال المرور بعدّة مراحل من أجل الوصول إلى الحلّ الذي يحقق الأهداف المرغوبة، وتشمل ما يلي:
1- تحديد المشكلة
تتضمّن هذه المرحلة الكشف عن المشكلة، الاعتراف بوجودها، تحديد طبيعتها والتعريف بها.
قد تبدو هذه المرحلة واضحة للغاية، لكنها في غالب الأحيان تحتاج إلى الكثير من التحليل والتفكير، فتحديد المشكلة بحدّ ذاته قد يكون صعبًا للغاية، هل هناك مشكلة أصلاً؟ ما طبيعة هذه المشكلة؟ وهل هناك مشكلة واحدة أم عدّة مشاكل؟ من خلال قضاء بعض الوقت في هذه المرحلة، لن تتمكّن فقط من فهم المشكلة جيدًا، بل ستصبح قادرًا على توضيح طبيعتها للآخرين ممّا يقودنا إلى المرحلة الثانية.
2- هيكلة المشكلة
تتضمّن هذه المرحلة فترة من الملاحظة والتحرّي وجمع المعلومات لخلق فهم أعمق للمشكلة، فالهدف الرئيسي منها هو تشكيل صورة أوضح عن الأهداف والعوائق في هذه المشكلة، وعلى الرغم من أنّها قد لا تكون ضرورية لكلّ المشكلات، إلاّ أنّ هذه الخطوة أساسية في حلّ المشكلات الأكثر تعقيدًا.
3- عصف الذهن للخروج بحلول محتملة
خلال هذه المرحلة يتمّ التركيز على إيجاد مجموعة من الممارسات التي تشكّل حلاّ محتملاً للمشكلة، ولكن من دون التركيز على تقييم هذه الحلول. حيث يتمّ ذلك من خلال جلسات عصف ذهني فردية أو جماعية يقدّم أثناءها كلّ شخص رأيه حول المشكلة ويقترح حلاَ لها أو جزءًا من الحلّ. جلسات العصف الذهني هذه مفيدة للغاية، خاصّة في الشركات الكبرى التي يعمل فيها أشخاص ذوو خبرات متنوعّة، الأمر الذي يؤدّي للحصول على حلول مختلفة.
4- اتخاذ القرار واختيار الحلّ المناسب
تتضمّن هذه المرحلة إجراء تحليل دقيق لمختلف الحلول المقترحة، ومن ثمّ اختيار أنسب الحلول لتطبيقها. وهي تعدّ أعقد مراحل حلّ المشكلة، إذ يتمّ خلالها دراسة كلّ حلّ من الحلول المقترحة وتحليله للخروج بأفضل حلّ. بعض الحلول قد تكون غير قابلة للتطبيق بسبب مشكلات أخرى تعيقها مثل الوقت أو الميزانية اللازمة. كما أنّ حلّ مشكلة ما قد يقود لخلق مشكلات أخرى، لذا لا بدّ من اختيار حلول إبداعية وخلاّقة. تتهي هذه المرحلة باتخاذ القرار واختيار الحلّ المناسب، وهنا لابدّ من الأخذ بعين الاعتبار أنّ التمتّع بمهارات اتخاذ القرار يلعب دورًا جوهريًا في حلّ المشكلات.
5- تنفيذ الحلول
تتضمّن هذه المرحلة تطبيق الحلّ المختار على أرض الواقع، والالتزام به. ومن الجدير بالذكر أنّه عند تطبيق حلّ ما، قد تظهر مشكلات أخرى خاصة في حال لم يتمّ تحديد المشكلة الأولية وهيكلتها جيّدًا.
6- مراجعة النتائج والبحث عن تغذية راجعة
هذه هي المرحلة الأخيرة من مراحل حلّ المشكلات ويتمّ خلالها مراجعة نتائج الحلّ المطبّق خلال فترة محدّدة من الزمن، والاطّلاع على التغذية الراجعة لتحديد ما إذا كان الحلّ ناجحًا أم لا. ويفضّل في هذه المرحلة وضع سجّل بأهمّ النتائج التي تمّ تحقيقها أو المشاكل الإضافية التي ظهرت.
ما هي أهمية اكتساب مهارات حل المشكلات؟
تشكّل مهارات حلّ المشكلات جزءًا أساسيًا من مهمّات كلّ من المدير والقائد الناجح، وعنصرًا رئيسيًا للنجاح في العمل. امتلاك المهارات المتقدّمة في علاج مشكلة ما يسهم في حلّها بسرعة وفي إيجاد حلول فعّالة، أمّا افتقادها فيؤدي إلى تعقيد المشكلة وتراكم آثار سلبية وخسائر قد تكون فادحة. ومن أهمّ فوائد امتلاك مهارات حلّ المشكلات ما يلي:
إصلاح المشكلات والأخطاء في بيئة العمل
يوجد في بيئات العمل المختلفة العديد من الأشياء المعطّلة أو التي لا تعمل على الوجه الصحيح المفروض. وهنا يأتي دور مهارات حلّ المشكلات التي تخلق آليات لتحديد هذه الأعطال ومعرفة السبب وراء حدوثها واقتراح حلول وطرق لإصلاحها.
معالجة المخاطر
يمكن تطبيق مهارات حلّ المشكلات في التنبُؤ بالمخاطر المستقبلية المتوقّعة قبل حدوثها، وتنفيذ عدد من الإجراءات الاحترازية في الحاضر لتلافي حدوث مشكلات أخرى في المستقبل.
تطوير الأداء
من المعروف أنّ الشركات والأفراد لا يتواجدون بمعزل عن بعضهم البعض، بل على العكس، هناك علاقات متشابكة ومتغيّرة بينهم، وممّا لا شكّ فيه أنّ أفعال شخص أو شركة ما تؤثّر على بقية الأشخاص والمؤسسات سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر. هذه العلاقة الاعتمادية تدفع الأشخاص للعمل معًا من أجل حلّ المزيد من المشكلات وبالتالي سيسعى كلّ من الأفراد والشركات لتطوير أداءهم حتّى يتكيّفوا مع التحديات الجديدة التي تواجههم ويحقّقوا أفضل النتئاج في هذه البيئة المتغيّرة على الدوام.
اقتناص الفرص
لا تقتصر مهارات حلّ المشكلات على الاستجابة لمشكلات بيئة معيّنة وحلّها، بل تهتمّ أيضًا بإيجاد وخلق فرص جديدة، وتغيير البيئة الحالية إلى الأفضل. المهارات المتقدّمة في حلّ المشكلات تسهم بشكل كبير في استغلال الفرص والتحكّم بتحديّات المستقبل.
كيف تطور مهاراتك في حل المشكلات؟
وكونها على هذا القدر من الأهمية، فلعلّك تسأل نفسك الآن ما هي الطرق التي تمكّنك من تحسين مهاراتك في حلّ المشكلات والتعامل معها، وفي الواقع، هناك الكثير من الممارسات والنصائح التي تستطيع تجربتها لتطوّر قدراتك في التعامل مع التحديّات والمشكلات المختلفة، نذكر منها ما يلي:
1- حل الألغاز
فكما هو الحال مع أيّ مهارة حياتية أخرى، لابدّ من التدريب عليها، وكلّما تدرّبت أكثر تحسّنت قدراتك. يمكنك إذن أن تدرّب نفسك من خلال محاولة حلّ ألغاز أو مشكلات حياتية تراها في مجتمعك أو حياتك، يمكنك على سبيل المثال البدء بإيجاد إجابات عن التساؤلات التالية:
- كيف يمكنني الموازنة بين جميع مسؤولياتي من عمل ودراسة وعائلة؟
- كيف أستطيع ادخّار المزيد من النقود للتقاعد أو للنفقات المستقبلية؟
- كيف أستطيع الحصول على وظيفة تضمن لي ولعائلتي عيشًا كريمًا وتتيح لي تطوير مهاراتي وشغفي في نفس الوقت؟
2- تعلم أشياء جديدة حول مواضيع مختلفة
يحتاج حلّ المشكلات إلى معرفة وإلمام بمواضيع متعدّدة. ومن المحتمل أنّ كلّ ما تتعلّمه الآن (حتى الأمور التي تعتقد أنّه لا صلة لها بحلّ المشكلات) ستفيدك في لحظة ما خلال هذه العملية. لذا لا تتردّد في تطبيق الحكمة القائلة: إعرف كلّ شيء عن شيء واحد واعرف شيئًا عن كلّ شيء. اقتنص الفرصة لتعرف المزيد عن علم النفس، العلوم الحياتية، التاريخ، الرياضيات وغيرها من مختلف الموضوعات في العالم، وكن واثقًا من أنّ معرفتك هذه ستفيدك حتمًا.
3- خلق ارتباطات مثيرة للاهتمام
حيث يتمّ حلّ العديد من المشكلات من خلال إيجاد روابط خلاّقة ومثيرة للاهتمام بين مواضيع قد تبدو بعيدة كلّ البعد عن بعضها البعض. ومن الأمثلة على خلق الارتباطات نذكر الطبيب النفسي الشهير جيفري شوارتز الذي طوّر علاجًا لمرض الوسواس القهري من خلال الدمج بين البوذية والاقتصاد النمساوي!
4- قراءة كتب حول حلّ المشكلات والروايات البوليسية
وهنا قد تكون قصص شيرلوك هولمز مفيدة للغاية. روايات كونان دويل حول قضايا شيرلوك هولمز ستكشف لك عن بعض مبادئ حلّ المشكلات الأساسية التي يمكنك تطبيقها في حياتك اليومية.
5- ابدأ بالمشكلات البسيطة
فبدلاً من البحث عن حلول لإنقاذ البشرية من الاحتباس الحراري، ابدأ بمعالجة مشكلات بسيطة من حياتك اليومية وشيئًا فشيئًا ستلاحظ تطوّر مهاراتك وقدراتك في هذا المجال.
6- ابنِ عقلية حلّ المشكلات
ويكون بناء عقليّة كهذه من خلال الملاحظة المستمرّة لكلّ ما يحيط بك، حاول دومًا أن تسأل نفسك عن كيفية جعل الأمور من حولك أسهل وأفضل وأكثر فعالية.
7- استعن بالخرائط الذهنية
حيث تمثّل خرائط الذهن وسيلة للتعبيرعن المشكلة وهيكلتها بأسلوب مرئي. هذه الطريقة تسهم في التعرّف على جميع عناصر المشكلة، وتحفّز على التفكير الإبداعي وإيجاد الحلول المختلفة. ومن الجدير بالذكر أنّ هناك الكثير من الاستراتيجيات والمبادئ المتعلّقة برسم الخرائط الذهنية فلا ضير من التعرّف عليها وتعلّمها. ولكن كبداية يمكنك رسم خريطة ذهنية بسيطة لحلّ مشكلتك، ارسم المشكلة في مركز الصفحة، وارسم منها أفرعًا توضّح أسباب هذه المشكلة، ثمّ أضف فروعًا لكلّ سبب توضّح فيها المزيد من المعلومات حول المشكلة المركزية.
مهارات حلّ المشكلات أصبحت من متطلبات نجاح أيّ مدير أو قائد أو حتى موظّف. لذا لا بدّ من العمل المستمرّ على تطويرها وفهمها جيّدًا. ماذا عنكم، أخبرونا ما هي المشكلات التي تواجهونها في بيئتكم المهنية أو الدراسية، وما هي الخطوات التي تتبعونها لحلّ هذه المشكلات؟