8 مشكلات يسببها تدني تقدير الذات وكيفية معالجتها


هل أنت ممّن يشعرون على الدوام بأنّ حياتهم سيئة وأنّهم يستحقون ما يحصلون عليه منها؟
من الطبيعي بلا شكّ أن تفتقد للثقة بالنفس حينما تجد نفسك خارج منطقة الراحة الخاصّة بك. أو تشكّك في قدراتك عندما تقف أمام مهمّة جديدة. لكن إن كان تقديرك لذاتك متدنيًا لدرجة تعاني معها في القيام بواجباتك الاعتيادية، فهذا سيؤثر بلا شكّ على صحتك العقلية وحياتك بأكملها.
سنتعرّف في مقال اليوم على مفهوم تقدير الذات وسنتطرّق إلى 8 مشكلات أساسية يسبّبها تدني تقدير الذات وكيفية علاجها.
ما هو تقدير الذات؟

يعبّر تقدير الذات أو الـ Self-esteem باللغة الإنجليزية عن رأيك الخاصّ حول نفسك. إن كنت تمتلك تقديرًا صحيًّا لذاتك فأنت تمتلك بلا شكّ مشاعر إيجابية حول قدراتك الشخصية ونظرة مشرقة عن الحياة بشكل عام.
أمّا في حال كان تقديرك لذاتك متدنيًا، فأنت على الأرجح تعاني من العديد من المشكلات والمشاعر السلبية التي تمّ إثبات ارتباطها علميًا بانعدام تقدير الذات، والتي قد تؤثر بشكل كبير على كلّ شيء في حياتك بدءًا من مسيرتك المهنية ووصولاً إلى علاقاتك الأسرية وحياتك الشخصية.
كيف تقيس تقديرك لذاتك؟
إن كانت مشاعرك سلبية تجاه نفسك وتجاه الحياة من حولك فهنالك احتمالية كبيرة أنّ يكون تقديرك لذاتك متدنيًا. وهنا ننصحك بالتحادث مع خبير اجتماعي للتعمّق في الأمر أكثر. كما يمكنك أيضًا تجربة مقياس روزنبيرغ لتقدير الذات Rosenberg Self Esteem Scale الذي طوّره عالم الاجتماع موريس روزنبيرغ والمستخدم بكثرة في بحوث العلوم الاجتماعية.
من خلال هذا المقياس الذي يتضمّن عدّة أسئلة، بدرجات من 0 إلى 30، يمكنك تحديد درجة تقديرك لذاتك حيث أنّ أيّ درجة أقلّ من 15 تشير إلى تقدير متدني للذات.
أهم 8 مشكلات مرتبطة بتدني تقدير الذات وكيفية حلها
كما سبق أن ذكرنا، فإن تدنّي تقديرك لذاتك قد يتسبّب في العديد من المشكلات في حياتك الخاصة أو المهنية والتي قد لا تعلم أنّ سببها الحقيقي هو أنّك لا تقدّر نفسك كما يجب.
فيما يلي أهم 8 مشاكل يسببها تدني تقدير الذات وكيفية معالجتها والتغلّب عليها:
1- احتقار النفس

جميعنا نمرّ بلحظات نكره فيها أنفسنا، لكن الوصول إلى مرحلة احتقار أفكارنا وأفعالنا يعتبر إشارة كلاسيكية واضحة لتدني تقدير الذات.
يتميّز احتقار النفس بأمرين مهمّين:

  • مشاعر الغضب تجاه ما أنت عليه.
  • عدم القدرة على مسامحة نفسك حتى على الأخطاء البسيطة جدًّا.

كيف تعالج احتقار النفس؟
  • غيّر حوارك الداخلي مع نفسك

قد يتحوّل الانتقاد الذاتي أحيانًا إلى وقود لكراهية النفس واحتقارها. لذا تتمثّل الخطوة الأولى في إسكات هذا الصوت الخفي في رأسك من خلال ترديد جملة إيجابية كجواب لكلّ تعليق سلبي تقوله لنفسك.
لماذا عليك أن تكون ناقدًا لنفسك؟ إن لم يكن باستطاعتك قول مثل هذه الانتقادات لصديقك المقرّب فلا تقلها لنفسك!

  • سامح نفسك على أخطائك

ليس هنالك شخصٌ جيّد بنسبة 100% أو سيئ بنسبة 100% أيضًا! عندما تقوم بأمر تندم عليه فذلك لا يعني أنك شيطان كما أنّ القيام بعمل خيّر لا يجعل منك ملاكًا.
  • تحدّى معتقداتك السلبية

من المرجّح أنّ مثل هذه المعتقدات قد انتقلت إليك من الآخرين كالوالدين أو شريك الحياة أو الأصدقاء والزملاء. لذا لا تجعل منها حقائق راسخة ولا تخف من إعادة بناء معتقداتك حول نفسك بما يتناسب معك. إنها حياتك أنت فلا تجعل لأحد غيرك سلطة عليها.
2- الهوس بالكمال

الهوس بالكمال هو أحد أهمّ الجوانب المدمّرة لتدني تقدير الذات. فالشخص المهووس بالكمال يعيش مع إحساس دائم بالفشل، لأنّ إنجازاته مهما كانت عظيمة تبدو له غير جيدة بما فيه الكفاية.
كيف تتغلب على مشكلة الهوس بالكمال؟

  • ضع توقعات واقعية تجاه نفسك

فكّر دومًا في مدى واقعية أهدافك وطموحاتك قبل أن تبدأ في السعي نحو تحقيقها، وتذكّر دومًا أنّه ما من شيء كامل في الدنيا.
  • فرّق بين أن تفشل وأن تكون فاشلاً

هنالك فرق عظيم بين أن تفشل في تحقيق أمرٍ ما، وبين أن تكون فاشلاً. عندما لا تتمكّن من تحقيق هدف أو إنجاز مهمّة فذلك لا يعني بالضرورة أنّك إنسان فاشل لا تستحقّ الحياة. لا تخلط بين الأمرين.
  • لا تركّز على صغائر الأمور

غالبًا ما يميل مهووس الكمال للتركيز على المشكلات الثانوية البسيطة ويهمل الأمور المهمّة بحق. احرص دومًا على النظر للأمور نظرة شمولية. ركّز على الصورة الكبرى وتغاضى عن صغائر الأمور.
3- كراهية مظهرك الخارجي

حينما يكون انطباعك عن جسدك سلبيًا، فذلك يعود في الغالب لأن تقديرك لذاتك متدني. والعكس صحيح أيضًا فتدني تقدير الذات يجعل الفرد يكره مظهره الخارجي ممّا يؤثر على سلوكياته في علاقاته مع الآخرين، وفي طريقة تقديم نفسه بل قد يصل الأمر إلى إهمال العناية بصحته الشخصية، نظرًا لأنه يرى نفسه غير جدير بذلك.
كيف تحبّ مظهرك الخارجي؟

  • تجنّب مقارنة نفسك مع الآخرين

فالمقارنة ليست سوى لصّ يسرق سعادتك ويقودك إلى فقدان الأمان. تقبّل حقيقة أنّ الكلّ مختلف بطريقة ما، وابحث عمّا يميّزك ويجعلك مختلفًا عن الآخرين.
  • اعتنيِ بصحتك

اتباع حمية غذائية صحية والمواظبة على التمارين الرياضية لن يجعل جسمك يبدو بحال أفضل وحسب، لكنه يسهم أيضًا في إفراز هرمون الإندورفين الذي يُشعرك بالسعادة والفرح ويجعلك في مزاج جيّد على الدوام.
  • اهتمّ بمظهرك

لا تهمل مظهرك فقط لأنك لا تحب شكلك الخارجي، على العكس من ذلك حاول في كلّ يوم أن تقوم بثلاث أمور بسيطة لتحسين مظهرك. كأن تعتني ببشرتك أو تشتري لنفسك قميصًا جديدًا، أو تلبس أحسن ثيابك...الخ.
لا تستخفّ بأثر التصرفات البسيطة. فإن واظبت عليها ستذهلك نتائجها!
4- الشعور الداخلي بأنّه لا قيمة لك

جميعنا نشكّ أحيانًا في قدراتنا في جانب معيّن من حياتنا. لكن الشعور المتعمّق بانعدام القيمة ينبعُ في الغالب من إحساسنا بأنّ قيمتنا أقلّ من الآخرين.
إن بدا لك هذا الشعور مألوفًا، فلا بدّ أن تعي أوّلا وقبل كلّ شيء أن الإحساس بالقيمة ليس أمرًا يُعطى لك من الآخرين وإنّما هو شعور داخلي تبنيه بنفسك.
كيف تتغلّب على شعور انعدام القيمة؟

  • توقّف عن التفكير بأنّ الآخرين أفضل منك

ردّد مع نفسك دومًا: ليس هنالك من هو أفضل منّي، وليس هنالك من هو أقلّ قيمة منّي. لكلّ منّا قيمته الخاصة التي تميّزه عن الآخرين. يمكنك أن تمدح سمات الآخرين وتشيد بها، لكن ليس على حساب قيمتك الشخصية.
  • تذكّر أنّك أنت من تعلّم الآخرين كيف يتعاملون معك

إن كنت تعامل نفسك على أنّك عديم القيمة، فكيف تتوقّع من الآخرين أن يعاملوك كشخص ذو قيمة؟ تذكّر دومًا أن تصرفات الآخرين معك ليست سوى انعكاس لنظرتك لذاتك. والعالم الخارجي ليس سوى مرآة لدواخلك.
غيّر نفسك وسيتغيّر العالم من حولك!
5- الحساسية المفرطة

الحساسية المبالغ فيها هي إحدى المشكلات الأكثر إيلامًا الناجمة عن تدني تقدير الذات. سواءً كنت ممن يغضبون من الانتقادات أو تشعر بالألم والانزعاج من كلّ تعليق يوجّه إليك، عليك أن تبذل جهدك للتغلّب على حساسيتك هذه.
كيف تتغلّب على الحساسية الزائدة وتتقبّل انتقادات الآخرين؟

  • أنصت جيّدًا لما يقال

استمع جيّدًا لما يقوله الآخرون لك أو عنك، وقيّم ما إذا كانت هذه الملاحظات حقيقية أم لا قبل أن تقرّر ردّة فعلك ومشاعرك تجاهها.
  • دافع عن نفسك

إن كان الانتقاد الموجّه إليك غير عادل، فلا تتردّد في أن تكون بطل نفسك وتعترض عليه مع توضيح السبب بكلّ هدوء وموضوعية بعيدًا عن الغضب والانفعال.
  • استفد ممّا يُقال لك

إن وجدت أنّ فيما يُوجّه إليك من انتقاد ضربٌ من الحقيقة، تعلّم منه وسخّره لصالحك. بدلاً من لوم نفسك على ما قيل لك، خذ بالنصائح الموجّهة إليك واستفد منها في تحسين نفسك وتغييرها للأفضل.
  • امضِ قدما للأمام

توقّف التفكير المستمر في التعليقات والانتقادات التي وُجّهت إليك. لأنّ التعلّق بهذا النوع من الذكريات لن يجلب لك سوى الأسى. بدلاً من ذلك، خذ العبرة منها وامضِ قدُما في حياتك. دع الماضي في مكانه الذي ينتمي إليه، وانظر إلى الأمام.
6- الشعور الدائم بالخوف والقلق

يرتبط الخوف والقلق الدائم والإيمان بأنّك عاجز عن تغيير أيّ شيء في عالمك، ارتباطًا وثيقًا بتدني تقدير الذات. وهو إشارة قويّة إلى أنك لا تقدّر ذاتك كما يجب.
كيف تتغلّب على الخوف والقلق؟

  • فرّق بين المخاوف الحقيقية وتلك غير المبررة

تحدّى مخاوفك وقلقك بالحقائق. على سبيل المثال، إن كنت تشعر أنّه لا جدوى من أن تقدّم طلبًا للحصول على ترقية في عملك، فكّر مليًا في مدى صحّة هذه الفكرة. هل لديك أدّلة تثبت عدم أهليتك حقًا؟
  • واجه مخاوفك

واستعن في ذلك بما يُسمّى "هرم المخاوف". ارسم هرمًا وقسّمه حسب مخاوفك، بحيث تضع أكبرها في قمّة الهرم، وأصغرها في الأسفل.
عليك الآن أن تشقّ طريقك إلى أعلى الهرم وتواجه مخاوفك واحدة بعد الأخرى بدءًا من أصغرها وصولاً إلى قمّة. وفي كلّ مرّة تتغلّب على إحدى مخاوفك سترتفع ثقتك بنفسك ويزداد تقديرك لذاتك.
7- الشعور الدائم بالغضب

الغضب شعور طبيعي، لكنه في غالب الأحيان ناجم عم تدني تقدير الشخص لذاته. حينما لا تفكّر إيجابيًا في نفسك، ستبدأ بالاعتقاد أنّ أفكارك ومشاعرك الخاصّة غير مهمّة للآخرين. وهكذا تتراكم الآلام والغضب في داخلك ويؤدي هذا الكبت بعد مرور الوقت إلى الانفجار. فتنفجرُ غاضبًا لأبسط الأسباب.
كيف تعبّر عن غضبك بطريقة صحيّة؟

  • تعلّم الحفاظ على هدوء أعصابك

وذلك من خلال التعبير عن مشاعرك وأحاسيسك في وقتها وعدم كبتها وإخفاءها كي تتراكم وتُصبح أشدّ إيلامًا.
  • أخرج نفسك من الموقف

في حال لم تنفع الطريقة الأولى، فحاول إذن أن تخرج نفسك من الموقف الذي يُغضبك. حاول أن تبتعد قليلاً عمّا يزعجك، وخذ أنفاسًا عميقة طويلة لتقلّل نبضات القلب وتُعيد جسدك إلى حالة الهدوء والاسترخاء.
  • لا تحمّل نفسك فوق طاقتها

يميل الأشخاص الذين يعانون من تدني تقدير الذات إلى تحميل أنفسهم فوق طاقتها، من خلال أخذ مسؤوليات تفوق قدراتهم، ثم يغرقون في محاولة الإيفاء بها وتنفيذها ويعانون بمرارة للنجاح في ذلك.
تجنّب القيام بهذا الأمر، ولا تتحمّل مسؤوليات تفوق قدراتك. لا تتردّد أيضًا في القيام بالمسؤوليات التي تحبّها وتستمتع بها.
8- السعي الدائم لإرضاء الآخرين
إحدى أهمّ المشكلات المرتبطة بتدني تقدير الذات هو الشعور بالحاجة لإرضاء الآخرين كي تحصل منهم بالمقابل على الإعجاب والاحترام والمحبّة. ونتيجة لذلك، ينتهي الأمر بالكثير من الأشخاص الذين يسعون لإرضاء الآخرين نهاية سيئة. إذ يستمرّون في العطاء والمنح حتّى يتمّ استغلالهم والإساءة إليهم معنويًا.
كيف تضع حدودًا لنفسك؟

  • تعلّم أن تقول لا

مرّة أخرى، تذكّر أن قيمتك لا تأتي من الآخرين، من يحبك حقًا فهو يحبّك لذاتك وليس لما تفعله لأجله أو تقدّمه له.
  • كن أنانيًا أحيانًا

أو على الأقلّ فكّر في احتياجاتك أوّلاً قبل التفكير في الآخرين. الأشخاص الذين يتمتّعون بتقدير عالٍ لأنفسهم يعلمون تمامًا متى يتوجّب عليهم تقديم أنفسهم على الآخرين.
  • ضع حدودًا للآخرين

يأتي الشعور بأنك مستغلّ وغير محبوب في الغالب من قبول تصرّفات وكلام من العائلة أو الأصدقاء (تراه في أعماقك غير مقبول). لذا تعلّم أن تعبّر عن رفضك هذا. ضع حدودًا للآخرين وحدّد لهم طريقة التعامل معك كما تريد وتحب أنت.
هل ترى أنّك تعاني من أيّ من هذه المشكلات؟
إن كنت كذلك، فلا تحزن ولا تقلق، الأمر ليس مُعيبًا، والأهم من كلّ شيء الآن هو أنّك عرفت المشكلة ممّا يعني أنك قد خطوة أوّل خطوة في طريق الحلّ.