بعد سقوط الاتحاد السوفيتي تفردت أمريكا بالهيمنة وممارسة سطوتها. وانتعش الغرب بتفكك الاتحاد السوفيتي, وتفتحت شهيته بالتفرد بالهيمنة و انبثقت دعوات تبشيرية دعائية بأديولوجيا العالم الحر الليبرالية الرأسمالية,
كانت نهاية ذلك أن استخدمت أمريكا القوة العسكرية في شن الحروب تلو الحروب , والانقلابات تلو الانقلابات, واستخدمت سطوة ناعمة بالاضافة الى القوة العسكرية, قوة تعتمد على توليد جذب للنموذج الغربي الليبرالي المتجسد بأمريكا, يستند على اساس اعتبارات حقوق الانسان والمرأة والحريات بشتى اشكالها, وقيم التحرر, والرفاه الاقتصادي ( الاستهلاكي تحديدا) ...الخ, على ان هذه القوة الناعمة مضللة في تسميتها , لانها اشد فتكا واعمق ضررا, واقوى تدميرا. لأن التدمير فيها يتناول قيم الشعوب وهوياتها وعقائدها واديانها ....
واخترع الغرب بفضل ذكاءه في الادارة وتدبير الحيل بسلسلة من المفاهيم والتدابير استطاع عن طريقها تفكيك المجتمعات وتذويب مصادر قوتها, من قبيل فكرة التعددية , و النزعة النسوية, والحريات على النهج الليبرالي, و اشكال الاقتصاد الحر ٍ
فالتعددية تؤدي الى تحويل المجتمع الى مجموعة من الافراد بلا نسق مشترك و لا هوية جماعية واحدة .... بالإضافة الى تسفييها للتدين والفلسفات والعقائد من خلال جعلها مسألة اختيارات فردية حالها حال مذاقات الأفراد في الطعام واللباس و الهوايات والالعاب , بشأن دينك بنفس الحال التي يقولها مع ذوقك في الطعام او اللباس وهكذا ...
والتعددية حين تنسف نسق القيم موضوعيا , فانها تحيل الافراد الى مجرد كائنات غرائزية بشكل فعلي, حيث تتلاشى كل مكانة للقيم الكبرى ....
والفردية تحول الجماعة الى مجموعة افراد , كل مشغول بهمه الفردي و غرائزه وهواجسه المعيشية وحتى اوهامه ....
والنزعة النسوية تنسف في نهاية المطاف كيان الاسرة, بل تخلق مشكلة وهمية يضعها الغربي بديلا عن واقع فطرته , مشكلة ماهي ماهية المراة وماهي ماهية الرجل ؟ وماهي حقوق المرأة , وافكار غريبة من قبيل التسلط الذكوري و هوس البحث في التاريخ لتفسيره طبقا للدور الذكوري والانثوي ...
والاقتصاد بصورته الرأسمالية يفتح الباب لتفرد الأثرياء بالثراء وصياغة السوق والانتاج طبقا لرؤى هذه الاقلية الثرية وحتى التحكم بمجرى الحياة السياسية , ووصولا الى تشكيل وعي الفرد طبقا لحاجات السوق والاستهلاك ...
تمثل هذه المفاهيم تشكيلة منظومية تتفاعل فيما بينها لتقوي بعضها بعضا ويدعم بعضها بعضا ...فالفردية هي أس الاقتصاد النيوليبرالي, وهذا يدعمها و يؤيد النزعات الاخرى الشاذة كالشذوذ الجنسي ( مايطلق عليه عندهم مثلية جنسية) ...وهكذا
والغرب يستخدم السطوة العسكرية ليؤسس مناخا سياسيا اما ديمقراطيا بشكل ظاهري او دكتاتوريا -أن لم ينفع الامر مع الديمقراطية- ليفسح المجال في ظل هذا المناخ لتلعب هذه المفاهيم والتدابير سطوتها في سحق المجتمعات وتشويهها وتبديلها ومسخها .... ويخلق لهذا الغرض تشكيلة من انظمة حكم موالية له , و مؤسسات اعلامية, ونخب مثقفة يشتريها بالمال , ومنظمات نشاط مدني لا حصر لها احيانا تهتم بشؤون هامشية لا علاقة لها بسبل تقدم المجتمع وتطوره و مشاكله الجوهرية.....
سطوة المفاهيم اقسى من سطوة السلاح , لانها تقتل المجتمع وتفككه وتضعف روحه, وتحوله الى مجموعة افراد غرائزيين تحركهم قوى الاقتصاد والاعلام باقصى قوة ممكنة ....
رد مع اقتباس
