صورمتحف خليل برجاوي الفريد.. أكبر مجموعة طوابع وبطاقات بريدية
مجموعة كبيرة من الطوابع والبطاقات البريدية، عشرات اللوحات المعروضة على الجدران والتي تضمّ مجموعات من الطوابع اللبنانية المرتّبة حسب التسلسل الزمني للإصدارات، لوحات موجزة وصور داعمة وبطاقات بريدية... خزائن تحوي أكثر من 1500 ألبوم للطوابع من لبنان ومن مختلف دول العالم.
مشروع فريد من نوعه في العالم العربي، لا يشبه سواه بفضل عزيمة وإرادة صاحبه ومؤسسه اللبناني خليل برجاوي (من بلدة هونين- جنوب لبنان) الذي يمتهن التجارة، ويهوى جمع الطوابع منذ صغره، يشير في حديثه إلى «أن أول ما يلفت انتباه أي شخص هو الألوان والصور التي يحملها طابع البريد، استهوتني هذه الصور وصار حبّ الاستطلاع والفضول لمعرفة أصل وحكاية هذه الرسومات مدخلاً إلى هذا العالم الغريب والمميّز والمبدع، دأبت فيه على رصد المجموعات وعملت على إكمالها خلال سنين طويلة من العمل والبحث، وتحوّلت هذه الهواية إلى شغف مهم في حياتي، وجزء لا يتجزّأ من يومياتي، خصوصاً خلال ساعات الصباح الأولى».
طوابع لبنان كاملة
يملك صاحب المتحف مجموعة طوابع لبنان كاملة، منذ عام 1924 بعد انهيار الحكم العثماني ووقوع لبنان تحت الانتداب الفرنسي، حيث صدرت للبنان طوابع فرنسية مدبوغة بعبارة «لبنان الكبير» ثم تلتها عام 1925 مجموعة لمدن ومعالم هذه الدولة، واستمر استعمالها بعد دمجها بعبارة «الجمهورية اللبنانية» حتى عام 1930، وظلّت الإصدارات بهذا الاسم مروراً بالاستقلال وحتى يومنا هذا.
يشرح خليل برجاوي عن أهمية طابع البريد، كونه وثيقة وطنية تواكب الحركة العمرانية والتاريخية والثقافية للأوطان، ولهذا يعتبر الطابع أهم ناقل للثقافات، وأفضل منبر للحوار بين لبنان والحضارات، وفي رأيه أن التاريخ يستوطن بين ثنايا طوابع البريد، ولهذه الأهمية حرصت الدول على إبراز أهم مفاتنها، وأحلى ما فيها على الطوابع؛ لعلها تعكس وجهها الحضاري وثقافتها.
مكتبة كاملة متكاملة
يضيف برجاوي قائلاً: «الطوابع تصوّر أهم رموز الدولة، من رئيس الجمهورية وكبار المؤثرين في الاقتصاد والسياسة، من خلال إبراز صورهم على الطوابع البريدية، بالإضافة إلى تصوير المعالم التاريخية ومفاصل الحركة الاجتماعية والعمرانية، وعملية الإنتاج والثروات الزراعية والبيئة، وكذلك عمارة المدن والجسور والأبنية والتراث والفولكلور الشعبي.
كما أن الطابع يسلّط الضوء على الحركة الفنية، كلوحات الرسّامين ورموز الغناء والتمثيل والنحت، من يملك ألبوماً من الطوابع في دولة ما، كأنه يملك مكتبة كاملة متكاملة لهذه الدولة بكافة تفاصيلها وشؤونها وحيثياتها».
وحول تأسيس المتحف يقول: «أسّست متحفي الخاص ومعرضي الدائم لطوابع البريد على مساحة 200 متر مربع في مبنى أمتلكه في منطقة النبطية عام 2010، وهدفي أن يكون صرحاً ثقافياً يحكي ثقافة طابع البريد، وأن يكون مقصداً للهواة والمهتمّين، إذ يجد الزائر نفسه أمام مجموعة لبنان كاملة، بالإضافة إلى مجموعات مميّزة للكثير من دول العالم، مثل ألمانيا التي أمتلك أكثر من 5000 طابع من مجمل المجموعة الألمانية، وكذلك بالنسبة لدولة الفاتيكان وغيرها.
هدفي هو أيضاً إقامة المعارض المتنقّلة خلال المناسبات الوطنية والقومية، وكذلك إقامة المعارض في المدارس للتعريف بثقافة الطابع، وجذب هواة جدد من الجيل الناشئ».
الطوابع الأولى
وحول هوايته يشير برجاوي في حديثه إلى أن «وجود الطوابع الأولى دعا الهواة إلى جمعها واقتنائها، وتطوّرت علاقة الشغف والحب لتلك القصاصات الورقية الملوّنة الجميلة وانتشرت هذه الهواية في كل أرجاء المعمورة، وانتقلت من جمع الصور والألوان إلى عملية بحث عن حكايات هذه الصور، وصار جمع الطوابع هواية لجمع الحكايات والأحداث والقصص والأهازيج.
هذه الهواية عبارة عن بذور من العشق والشغف تنمو في طوايا وجدان الهواة، يوليها الهاوي مع تقدّم الوقت ومرور الأيام العناية والاهتمام والمتابعة... ولا يختلف الهواة واحدهم عن الآخر إلا بمقدار الزرع والحصاد.
هواة جمع الطوابع قوم يحبّون هوايتهم، وهم يعملون المستحيل لإرضاء عشقهم وشغفهم ونزواتهم... ويبذلون في سبيل ذلك المال والوقت.
مسالمون وحالمون
هواة جمع الطوابع قوم يحبّون بعضهم، ويتبادلون العلم بكل موضوعية ووفاء، كما يحبون الناس والمجتمع... مسالمون وحالمون، يركضون خلف المعلومة والصورة والزخارف والحكايات...
مع التطوّر الرقمي وغزو شبكة الإنترنت والتواصل الاجتماعي، انتشرت وتعارفت وتوسّعت مجموعات الهواة والأندية المختصّة، وصارت عمليات تبادل المعلومة بغاية السهولة واليسر.
باختصار، الطابع البريدي وهواية جمعه مصدر من أهم مصادر رصد المجتمعات بالثقافة والعلم والفن الجميل».
وختم خليل برجاوي حديثه: «الطابع البريدي على الرغم من صغر حجمه إلا أن له دلالات هائلة عميقة وممتعة... وهو الصديق الذي يتعاطى معنا ونتعاطى معه بكل صدق ووفاء وتواضع، وأنا أوجّه الدعوة لزيارة المتحف لكل عاشق للجمال والثقافة والتاريخ».