مساكم الله بالخير
درر&درات
قصة السفينة ( دجلة )
ـــــــــــــــــــــــ
في عام 1977 قام النرويجي (ثور هيردال) ببناء سفينة من القصب والبردي في مدينة القرنة في البصرة في العراق معتمداً على مخططات السفن السومرية القديمة حيث اراد (هيردال) من بناء هذه السفينة ان يثبت نظرية اكتشاف السومريون لقارة امريكا فيما رجح البعض ان هيردال كان يمتلك دوافعاً مادية خلف المشروع ومهما يكن فقد اُنجزت الفكرة بعد عمل إستغرق عدة شهور بمساعدة اهالي مدينة القرنة ..
وبعد فترة من العناء استطاع إكمال السفينة من البردي وأسماها (دجلة) وأبحر بها من القرنة الى الخليج وبحر العرب ومن ثم الى كراتشي في باكستان وعاد الى الغرب في المحيط الهندي حتى رسى بها في جيبوتي حيث أحرقها قبل ان يكمل رحلته المخطط لها !
الـ د. ثور هايردال عالم نرويجي ورحالة مغامر تخصص في علم الأعراق وصاحب فكرة اتصال الحضارات ولد في 6 تشرين عام 1914 في مدينة «لارفيك» بالنرويج وتخرج من جامعة أوسلوا بتخصص في علم الحيوان والجغرافيا وبرزت شهرته بعد ان قام برحلة ( الكونتيكي الاستكشافية ) والتي قطع بها مبحراً على طوف مبني من خشب شجر البلسا مسافة 8000 كم عبر المحيط الهادئ ابتداءً من الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية حتى وصل جزر تواموتو في بولينيزيا ليثبت أن أصول الشعوب في جزر البولينيزيا هي من أمريكا اللاتينية نتيجة انتقالهم قبل5000 سنة على أطواف شبيهة بالكونتيكي أو على الأقل إثبات الاتصال بينهم
المشروع الأهم كان تحت رعاية أستاذيه المشرفين على رسالة الدكتوراه التي كان يعد لها وهما كريستين بونيفي وهالمار بروك وتضمن زيارة ودراسة بعض الجزر المعزولة في المحيط الهادئ ومحاولة اكتشاف كيفية وصول الحيوانات المحلية إلى هذه الجزر وقد نشر تفاصيل الرحلة في كتابه الأول ( البحث عن الجنة ) عام 1938 ولكن قيام الحرب العالمية الثانية سبب في عدم توزيعه ونسيانه فتم اعاده طبعة موسعاً في كتاب جديد أطلق عليه ( العودة للطبيعة ) ..
في منتصف السبعينيات صرح ثور هايردال ( إن سكان جنوب العراق القدامى هم الذين إكتشفوا أمريكا قبل كريستوفر كولمبوس بما يقارب عن ألألفين سنة وهذا ما أريد أن أثبته عملياً ) وبالفعل فقد قام عام 1977 بالتعاون مع مجموعة من سكان الاهوار ببناء السفينة دجلة في محاولة للأبحار بها عن طريق شط العرب والخليج ثم بحر العرب والمحيط الأطلسي للوصول بها الى أمريكا ..
استخدم هايدرل خمسة من افضل صانعي القوارب من البردي وهم من قبيلة آيمارا من هنود امريكا الجنوبية وهم ( باولينو ، ديمتريو ، خوان خوسيه ) اضافة الى المترجم لويس سيفالو و بدأ العمل ببناء السفينة دجلة في منطقة القرنة بالبصرة واستخدم في بنائها البردي المقطوع من وسط الهور واستفاد كثيرا من خبرة الشيوخ المسنين ممن ولدوا وعاشوا حياتهم في تلك المنطقة والذين نصحوه باستخدام البردي المقطوع في شهر آب كونه الافضل في هذا المجال كما تم استخدام الكثير من ابناء المنطقة المتخصصين في هذا المجال ..
بعد اكمال بناء السفينة تم تشكيل طاقم الرحلة من أحد عشر شخصاً هم :
- قائد الفريق ثور هايدرل ـ (النرويج)
- المستكشف الكابتن نورمان بيكر (الولايات المتحدة الامريكية )
- متسلق الجبال الشهير وخبير الحبال كارلو ماوري (ايطاليا)
- الطبيب الدكتور يوري سنكافيج (أتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية )
- عالم الآثار جيرمان كاراسكو (المكسيك)
- المترجم الفنان رشاد نزار سليم (العراق ) و هو ابن أخ الفنان العراقي الكبير جواد سليم ..
- الخبير الفني والمصور نوريس بروك (الولايات المتحدة الامريكية )
- المصور المحترف تحت الماء الفنان تورو سوزوكي (اليابان)
- البحار الكابتن ديتليف زولتزيك (المانيا)
- المساعد الفني ( الطالب ) اسبيورن دامهز (الدانمرك)
- المساعد ( الطالب ) هانز بوهن (النرويج)
وبعد توديع حافل لها في القرنة أبحرت السفينة ( دجلة ) لأول مرة في مياه نهر دجلة ثم دخلت شط العرب ومن ثم الى الخليج العربي ومضت عبر مضيق هرمز واجتازته بنجاح بالغ ودخلت الى خليج عمان ومضت في طريقها حسب الخطة المرسومة لها نحو الباكستان ثم غادرتها عائدة نحو بحر العرب فاجتازته بنجاح بالغ ثم وصلت الى خليج عدن وهناك منعت السفينة من عبور باب المندب نحو البحر الأحمر بسبب الاحداث في إريتريا والحرب القائمة في المنطقة والاساطيل المنتشرة هناك ..
سخرالعالم هايدرل في كتاباته من الموضوع قائلاً ( هل صحيح ان سفينة من القصب البردي العراقي تمثل خطورة على الاساطيل وحاملات الطائرات ؟ ام هل ان السفينة دجلة لا يراد لها ان تعانق ارض الكنانة ) ..
وسلامتكم ياطيبين