درر العراق

مرتضى الطيب · 17/March/2013

مدن العالم القديم الضائعة

لم تسقطها صفحات التاريخ رغم أن الجغرافيا ابتلعت بعض أجزائها

كثيرًا ما قرأنا عن مدن العالم القديم وعظمتها، بعضها افترضت مخيلتنا تفاصيلها، فنبحث في أطلالها التي تدهشنا بعبقرية بنّائيها وإبداع مبتكريها، ولتأخذنا إلى أزمنة ما قبل التاريخ المكتوب ونتقمّص لا إراديًا أثناء تجوالنا حياة سكّانها، فنسمع هتاف جمهور يجلس على مدرج روماني، ونتخيّل باعة يعرضون بضاعتهم أثناء جولتنا في بقايا سوق، وتدهشنا أعمدة شُيدت بإتقان ندوخ لإرتفاعها... بابل أكبر مدن الشرق القديم بقيت أحد ألغاز التاريخ بحدائقها المعلّقة، وقرطاج التونسية التي بنتها الأميرة الفينيقية أليسار تحتفل ببهائها في مهرجانها السنوي، وبرسبوليس عاصمة الأخمينيين تحضن كل ثراء حضارة الفرس...
قرطاج في تونسعلى بعد 15 كلم من العاصمة تونس تمتد قرطاج المدينة التونسية التي يقال إن إليسار أميرة صور التي هربت من جور أخيها الملك بيقماليون فاوضت حاكم البلاد الامازيغي لمنحها أرضًا تبني عليها مدينتها قرطاج، غير أن الملك منحها مساحة جلد ثور فقبلت الأميرة الفينيقية ذلك أمام دهشة مرافقيها، لكنها كانت تضمر خطة ذكية مكّنتها من بلوغ غايتها وتأسيس قرطاج، واحدة من أشهر المدن عبر التاريخ.
فقامت أليسار بقص جلد الثور إلى أشرطة دقيقة طويلة أحاطت بها الهضبة التي تعرف الآن بهضبة بيرصا، وهي تعني بلغة السكان الأصليين «جلد ثور».
وكانت تلك نقطة الانطلاق لبناء حضارة متطورة قائمة على الملاحة والتجارة بين شرق البحر الأبيض المتوسط وغربه.
وبعد تسعة قرون من سيطرة قرطاج على غرب حوض الأبيض المتوسط، خضعت المدينة للرومان بعد حرب ضروس قادها هنيبعل وجيشه على ظهور الفيلة مما أدى إلى تدميرها.
أعاد الرومان بناءها فعادت إلى مجدها القديم. ولا تزال أطلال قرطاج القديمة منتشرة في ضاحية تونس، مثل الحمامات الرومانية وقصور ومعابد رومانية، ولا ننسى مسرح قرطاج الروماني نجم مهرجان قرطاج الدولي.

بابل في العراقعلى مسافة 80 كيلومترًا جنوب بغداد تقع بابل التي نُسجت حولها كل أساطير التاريخ، فيقال إن عند برجها بلبل لسان شعوب الأرض بعدما كانوا يتكلّمون لغة واحدة حتى لا يفهم بعضهم لسان بعض.
وبقيت حدائقها المعلّقة لغزًا من ألغاز العالم القديم يحاول علماء الآثار حله، فالأطلال التي وجدت تظهر خفايا التاريخ القديم الساحر لحضارة بلاد ما بين النهرين العظيمة بأساطيرها وعلومها وشرائع ملكها حمورابي.
أُسست بابل أقدم مدن الشرق القديم عام 2500 قبل الميلاد، وبعد خمسة قرون أصبحت أكبر مدن بلاد ما بين النهرين عندما جعلها حمورابي، أول ملوك الإمبراطورية البابلية، عاصمته.
دُمّرت بابل في القرن السادس قبل الميلاد على أيدي الأشوريين، ثم هُجرت بسبب القحل الذي أصابها في القرن الثاني قبل الميلاد وبعد موت الإسكندر الكبير.

هيركولانوم في إيطالياهذه المدينة الثرية التي سكنها أفراد العائلة الإمبراطوية طمرتها الحمم البركانية المنزلقة من جبل الفيزوف Vesuve عام 79.
أعيد اكتشافها قبل 250 سنة وتعدّ كنزًا أركيولوجيًا. فرغم الإنفجار البركاني بقي الكثير من الأبنية، ووجد عدد من الجثامين على مقربة من البحر، ويبدو أنها تشير إلى أن السكان كانوا يحاولون الهروب من الحمم البركانية بواسطة القوارب.
ومن بين الروائع التي لم يطلها البركان مئات المحادل التي وُجدت في فيلا بابيروس، ومكتبة قديمة.
يستغرق الوصول إلى هذه المدينة 25 دقيقة عبر قطار سيركومسوفيينا من نابولي. أما التجوال في كل مواقع هيراكولانوم فيحتاج إلى يوم كامل.

برسبوليس في إيرانبدأ بناء عاصمة الإمبراطورية الأخمينية بيرسبوليس في عهد الإمبراطور داريوس حوالى سنة 518 قبل الميلاد، واستمر حوالى 150 عامًا.
تشهد الآثار الرائعة على عظمة هذه المدينة في الماضي البعيد وترف سكانها، فالسلالم والأعمدة والبوابات الضخمة كلها تشير إلى التنافس الكبير الذي كان قائمًا بين مدن الإمبراطورية الفارسية وإلى الثراء التاريخي لحضارة الفرس.
تمتد بيرسبولس في إيران الحالية على مساحة 125 ألف متر مربع، وهي محاطة بسور يبلغ ارتفاعه 18 مترًا، وقد دُمّر جزء منها في عهد الإسكندر الكبير عام 330 قبل الميلاد.
توفر كل الفنادق في مدينة شيراز القريبة من بيرسبوليس جولة سياحية في المدينة.

بالانك في المكسيكعند أقدام جبال شياباس في جنوب غرب المكسيك، يختبئ هذا المعلم الأثري الأقرب إلى الخيال بالانك التي يقال إنها وُجدت في القرن الأول قبل الميلاد وأصبحت إحدى المدن الريئسية لشعب المايا بعد 500 عام.
تشير الكتابات المنقوشة على جدران المعابد إلى التسلسل التاريخي لحياة الأسرة المالكة والأحداث التي مرت على المدينة التي تعكس تاريخًا متحرّكًا.