السودان: احتدام المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع رغم محادثات بين الطرفين في المملكة السعودية

نشرت في: 06/05/2023

نص:فرانس24تابِع

رغم الإعلان عن محادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع السبت في المملكة العربية السعودية، تبقى المعارك بين طرفي النزاع على أشدها. ووفق بيان مشترك بين الولايات المتحدة والسعودية فإن اللقاء الذي تحتضنه مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر سيفتح الباب أمام احتمال التوصل إلى هدنة في أفق إنهاء الصراع المتواصل. وتفاعلا مع الخطوة، رحب تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير السوداني بالمبادرة التي تحمل أملا في وضع حد للاقتتال المتواصل منذ أسابيع.

لم يخمد بعد فتيل المعارك الجارية في السودان وتحديدا في العاصمة الخرطوم، وذلك على الرغم من موافقة كل من الطرفين المتصارعين على السلطة لإرسال وفد إلى السعودية السبت لإجراء محادثات حول هدنة جديدة.
ومثلما هو الحال منذ 15 نيسان/أبريل الماضي، تحدث شهود عيان من سكان العاصمة السودانية لوكالة الأنباء الفرنسية عن دوي قصف. كما شنت طائرات الفريق أول عبد الفتاح البرهان السبت ضربات جوية في حي الرياض بالخرطوم.
هذا، وتتواصل معاناة السكان، من انقطاع المياه والكهرباء ومن نقص مخزون الطعام والمال.
وكان قد أعلن بيان مشترك للولايات المتحدة والسعودية أن ممثلين عن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع سيعقدان السبت محادثات مشتركة في مدينة جدة بهدف بحث سبل إنهاء
الصراع الدامي المستمر منذ أسابيع.

وحثت واشنطن والرياض كلا الطرفين على "استشعار مسؤولياتهما تجاه الشعب السوداني والانخراط الجاد في هذه المحادثات ورسم خارطة طريق للمباحثات لوقف العمليات العسكرية والتأكيد على إنهاء الصراع وتجنيب الشعب السوداني التعرض للمزيد من المعاناة وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة".
وكان الجيش السوداني قد أفاد في بيان الجمعة أنه أرسل وفدا إلى السعودية وتحديدا إلى جدة من أجل إجراء محادثات بشأن هدنة في البلاد وذلك في إطار مبادرة سعودية-أمريكية مشتركة.
ووصل الوفد إلى جدة مساء الجمعة بعدما أوضح طرفا الصراع في السودان أنهما سيناقشان وقف إطلاق النار للأهداف الإنسانية دون الدخول في مفاوضات لإنهاء الصراع.
من جانبها، أكدت قوات الدعم السريع مشاركتها في محادثات جدة.
وقال قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي في بيان "نشيد بالجهود الإقليمية والدولية المبذولة للوصول إلى وقف إطلاق نار يسهل فتح ممرات إنسانية تمكن المواطنين من الحصول على الخدمات الأساسية".
من جهة أخرى، وككل يوم منذ نحو ثلاثة أسابيع، تواصلت المعارك بين طرفي الصراع في العاصمة السودانية الخرطوم حيث يقطن نحو خمسة ملايين شخص.
وقد أسفر القتال بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، منذ 15 نيسان/أبريل الماضي، عن سقوط ما يقارب الـ700 قتيل وآلاف الجرحى، بحسب مجموعة بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثه (إيه سي إل إي دي).
قالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إن الوزير الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن ناقشا في اتصال هاتفي مستجدات مبادرة مشتركة لاستضافة طرفي النزاع السوداني في مدينة جدة بالمملكة. وقال البيان الصادرالجمعة إن المبادرة المشتركة تهدف إلى "خفض مستوى التوترات" في السودان.
ومن جهته، أكّد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن "المأساة... يجب أن تنتهي"، ملوحا بفرض عقوبات على "الأفراد الذين يهددون السلام"، لكن من دون أن يسمي أحدا.
معارك "طويلة الأمد"..الطرفان يؤمنان بقوة السلاح
وتقول رئيسة الاستخبارات الأمريكية أفريل هاينز إن المعارك ستكون "طويلة الأمد" لأن "الطرفين يعتقدان أن بإمكان كل منهما الانتصار عسكريا وليست لديهما دوافع تُذكر للجلوس إلى طاولة المفاوضات".
ومن جهته، قال خالد عمر يوسف وهو وزير مدني أقيل خلال الانقلاب إنه "في كل دقيقة تستمر فيها (الحرب) يموت أناس ويتشرد بشر ويتمزق مجتمع وتضعف الدولة".
وإلى حد الساعة، أسفر القتال عن إصابة أكثر من خمسة آلاف شخص بجروح وتشريد ما لا يقل عن 335 ألف شخص وإجبار 115 ألفا آخرين على النزوح، وفقا للأمم المتحدة التي تطلب 402 مليون يورو لمساعدة السودان الذي يعد من أفقر دول العالم.

كما أوضحت الأمم المتحدة أيضا أن "أكثر من 50 ألف شخص عبروا في الثالث من أيار/مايو" إلى مصر، مضيفة أن "أكثر من 11 ألف شخص" عبروا إلى إثيوبيا و"30 ألف شخص إلى تشاد".
ومن جهته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أنه "من الضروري للغاية" ألا تتخطى الأزمة السودانية الحدود.
هذا، وفي دارفور غربا على الحدود مع تشاد، تم تسليح مدنيين للمشاركة في الاشتباكات بين الجنود وقوات الدعم السريع ومقاتلين قبليين ومتمردين، وفقاً للأمم المتحدة.
آمال في أن تكون "الحلول أفريقية"
وشهد إقليم دارفور حربا دامية بدأت العام 2003 بين نظام البشير ومتمردين ينتمون إلى أقليات عرقية، قال المجلس النرويجي للاجئين إنها أسفرت عن سقوط "191 قتيلا على الأقل واحتراق عشرات المنازل ونزوح الآلاف" فضلاً عن تعرض مكاتبه للنهب.
هذا، وأفاد شهود عيان الخميس عن اشتباكات في الأُبيّض التي تقع على بعد 300 كيلومتر جنوب العاصمة.
في حين، وصل 30 طنا إضافيا من المساعدات الجمعة إلى مدينة بورتسودان الساحلية التي ظلت نسبيا في منأى عن أعمال العنف.
وإلى ذلك، تسعى الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أخرى إلى التفاوض بشأن تسليم هذه الشحنات إلى الخرطوم ودارفور، حيث تعرضت المستشفيات والمخزونات الإنسانية للنهب والقصف.
وبينما تتكثف الاتصالات الدبلوماسية في أفريقيا والشرق الأوسط، قال الجيش إنه اختار الاقتراح الذي تقدمت به الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) بسبب الحاجة إلى "حلول أفريقية لمشاكل القارة"، مرحبا في الوقت ذاته بالوساطات الأمريكية والسعودية.
هذا، وكان مبعوث البرهان موجودا في أديس أبابا الخميس. كما أعلنت القاهرة أنها تحدثت عبر الهاتف إلى القائدين المتحاربين.
ومن جهتها، تعقد الجامعة العربية الأحد في القاهرة اجتماعين غير عاديين على مستوى وزراء الخارجية ستخصص أحدهما لبحث الحرب في السودان، وفق ما قال لوكالة الأنباء الفرنسية، دبلوماسي رفيع المستوى.
كما تعهد معسكر البرهان تسمية موفد يمثله للتفاوض على الهدنة مع الطرف الآخر برعاية "رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي".
ومن ناحية أخرى، أعلنت قوات الدعم السريع أنها وافقت على هدنة لمدة ثلاثة أيام - وليس أسبوعا - وأنها تتواصل مع قائمة طويلة من البلدان والمنظمات.
ومن جانبه، أعلن رئيس جنوب السودان سلفا كير الثلاثاء أن طرفي النزاع وافقا "مبدئيا"، خلال اتصال معه، على هدنة تستمر من 4 إلى غاية 11 من الشهر الجاري.
ويذكر أن هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة، كانت قد خرجت في العام 2020 من عقدين من العقوبات الأمريكية التي فُرضت على الدكتاتورية العسكرية الإسلامية للجنرال عمر البشير الذي أطاح به الجيش تحت ضغط الشارع في العام 2019.
ثم في العام 2021 أطاح البرهان ودقلو معا شركاءهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ سقوط البشير. لكن سرعان ما ظهرت خلافات بين الجنرالين وتصاعدت حدتها، ومن أبرز أسبابها شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش.
ومنذ ذلك الحين، لا يبدو أن شيئا قادر على التوفيق بين الرجلين اللذين يتبادلان الاتهامات بشأن انتهاك الهدنات المتتالية.

فرانس24/ أ ف ب/ رويترز