أَشْرَاك الـرَّدَى..
هَـبَّ الْجَـنُـوبُ نَـسِيمًا فَوْحُهُ رَطِبُ
فَـهَـاجَ وَجْـدِي وَكَـادَ الدَّمْعُ يَنسَكِبُ
وَرَنَّـمَ السَّاجِـعُ الْمَكْلُـومُ فِي شَـجَـنٍ
فَأصْـبَـحَ الْـقَـلْـبُ مِمَّا فِيهِ يَضْطَرِبُ
وَكَـان بَـدرُ الدُّجَى جَـبْرًا يُـسَـامِـرُنِي
حَـتَّـى الـثُّـريَّا بَدَتْ مِنْ حُزْنِهَا تَـثِـبُ
يَا حَـبَّـةَ الْعَـيـنِ إِنْ جَافَـيتُ مَعْـذِرةً
مَا كَانَ لِلْنَفـسِ فِي هَـذَا النَّـوَى أَرَبُ
يَا صَفْـوَةَ الـرُّوحِ لَوْلَا فَـرْطُ هَـجْرِكُمُ
لَمَا اعْـتَـرَى مُـهْـجَتِـي مِمَّا بِهَا لَغَبُ
فَهَل يَـجُودُ زَمَـانِـي بِالْوِصَالِ عَـسَـى
تَـزُوْلُ مِن بَـيـنِـنَـا الْأسْـوَارُ وَالْحُجُبُ
طَــوَارِقُ الْحَـالِ جَـارَتْ فِي تَـغَـرُّبِـنَا
فَالحَمدُ للَّـهِ، لَكِنْ مَـا هُـوَ السَّـبَبُ؟
حُمِّلْتُ إِصْرًا تَـضِـيـقُ الرَّاسِيَـاتُ بـهِ
لَـوْ شَالَهُ الطَّـوْدُ يَومًا مَسَّـهُ النَّصَبُ
فَـمَا أَلِـفْـنَـا أمَـانًـا بَـعْـدَ جَـفْـوَتِـنَـا
فَكِيفَ عَنْ أَهْـلِـنَـا نَـنْـأَى وَنَـغْـتَـرِبُ
غَـزَا الْمَشِّيـبُ قُـذَالِي وَانْحَنَى بَـدَنِي
وَالْعُـمْـرُ وَلَّـى وَظِـلُّ الْـمَوْتِ يَقْتَربُ
وَالْمَـرْءُ صَيْدٌ بِأَشْرَاكِ الـرَّدَى عَلِقَتْ
أَطْـرَافُـهُ فِي شِـبَـاكٍ شَـدَّهَـا طَـنَـبُ
وَلِـلـمَـنِــيَّـــةِ أَنْــيَــابٌ إِذَا غُـــرِزَتْ
لَمْ يَـنْـجُ مِـنْـهَا الَّذِي قَدْ تَاقَهُ الْهَرَبُ
بَـنَـاتُ دَهْــرِيَ مَـا زَالَـتْ تُـلَازِمُـنِـي
كَأَنَّـمَا حَــلَّ فِـيـمَـا بَـيـنَـنَـا نَـسَـبُ
يَا رَبُّ إِنْ كَانَ لِي زُلْفَى أَجِبْ طَـلَبِـي
وَاصْـرِفْ بَــلَاءَ دَهَـاءٍ أَمْــرُهُ عَـجَـبُ
وَأَرْتَـجِـيـكَ لِجَـفْـنٍ يَـشْـتَـكِـي أَرَقًـا
رَهْنَ السُّـهَادِ وَقَـلْبٍ نَـابَـهُ الـتَّـعَـبُ
يَـعُـزُّ عِندِي بِـأَنْ أَدْعُــوكَ مُـبـتَـهِـلًا
وَلَا يُـجَـابُ لِـمَـا أَرْجُــو لَهُ الطَّـلَـبُ
أَنْـتَ الْـكَرِيـمُ الَّـذِي لَولَا فَـضَـائِـلُـهُ
لَأَصْـبـحَ الْجُـودُ مَبـتُـورًا بِـهِ عِـيَــبُ
أَنْصَفْتَ بِالْعَدْلِ مَا حَابَيتَ مِن أَحَـدٍ
فَـأنْـتَ أُمٌّ لِأَيْــتَــــامِ الْــــوَرَى وَأَبُ
يَا لَـيْـتَ مَنْ دَكَّ أَرْكَـانِـي قَضَى ظَمأً
تَـنْأَى الْيَنَابِيـعُ عَنْ سُقْيَاهُ وَالسُّحُـبُ
هيثم النسور