توقّعات برفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة رغم علامات تباطؤ الاقتصاد

نشرت في: 01/05/2023


واشنطن (أ ف ب) – من المتوقع أن يرفع بنك الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة للمرة العاشرة - وربما الأخيرة - الأربعاء، في الوقت الذي يواصل فيه معركته ضدّ التضخّم المرتفع.
ومن المرجّح أن يتخذ البنك المركزي الأميركي هذا القرار، على الرغم من الإشارات المتزايدة على تباطؤ الاقتصاد الأميركي، حيث يتوقّع العديد من الاقتصاديين أن تدخل الولايات المتحدة في ركود معتدل في وقت لاحق من هذا السنة.
ويتوقّع المحلّلون أن يرفع بنك الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ثمّ يبقيها عالية في محاولة لإعادة التضخّم نحو الهدف الطويل الأجل المتمثّل في 2 في المئة، من دون التسبب بركود أعمق من المتوقّع.
وكتب الاقتصاديون في "بنك أوف أميركا" في مذكّرة للعملاء الجمعة "نتوقّع أن يرفع بنك الاحتياطي الفدرالي (سعر الفائدة) بمقدار 25 نقطة أساس الأسبوع المقبل، على أن يتبع ذلك توقّف مؤقت في حزيران/يونيو، مع وجود ميل ضعيف لرفع لاحق في أسعار الفائدة".
ومن شأن رفع أسعار الفائدة الأربعاء أن يمثّل الزيادة العاشرة على التوالي، ليصل المؤشر إلى ما بين 5 و5,25 في المئة - وهو أعلى مستوى منذ العام 2007.

اضطرابات مصرفية
سيُعقد اجتماع اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة (FOMC) التي تحدّد معدّل الفائدة في الثاني والثالث من أيار/مايو، في ظل ظروف مختلفة تماماً عن سابقاتها في آذار/مارس، حينما عُقد الاجتماع وسط أزمة مصرفية قصيرة وحادّة تبلورت في الانهيار السريع لبنك "سيليكون فالي" قبل ذلك بأيام قليلة.
أدّى الانهيار السريع لبنك "سيليكون فالي"، متأثّراً بسعر الفائدة المفرط، إلى إثارة مخاوف من العدوى المصرفية والتي تفاقمت مع انهيار "سيغنتشر بنك" في نيويورك بعد بضعة أيام.
في مواجهة هذه الاضطرابات المستمرّة في القطاع المصرفي، تخلى بنك الاحتياطي الفدرالي عن الزيادة الكبيرة في أسعار الفائدة في 22 آذار/مارس، واختار بدلاً من ذلك رفعها بمقدار ربع نقطة.
ساعدت الجهود المتضافرة من قبل المنظّمين الأميركيين والأوروبيين بعد انهيار بنك "سيليكون فالي" على تهدئة الأسواق المالية، ويبدو أنها حالت دون وقوع مزيد من الأضرار في القطاع المصرفي.
وكتب مايكل بيرس كبير الاقتصاديين الأميركيين في أكسفور إيكونوميكس، في مذكّرة حديثة إلى العملاء، أنّه "مع تراجع الضغط في أسواق الائتمان، يبدو أنّ مسؤولي الاحتياطي الفدرالي مستعدّون للمضي قدماً في رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع في أوائل أيار/مايو".
ولكن رغم أنّ الأسواق المالية باتت أكثر هدوءاً، إلّا أنّ انهيار بنك "سيليكون فالي" كان له تأثير دائم على القطاع المصرفي، حيث قامت المصارف بتشديد شروط الإقراض في الأسابيع التي تلت.
وفي هذا السياق، أشار المسؤولون في بنك الاحتياطي الفدرالي إلى أنّ شروط الإقراض الأكثر تشدّداً يمكن أن تكون بمثابة زيادة إضافية في سعر الفائدة، ممّا قد يقلّل من عدد الزيادات اللازمة لخفض التضخّم إلى 2 في المئة.
وقال حاكم بنك الاحتياطي الفدرالي كريستوفر والر في منتصف نيسان/أبريل، إنّ "التشديد الكبير في شروط الائتمان يمكن أن يؤدّي إلى تفادي الحاجة إلى مزيد من التشديد في السياسة النقدية".
ولكنه حذّر من "إصدار مثل هذا الحكم" قبل نشر بيانات جيّدة عن تأثير الاضطراب المالي والإقراض المصرفي.
من جهتهم، اعترف المنظّمون الأميركيون الجمعة بأنّه كان بإمكانهم فعل المزيد لمنع انهيار كلّ من "سيليكون فالي" و"سيغنتشر بنك"، فيما دعا بنك الاحتياطي الفدرالي إلى قواعد مصرفية أكثر صرامة في المستقبل.
مرة أخيرة؟
تشير البيانات الاقتصادية الأميركية الأخيرة إلى اقتصاد متباطئ، مع تزايد التوقّعات بأنّ الولايات المتحدة ستدخل في ركود في وقت لاحق من هذه السنة.
وأظهرت البيانات الصادرة في أواخر نيسان/أبريل أن الناتج الاقتصادي تباطأ إلى معدّل سنوي بمقدار 1,1 في المئة في الربع الأول من هذا العام، في حين انخفض مقياس التضخّم إلى معدّل سنوي بمقدار 4,2 في المئة في آذار/مارس، من 5,1 في المئة في الشهر السابق.
دفع التأثير المتنامي لحملة رفع أسعار الفائدة التي قام بها بنك الاحتياطي الفدرالي على الاقتصاد، المحلّلين إلى توقّع توقّف الاحتياطي الفدرالي عن رفع أسعار الفائدة بعد القرار المرتقب الأربعاء.
ومع توقّع رفع أسعار الفائدة بنسبة ربع نقطة، سينصبّ التركيز بدلاً من ذلك على "أي تغييرات في اللغة التوجيهية التي سيحملها البيان" الصادر عن بنك الاحتياطي الفدرالي، حسبما كتب الاقتصاديون في "دويتشه بنك" في مذكّرة حديثة إلى العملاء.
وقالوا في المذكّرة "بينما تبقى قضيتنا الأساسية أنّ الزيادة في أيار/مايو ستكون الأخيرة في هذه الدورة، ذلك أنّ الاقتصاد يستجيب للقيود (على الإقراض)، إلّا أنّنا نرى مخاطر في الميل إلى زيادة أخرى في حزيران/يونيو".
من جهته، قال رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول بعد قرار رفع معدّل الفائدة في آذار/مارس، إنّ بنك الاحتياطي الفدرالي يمكن أن يرفع معدّلات الفائدة مرّة أخرى قبل إنهاء دورة رفع الأسعار الحالية.
دعمت تعليقاته التوقعات المتوسّطة للجنة الفدرالية للسوق المفتوحة لأسعار الفائدة للعام 2023.
وأفاد محضر اجتماع اللجنة في آذار/مارس بأنّ بنك الاحتياطي الفدرالي كان يتوقّع أن تدخل الولايات المتحدة في ركود معتدل في وقت لاحق من هذه السنة، عندما قرّر رفع أسعار الفائدة.
قد يعتمد نطاق الركود على القرار الذي يتخذه بنك الاحتياطي الفدرالي بشأن مدى رفع أسعار الفائدة، حسبما كتب كينيث كيم كبير الاقتصاديين في "كي بي ام جي" في مذكرة حديثة للعملاء.
وقال "أيّ زيادات أخرى في أسعار الفائدة تتجاوز (تلك في) أيار/مايو تخاطر بحدوث ركود أعمق من الانكماش المعتدل الذي نتوقّعه حالياً".